منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 21  ]
قديم 05-28-2006, 06:07 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
خبر قس بن ساعدة الإيادي
قرئ على الشيخة الأصيلة أمة الحق شامية ابنة الإمام الحافظ أبي علي الحسن بن محمد ابن محمد بن محمد البكري ، و أنا أسمع بالقاهرة ، قالت : " أخبرنا أبو محمد عبد الجليل بن أبي غالب بن أبي المعالي بن مندوية الأصبهاني قراءة عليه و أنا أسمع سنة عشر و ستمائة ، قال : أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر بن الحسين البرمكي الجرجاني سماعاً عليه سنة تسع و أربعين و خمسمائة ، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور ، أخبرنا أبو الحسين علي ابن عمر بن محمد بن الحسن الحربي ، حدثنا أبو القاسم عبد الله محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا محمد بن حسان بن خالد السمتي أبو جعفر سنة ثمان و عشرين و مائتين ، و فيها توفي . حدثنا محمد بن الحجاج اللخمي ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ابن عباس قال : قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : أيكم يعرف القس بن ساعدة الإيادي ؟ قالوا : كلنا يا رسول الله يعرفه . قال : فما فعل ؟ قالوا : هلك . قال : ما أنساه بعكاظ على جمل أحمر ، و هو يقول : أيها الناس اجتمعوا و اسمعوا و عوا ، من عاش مات ، و من مات فات ، و كل ما هو آت آت ، إن في السماء لخبراً ، و إن في الأرض لعبراً ، مهاد موضوع و سقف مرفوع ، و نجوم تمور و بحار لا تغور ، أقسم قس قسماً حتماً : لئن كان في الأمر رضى ليكونن سخطاً ، إن لله لديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ، ما لي أرى الناس يذهبون و لا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا ؟ . ثم قال : أيكم يروي شعراً ابن عباس فأنشدوه :
في الذاهبين الأوليـ ن من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر
و رأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر و الأكابر
لا يرجع الماضي إلي و لا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالـ ـة حيث صار القوم صائر "
و قرأت على أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بدمشق ، أخبركم أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قراءة عليه و أنتم تسمعون ، قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قراءة عليه و أنا أسمع ، أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ، حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي ، حدثنا أبو العباس الوليد بن سعيد بن حاتم بن عيسى الفسطاطي بمكة من حفظه ، و زعم أن له خمساً و تسعين سنة في ذي الحجة سنة ست و ستين و ثلثمائة على باب إبراهيم ، أخبرنا محمد بن عيسى بن محمد الأخباري ، حدثنا أبو عيسى بن محمد بن سعيد القرشي ، حدثنا علي بن سليمان ، عن سليمان بن علي ، عن علي بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس قال : قدم الجارود بن عبد الله ، و كان سيداً في قومه على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : و الذي بعثك بالحق لقد وجدت صفتك في الإنجيل ، و لقد بشر بك ابن البتول ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أنك محمد رسول الله . قال : فآمن الجارود و آمن من قومه كل سيد . فسر النبي بهم ، و قال : " يا جارود ! هل في جماعة وفد عبد القيس من يعرف لنا قساً ؟ " قالوا : كلنا نعرفه يا رسول الله ، و أنا من بين يدي القوم كنت أقفو أثره ، كان من أسباط العرب ، فصيحاً ، عمر سبعمائة سنة ، أدرك من الحواريين سمعان ، فهو أول من تأله من العرب ، كأني أنظر إليه يقسم بالرب الذي هو له ، ليبلغن الكتاب أجله ، و ليوفين كل عامل عمله ، ثم أنشأ يقول :
هاج للقلب من جواه ادكار و ليال خلالهن نهار
في أبيات آخرها :
و الذي قد ذكرت دل على اللـ ـه نفوساً لها هدى و اعتبار
