التيمـم
لغة:القصد
اصطلاحًـا التعبد لله بقصد الصعيد الطيب للتطهر منه، قال تعالى: (فلم تجدوا الماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجهكم و أيديكم أن الله كان عفواً غفورا ) المراد الصعيد وجه الأرض ، سواء كان رملاً أو حجراً أو تراباً حتى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) تيمم من الحائط .
كيفـيتـه :
اختلف فيه العلماء من حيث : الكم،ومن حيث الصفة ، ولكن الصحيح ما دل عليه حديث عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم : ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة فمسح بها وجهه وكفيه ) متفق عليه وهو الراجح وجميع أحاديث الضربتين ضعيفة .
أما حديث : أن التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين فهذا حديث ضعيف ، ومن استدل به على أن مسح اليدين إلى المرفقين وقاس التيمم على الوضوء فهذا قول ضعيف ورد عليهم بما يلي :
1. لأن الحديث سنده ضعيف لا تقوم به حجة وهو معرض لحديث عمار الثابت في الصحيحين .
2. استدلالهم بالقياس على الوضوء – غير صحيح ورد عليهم بما يلي :
(1) للفرق بين التطهر بالماء والتطهر بالتيمم لأن التطهر بالماء يختلف بسبب الحدث سواء كان أصغر أو كبر فالأصغر غسل الأعضاء الأربعة ، والاكبر عم الجسم بالماء ، أما التيمم فيستوى فيه الحدث الأكبر والأصغر .
(2) التطهر بالماء يتعلق بجميع البدن أو بأربعة أعضاء منه ، والتطهر بالتيمم يختص بعضوين هما الوجه والكفان .
(3) التطهر بالماء يكون في الحديث الأصغر غسلا ومسحا ، وفي الحديث الأكبر غسل فقط أما التيمم مسح فقط ، من هذا لا يمكن قياس التيمم على الماء .
3. استدلالهم بالآية في قوله تعالى : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) بأن المسح يكون إلى المرفق ، ويرد عليهم : بأن اليد عند الإطلاق يراد بها الكف لقوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) من المعلوم : أن السارق يقطع من الكف ، وكذلك حديث ابن عباس : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم . وذكر فيها اليدين ومن المعلوم أن السجود على الكفين والذراعين منهي عنه .. إذا يكون المقصود الكفين فقط .
واليدين عند الإطلاق يراد بها الكفين حيث إن الله قيدها في الآية بقوله ( وأيديكم إلى المرفق ) فلو كانت اليد إلى المرفق لم تحتج إلى تغيير .
شروط جواز التطهير بالتيمم ودليل ذلك :
قال الله تعالى : ( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيموا )
شروطه :
1. عدم وجود الماء .
2. التضرر باستعمال الماء ولو وجد .
- ولا يشترط اجتماع العذرين ، وإنما بوجود أحدهما .
(أ) دليل الشرط الأول : قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم : (وجعلت تربتها طهورا إذا لم تجد الماء ) وهذا دليل خاص .
(ب) دليل العام قوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم )
(ت) دليل الشرط الثاني ، حديث عمرو بن العاص أنه كان في سفر فأصابته جنابة وكان الوقت باردا فتيمم وصلى بأصحابه ولما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له ذلك فقال : ( أصليت بأصحابك وأنت جنب ؟) قال يا رسول الله ذكرت قول الله تعلى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) وكانت الليلة باردة ، فتيممت وصليت ) فأقره الرسول صلى الله عليه وسلم (وفيه رد على من قال بعدم إمامة المتيمم للمتوضئ ويفهم من الحديث أنهم توضئوا ولذلك أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على عمرو تيممه ) وذلك في بداية الأمر .
سؤال : هل يشترط دخول الوقت للتيمم ؟
الجواب : اختلف العلماء في ذلك كما يلي :
1. القول الأول : اشتراط دخول الوقت للتيمم ويحتجون بأن طهارة التيمم طهارة ضرورة فإذا كانت طهارة ضرورة وجب أن تتغير بالوقت .
- أنه إذا تيمم قبل دخول الوقت بما يجد الماء أو يزول المرض في ذلك الوقت فعليه أن ينتظر حتى يدخل الوقت فإذا دخل ولم يجد الماء فليتيمم ويصل .
- قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرفق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا ) فقد قال تعالى في هذه الآية ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) فلا يقوم الإنسان إلى الصلاة إلا بعد دخول الوقت .
2. القول الثاني : عدم اشترط دخول الوقت لأنه لا دليل على ذلك وأجابوا على أدلة أصحاب القول الأول ، ولقد استدلوا تعالى: ( فلم تجدوا ماء ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : جعلت تربتها طهورا إذا لم نجد الماء ، فهذا عام وكذلك العموم في قوله : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل . فقد ذكر عموم المكان وعموم الزمان .
