منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( يسر الاسلام وسماحته )))
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 15  ]
قديم 05-15-2006, 01:17 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
الفصل الثالث
مجال التيسير العملي

ثانيا : يسر الأحكام الشرعية العملية :
 يسر الأحكام الشرعية العملية يتشعب إلى شعبتين * :
1- اليسر الأصلي : وهو اليسر في ما شرع من الأحكام من أصله ميسرا لا عنت فيه .
2- اليسر التخفيفي : وهو ما وضع في الأصل ميسرا ، غير أنه طرأ فيه الثقل بسبب ظروف استثنائية ، وأحوال تخص بعض المكلفين ، فيخفف الشرع عنهم من ذلك الحكم الأصلي .

المبحث الأول : اليسر الأصلي :
وفيه مطلبان :
1- الأحكام المخففة ابتداءً :
2- ما خفف عن هذه الأمة مما كلفت به الأمم السابقة .

المطلب الأول : الأحكام المخففة ابتداءً :
وهي الأحكام الأصلية التي شرعت مخففة بالدليل الأول . وهذا التخفيف يسري على جميع أحكام الشريعة ، من العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والجنايات وغيرها . فإن الشارع الحكيم الرحيم لا يقصد بالشريعة إيلام الناس وإعناتهم ، وهو لا يأمر بالمأمورات لما فيها من المشقات ، بل لما يترتب عليها من المصالح ، كما أنه لا ينهى عن المنهيات من أجل الحرمان من اللذة والمتعة ، بل لما فيها من المضرة ، وما من شك في أن الإسلام له موقف في كل شأن من شؤون المسلم سواء كان متعلقا بأمور الآخرة أم بأمور الدنيا (1) .

* الموسوعة الفقهية : (14/217) .
(1) رفع الحرج في الشريعة الإسلامية : صالح بن حميد : (ص/121) .
والكلام في ذلك على أمرين :
 المسألة الأولى : التيسير في العبادات :
الأصل في العبادات التوقيف ، فلا يتعبد الله إلا بما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله محمد  . فإن العبادة حق خالص لله تعالى قد طلبه من عباده بمقتضى ربوبيته لهم . وكيفية العبادة وهيئتها والتقرب بها لا يكون إلا على الوجه الذي شرعه وأذن به ، قال تعالى :  أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله  (1) . وجانب اليسر في هذا القصر والتحديد ظاهر ، فإن العبادات تمثل مطلوبات شرعية . والمطلوب ثقيل على النفس ، فمن رحمة الله أنه لم يكله إلى المخلوقين وإلا لأدخل بعض المكلفين على أنفسهم العنت والمشقة كما هو ظاهر من طبائع الأمم ووجود المتشددين فيها ظنا منهم أن ذلك هو الطريق الصحيح لنيل رضى الله ، وتحقيق الفوز والسعادة ، وما علموا أن الحق في الاتباع ، وليس في الابتداع . وتشدد النصارى من أوضح الشواهد على ذلك . وقد أراد بعض الصحابة من هذه الأمة سلوك طريق التشدد والتعمق ولكن الرسول عليه السلام بين لهم أن ذلك رغبة عن سنة الإسلام .. فالإسلام في مجال العبادات محدود لا يقبل الزيادة (2) .
 ومن صور اليسر في العبادات :
- الصلاة : وهي عمود الدين ، فهي لا تجب إلا خمس مرات في اليوم والليلة على كيفية خفيفة ميسرة .
- الزكاة : وهي الركن الثالث من أركان الإسلام ، ولا تجب إلا في الأموال النامية وهي التي تنمو وتزيد كالتجارة ، أو ما في حكمها كالذهب والفضة وإن كان لا يزيد ، أما ما يستعمله الإنسان في بيته ، وفي مركوبه ، فقد قال النبي  : ( ليس على المؤمن في عبده ولا فرسه صدقة ) (3) جميع