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " على رسلك يا جارود ، فلست أنساه بسوق عكاظ على جمل أورق ، و هو يتكلم بكلام ما أظن أني أحفظه " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ! فإني أحفظه ، كنت حاضراً ذلك اليوم بسوق عكاظ ، فقال في خطبته : يا أيها الناس ! اسمعوا و عوا ، و إذا وعيتم فانتفعوا ، إنه من عاش مات و من مات فات و كل ما هو آت آت ، مطر و نبات و أرزاق و أقوات ، و آباء و أمهات و أحياء و أموات ، جمع و أشتات و آيات بعد آيات ، إن في السماء لخبراً و إن في الأرض لعبراً ، ليل داج ، و سماء ذات أبراج ، و أرض ذات رتاج ، و بحار ذات أمواج ، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا ، أم تركوا هناك فناموا ؟ أقسم قس قسماً لا حانثاً فيه و لا آثماً أن لله دينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ، و نبياً قد حان حينه و أظلكم آو إنه ، فطوبى لمن آمن به فهداه ، و ويل لمن خالفه و عصاه . ثم قال : تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية و القرون الماضية يا معشر إياد ! أين الآباء و الأجداد ؟ و أين المريض و العواد ؟ و أين الفراعنة الشداد ؟ أين من بنى و شيد ؟ و زخرف و نجد . و غره المال و الولد ؟ أين من بغى و طغى ، و جمع فأوعى ، و قال أنا ربكم الأعلى ؟ ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً ، و أطول منكم آجالا و أبعد منكم آمالاً ؟ طحنهم الثرى بكلكله ، و مزقهم بتطاوله ، فتلك عظامهم بالية و بيوتهم خاوية ، عمرتها الذئاب العاوية ، كلا بل هو الله الواحد المعبود ، ليس بوالد و لا مولود ، ثم أنشأ يقول :
في الذاهبين الأوليـ ـن من القرون لنا بصائر
لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر
و رأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر و الأكابر
لا يرجع الماضي إلي و لا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محا لة حيث صار القوم صائر
قال : ثم جلس و قام رجل أشدق أجش الصوت ، فقال : لقد رأيت من قس عجباً ، خرجت أطلب بعيراً لي حتى إذا عسعس الليل و كاد الصبح أن يتنفس ، هتف بي هاتف يقول :
يا أيها الراقد في الليل الأحم قد بعث الله نبياً في الحرم
من هاشم أهل الوفاء و الكرم يجلو دجنات الليالي و البهم
قال : فأردت طرفي فما رأيت شخصا ، فأنشأت أقول :
يا أيها الهاتف في داجي الظلم أهلاً و سهلاً بك من طيف ألم
بين هداك الله في لحن الكلم من ذا الذي تدعو إليه يغتنم
قال : فإذا أناة بنحنحة و قائل يقول : ظهر النور ، و بطل الزور ، و بعث الله محمداً صلى الله عليه و سلم بالحبور ، صاحب النجيب الأحمر ، و التاج و المغفر ، و الوجه الأزهر ، و الحاجب الأقمر ، و الطرف الأحور ، صاحب قول شهادة أن لا إله إلا الله ، فذلك محمد المبعوث إلى الأسود و الأحمر ، أهل المدر و الوبر ، ثم أنشأ يقو ل:
الحمد لله الذي لم يخلق الخلق عبث و لم يخلنا سداً من بعد عيسى و اكترث
أرسل فينا أحمداً خير نبي قد بعث صلى عليه الله ما حج له ركب و حث
قال : و لاح الصباح ، و إذا بالفنيق يشقشق إلى النوق ، فملكت خطامه و علوت سنامه ، حتى إذا لغب فنزل في روضة خضرة ، فإذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة ، و بيده قضيب من أراك ينكت به في الأرض و هو يقول :
يا ناعي الموت و الملحود في جدث عليهم من بقايا بزهم خرق
دعهم فإن لهم يوماً يصاح بهم فهم إذا انتبهوا من نومهم فرقوا
حتى يعودوا بحال غير حالهم خلقا جديداً كما من قبله خلقوا
منهم عراة و منهم في ثيابهم منها الجديد و منها المنهج الخلق
قال : فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي السلام ، فإذا أنا بعين خرارة في أرض خوارة ، و مسجد بين قبرين ، و أسدين عظيمين يلوذان به ، و إذا بأحدهما قد سبق الآخر إلى الماء ، فتبعه الآخر يطلب الماء فضربه بالقضيب الذي في يده ، و قال : ارجع ثكلتك أمك حتى يشرب الذي ورد قبلك ، فرجع ثم ورد بعده . فقلت له : ما هذا القبران ؟ قال : هذان قبرا أخوين كانا لي يعبدان الله عز و جل معي في هذا المكان ، لا يشركان بالله شيئاً ، فأدركهما الموت فقبرتهما و ها أنا بين قبريهما حتى ألحق بهما ، ثم نظر إليهما و جعل يقول :
خليلي هبا طالما قد رقدتما أجدكما لا تقضيان كراكما
أم تعلما أني بسمعان مفرداً و ما لي فيه من خليل سواكما
مقيم على قبريكما لست بارحاً طوال اليالي أو يجيب صداكما
أبكيكما طول الحياة و ما الذي يرد علي ذي لوعة إن بكامكا
كأنما و الموت أقرب غائب بروحي في قبريكما قد أتاكما
أمن طول نوم لا تجيبان داعياً كأن الذي يسقي العقار سقاكما
فلو جعلت نفس لنفس وقاية لجدت بنفسي أن تكون فداكما
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " رحم الله قساً إني لأرجو أن يبعثه الله عز و جل أمة وحده " .