منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 26  ]
قديم 05-28-2006, 06:11 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
و روينا عن ابن عباس ، من طريق محمد بن إسحاق ، اجتماع قريش و عرضهم على النبي صلى الله عليه و سلم ما عرضوا عليه من أموالهم و غير ذلك ، و قوله عليه الصلاة و السلام : " ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ، و لا الشرف فيكم ، و لا الملك عليكم ، و لكن الله بعثني إليكم رسولاً ، و أنزل علي كتاباً ، و أمرني أن أكون لكم بشيراً و نذيراً ، فبلغتكم رسالات ربي و نصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا و الآخرة ، و إن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم " ، أو كما قال صلى الله عليه و سلم . فقالوا له : فسل ربك أن يسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، و ليبسط علينا بلادنا ، و ليخرق فيها أنهاراً كأنهار الشام و العراق ، و ليبعث لنا من مضى من آبائنا ، و ليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب ، فإنه كان شيخ صدق ، فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل ؟ و فيه : قالوا له : سل ربك أن يبعث معك ملكاً يصدقك بما تقول و يراحعنا عنك ، و اسأله فليجعل لنا جناناً و قصوراً و كنوزاً من ذهب و فضة يغنيك بها عما تراك تبتغي ، فإنك تقوم بالأسواق و تلتمس المعاش . و ذكر قولهم : فأسقط السماء علينا كسفاً كما زعمت أن ربك إن شاء فعل . و قال قائلهم : نحن نعبد الملائكة ، و هي بنات الله . و قال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله و الملائكة قبيلاً . و قال : إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن ، و إنا و الله لن نؤمن بالرحمن أبداً . فلما قالوا له ذلك . قام رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهم و معه عبد الله بن أبي أمية المخزومي و هو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب ، فقال : و الله لانؤمن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً ، ثم ترقى فيه و أنا أنظر إليك حتى تأتيها ثم تأتي معك بصك معه أربعة من الملائكة يشهدون لك كما تقول ، و ايم الله أن لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك .
و قال أبو جهل : يا معشر قريش إني أعاهد الله لأجلسن له غداً بحجر ما أطيق حمله أو كما قال ، فإذا سجد في صلاته فضحت به رأسه ، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني ، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم . قالوا : و الله لا نسلمك لشيء أبداً فامض لما تريد ، فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً كما وصف ، ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه و سلم ينتظره ، و غدا رسول الله صلى الله عليه و سلم كما كان يغدو ، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه و سلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزماً منتقعاً لونه مرعوباً قد يبست يداه على حجره ، حتى قذف الحجر من يده ، و قامت إليه رجال من قريش ، فقالوا له : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : قمت إليه لأفعل ما قلت لكم البارحة ، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا و الله ما رأيت مثل هامته و لا قصرته و لا أنيابه بفحل قط ، فهم بي أن يأكلني . قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ذلك جبريل لودنا لأخذه " .
و ذكر في الخبر بعث قريش النضر بن الحارث بن كلدة ، و بعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود و قالوا لهما : سلاهم عن محمد و صفا لهم صفته ، و أخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول ، و عندهم علم ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى قدما المدينة ، و سألا أحبار يهود ، فقالت لهما : سلوا عن ثلاث ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، و إن لم يفعل فالرجل متقول . سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول : ما كان من أمرهم ؟ فإنه قد كان لهم حديث عجيب . و سلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض و مغاربها . ما كان نبؤه ؟ و سلوه عن الروح : ما هو ؟ فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي و إن لم يفعل فهو رجل متقول .
فأقبل النضر و عقبة فقالا : قد جئناكم بفصل ما بينكم و بين محمد ، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يذكرون ، فقال عليه الصلاة و السلام : " أخبركم غداً ، و لم يستثن " . فانصرفوا ، فمكث رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يذكرون خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحياً ، و لا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة و قالوا : وعدنا محمد غداً و اليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه . حتى أحزن رسول الله صلى الله عليه و سلم مكث الوحي عنه ، و شق عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف ، قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لقد احتبست عني يا جبريل ، فقال : " وما نتنزل إلا بأمر ربك " [ مريم : 64 ] الآية . و افتتح السورة بحمده وء ذكر نبوة رسوله عليه الصلاة و السلام ، و فيها ذكر الفتية الذين ذهبوا و هم أصحاب الكهف ، و ذكر الرجل الطواف و هو ذو القرنين ، و قال فيما سألوه عنه من الروح " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " " [ الإسراء : 85 ] الحديث بطوله و أنا اختصرته .
قال : و حدثت عن ابن عباس أنه قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة ، قالت أحبار يهود : يا محمد أرأيت قولك " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " [ الإسراء : 85 ] إيانا تريد أم قومك ؟ قال : " كلاً " . قالوا : فإنك تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها بيان كل شيء . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنها في علم الله قليل ، و عندكم من ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه " . قال : فأنزل الله عليه فيما سألوه عنه في ذلك " ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم " [ لقمان : 27 ] أي : إن التوراة في هذا من علم الله قليل .
