منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 82  ]
قديم 05-28-2006, 06:44 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
قال ابن إسحاق : " فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب بن المنذر ابن الجموح قال : يا رسول الله ! أرأيت هذا المنزل ، أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه و لا أن نتأخر عنه ، أم هو الرأي و الحرب و المكيدة ؟ قال : بل هو الرأي و الحرب و المكيدة . قال : يا رسول الله ! إن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ، ثم نغور ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضاً فنملأه ماء ، فنشرب و لا يشربون . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لقد أشرت بالرأي ، فنهض رسول الله صلى الله عليه و سلم و من معه من الناس ، فسار حتى أتى أدنى ماء من القوم فنزل عليه ، ثم أمر بالقلب فغورت ، و بنى حوضاً على القليب الذي نزل عليه ، فملىء ماء ، ثم قذفوا فيه الأنية " .
و روينا عن ابن سعد " في هذا الخبر : فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال : الرأي ماأشار به الحباب " .
قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أن سعد بن معاذ ، قال : يانبي الله ! ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ، و نعد عندك ركائبك ، ثم نلقى عدونا ، فإن أعزنا الله و أظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا ، و إن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا ، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد حباً منهم و لو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك ، يمنعك الله بهم ، يناصحونك و يجاهدون معك ، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم خيراً و دعا بخير ، ثم بني لرسول الله صلى الله عليه و سلم عريش ، فكان فيه .
قال ابن إسحاق : " و قد ارتحلت قريش حين أصبحت ، فأقبلت ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه و سلم تصوب من العقنقل ـ و هو الكثيب الذي جاؤوا منه ـ إلى الوادي ، قال : اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها و فخرها تحادك و تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي و عدتني ، اللهم أحنهم الغداة .
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ و رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر ـ إن يك في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ، إن يطيعوه يرشدوا . و قد كان خفاف بن إيماء بن رخضة ـ أو أبواه إيماء بن رخضة الغفاري ـ بعث إلى قريش حين مروا به ابناً له بجزائر أهداها لهم ، و قال : إن أحببتم أن نمدكم بسلاح و رجال فعلنا ، قال : فأرسلوا إليه مع ابنه : أن وصلتك رحم ، قد قضيت الذي عليك ، فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس ما بنا من ضعف عنهم ، و لئن كنا إنما نقاتل الله كما يزعم محمد ما لأحد بلله من طاقة .
فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم حكيم بن حزام ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : دعوهم . فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل إلا ما كان من حكيم بن حزام فإنه لم يقتل ، ثم أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه ، فكان إذا اجتهد في يمينه ، قال : لا والذي نجاني من يوم بدر " .
قال : و حدثني أبي رحمه الله إسحاق بن يسار و غيره من أهل العلم ، عن أشياخ منت الأنصار ، قالوا : لما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي ، فقالوا : احزر لنا أصحاب محمد ، فاستجال بفرسه حول العسكر ، ثم رجع إليهم ، فقال : ثلاثمائة رجل يزيدون قليلاً أو ينقصون ، و لكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد ؟ قال : فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئاً فرجع إليهم فقال ما رأيت شيئاً ، و لكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع ، قوم ليس لهم منعة و لا ملجأ إلا سيوفهم ، و الله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجل منكم ، فإذا أصابوا منكم أعدادهم ، فما خير العيش بعد ذلك ، فرموا رأيكم . فلما سمع حكيم ابن حزام ذلك مشى في الناس ، فأتى عتبة بن ربيعة ، فقال : يا أبا الوليد إنك كبير قريش و سيدها و المطاع فيها ، هل لك إلى أن لا تزال تذكر منها بخير إلى آخر الدهر ؟ قال : و ما ذاك يا حكيم ؟ قال : ترجع بالناس ، و تحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي . قال : قد فعلت ، أنت علي بذلك ، إنما هو حليفي فعلي عقله و ما أصيب من ماله ، فائت ابن الحنظلية ـ يعني أبا جهل بن هشام ـ ثم قام عتية خطيباً ، فقال : يا معشر قريش ! إنكم و الله ما تصنعون بان تلقوا محمداً صلى الله عليه و سلم و أصحابه شيئاً ، و الله لئن أصبتموه لا يزال رجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه ، قتل ابن عمه و ابن خاله و رجلاً من عشيرته ، فارجعوا و خلوا بين محمد و بين سائر العرب ، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم ، و إن كان غير ذلك ألفاكم و لم تعرضوا منه ما تريدون . قال حكيم : فانطلقت حتى جئت أبا جهل ، فوجدته قد نثل درعاً له من جرابها ، فقلت له : يا أبا الحكم ! إن عتبة أرسلني إليك بكذا و كذا ، للذي قال . فقال انتفخ و الله سحره حين رأى محمداً و أصحابه ، كلا و الله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، و ما بعتبة ما قال ، و لكنه قد رأى أن محمداً و أصحابه أكله جزور ، وفيهم ابنه ، قد تخوف عليه ، ثم بعث إلى عامر الحضرمي ، فقال هذا حليفك يريد أن ترجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينيك ، فقم فانشد خفرتك و مقتل أخيك . فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ، ثم صرخ و اعمراه و اعمراه ، فحميت الحرب و حقب أمر الناس و استوسقوا على ما هم من الشر ، و أفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة .
فلما بلغ عتبة قول أبي جهل : انتفخ : و الله سحره ، قال : سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره ؟ أنا أم هو ؟ ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها في رأسه ، فما وجد في الجيش بيضة تسعة من عظم هامته ، فلما رأى ذلك اعتجز على رأسه ببرد له .
و قال ابن عائذ : و قال رجال من المشركين لما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم غر هؤلاء دينهم ، منهم أبو البختري بن هشام ، و عتبة بن ربيعة ، و أبو جهل بن هشام و ذكر غيرهم ـ لما تقالوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في أعينهم ، فأنزل الله تعالى : " إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم " [ الأنفال : 49 ] الآية . حتى نزلوا و تعبؤوا للقتال ، و الشيطان معهم لا يقارقهم .