(1) سورة الشورى : 21 .
(2) انظر رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/123) .
(3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الزكاة – باب ليس على المسلم في فرسه صدقة – (ص/257) – حديث رقم (1463) .
وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الزكاة – باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه – (ص/379) – حديث رقم (982) واللفظ له .
أواني البيت وفرش البيت والسيارات وغيرها مما يستعمله الإنسان لخاصة نفسه ، فإنه ليس فيه زكاة . ثم إن الزكاة الواجبة يسيرة جدا، فإنها ربع العشر، وهذا أيضا يسير ، ثم إذا أديت الزكاة فإنها لن تنقص مالك ، كما قال النبي  : ( ما نقصت صدقة من مال ) (1) بل تجعل فيه البركة وتنميه وتزكيه وتطهره (2) .
- الصوم : وهو أيضا يسير ، فلا يجب سوى شهر واحد من بين شهور السنة للقادر المستطيع .
- الحج : وهو أيضا ميسر ، لا يجب إلا مرة في العمر للقادر المستطيع ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا  (3) ، وإلا سقط عنه .
- ومن سماحة الإسلام ويسره توجيهه إلى المداومة على عمل الخير القليل ، دون الإفراط في العمل الكثير ، ثم الانقطاع عنه (4) :
- عن عائشة قالت : قال رسول الله  : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) (5) .
- وعنها أيضا قالت : قال رسول الله  : ( خذوا من الأعمال ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ) (5) .
- وعن أنس قال : قال رسول الله  : ( ليصل أحدكم نشاطه ، وإذا فتر فليقعد ) (6) . وذلك أن النوافل شرعت للمحافظة على الفرائض ولتربية المسلم وتقوية صلته بالله عز وجل . وطلب المواظبة على بعض النوافل ليس المراد منه الإتيان بها على هيئة ثقيلة شاقة ، وإنما المداومة على هيئة


(1) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب البر والصلة والآداب – باب استحباب العفو والتواضع – (ص/1042) – حديث رقم
(2588) .
(2) انظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين : (1/562) .
(3) سورة آل عمران : 97 .
(4) الأخلاق الإسلامية وأسسها : عبد الرحمن الميداني : (2/484-485) .
(5) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب اللباس – باب الجلوس على الحصير ونحوه – (ص/1104) – حديث رقم (5861) .
وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره – (ص/308) – حديث رقم (782) و (783) .
(6) أخرجه البخاري في صحيحه – أبواب التهجد – باب ما يكره من التشدد في العبادة – (ص/200) – حديث رقم (1150) .
وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب أمر من نعس في صلاته ، أو استعجم عليه القرآن أو الذكر ، بأن يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك – (ص/308) – حديث رقم (784) .

لا تؤدي إلى الانقطاع (1) .

 ومن يسر الشريعة أمرها المكلفين بالتيسير على الآخرين ، ومن ذلك :
- إعانة المسلمين ، قال النبي  : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) (2) .
- تخفيف الإمام في الصلاة : وذلك في بعض أركان الصلاة ؛ مراعاة لأحوال الناس ، وتيسيرا لهم ، فقد أمر  الأئمة بالتخفيف في الصلاة وعدم تطويل قراءتها ، وهو أمر استحباب ، وذلك لاختلاف أحوال المأمومين ؛ لأن فيهم الضعيف ، والمريض ، والعاجز . فلا يطول الإمام الصلاة لئلا يشق على من خلفه ، وذلك لحديث : ( إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف ، فإن فيهم الضعيف ، والسقيم ، والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه ، فليطول ما شاء ) (3) . وروى ابن مسعود  " أن رجلا قال : والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان ، مما يطيل بنا ، فما رأيت رسول الله  في موعظة أشد غضبا منه يومئذ، ثم قال : ( إن منكم منفرين ، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز ، فإن فيهم الضعيف ، والكبير ، وذا الحاجة ) " (4) . ونحوه حديث معاذ المعروف (5) .

(1) انظر رفع الحرج لصالح بن حميد : (ص/125) .
(2) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الذكر والدعاء – باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر – (ص/1082) – حديث رقم (2699) .
(3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الأذان – باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء – (ص/126) – حديث رقم (703) .
وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصلاة – باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام – (ص/195) – حديث رقم (467) .
(4) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب العلم – باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره – (ص/26) – حديث رقم
(90) .
وفي كتاب الأذان – باب تخفيف الإمام في القيام ، وإتمام الركوع والسجود – (ص/125-126) – حديث رقم (702) .
وفي باب من شكا إمامه إذا طوّل – حديث رقم (704) .
وفي كتاب الأدب – باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله – (ص/1140) – حديث رقم (6110) .
وفي كتاب الأحكام – باب هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان – (ص/1320) – حديث رقم (466) .
وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصلاة - باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام – (ص/195) – حديث رقم (466) .
(5) انظر : الموسوعة الفقهية : (14/242) .
- مراعاة الإمام عدم التطويل في خطبة الجمعة : لما في الحديث ( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة ) (1) .
- تيسير الإمام ، والولاة ، والعمال ، على الرعية ، والرفق بهم : ينبغي لمن ولي أمر غيره من الناس بحيث ينفذ عليهم أمره ويلزمهم طاعته أن لا يشق عليهم فيما يكلفهم مشقة تغلبهم، وذلك ليمكنهم طاعته ومواصلة الامتثال له؛ ولئلا يخرجوا عن ذلك إلى المعصية فيضطر هو إلى استخدام العقوبة . وقد قال  : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ) (2) . وإذا كان في من تحت يده الضعيف والصغير والمرأة خصهم بمزيد من الرفق ، وقد كان النبي  في مسير له ، فحدا الحادي ، فقال رسول الله  : ( يا أنجشة ويحك بالقوارير ) (3) يعني النساء (4) .
- تيسير المعلمين ، والدعاة على المدعوين ، والرفق بهم : يستحب لمن يتولى التعليم أو الدعوة أن يرفق بمن معه ، ويأخذهم باللين لا بالعنف . ولا يأتي بما ينفرهم عن الحق ، بل ينتقل بهم مما يعرفون إلى ما لا يعرفون ، بلطف ويسر ، ولا يشق عليهم . ويستأنس لذلك بقول موسى للخضر :  هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا  (5) ثم قال :  لا


