ووجه الدلالة من هذا الفعل النبوي صريح وواضح بأن غير المسلمين وغير العرب من العالم الإنساني مشمول بالدعوة الإسلامية وداخل تحت مسماها.
ولو لم يكن من مقاصد الإسلام وخصائصه لما كلف رسول الله نفسه وأصحابه عناء ذلك .
2- ابتداء الرسول بإرسال جيش من الصحابة إلى الشام للجهاد في سبيل الله ، فوقعت غزوة مؤته بين المسلمين والروم والعرب المتنصرة ثم خرج بنفسه في غزوة تبوك يريد إبلاغ الدعوة وإعلاء كلمة الله قاصداً الروم حتى بلغ تبوك ، ثم قال في مرض موته صلى الله عليه وسلم أمضوا جيش اسامة.
يتضح من خلال النظر إلى عزوتي مؤته وتبوك ، أن رسول الله عمل في حياته بمقتضى عموم دعوته ، وأنه لم يقتصر على العرب ولا على بلاد العرب ، كما يزعم بعض المدعين ليثيروا الشبه حول عالمية دين الإسلام ، فيتبين لنا زعمهم مجرد ادعاء محض وتزوير للحقائق التاريخية .
ومن المهم في هذا المقام أن نبين : " سبب هاتين الغزوتين لنستدل به على أن الرسول لم يجعل السيف أولاً هو الوسيلة لنشر الإسلام .
غزوة مؤته : كان سببها أن رسول الله بعث الحرث بن عمير الأزدي أحد بني لهب بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم ، أو بصرى فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فأوثقه رباطاً ثم قدمه فضرب عنقه فاشتد ذلك على رسول الله حين بلغه الخبر فبعث بعث مؤتة .
أما سبب غزوة تبوك فقال ابن القيم – وابن سيد الناس في عيون الأثر : وذكر ابن سعد قال : بلغ رسول الله أن الروم قد جمعت جموعاً كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة ، وأجلبت معهم لخم وجذام ، وعاملة وغسان ، وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء . (1)
--------------------------------------------
(1) الدعوة إلى الله في سورة إبراهيم ، محمد بن سيدي بن الحبيب ص206