منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( عيون الأثر الجزء الأول والثاني )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 16  ]
قديم 05-28-2006, 06:03 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
خبرإسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه
روينا عن ابن إسحاق ، قال حدثني عاصم ، عن محمود ، عن ابن عباس قال : حدثني سلمان الفارسي من فيه ، قال : كنت رجلاً فارسياً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي ، و كان أبي دهقان قريته ، و كنت أحب خلق الله إليه ، و لم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيت كما تحبس الجارية ، و اجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها ، لا يتركها تخبو ساعة ، و كانت لأبي ضيعة عظيمة ، فشغل في بنيان له يوماً فقال لي : يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي ، فاذهب إليها فاطلعها و أمرني فيها ببعض ما يريد ، ثم قال لي : و لا تحتيس عني فإنك إن احتبست عني كنت أهم إلي من ضيعتي ، و شغلتني عن كل أمر من أمري . فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها ، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى ، فسمعت أصوائهم فيها يصلون ، وكنت لا أدري ما أمر الناس ، لحبس أبي إياي في بيته ، فلما سمعت أصوائهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون ، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ، و رغبت في أمرهم و قلت هذا و الله خير من الذي نحن عليه ، فو الله ما برحتهم حتى غربت الشمس ، و تركت ضيعة أبي فلم آتها ، ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين ؟ قالوا : بالشام . فرجعت إلى أبي و قد بعث في طلبي ، و شغلته عن عمله كله ، فلما جئته قال : أي بني أين كنت ؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت ؟ قلت : يا أبت ! مررت بالناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم ، فو الله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس . قال : أي بني ! ليس في ذلك الدين خير ، دينك و دين آبائك خير منه . فقلت له : كلا و الله ، إنه لخير من ديننا . قال : فخافني ، فجعل في رجلي قيداً ، ثم حبسني في بيته .
رحلته في طلب الحق :
و بعثت إلى النصاري ، فقلت لهم : إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم . فقدم عليهم تجار من النصارى فأخبروني ، فقلت لهم : إذا قضوا حوائجهم و أرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم . قال : فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم . قال : فلما أرادوا الرجعة أخبروني بهم ، فألقيت الحديد من رجلي ، ثم قدمت معهم حتى قدمت الشام .
مع أسقف الشام :
فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل هذا الدين علماً ؟ قالوا الأسقف في الكنيسة . فجئته فقلت له : إني قد رغبت في هذا الدين ، و أحببت أن أكون معك ، فأخدمك في كنيستك ، و أتعلم من علمك ، و أصلي معك . قال : ادخل فدخلت معه . فكان معه . فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة و يرغبهم فيها ، فإذا جمعوا إليه شيئاً منها اكتنزه لنفسه و لم يعطه المساكين ، حتى جمع سبع قلال من ذهب و ورق ، فأبغضته بغضاً شديداً لما رأيته يصنع ، ثم مات و اجتمعت النصارى ليدفنوه . قلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة و يرغبكم فيها ، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ، و لم يعط المساكين منها شيئاً . فقالوا لي : و ما علمك بذلك ؟ قلت : أنا أدلكم على كنزه . فأريتهم موضعه ، فاستخرجوا سبع قلال مملوءة ذهباً و ورقاً ، فلما رأوها قالوا : و الله لا ندفنه أبداً ، فصلبوه و رموه بالحجارة .
و جاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه ، فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه و أزهد في الدنيا ، و لا أرغب في الآخرة و لا أدأب ليلاً و نهاراً منه ، فأحببته حباً لم أحبه شيئاً قبله ، فأقمت معه زماناً ، ثم حضرته الوفاة ، فقلت له : يا فلان ! إني قد كنت معك و أحببتك حباً شديداً قبلك ، و قد حضرك من الأمر ما ترى فإلى من توصي بي ؟ و بم تأمرني ؟ فقال : أي بني ! و الله ما أعلم أحداً على ما كنت عليه ، و لقد هلك الناس ، و بدلوا و توكوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلاً بالموصل ، و هو فلان ، و هو على ما كنت عليه .
مع أسقف الموصل :
فلما مات و غيب لحقت بصاحب الموصل ، فقلت له : يا فلان ! إن فلاناً أوصاني عند موته أن ألحق بك ، و أخبرني أنك على أمره . فقال لي : أقم عندي ، فأقمت عنده ، فوجدته خير رجل ، على أمر صاحبه ، فلم يلبث أن مات ، فلما حضرته الوفاة قلت : يا فلان ! إن فلاناً أوصى بي إليك و أمرني باللحوق بك ، و قد حضرك من أمر الله ما ترى ، فإلى من توصي بي ؟ و بم تأمرني ؟ قال : يا بني و الله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا رجلاً بنصيبين ، و هو فلان ، فالحق به .