(1) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الجمعة - باب تخفيف الصلاة والخطبة – (ص/335-336) – حديث رقم (869) .
(2) أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الإمارة- باب فضيلة الإمام العادل ، وعقوبة الجائر ، والحث على الرفق بالرعية ، والنهي عن إدخال المشقة عليهم – (ص/763) – حديث رقم (1828) .
(3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الأدب - باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء ، وما يكره منه – (ص/1147) – حديث رقم (6149) .
وفي باب ما جاء في قول الرجل ويلك – (ص/1149) – حديث رقم (6161) .
وفي باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا – (ص/1155) – حديث رقم (6202) .
وفي باب المعاريض مندوحة عن الكذب- (ص/1157) – حديث رقم (6209) و (6210) و (6211) .
وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الفضائل – باب رحمة النبي  بالنساء وأمر السواق مطاياهن بالرفق بهن– (ص/949-950) – حديث رقم (2323) .
(4) الموسوعة الفقهية : (14/243) .
(5) سورة الكهف : 66 .


تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا  (1) وقد أرسل النبي  أبا موسى الأشعري ، ومعاذ بن جبل إلى اليمن ، وكان فيما أوصاهما به أن قال : ( بشرا ويسرا وعلما ولا تنفرا ) (2) .

 المسألة الثانية : التيسير في غير العبادات :
ذكرنا أن الأصل في العبادات التوقيف فلا يتعبد الله إلا بما شرع وليس للعقل مدخل في ذلك ، فلا عبرة بما استحسنته العقول مجردا عن الشرع ، فالعبادة محض حق الله سبحانه وتعالى ، أما غير العبادات من الأشياء والعادات والمعاملات فهي على أصل الإباحة ينظر فيها إلى حصول المنافع كما ينظر إلى العلل والبواعث فهي معللة بمصالح الناس ومنافعهم وإقامة العدل بينهم ودفع الفساد عنهم ، فلا يقتصر فيه على النص بل يتعدى الحكم إلى كل ما تحقق فيه العلة (3) .
 ومن صور ذلك :
- السماحة في البيع والشراء والقضاء : قال تعالى :  ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم  (4) ،وقال جل جلاله: ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين  (5) . وقال  : ( غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلاً إذا باع سهلاً إذا اشترى سهلاً إذا قضى ) (6) . وقال  : ( إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء ) (7). وهذا يدل على المساهلة في المعاملة،

(1) سورة الكهف : 73 .
(2) أخرجه البيهقي في سننه – كتاب الأشربة – باب الدليل على أن الطبخ لا يخرج هذه الأشربة – (8/510) – حديث رقم
(17377) . انظر : الموسوعة الفقهية : (14/244) .
(3) رفع الحرج : صالح بن حميد : (ص/129) .
(4) سورة هود : 85 .
(5) سورة المطففين : 1-6 .
(6) أخرجه الترمذي في جامعه – كتاب البيوع عن رسول الله  - باب ما جاء في سمح البيع والشراء والقضاء – (ص/312) – حديث رقم (1320) .وصححه الألباني في صحيح الجامع – (2/764) – حديث رقم (4162) .
(7) أخرجه الترمذي في جامعه – كتاب البيوع عن رسول الله  - باب ما جاء في سمح البيع والشراء والقضاء – (ص/312) – حديث رقم (1319) .وصححه الألباني في صحيح الجامع – (1/384) – حديث رقم (1888) .




توقيع اسير الصحراء
((( لمحبي الأناشيد الأسلامية أتمنى دخولكم متجدد )))