بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كافر فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ ) .
رواه الطبراني عن عامر بن سعد عن أبيه قال : جاء أعرابي إلى النبي
صلى الله عليه وسلم , فقال : إن أبي كان يصل الرحم , وكان , وكان ,
فأين هو ؟ قال : في النار . فكأن الأعرابي وجد من ذلك , فقال : يا رسول
الله فأين أبوك ؟ قال : ( فذكره ) . قال: فأسلم الأعرابي بعد , فقال : لقد
كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعباً : ما مررت بقبر كافر إلا
بشرته بالنار .
وفي هذا الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه , ألا وهي
مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مر بقبره , ولا يخفى ما في هذا التشريع
من إيقاظ المؤمن , وتذكيره بخطورة جرم هذا الكافر , حيث ارتكب ذنباً
عظيماً تهون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت , وهو الكفر بالله عز
وجل والإشراك به , الذي أبان الله تعالى عن شدة مقته إياه حين استثناه
من المغفرة فقال : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ ) النساء 48 , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( أكبر الكبائر أن
تجعل لله نداً وقد خلقك ) متفق عليه .
وإن الجهل بهذه الفائدة مما أدي ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف
ما أراد الشارع الحكيم منها , فإننا نعلم أن كثيراً من المسلمين يأتون بلاد
الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة , فلا يكتفون بذلك , حتى
يقصدون زيارة بعض قبور من يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار ويضعون
على قبورهم الأزهار والأكاليل , ويقفون أمامها خاشعين محزونين , مما
يشعر برضاهم عنهم , وعدم مقتهم إياهم , مع أن الأسوة الحسنة
بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك , كما في هذا الحديث الصحيح ,
واسمع قول الله عز وجل : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ
وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا
بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا ) الممتحنة 4 .
هذا موقفهم منهم وهم أحياء , فكيف وهم أموات ؟
روى البخاري ومسلم والنسائي وابن حبان و الحميدي وعبدالرزاق عن
ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم لما مر بالحجر:
([ لاتَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ , إِلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ
تَكُونُوا بَاكِينَ فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ ,
[ و تقنع بردائه وهو على الرحل ] ) .
وقد ترجم لهذا الحديث صديق خان في ( نزل الأبرار ) ( ص 293) ( باب
البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم , وإظهار الافتقار
إلى الله تعالى , والتحذير من الغفلة عن ذلك ) .
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا , وأن يلهمنا العمل به , إنه سميع
مجيب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول من (السلسة الصحيحه)
للأمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى
رقم الحديث 18