لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا ، وأجود الناس صدرًا ، وأصدقهم
لهجة ، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرًة ، لقدصدق ملك عمان حينما قال بعد أن التقى به " والله
لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ، ولا ينهى عن شيء إلا كان
أول تارك له ، وأنه يغلب فلا يبطر ، ويغلب فلا يضجر ، ويفي بالعهد ، وينجز الوعد
لقد رأى أصحابه رأي العين، كل فضائله ومزاياه ، رأوا طهره وعفافه ، رأوا أمانته واستقامته
رأوا شجاعته وثباته ، رأوا سموه وحنانه ، رأوا عقله وبيانه ، رأوا كماله كالشمس تتألق في رابعة النهار
فالذين بهرتهم عظمته لمعذورون ، وإن الذين افتدوه بأرواحهم لهم الرابحون ، فأي إيمان وأي عزم
وأي مضاء ، وأي صدق ، وأي طهر ، وأي نقاء ، وأي تواضع ، وأي حب ، وأي وفاء
ويقول كتاب السيرة من المسلمين يصفون شخصية النبي التعاملية أي يصفون جانبًا من شخصيته
لقد كان صلى الله عليه وسلم جم التواضع ، وافر الأدب ، يبدأ الناس بالسلام ، ينصرف بكله
إلى محدثه صغيرًا كان أوكبيرًا ، يكون آخر من يسحب يده إذا صافح ، وإذا تصدق وضع
الصدقة بيده في يد المسكين ، وإذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس ،لم ير مادًا رجليه قط
ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أوحاجة صاحب أوجار ، وكان يذهب إلى السوق و
يحمل بضاعته ويقول : أنا أولى بحملها ، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين ، ويقبل
عذر المعتذر ، وكان يرفو ثوبه ، ويخسف نعله ، ويخدم نفسه ، ويعقل بعيره ، ويكنس داره
وكان في مهنة أهله ، وكان يأكل مع الخادم ، ويقضي حاجة الضعيف والبائس ، يمشي
هونًا خافض الطرف متواصل الأحزان ، دائم الفكر لا ينطق من غيرحاجة ، طويل السكوت
إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم ، وكان دمثًا ليس بالجاحد ولا المهين، يعظم النعم وإندقت ، ولايذم منها شيئًا ، ولايذم مذاقًا ولايمدحه
ولاتغضبه الدنيا ولا ماكان لها ، ولايغضب
لنفسه ولاينتصرلها ، إذا غضب أعرض وأشاح ،وإذا فرح غض بصره ،وكان يؤلف و
لايفرق ، يقرب ولا ينفر ، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما
في الناس، يحسن الحسن ويصوبه ويقبح القبيح ويوهنه ، ولايقصر عن حق ولايجاوزه
ولا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه ، من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو مايسره من القول
كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولاغليظ ،ولاصخاب ولا فحاش
ولاعياب ، ولامزاح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولايخيب فيه مؤمله ،كان لا يذم أحدًا ولا
يعيره ولا يطلب عورته ولايتكلم إلافيما يرجى ثوابه ،يضحك مما يضحك منه أصحابه ، و
يتعجب مما يتعجبون ، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه ، ولايقطع
على أحد حديثه حتى يجوزه ، والحديث عن شمائله صلى الله عليه وسلم حديث يطول لا تتسع
لها لمجلدات ولاخطب في سنوات ولكن الله جل في علاه لخصها بكلمات فقال
" وإِنَّك َلعلى ُخُلق ٍعظِيمٍ " .سورةالقلم : الآية٤