منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 83  ]
قديم 05-28-2006, 06:45 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
القسم الثاني من غزوة بدر الكبرى
قال ابن إسحاق : و قد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي ، و كان رجلاً شرساً سيء الخلق ، فقال : أعاهد الله لأشربن من حوضهم ، أو لآهدمنه ، أو لأموتن دونه ، فلما خرج ، إليه حمزة بن عبد المطلب ، فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه ، و هو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دماً نحو أصحابه ، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه ، يريد أن تبرأ يمينه ، و اتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض . ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة و ابنه الوليد بن عتبة حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه فتية من الأنصار ، و هم : عوف و معوذ ابنا الحارث ـ و أمهما عفراء ـ و رجل آخر يقال هو عبد الله بن رواحة فقالوا من أنتم ؟ قالوا : رهط من الأنصار . قالوا : ما لنا بكم من حاجة .
و قال ابن عقبة و ابن عائذ " حين ذكروا خروج الأنصار ، قال : فاستحيا النبي صلى الله عليه و سلم من ذلك ، لأنه كان أول قتال التقى فيه المسلمون و المشركون ، و رسول الله صلى الله عليه و سلم شاهد معهم ، فأحب النبي صلى الله عليه و سلم أن تكون الشوكة لبني عمه ، فناداهم النبي صلى الله عليه و سلم أن ارجعوا إلى مصافكم و ليقم إليهم بنو عمهم " .
رجع إلى ابن إسحاق : " ثم نادى مناديهم : يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : قم يا عبيدة بن الحارث ، و قم يا حمزة ، و قم يا علي . فلما قاموا و دنوا منهم ، قالوا : من أنتم ؟ قال عبيدة : عبيدة . و قال حمزة : حمزة . و قال علي : علي . قالوا : نعم ، أكفاء كرام . فبارز عبيدة ـ و كان أسن القوم ـ عتبة بن ربيعة ، و بارز حمزة شيبة بن ربيعة ، و بارز علي الوليد بن عتبة . فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله ، و أما علي فلم يمهل الوليد أن قتله ، و اختلف عبيدة و عتبة بينهما ضربتين ، كلاهما أثبت صاحبه ، وكر حمزة و علي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه ، و احتلا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه " .
قال : و حدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عتبة بن ربيعة قال للفتية من الأنصار حين انتسبوا : أكفاء كرام ، إنما نريد قومنا . قال : ثم تزاحف الناس ، و دنا بعضهم من بعض ، و قد أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمركم ، و قال : إن اكتشفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل ، و رسول الله صلى الله عليه و سلم في العريش معه أبو بكر الصديق .
قال : حدثني حبان بن واسع بن حبان ، " عن أشياخ من قومه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر ، و في يده قدح يعدل به القوم ، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار ، و هو مستنتل من الصف ، قال ابن هشام : فطعن في بطنه بالقدح ، و قال : استو يا سواد . فقال : يا رسول الله أوجعتني ، و قد بعثك الله بالحق و العدل ، فأقدني . قال : فكشف رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بطنه ، و قال : استقد . فاعتنقه فقبل بطنه . فقال : ما حملك على هذا يا سواد ؟ قال : يا رسول الله ! حضر ما ترى ، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك . فدعا له رسول الله صلى الله عليه و سلم بخير و قاله له " .
قال ابن إسحاق : " ثم عدل رسول الله صلى الله عليه و سلم الصفوف و رجع إلى العريش فدخله و معه أبو بكر ليس معه فيه غيره ، و رسول الله صلى الله عليه و سلم يناشد ربه ما وعده من النصر ، و يقول فيما يقول : اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد . و أبو بكر يقول : يا رسول الله ! بعض مناشدتك ربك ، فإن الله منجز لك ما وعدك . و قد خفق رسول الله صلى الله عليه و سلم خفقة و هو في العريش ، ثم انتبه ، فقال : أبشر يا أبا بكر ، أتاك نصر الله ، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده ، على ثناياه النقع ـ يريد الغبار ـ " .
و قال ابن سعد في هذا الخبر : " و جاءت ريح لم يروا مثلها شدة ، ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى ، ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى ، فكانت الأولى جبريل في ألف من الملائكة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و الثانية ميكائيل في ألف من الملائكة عن ميمنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه و سلم " .
و رويناه من طريق مسلم ، حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن المبارك ، عن عكرمة ابن عمار ، قال : حدثنا سماك الحنفي ، قال : سمعت ابن عباس يقول : " حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المشركين و هم ألف ، و أصحابه ثلاثمائة و سبعة عشر رجلاً ، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه و سلم القبلة ، ثم مد يديه ، فجعل يهتف بربه : اللهم أنجز لي ما وعدتني و فيه : فأنزل الله عز و جل عند ذلك : " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين " [ الأنفال : 9 ] فأمده الله بالملائكة " .
قال أبو زميل : " فحدثني ابن عباس قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه ، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ، و صوت الفارس يقول أقدم حيزوم ، فنظر إلى المشرك أمامه خر مستلقياً ، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق و جهه كضربة السوط ، فاخضر ذلك أجمع ، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين و أسروا سبعين . . " الحديث .
و روينا من طريق البخاري : " حدثني إبراهيم بن موسى ، أخبرنا عبد الوهاب ، حدثنا خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوم بدر : هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب " .
