باب المسح على الخفين والجبيرة
المراد بالخفين : ما يستر الرجل أم ما يلبس على الرجل من جلد أو قطن أو غيره .. والمسح عليها جائز بدليل على ذلك من الكتاب والسنة :
من الكتاب : قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )
هذه الآية قراءتان :
1. فـ ( أرجلكم ) الموجودة في المصحف .
2. فـ ( أرجلكم ) الأولى بالفتح ، والثانية بالكسر تكون معطوفة على رءوسكم فهي ممسوحة .
والجميع بين القراءتين :
الأولى – التي بالنصب تقتضي أن الرجل مغسولة .
الثانية – التي بالكسر تقتضي أن تكون الرجل ممسوحة .
ويكون الجميع بما فسرته السنة وهو : أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا لبس الخفين مسح عليهما ، وإذا لم يلبسهما غسل قدميه ..وإذا تكون قراءة النصف إذا لم يلبس والحكم الغسل ، وقراءة الجر إذا لبس والحكم المسح .
الروافض يقولون : بمسح القدمين دائما سواء كان عليهما خف أو لا ، أخذا بقراءة الجر ، والرد عليهم هو : نقول لهم : الذي يبين لنا أن قراءة الجر يراد بها إذا كان الإنسان لابسا للخف السنة ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فسرلنا الآية ونزلها على حالين هما :
1. لا تكون الرجل مستورة وفرضها الغسل وعليه يتنزل قراءة النصب .
2. تكون الرجل مستورة وفرضها المسح ، وعليه يتنزل قراءة الجر ، والدليل من السنة دلالة تواتره ، وهي دلالة قطعية .
ومن تلك الأدلة : قول المغيرة بن شعبة : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتوضأ فأهويت لأنزع خفيه فقال :
( دعهما فإني إدخلتهما طاهرتين ) ومسح عليهما .
ومن الأدلة القولية : حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم : جعل للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة .
وقد أجمع علماء الأمة على : جواز المسح ، ولكن بعضهم يرى : أنه في السفر فقط وبعضهم يرى : أنه في السفر والحضر ، هم الجمهور وهو الراجح .
إذا كان الإنسان لا بسا للخف فالمسح افضل .. ودليل ذلك: حديث المغيرة السابق ، لأنه أمر بتركها وأقل الأمر أن يكون مستحبا .
أما إن كانت رجله مكشوفة فلأفضل الغسل ، المسح رخصة من الشرع فبدلا من أن يلزم الإنسان بخلع خفيه فإنه يكفيهما المسح ، ونظير ذلك العمامة ، وثبت عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على العمامة وهي غير مؤقتة .
شروط المسح على الخفين:
الشرط الأول – أن يلبسهما على طهارة لقوله صلى الله عليه وسلم : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين .
وقال الظاهرية : المراد بالطهارة طهارة من الخبث لأنه قال : أدخلتهما طاهرتين . ولم يقل : أدخلتهما طاهرا لأن الطهارة من الخبث وهي التي تتبعض ، أما من الحدث فلا يمكن أن تتبعض .
الرد عليهم :
( أ ) أن هذا الظاهر يعارض حال الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه ما كان لبدع الخبث على بدنه إطلاقا ، فهو غير وارد اصلا لأن قوله : أدخلتهما طاهرتين ينفي أن يكون أدخلتهما نجستين لأن إدخالهما نجستين لان إدخالهما نجسين أمر ينفيه الواقع من حال الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لا يبقي بدنه متلوثا بالنجاسة ولما بال الصبي في حجره أمر بماء فنضح عليه ، هذا على ثوبه فكيف على جسده ؟
(ب) أن الأحاديث الأخرى قد بينت هذا فقد قال : إذا تطهر أحدكم فليس خفيه فليمسح عليهما ، دل على أن الطهارة من الحدث لا من الخبث .
الشرط الثاني – أن يكون في المدة المحددة شرعا وهي ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم ، تبدأ من أول المسح ، لقوله : يمسح المقيم يوما وليلة فلا يتحقق السح إلا إذا مسح .
وقد اختلف العلماء في انتقاض الطهارة بعد انتهاء المدة :
(أ ) قيل تنتهي بتمام المدة ، ودليها : أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل هذه المدة هي وقت المسح ، وإذا انتهت المدة بطل مسحه وإذا بطل مسحه بطلت طهارة قدميه ، وغذا بطلت طهارة قدميه بطلت طهاره البدن ، لأن الطهارة لا تتبعض .
(ب) لا تنتهي الطهارة بتمام المدة ، وأجابوا على القول الأول :
1. أن الرسول وقت المدة للمسح لا للطهارة ، فلم يقل يتطهر المقيم يوما وليلة ، وإنما قال : يسمح وهناك فرق بين توقيت المدة للمسح وتوقيت للطهارة ، فإذا كان التوقيت للمسح لا للطهارة وجب أن يبطل المسح بعد انتهاء المدة لا الطهارة .التوقيت للمسح لا للطهارة وجب أن يبطل المسح بعد انتهاء المدة لا الطهارة .
2. النقص يحتاج إلى دليل ، لأنه إذا توضأ بمقتضى الدليل الشرعي فلا تنتقض الطهارة إلا بدليل ، وليس هناك دليل على ذلك وهذا القول هو الراجح .
الشرط الثالث : أن يكون ذلك الحدث حدثا أصغر لا في جنابة لقوله تعالى : (وإن كنتم جنبا فاطهروا ) ولم يذكر في هذه الطاهر مسحا بخلاف غسل الرجلين في الوضوء فقد ذكر فيه المسح .
والدليل من السنة : حديث صفوان قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرا الا ننزع خفافنا إلا من جنابة ولكن غائط وبول ونوم .
كيفية المسح على الخفين :
اختلف العلماء في كيفية المسح :
1. قال بعض العلماء : لو مسح جزاء يسيرا من القدم اجزأه .
2. منهم من قال : لابد أن يمسح جميع الخف لأن هذا المسح عوضا عن غسل الرجل وغسل الرجل يشمل جميع الرجل فإذا مسح على الخف يمسح أعلى الخف وآ**** .
3. يكون المسح على ظاهر الخف كما جاء عن علي بإسناد حسن قال : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه .
إذا الراجح :
1. يمسح الظاهر فقط ، لا يمسح الأسفل .
2. يكتفي بمسح أكثره .
دليله : أن المسح جاء مطلقا في النصوص ، فاعتبر الأكثر فيه . وهو يبدأ من أطراف الخف من جهة أصابعه إلى ساقه مرة واحدة .
إذا لبس خفا على خف :
إذا لبس الثاني بعد الحدث ، فالحكم للأول . وإذا لبس الثاني قبل الحدث فهو مخير إن شاء مسح الأعلى أو الأسفل لكن إذا مسح أحدهما تعلق الحكم به .