فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا : استطير أو اغتيل . (1) قال : فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء قال : فقلنا : يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم ، فقال : أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن ، قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم ، وآثار نيرانهم ، وسألوه الزاد فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً ، وكل بعرة علف لدوابكم ، فقال رسول الله فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم .
أخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الصلاة – باب : الهجرة بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن – ص 236- حديث رقم (450) .
وعند عرض هذه الآيات والأحاديث السابقة يتبن لنا أنا قد ثبت بالقرآن والسنة شمول رسالة سيدنا محمد للجن ويتبقى لنا أمر أخير وهو الجمع بين الروايات
فقد يظهر التعارض بين أحاديث عبد الله بن عباس التي ثبت فيها أنه ما رأى الجن ولا قرأ عليهم ، وبين أحاديث عبد الله بن مسعود التي ثبت فيها أنه أتاه داعي الجن وذهب معه ، وقرأ عليهم القرآن ، فقد جمع الحافظ البيهقي بين الروايات فقال ما نصه :
( وهذا الذي حكاه عبد الله بن عباس إنما هو في أول ما سمعت الجن قراءة النبي ، وعلمت بحاله ، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم و لم يرهم كما حكاه ، ثم أتاه داعي الجن مرة أخرى فذهب معه وقرأ عليهم القرآن كما حكاه عبد الله بن مسعود ، ورأى آثارهم وآثار نيرانهم .
والله أعلم . (1)
-------------------------------------------
(1) استطير : أي طارت به الجن ، اغتيل : قتل خفية
(1) دلائل النبوة للبيهقي ج 2 ص 12