المبحث الخامس : شبهات حول عموم الدعوة الإسلامية ، والرد عليها :
وفيه شبهتان :
الأولى : أن الإسلام دين نزل للعرب خاصة .
الثانية : أن الإسلام دين انتشر بحد السيف .
وأما بالنسبة للشبهة الأولى : فسنورد هنا تفصيل الرد عليها :
أ- حديث رسول الله قال : " يا أيها الناس إن الرب واحد وإن الأب أب واحد ، وإن الدين دين واحد ، ألا وإن العربية ليست لكم بأب ولا أم ، إنما لسان ، فمن تكلم بالعربية فهو عربي " (1)
ولقد سبق وأشرنا للحديث في أدلة عموم الدعوة الإسلامية من السنة النبوية ، وقلنا أن فيه إشارة ودلالة ضمينة على أن الإسلام دين عالمي ولا يختص بقوم دون قوم ، بل للناس كافة على اختلاف أجناسهم ولغاتهم ، ولا يلزم كون القرآن نزل بلغة العرب أن يكون للعرب خاصة .
وسأورد بعض النقول من أقوال العلماء في الرد على هذه الشبهة مع بيان غلطها.
ب- يقول الإمام الشوكاني في معرض تفسيره لآية " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " إبراهيم الآية (4)
وقد قيل في هذه الآية إشكال ، لأن النبي أرسل إلى الناس جميعاً بل إلى الجن والإنس ولغاتهم متباينة وألسنتهم مختلفة ، وأجيب بأنه وإن كان مرسلاً إلى الثقلين كما مر لكن لما كان قومه العرب وكانوا أخص به وأقرب إليه كان إرساله بلسانهم أولى من إرساله بلسان غيرهم ، وهم يبنونه لمن كان على غير لسانهم ويوضحونه حتى يصير فهمهم له كفهمهم إياه ، ولو نزل القرآن بجميع لغات من أرسل إليهم ، وبينه رسول الله لكل قوم بلسانهم لكان ذلك مظنة للاختلاف وفتحاً لباب التنازع لأن كل أمة قد تدعي من المعاني في لسانها مالا يعرفه غيرها ،
-----------------------------------------
(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ج 24/ ص225