صريح في تأييده لحرية العقيدة ، والدليل قوي على أن الإسلام رحب بشعوب مختلفة الأديان ، ما دام أهلها يحسنون المعاملة ، وقد حرص محمد على تلقين المسلمين التعاون مع أهل الكتاب ، أي اليهود والنصارى ، ولاشك أن حروباً نشبت بين المسلمين وغيرهم في بعض الأحيان ، وكان سبب ذلك أن أهل هذه الديانات الأخرى أصروا على القتال ، وقد قطع الرهبان بأن أهل الكتاب كانوا يعاملون معاملة طيبة وكانوا أحراراً في عبادتهم ، ولعل مما يقطع بصحة ذلك ، الكتاب الذي أرسله البطريرك النسطوري ايشوياب الثالث إلى البطريرك سمعان ، زميله في المجمع ، بعد الفتح الإسلامي وجاء فيه ( ها إن العرب الذين منحهم الرب سلطة العالم وقيادة الأرض أصبحوا عندنا ، ومع ذلك نراهم لا يعرضون للنصرانية بسوء ، فهم يساعدوننا ، ويشجعوننا على الاحتفاظ بمعتقداتنا ، وإنهم ليجلون الرهبان والقديسين ) . (1) فالإسلام جاء ليكبت القوى التي تحكم العالم وتفرض عليه عقائد وخرافات تقتنع بها وترفض كل ما عداها ... " جاء ليقول كلمة الحق أمام الناس ثم يطرح القضية عليهم قضية الدين الحنيف فمن آمن بها آمن بقلبه ومن لم يؤمن ظل على دينه ... ولذلك نجد في سياحة الإسلام في هذه البلاد أمم من اليهود .. وأمم من المجوسين ... وأمم من النصارى لم يتعرض لهم الإسلام ... لهم ما لنا وعليهم ما علينا ... ولو أن الإسلام فرض بالسيف كما يقولون لما وجد إلا مسلم في أي أرض يدخلها الإسلام ... فوجود غير مسلمين في أراضي الإسلام ، دليل على أن الإسلام ، لم يجيء ليحمل الناس على مبدأ من المبادئ التي لا يستطيبها سلوكهم ... وإنما أراد فقط أن يزيح المعوقات في اختيار البدائل .... وشرف الإسلام وقوته أنه أول من حارب من أجل حرية الرأي وحرية العقيدة ... كانت هناك حروب قامت من أجل فرض رأي أو عقيدة ما وتلك حروب يعرفها التاريخ جيداً ويعرف من قام بها ... لكن ما من حرب
----------------------
(1) المرجع السابق