قال : و أنزل الله فيما سأله قومه لأنفسهم من تسيير الجبال و تقطيع الأرض و بعث من مضى من آبائهم من الموتى " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا " [ الرعد : 31 ] أي لا أصنع من ذلك الأمر إلا ما شئت . و أنزل الله عليه فيما سألوه أن يأخذ لنفسه " قالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا * أو يلقى إليه كنز " إلى " وكان ربك بصيرا " [ الفرقان : 7 ـ 20 ] .
و أنزل الله فيما قال عبد الله بن أبي أمية " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا * أو تكون لك جنة من نخيل وعنب " إلى قوله " قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا " [ الإسراء : 90 ـ 93 ] .
و أنزل عليه في قولهم إنما يعلمك رجل باليمامة يقال له : الرحمن : " كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن " [ الرعد : 30 ] .
و أنزل عليه فيما قال أبو جهل ، و ما هم به " أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى " [ العلق : 9 ـ 10 ] حتى آخر السورة .
و أنزل عليه فيما عرضوا من أموالهم " قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد " [ سبأ : 47 ] . فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بما عرفوا من الحق حال الحسد بينهم و بين اتباعه .
فقال قائلهم : لا تسمعوا لهذا القرآن و الغوا فيه لعلكم تغلبون ، أي : اجعلوه لغواً و باطلاً و اتخذوه هزواً لعلكم تغلبونه بذلك فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه غلبكم . فقال أبو جهل يوماً و هو يهزأ برسول الله صلى الله عليه و سلم و ما جاء به من الحق يا معشر قريش يزعم محمد أن جنود الله الذين يعذبونكم في النار و يحبسونكم فيها تسعة عشر ، و أنتم الناس كثرة و عدداً ، أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم ؟ فأنزل الله عز و جل في ذلك من قوله " وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا " [ المدثر : 31 ] إلى آخر القصة . فلما قال ذلك بعضهم لبعض جعلوا إذا جهر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقرآن و هو يصلي يتفرقون عنه و يأبون أن يستمعوا له ، فكان الرجل منهم إذا أراد ان يستمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم بعض ما يتلو من القرآن و هو يصلي استرق السمع دونهم فرقاً منهم ، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم فلم يستمع ، و إن خفض رسول الله صلى الله عليه و سلم صوته فظن الذي يستمع أنهم لا يسمعون شيئاً من قراءته و سمع هو شيئاً دونهم أصاخ له يستمع منه ، و روي عن داود بن الحصين ، عن عكرمة عن ابن عباس إنما نزلت هذه الآية " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " [ الإسراء : 110 ] في ذلك .
قال أبو عمر : و كان المجاهرون بالظلم لرسول الله صلى الله عليه و سلم و لكل من آمن به :
من بني هاشم : عمه أبو لهب ، و ابن عمه أبا سفيان بن الحارث .
و من بني عبد شمس : عتبة و شيبة ابني ربيعة ، و عقبة بن أبي معيط ، و أبا سفيان بن حرب ، و ابنه حنظلة ، و الحكم بن أبي العاص بن أمية ، و معاوية بن المغيرة بن العاص بن أمية .
و من بني عبد الدار : النضر بن الحارث .
و من بني أسد بن عبد العزى : الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ، و ابنه زمعه ، و أبا البختري العاص بن هشام .
و من بني زهرة : الأسود بن عبد يغوث .
و من بني مخزوم : أبا جهل بن هشام ، و أخاه العاص بن هشام ، و عمهما الوليد بن المغيرة ، و ابنه أبا قيس بن الوليد بن المغيرة ، و ابن عمه قيس بن الفاكه بن المغيرة ، و زهير ابن أبي أمية بن المغيرة أخا أم سلمة ، و أخاه عبد الله بن أبي أمية ، و الأسود بن عبد الأسد أخا أبي سلمة ، و صيفي بن السائب .
و من بني سهم : العاص بن وائل ، و ابنه عمراً ، و ابن عمه الحارث بن قيس بن عدي ، و نبيهاً و منبهاً ابني الحجاج .
و من بني جمح : أمية و أبياً ابني خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، و أنيس بن معير أخا بني محذورة . و الحارث بن الطلاطلة الخزاعي ، و غدي بن الحمراء الثقفي .
فهؤلاء كانوا أشد على المؤمنين مثابرة بالأذى ، و معهم سائر قريش ، فمنهم من يعذبون ـ ممن لا منعة له و لا جوار ـ من قومه ، و منهم من يؤذون .
و لقي المسلمون من كفار قريش و حلفائهم من الأذى و العذاب و البلاء عظيماً ، و رزقهم الله من الصبر على ذلك عظيماً ، ليدخر لهم ذلك في الآخرة ، و يرفع به درجاتهم في الجنة . و الإسلام في كل ذلك يفشو و يظهر في الرجال و النساء . و أسلم الوليد بن الوليد ابن المغيرة ، و سلمة بن هشام أخو أبو جهل ، و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، و جماعة أراد الله هداهم .
و أسرف بنو جمح على بلال بالأذى و العذاب ، فاشتراه أبو بكر الصديق منهم و اشترى أمة حمامة ، فأعتقهما ، و أعتق عامر بن فهيرة . و روي أن قحافة قال لابنه أبي بكر : يا بني أراك تعتق قوماً ضعفاء فلو أعتقت قوماً جلداء يمنعوك ، فقال : يا أبت إني أريد ما أريد . فقيل : فيه نزلت " وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد " [ الليل : 17 ـ 19 ] إلى آخر السورة .
====