ولقد أجابوا على أدلة أصحاب القول الأول بما يلي :
1. قولكم : إنها طهارة ضرورة فتتعلق بالوقت : فهذا غير صحيح لأن طهارة الضرورة تتعلق بالفعل لا بالوقت فيلزمكم أن تقولوا : لا يجوز أن يتيمم للصلاة إلا إذا أراد أن يصلي بالفعل ويبطل التيمم بمجرد انتهاء ولكنكم لا تقولون بذلك .
2. قولكم : إنه يخشى أن يجد الماء قبل الوقت ويبرأ المريض قبل دخول الوقت نحن نوافقكم على ذلك وأن هذه الخشية محتملة ولكن هذا الاحتمال موجود إذا تيمم بعد دخول الوقت ولا يسقط ، وأنتم تقولون : إذا تيمم بعد دخول الوقت ولم يصل إلا في آخر الوقت فهذا جائز مع أنه يحتمل أن يقع ما تحذرون في هذه الفترة .
إذا كان هذا الاحتمال قائما فلا مانع من قيامه ولكن يتيمم قبل دخول الوقت وإن جاء الماء قبل دخول الوقت أو بعد دخول الوقت فإن تيممه يبطل ويتوضأ وكذلك إن برئ المريض بطل تيممه ووجب عليه الوضوء ، لأن الأصل عدم وجود الماء ، هذا هو القول الراجح .
3. أن هذه الآية لا تقولون بموجبها لأنكم لو أخذتم بالآية لقلتم أيضا : لا يجوز الوضوء إلا بعد دخول الوقت لأن الوضوء هو المقرر بالآية ، فكيف تبيحون الوضوء قبل الوقت ولا تبيحون التيمم قبل الوقت ولا تبيحون التيمم إلا بعد دخول الوقت ؟
4. إذا ليس في الآية دليل لهم ولا عليهم ، ولكن الله قيد الوضوء بالقيام إلى الصلاة لأنه لا يفرض إلا بالقيام إلى الصلاة ولكنه قبل ذلك ليس بفرض والله يريد أن يبين متى يجب الوضوء .
سؤال : هل التيمم مبيح أم رافع للحث مطهر ؟
الجواب : معنى مبيح أي : أننا نستفيد به استباحة الصلاة ونحوها مما لا يصلح إلا بوضوء ، معنى أنه رافع أي : أنه يرفع الحدث كطهارة الماء تماما .
والراجح : أنه رافع .
والدليل على ذلك : آن الله تعالى قال لما ذكر التيمم : ( فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم). فجعل الله التيمم مطهرا ولم يجعله رافعا . كذلك قوله الرسول صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا .
والطهور – بفتح الطاء -: الذي يتطهر به كما قال تعالى : (وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الماء طهور وبما أن الماء طهور يتطهر به كذلك التراب .
- يترتب على ذلك أمور مثالها :
سؤال : هل التيمم مدخل في طهارة غير الحدث ، وما الدليل على ذلك ؟.
الجواب : التيمم لا مدخل له في غير طهارة الحدث الدليل على ذلك : أنه لم يرد في الشرع التيمم عن النجاسة وإنما النجاسة تزال إن أمكن ، إن لم يمكن صلى الإنسان بحسب حاله ، ولا عليه شيء إن شاء الله ، وكذلك المريض إذا كان في ثيابه نجاسة ولا يستطيع خلعها ولا غسلها فيصلي ولا يتيمم ، وإنما يتيمم عن الحدث فقط .
مبطلات التيمم :1. يبطل بما به طهارة الماء فإن كان التيمم عن حدث أصغر بطل بنواقض الوضوء ، إذا كان عن الحدث الأكبر بطل بموجبات الغسل ، وهو الراجح .
2. عند بعضهم : أنه يبطل بخروج الوقت وهذا غير صحيح لأنه رافع للحدث ومطهر وعلى هذا فإنه لا يبطل بخروج الوقت .
3. زوال العذر المبيح للتيمم .. فإذا كان لعدم الماء بطل بوجود الماء ، وإذا كان لمرض بطل بالزوال ونحو ذلك . فإذا قيل : أنه يعارض قولكم إنه رافع فكيف يغتسل والتيمم رافع ومطهر ؟ يرد عليه أننا لا نقول : إن الجنابة عادة إلا بدليل من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله : الصعيد الطيب وضوء المسلم أو طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته ) فعلى ذلك يكون التيمم رافعا للحدث مادام سببه موجودا ، أما إذا زال سببه فيرتفع .