الاستحاضة وأحكامها
الاستحاضة : استمرار الدم على المرأة بحيث لا ينقطع عنها أبدا أو ينقطع عنها مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر .
فدليل الحالة الأولى التي لا ينقطع الدم فيها أبدا : ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضى الله عنها قالت قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إني لا أطهر ، وفي رواية : أستحاض فلا أطهر .
ودليل الحالة الثانية التي لا ينقطع الدم فيها إلا يسيرا : حديث حمنه بنت جحش ، حيث جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ( يا رسول الله إني أستحاض حيضة كبيرة شديدة ). والحديث رواه أحمد وأبو داود والترومذي وصححه ونقل عن الإمام أحمد تصحيحه وعن البخاري تحسينه .
أحوال المستحاضة :
للمستحاضة ثلاث أحوال :
الحالة الأولى - أن يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة ، فهذا فهذه ترجع إلى مدة حيضها المعلوم السابق ، فتجلس فيها ويثبت لها أحكام الحيض وما عداها استحاضة يثبت لها أحكام المستحاضة .
مثاله ذلك : امرأة كان يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر ، ثم طرأت عليها الاستحاضة فصار الدم يأتيها باستمرار ، فيكون حيضها ستة أيام من أول كل شهر ، وما عداها استحاضة لحديث عائشة رضى الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت : يا رسول الله إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ قال :( لا إن ذلك عرق ولكن دعي الصلاة قدر الأيام كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي ) رواه البخاري وفي صحيح مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة بنت جحش :( أمكثي قدر ما كنت تحبسك حيضتك ثم أغتسلي وصلي )
فعلى هذا تجلس المستحاضة التي لها حيض معلوم قدر حيضها ثم تغتسل وتصلي ولا تبالي بالدم حينئذ .
الحالة الثانية – أن لا يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة بأن تكون الاستحاضة مستمرة بها من أول ما أرت الدم من أول أمرها فهذه تعمل بالتمييز فيكون حيضها ما تميز بسواد أو غلظة أو رائحة يثبت له أحكام الحيض وما عداه استحاضة يثبت له أحكام الاستحاضة .
مثال ذلك : امرأة رأت الدم في أول ما رأته واستمر عليها لكن تراه عشرة ثم أسود وباقي الشهر أحمر أو تراه عشرة أيام غليظا وباقي الشهر رقيقا أو تراه عشرة أيام له رائحة الحيض وباقي الشهر لا رائحة له .. فحيضها هو الأسود في المثال الأول ، والغليظ في المثال الثاني ، وذو الرائحة في المثال الثالث . وما عدا ذلك فهو استحاضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : ( إذا كان دم الحيضة فإنه يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق ) رواه أو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم ، وهذا الحديث وإن كان في سنده ومتنه نظر فقد عمل به أهل العلم – رحمهم الله – وهو أولى من ردها إلى عادة النساء .
الحالة الثالثة – ألا يكون لها حيض معلوم ولا تمييز صالح ، بأن تكون الاستحاضة مستمرة من أول ما رأت الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربه لا يمكن أن تكون حيضا فهذه تعمل بعادة غالب النساء فيكون حيضا ستة أيام أو سبعة من كل شهر يبتدئ من أول المدة التي رأت فيها الدم وما عداه استحاضة .
مثال ذلك : أن ترى الدم أول ما تراه في الخامس من الشهر ويستمر عليها من غير أن يكون فيه تمييز صالح للحيض لا بلون ولا غيره فيكون حيضها من كل شهر ستة أيام أو سبعة تبتدئ من اليوم الخامس من كل شهر ستة أيام أو سبعة تبتدئ من اليوم الخامس من كل شهر لحديث حمنة بنت جحش رضى الله عنها أنها قالت : يا رسول الله إني استحاض حيضة كبيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصيام ، فقال : أنعت لك ( أصف لك استعمال ) الكرسف ( وهو القطن ) تضعينه على الفرج فإنه يذهب الدم ) قالت : وهو أكثر من ذلك وفيه قال : إنما هذا ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله تعالى ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعا وعشرين أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي ) الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ونقل عن أحمد أمه صححه وعن البخاري أنه حسنة .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ستة أيام أو سبعة ليس للتخيير وإنما هو للاجتهاد فتنظر فيما هو أقرب إلى حالها ممن يشابهها خلقة ويقاربها سنا ورحما ، وفيما هو أقرب إلى الحيض من دمها ونحو ذلك من الاعتبارات فإن كان الأقرب أن يكون ستة جعلته ستة وإن كان الأقرب أن يكون سبعة جعلته سبعة .