ثانيا – طهارة ما لا نفس له سائلة :والمراد بالنفس الدم ، أي لا يخرج من الحيوان عندما يجرح أو يقتل ، ودليل ذلك : حديث أبي هريرة : إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه فإنه في إحدى جناحيه داء والآخر شفاء .وجه الدلالة من الحديث : ظاهره ، لو كان الذباب نجسا لوجب إذا وقع في الشراب إراقته لأن الشراب عادة يكون قليلا ، فدل هذا على أن ما لا نفس له سائلة يكون طاهرا ، مثله البعوض .
طهارة ما يشق التحرز منه :
كالهر ونحوه سوى الكلب الدليل على ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة ، وذلك أن أبا قتادة دعا بماء للوضوء ، فجيء بماء يتوضأ به فجاءت هرة فأصغى لها الإناء لتشرب فقال له من عنده فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الهرة : إنها ليست بنجسة إنها من الطوافين عليكم .
إن العلة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أنها من الطوافين ، ليست كما علل بعض العلماء أنها للكبر في الجسم حيث قالوا : الهر وما دونها في الخلقة طاهر بل يقال : الهرة وما شابهها من الطوافين علينا طاهر مثل الفأر والبغل والحمار لأن الطواف يشق التحرز منه .
أما الكلب فهو مستثنى من الطواف لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداها بالتراب .كل ما خرج من محرم الأكل فهو نجس .
نحو البول ، لحديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول . وفي رواية للبخاري من بوله وكذلك الغائط .
ودليله : أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستنجي ويستجمر منهما ونهي عن الاستجمار بالروث والعظم وقال : إنهما لا يطهران .
وكذلك الأعرابي لما بال في المسجد قال : أريقوا على بوله سجلا من ماء . وهذه القاعدة يستثنى منها مني الآدمي وريقه ومخاطه ولبنه وما خرج مما لا نفس له سائلة .
مني الآدمي : فد اختلف العلماء في طهارته .
منهم من قال : إنه نجس لأنه خارج من السبيل ومستقذر كالبول والغائط ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغسل المني من ثوبه والغسل دليل على نجاسته وإلا لما احتاج إلى غسله .
ومنهم من قال بطهارته وليس بنجس ويعللون ذلك بما يلي :
بأن الاستقدار ليس حكما شرعيا لأن الناس منهم من يستقذر الطيب ومنهم من يستطيب القذر وذلك ليس بعلة مثله : المخاط وشبهه مستقذر وليس بنجس .
قولكم : إنه خارج من السبيل فليس كل ما خرج من السبيل نجسا لأن الولد يخرج من فرج المرأة وهو طاهر .
لإثبات أنه طاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغسل رطبه ويفرك يابسه ولو كان نجسا لا يعني فيه الفرك .
والمني أصل الإنسان وقد قال تعالى : (خلق من ماء، دافق ن يخرج من بين الصلب والترائب ) فإذا كان أصل الإنسان فيكون طاهرا لأن الإنسان طاهر وهل يليق أن نجعل أصل الأنبياء والرسل مادة نجسة !
طهارة مني الآدمي هي الراجحة
لبن الآدمي : طاهر لأنه حلال ولو كان نجسا لما كان حلالا.
ريق الآدمي : طاهر .. دليل ذلك : حديث تسوك الرسول صلى الله عليه وسلم بسواك عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخل على الرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه سواك يستن به . فنظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب أن يستاك فأخذت عائشة السواك فطيبته بفمها ونظفته ثم أعطته الرسول صلى الله عليه وسلم فتسوك به .
مخاط الآمي : طاهر .. ودليل ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المصلي إذا تمخط أن يكون ذلك في ثوبه ، والنخامة أو عن يساره إذا كان في غير المسجد .
ما خرج مما لا نفس له سائلة :
مثل : الذباب أو البعوض ، وقد اختلف العلماء فيه :
منهم من قال : إن الخارج مما لا نفس له سائلة نجس ، لأنه جوف محرم الأكل .
وقال بعضهم : ليس بنجس وكل ما خرج مما لا نفس له سائلة يكون طاهرا لأن ميتته طاهرة فما خرج منه فهو طاهر وكذلك لمشقة التحرز منه .