و روينا ابن سعد : أخبرنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا أيوب و يزيد بن حازم ، أنهما سمعا عكرمة يقرأ : " فثبتوا الذين آمنوا " قال حماد : و زاد أيوب ، قال قال عكرمة : " فاضربوا فوق الأعناق " [ الأنفال : 12 ] قال : كان يومئذ يندر رأس الرجل لا يدرى من ضربه ، و تندر يد الرجل لا يدري من ضربه .
قال ابن إسحاق : " و قد رمي مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل ، فكان أول قتيل من المسلمين ، ثم رمي حارثة بن سراقة ـ أحد بني عدي بن النجار و هو يشرب من الحوض ـ بسهم ، فأصاب نحره فقتل . ثم خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الناس فحرضهم ، و قال : و الذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة . فقال عمير بن الحمام ـ أخو بني سلمة ، و في يده تمرات يأكلهن ـ : بخ بخ أفما بيني و بين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ؟ قال : ثم قذف التمرات من يده و أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل " .
و قال ابن عقبة : أول قتيل من المسلمين يومئذ عمير بن حمام .
و قال ابن سعد : فكان أول من خرج من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب ، فقتله عامر بن الحضرمي . و كان أول قتيل قتل من الأنصار حارثة بن سراقة ، و يقال : قتله بن العرقة ، و يقال : عمير بن الحمام قتله خالد بن الأعلم العقيلي . قال ابن إسحاق : و حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، أن عوف بن الحارث ــ و هو ابن عفراء ــ قال : يا رسول الله ، ما يضحك الرب من عبده ؟ قال : غمسة يده في القوم حاسراً . فنزع درعاً كانت عليه ، فقذفها ، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل حدثني محمد بن مسلم ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري ــ حليف بني زهرة ــ أنه حدثه ، أنه لما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض ، قال أبو جهل : اللهم أقطعنا للرحم ، و آتانا بما لا يعرف ، فأحنه الغداة . فكان هو المستفتح على نفسه . قال : ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشاً ، ثم قال : شاهت الوجوه . ثم نفخهم بها ، و أمر أصحابه ، فقال : شدوا . فكانت الهزيمة ، فقتل الله من قتل من صناديد قريش و أسر من أسر من أشرافهم . قال ابن عقبة و ابن عائذ : فكانت تلك الحصباء عظيماً شأنها ، لم تترك من المشركين رجلاً إلا ملأت عينيه ، و جعل المسلمون يقتلونهم و يأسرونهم ، و بادر النفر كل رجل منهم ــ منكباً على وجهه ــ لا يدري أين يتوجه ، يعالج التراب ينزعه من عينيه .
رجع إلى خبر ابن إسحاق : " فلما وضع القوم أيديهم ، يأسرون ، و رسول الله صلى الله عليه و سلم في العريش ، و سعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم متوشحاً السيف في نفر من الأنصار ، يحرسون رسول الله صلى الله عليه و سلم ، يخافون عليه كرة العدو ، و رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ فيما ذكر لي ـ في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس ، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : و الله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم ؟ قال : أجل و الله يا رسول الله : كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك ، فكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال .
قال : و حدثني العباس بن عبد الله بن معبد ، عن بعض أهله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه يومئذ : إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم و غيرهم قد أخرجوا كرهاً ، لا حاجة لهم بقتالنا ، فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ، و من لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله ، و من لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله ، فإنما خرج مستكرها " .
و ذكر ابن عقبة فيهم عقيلاً و نوفلاً .
قال : فقال أبو حذيفة : أنقتل آباءنا و إخواننا و عشيرتنا و نترك العباس ، و الله لئن لقيته لألجمنه السيف ، قال : فبلغت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال لعمر بن الخطاب : يا أبا حفص ! ــ فقال عمر : و الله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم بأبي حفص ــ أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالسيف ؟ فقال عمر : يا رسول الله ! دعني فلأضرب عنقه بالسيف ، فو الله لقد نافق . فكان أبو حذيفة يقول : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلتها يومئذ ، و لا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة . فقتل يوم اليمامة شهيداً .
فلقي البختري المجذر بن زياد البلوي ، فقال له : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد نهانا عن قتلك . و مع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة ، و هو جنادة بن مليحة . قال : زميلي ؟ قال : له المجذر : لا و الله ، ام نحن بتاركي زميلك ، ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا بك وحدك . قال : لا و الله إذن لأموتن أنا و هو جميعا ، لا تحدث عني نساء مكة أني تركت زميلي حرصاً على الحياة . فقتله المجذر ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : و الذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به ، فأبى إلا أن يقاتلني ، فقاتلني فقتلته .
قال ابن عقبة : و يزعم ناس أن أبا اليسر قتل أبا البختري بن هشام ، و يأبى عظم الناس إلا أن المجذر هو الذي قتله ، بل قتله من غير شك أبو داود المازني و سلبه سيفه ، فكان عند بنيه حتى باعه بعضهم من بعض ولد أبي البختري .
قال ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد ، عن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : و حدثنيه أيضاً عبد الله بن ابي بكر و غيرهما ، أن عبد الرحمن بن عوف لقيه أمية بن خلف ، و معه ابنه علي ، و مع عبد الرحمن أدراع استلبها ، قال : هل لك في ؟ فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك . قال : قلت نعم ، فطرحت الأدراع من يدي ، و أخذت بيده و يد ابنه ، و هو يقول : ما رأيت كاليوم قط ! أما لكم حاجة في اللبن ؟ ثم خرجت أمشي بهما .
=====