منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 74  ]
قديم 05-28-2006, 06:40 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
سرية عبد الله بن جحش
و بعث عبد الله بن جحش في رجب مقفله من بدر الأولى ، و معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد ، و كتب له كتاباً و أمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ، ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ، و لا يستكره أحداً من أصحابه .
و كان أصحابه : أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، و عكاشة بن محصن الأسدي ، و عتبة بن غزوان
، و سعد بن وقاص ، و عامر بن ربيعة ، من عنز بن وائل حليف بني عدي ، و واقد بن عبد الله أحد بني تميم ، حليف لهم ، و خالد بن البكير ، و سهيل بن بيضاء .
فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب ، فنظر فيه ، فإذا فيه : إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة و الطائف ، فترصد بها قريشاً ، و تعلم لنا من أخبارهم . فلما نظر قي الكتاب قال : سمعاً و طاعة . ثم قال ذلك لأصحابه ، و قال : قد نهاني أن أستكره أحداً منكم . فمضوا لم يتخلف عليه منهم أحد .
و سلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران ، أضل سعد ابن أبي الوقاص و عتبة بن عزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه ، فتخلفا عليه في طلبه ، و مضى عبد الله بن جحش و أصحابه حتى نزل بنخلة ، فمرت به عير لقريش فيها عمرو بن الحضرمي ، و عثمان بن عبد الله بن المغيرة ، و أخوه نوفل ، المخزوميان ، و الحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة .
فلام رآهم القوم هابوهم ، و قد نزلوا قريباً منهم ، فأشرف عليهم عكاشة بن محصن ، و كان قد حلق رأسه ، فلما رأوه أمنوا ، و قالوا : عمار لا بأس عليكم منهم . و تشاورالقوم فيهم ، و ذلك في آخر يوم من رجب ، فقال القوم : و الله لئن تركتم القوم في هذه اللية ليدخلن الحرم فليمنتعن منكم به ، و لئن قتلتوهم لتقتلنهم في الشهر الحرام . فتردد القوم و هابوا الإقدام عليهم ، ثم شجعوا أنفسهم عليهم ، و أجمعوا قتل من قدروا عليه منهم و أخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، و استأسر عثمان بن عبد الله و الحكم بن كيسان ، و أفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم ، و أقبل عبد الله بن جحش و أصحابه بالعير و الأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة .
و قد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه : إن لرسول الله صلى الله عليه و سلم مما غنمنا الخمس ، و ذلك قبل أن يفرض الله لخمس من المغانم ، فعزل لرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس العير ، و قسم سائرها بين أصحابه .
قال ابن إسحاق : فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام ، فوقف العير و الأسيرين ، و أبى أن يأخذ من ذلك شيئاً ، فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم في أيدي القوم ، و ظنوا أنهم قد هلكوا ، و عنفهم إخوانهم من المسلمين فما صنعوا ، و قالت قريش : قد استحل محمد و أصحابه الشهر الحرام ، و سكفوا فيه الدم ، و أخذوا فيه الأموال ، و أسروا فيه الرجال . فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة : إنما أصابوا ما أصابوافي شعبان .
و قالت يهود ــ تفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه و سلم : عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله ، عمرو : عمرت الحرب ، و الحضرمي : حضرت الحرب ، و واقد ابن عبد الله : وقدت الحرب . فجعل الله ذلك عليهم لا لهم .
فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله تعالى : " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل " [ البقرة : 217 ] ففرج الله عن المسلمين ما كونوا فيه ، و قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم العير و الأسيرين ، و بعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله ، و الحكم بن كيسان . فقال رسول الله : " لا نفديكما حتى يقدم صاحبانا ، يعني : سعد بن أبي وقاص ، و عتبة بن غزوان ، فإنا نخشاكم عليهما ، فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم ، فقدم سعد و عتبة ، فأفادهما رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم ، فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه ، و أقام عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و مات في بئر معونة شهيداً ، و أما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافراً " .
فلما تجلى عن عبد الله بن جحش و أصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر ، فقالوا : يا رسول الله ، أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين ، فأنزل الله فيهم : " إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم " [ البقرة : 218 ] فوضعهم الله من ذلك على أعظم الرجاء . و الحديث في هذا عن الزهري و يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير . ثم قسم الفيء بعد كذلك .
قال ابن هشام : و هي أول غنيمة غنمها المسلمون . و عمرو بن الحضرمي أول من قتل المسلمون ، و عثمان و الحكم أول من أسر المسلمون . فقال في ذلك أبو بكر الصديق ، و يقال هي لعبد الله بن جحش :
تعدون قتلاً في الحرام عظيمة و أعظم منه لو يرى الرشد راشد
صدودكم عما يقول محمد و كفر به و الله راء وشاهد
شفينا من ابن الحضرمي رماحنا بنخلة لما أوقد الحرب واقد
و ذكر موسى بن عقبة و محمد بن عائذ نحو ذلك ، غير أنهما ذكرا صفوان بن بيضاء بدل سهيل أخيه ، و لم يذكرا خالداً و لا عكاشة ، و ذكر ابن عقبة فيهم عامر بن إياس .
و قال ابن سعد : كان الذي أسر الحكم بن كيسان المقداد بن عمرو ، و ذكر أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث عبد الله بن جحش في اثني عشر رجلاً من المهاجرين ، كل اثنين يعتقبان بعيراً إلى بطن نخلة ، و هو بستان ابن عامر ، و أن سعد بن أبي وقاص كان زميل عتبة بن غزوان ، فضل بهما بعيرهما فلم يشهدا الوقعة .
و الذي ذكره موسى بن عقبة أن ابن جحش لما قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و خير أصحابه ، تخلف رجلان سعد و عتبة ، فقدما بحران و مضى سائرهم .
و قال ابن سعد : و يقال إن عبد الله بن جحش لما رجع من نخلة خمس ما غنم و قسم بين أصحابه سائر المغانم ، فكان أول خمس خمس في الإسلام ، و يقال إن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقف غنائم نخلة حتى رجع من بدر فقسمها مع غنائم بدر ، و أعطى كل قوم حقهم ، و في هذه السرية سمي عبد الله بن جحش أمير المؤمنين .