مع أسقف نصيبين :
فلما مات و غيب لحقت بصاحب نصيبين ، فأخبرته خبري و ما أمرني به صاحبي فقال أقم عندي ، فأقمت عنده ، فوجدته على أمر صاحبه ، فأقمت مع خير رجل ، فو الله ما لبث أن نزل به الموت ، فلما حضر قلت له : يا فلان ؟ إن فلاناً كان أوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك ، فإلى من توصي بي ؟ و بم تأمرني ؟ قال : يا بني و الله ما أعلم بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمورية من أرض الروم فإنه على مثل ما نحن عليه ، فإن أحببت فأته .
مع أسقف عمورية :
فلما مات و غيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري . فقال : أقم عندي ، فأقمت عند خير رجل ، على هدي أصحابه و أمرهم ، و اكتسبت حتى كانت لي بقرات و غنيمة ، ثم نزل به أمر الله ، فلما حضر قلت له : يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إلى فلان ، ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي ؟ و بم تأمرني ؟ قال : أي بني ! و الله ما أعلمه أصبح على مثل ما كنا عليه أحد من الناس ، أمرك أن تأتيه ، و لكنه قد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب ، مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل ، به علامات لا تخفي ، يأكل الهدية ، و لا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة ، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل . ثم مات و غيب .
إلى وادي القرى :
فمكثت بعمورية ما شاء الله أن مكث ، ثم مر بي نفر من كلب تجار ، فقلت لهم : احملوني إلى أرض العرب و أعطيكم بقراتي هذه و غنيمتي هذه ، فقالوا : نعم . فأعطيتهموها و حملوني معهم ، حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني ، فباعوني من رجل يهودي ، فكنت عنده ، فرأيت النخل ، فرجوت أن يكون البلدة التي وصف لي صاحبي و لم يحق في نفسي .
في المدينة :
فبينا أنا عنده إذا قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة ، فابتاعني منه ، فحملني إلى المدينة ، فو الله ماهو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي ، فأقمت بها .
و بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ، ثم هاجر إلى المدينة ، فو الله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل ، و سيدي جالس تحتي ، إذا أقبل ابن عم له حتى وقف عليه . فقال : يا فلان ! قاتل الله نبي قيلة ، و الله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي . فلما سمعتها أخذتني العرواء ، حتى ظننت أني ساقط على سيدي ، فنزلت عن النخلة فحعلت أقول لابن عمه ذلك : ماتقول ؟ فغضب سيدي و لكمني لكمة شديدة ، ثم قال : ما لك و لهذا ؟ أقبل على عملك . فقلت : لا شيء ، إنما أردت أن أستثبته عما قال .
لقاءه مع رسول الله صلى الله عليه و سلم :
و قد كان عندي شيء جمعته ، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو بقباء ، فدخلت عليه ، فقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح و معك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، و هذا شيء كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم ، فقربته إليه . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه : " كلوا " ، و أمسك يده فلم يأكل . فقلت في نفسي هذه واحدة ، ثم انصرفت عنه ، فجمعت شيئاً ، و تحول رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ، ثم جئته ، فقلت : إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة و هذه هدية أكرمتك بها ، فأكل رسول الله صلى الله عليه و سلم و أمر أصحابه فأكلوا معه ، فقلت في نفسي ، هاتان ثنتان . ثم جئت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه ، علي شملتان لي ، و هو جالس في أصحابه ، فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي ؟ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه و سلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي ، فألقى الرداء عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته ، فأكببت عليه أقبله و أبكي . فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : تحول ، فتحولت فجلست بين يديه ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس . فـأعجب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يسمع ذلك أصحابه .
مكاتبته :
ثم شغل سلمان الرق حتى فاته رسول الله صلى الله عليه و سلم بدر و أحد . قال سلمان : ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كاتب سلمان ! " فكاتبت صاحبي على ثلثمائة نخلة أحييها له بالفقير ، و أربعين أوقية ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أعينوا أخاكم " ، فأعانوني بالنخل ، الرجل بثلاثين ودية ، و الرجل بعشرين ودية ، و الرجل بخمس عشرة ، و الرجل بعشر ، يعين الرجل بقدر ما عنده ، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية . فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : اذهب يا سلمان ففقر لها ، فإذا فرغت فأتني أكن أنا أضعها بيدي ، ففقرت ، و أعانني أصحابي ، حتى إذا فرغت جئته فأخبرته ، فخرج معي إليها ، فجعلنا نقرب إليه الودي و يضعه رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده حتى فرغت ، فو الذي نفس سلمان بيده ما مات منها ودية واحدة ، فأديت النخل و بقي علي المال ، فأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن ، فقال : ما فعل الفارسي المكاتب ؟ فدعيت له ، فقال : " خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان " . قلت : و أين تقع هذه يا رسول الله مما علي ؟ قال : خذها فإن الله سيؤدي بها عنك . فأخذتها فوزنت لهم منها ، و الذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية ، فأوفيتهم حقهم ، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم الخندق حراً ثم لم يفتني معه مشهد .
