خبر عبد الله بن أبي بن سلول ، و أبي عامر الفاسق ، و كان يقول له الراهب
قال ابن إسحاق : و قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة ـ كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ـ و سيد أهلها عبد الله بن أبي بن سلول لا يختلف عليه في شرفه من قومه اثنان لم يجتمع الأوس و الخزرج قبله و لا بعده على رجل من أحد الفريقين حتى جاء الإسلام : غيره ، و معه في الأوس رجل هو في قومه من الأوس شريف مطاع ، أبو عامر عبد عمرو ابن صيفي بن النعمان ، أحد بني ضبيعة بن زيد ، و هو أبو حنظلة ، الغسيل يوم أحد ، و كان قد ترهب في الجاهلية و لبس المسوح ، فكان يقال له : الراهب . فشقيا بشرفهما .
أما ابن أبي ، فكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ثم يملكوه عليهم ، فجاءهم الله برسوله و هم على ذلك ، فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام ضغن ، و رأى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد سلبه ملكاً عظيماً ، فلما رأى قومه قد أبوا إلا الإسلام ، دخل فيه كارهاً مصراً على نفاق .
و أما أبو عامر فأبى إلا الكفر و الفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام ، فخرج منهم إلى مكة ببضعة عشر رجلاً مفارقاً للإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تقولوا الراهب و لكن قولوا الفاسق " و كان قد قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم قبل أن يخرج إلى مكة : ما هذا الذي جئت به ؟ قال : جئت بالحنيفية دين إبراهيم عليه السلام . قال : فأنا عليها . قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنك لست عليها . قال : بلى ، إنك أدخلت يا محمد في الحنيفية ما ليس منها قال : ما فعلت و لكني جئت بها بيضاء نقية . قال : الكاذب أماته الله طريداً غريباً وحيداً . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أجل . فكان هو ذلك ، خرج إلى مكة فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة خرج إلى الطائف ، فلما أسلم أهل الطائف ، خرج إلى الشام فمات بها طريداً غريباً وحيداً .