إسلام عبد الله سلام رضي الله تعالى عنه
و هو من بني إسرائيل ، من ولد يوسف بن يعقوب نبي الله ، و هو حليف للقوافلة ، و هم بنو غنم و بنو سالم ابنا عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج .
رويناعن ابن سعد : " أخبرنا عبد الله بن عمر ، و أبو معمر المنقري ، حدثنا عبد الوارث ابن سعيد : حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك ، قال : أقبل نبي الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ، قالوا : جاء نبي الله . فاستشرقوا ينظرون ، إذ سمع به عبد الله بن سلام و هو في نخل لأهله يخترف لهم منه ، فعجل أن يضع التي يخترف لهم فيها فجاء و هي معه ، فسمع من نبي الله صلى الله عليه و سلم ، ثم رجع إلى أهله . فلما خلى نبي الله صلى الله عليه و سلم جاء عبد الله بن سلام فقال أشهد أنك رسول الله حقاً و أنك جئت بحق ، و لقد علمت اليهود أني سيدهم و ابن سيدهم ، و أعلمهم و ابن أعلمهم ، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في . فأرسل نبي الله صلى الله عليه و سلم إليهم ، فدخلوا عليه ، فقال لهم نبي الله صلى الله عليه و سلم : يا معشر اليهود ! ويلكم اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً ، و أني جئتكم بحق ، أسلموا . قالوا : ما نعلمه ، فأعادها عليهم ثلاثاً ، و هم يجيبونه كذلك . قال : فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : ذلك سيدنا و ابن سيدنا و أعلمنا و ابن أعلمنا . قال : أفرأيتم إن أسلم . قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم . فقال : يا ابن سلام اخرج عليهم . فخرج إليهم ، فقال : يا معشر اليهود ! ويلكم ! اتقوا الله ، و الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقاً ، و أنه جاء بالحق . فقالوا : كذبت . فأخرجهم النبي صلى الله عليه و سلم " . رواه البخاري من حديث عبد العزيز بن صهيب .
و روينا من طريق البخاري : " حدثني حامد بن عمر ، عن بشر بن المفضل ، حدثنا حميد ، حدثنا أنس : أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة ، فأتاه يسأله عن أشياء ، فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ، ما أول أشراط الساعة ، و ما أول طعام يأكله أهل الجنة ، و ما بال الولد ينزع إلى أبيه و إلى أمه ؟ قال : أخبرني بهن جبريل آنفاً . قال ابن سلام : ذاك عدو اليهود من الملائكة . قال : أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ، و أما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، و أما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ، و إذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد . قال : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله . قال : يا رسول الله إن اليهود قوم بهت " . فذكر نحو ما تقدم .
و روينا عن ابن سعد : " أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، في قوله تعالى : " قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله " [ الأحقاف : 10 ] قال جاء عبد الله بن سلام إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : يا رسول الله ! إن اليهود أعظم قوم عضيهة ، فسلهم عني ، و خذ عليهم ميثاقاً أني إن اتبعتك و آمنت بكتابك أن يؤمنوا بك و بكتابك الذي أنزل عليك ، و اخبئني يا رسول الله قبل أن يدخلوا عليك ، فأرسل إلى اليهود ، فقال : ما تعلمون عبد الله بن سلام فيكم ؟ قالوا : خيرنا و أعلمنا بكتاب الله ، سيدنا و عالمنا و أفضلنا . قال : أرأيتم إن شهد أني رسول الله و آمن بالكتاب الذي أنزل علي ، تؤمنون بي ؟ قالوا : نعم . فدعاه ، فخرج عليهم عبد الله . فقال : يا عبد الله بن سلام ! أما تعلم أني رسول الله ؟ تجدوني مكتوباً عندكم في التوراة و الإنجيل ، أخذ الله ميثاقكم أن تؤمنوا بي ، و أن يتبعني من أدركني منكم ؟ قال : بلى . قالوا : ما نعلم أنك رسول الله . و كفروا به و هم يعلمون أنه رسول الله ، و أن ما قال حق ، فأنزل الله : " قل أرأيتم إن كان من عند الله " ـ يعني الكتاب و الرسول ـ " وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله " يعني عبد الله بن سلام " فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين " [ الأحقاف : 10 ] ففي ذلك نزلت هذه الآية " .