و ذكر أبو عمر في خبر سلمان ، من طرق زيد بن الحباب ، قال : " حدثني ابن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، أن سلمان أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و فيه : فاشتراه رسول الله صلى الله عليه و سلم من قوم من اليهود بكذا و كذا درهماً ، و على أن يغرس لهم كذا و كذا من النخل ، يعمل فيها سلمان حتى تدرك ، فغرس رسول الله صلى الله عليه و سلم النخل كله إلا نخلة غرسها عمر ، فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة التي غرسها عمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من غرسها ؟ قالوا : عمر . فقلعها و غرسها رسول الله صلى الله عليه و سلم فأطعمت من عامها " .
و ذكر البخاري رحمه الله حديث سلمان كما ذكره ابن إسحاق ، غير أنه ذكر أن سلمان غرس بيده ودية واحدة ، و غرس رسول الله صلى الله عليه و سلم سائرها ، فعاشت كلها إلا التي غرس سلمان . هذا معنى حديث البخاري رحمه الله .
عود للحديث عن رحلته إلى المدينة :
و عن سلمان أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم حين أخبره بخبره : أن صاحب عمورية قال له : إئت كذا و كذا من أرض الشام فإن بها رجلاً بين غيضتين ، يخرج في كل سنة من هذه الغيضة إلى هذه الغيضة مستجيزاً ، يعترضه ذوو الأسقام ، فلا يدعو لأحد منهم إلا شفي ، فسله عن هذا الدين الذي تبتغي فهو يخبرك عنه . قال سلمان : فخرجت حتى جئت حيث وصف لي ، فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هناك ، حتى خرج لهم تلك الليلة مستجيزاً من إحدى الغيضتين إلى الأخرى ، فغشيه الناس بمرضاهم لا يدعو لمريض إلا شفي ، و غلبوني عليه فلم أخص إليه حتى دخل الغيضة التي يريد أن يدخل إلا منكبه ، فتناولته . فقال : من هذا ؟ و التفت إلي ، فقلت : يرحمك الله ! أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم ؟ قال : إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم ، قد أظلك نبي يبعث بهذا الدين من أهل الحرم فأته فهو يحملك عليه . ثم دخل . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لئن كنت صدقت لقد لقيت عيسى بن مريم " .
رواه ابن إسحاق عن داود بن الحصين قال حدثني من لا أتهم ، عن عمر بن عبد العزيز ، قال : قال سلمان ، فذكره .
قيل : إن الرجل المطوي الذكر في هذا الإسناد هو الحسن بن عمارة ، فإن يكنه فهو ضعيف عندهم قاله السهيلي . و قال : و إن صح هذا الحديث فلا نكارة في متنه ، فقد ذكر الطبري أن المسيح عليه السلام نزل بعدما رفع ، و أمه و امرأة أخرى عند الجزع الذي فيه الصليب تبكيان ، فكلمهما و أخبرهما انه لم يقتل ، و أن الله رفعه و أرسله إلى الحواريين و وجههم إلى البلاد . و إذا جاز أن ينزل مرة جاز أن ينزل مرارا ، و لكن لا يعلم به أنه هو حتى ينزل النزول الظاهر فيكسر و يقتل الخنزير كما جاء في الصحيح ، و الله أعلم .
و يروى أنه إذا نزل تزوج امرأة من جذام و يدفن إذا مات في روضة النبي صلى الله عليه و سلم .
و قوله : " فقر لثلمائة ودية " معناه : حفر .
و قوله : " أحييها له بالفقير " قيل : الوجه بالتفقير .
" و قطن النار " خازن النار و خادمها .
" و العرواء " : الرعدة . و رأيت بخط جدي رحمه الله فيما علقه على نسخته بكتاب السيرة الهشامية من حواشي كتاب أبي الفضل عياض بن موسى و غيره ، قال الصدقي : العرواء : الحمي النافض ، و البرحاء : الحمى الصالب ، و الرحضاء : الحمى التي تأخذ بالعروق ، و المطواء : التي تأخذ بالتمطي ، و الثوباء : التي تأخذ بالتثاؤب .