منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 400  ]
قديم 05-05-2006, 09:53 PM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في تحويل القبلة

فصل
وكان يصلي إلى قبلة بيت المقدس ، ويحب أن يصرف إلى الكعبة ، وقال لجبريل : " وددت أن يصرف الله وجهي عن قبلة اليهود " فقال : إنما أنا عبد فادع ربك ، واسأله فجعل يقلب وجهه في السماء يرجو ذلك حتى أنزل الله عليه : " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام " ( البقرة : 144) وذلك بعد ستة عشر شهراً من مقدمه المدينة قبل وقعة بدر بشهرين .
قال محمد بن سعد : أخبرنا هاشم بن القاسم ، قال : أنبأنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال : ما خالف نبي نبياً قط في قبلة ، ولا في سنة إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس حين قدم المدينة ستة عشر شهراً ، ثم قرأ : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك " ( الشورى : 13) .
وكان لله في جعل القبلة إلى بيت المقدس ، ثم تحويلها إلى الكعبة حكم عظيمة ، ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين .
فأما المسلمون ، فقالوا : سمعنا وأطعنا وقالوا : " آمنا به كل من عند ربنا " ( آل عمران : 7) وهم الذين هدى الله ، ولم تكن كبيرة عليهم .
وأما المشركون ، فقالوا : كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا وما رجع إليها إلا أنه الحق .
وأما اليهود ، فقالوا : خالف قبلة الأنبياء قبله ، ولو كان نبياً ، لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء .
وأما المنافقون ، فقالوا : ما يدري محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقاً ، فقد تركها ، وإن كانت الثانية هي الحق ، فقد كان على باطل ، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس ، وكانت كما قال الله تعالى : " وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله " ( البقرة :143) وكانت محنة من الله امتحن بها عباده ، ليرى من يتبع الرسول منهم ممن ينقلب على عقبيه .
ولما كان أمر القبلة وشأنها عظيماً ، وطأ - سبحانه - قبلها أمر النسخ وقدرته عليه ، وأنه يأتي بخير من المنسوخ أو مثله ، ثم عقب ذلك بالتوبيخ لمن تعنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقد له ، ثم ذكر بعده اختلاف اليهود والنصارى ، وشهادة بعضهم على بعض بأنهم ليسوا على شئ ، وحذر عباده المؤمنين من موافقتهم ، واتباع أهوائهم ، ثم ذكر كفرهم وشركهم به ، وقولهم : إن له ولداً ، سبحانه وتعالى عما يقولون علواً ، ثم أخبر أن له المشرق والمغرب ، وأينما يولي عباده وجوههم ، فثم وجهه ، وهو الواسع العليم ، فلعظمته وسعته وإحاطته أينما يوجه العبد ، فثم وجه الله .
ثم أخبر أنه لايسأل رسوله عن أصحاب الجحيم الذين لا يتابعونه ولا يصدقونه ، ثم أعلمه أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم ، وأنه إن فعل ، وقد أعاذه الله من ذلك ، فماله من الله من ولي ولا نصير ، ثم ذكرأهل الكتاب بنعمته عليهم ، وخوفهم من بأسه يوم القيامة ، ثم ذكر خليله باني بيته الحرام ، وأثنى عليه ومدحه وأخبر أنه جعله إماماً للناس ، يأتم به أهل الأرض ، ثم ذكر بيته الحرام ، وبناء خليله له ، وفي ضمن هذا أن باني البيت كما هو إمام للناس ، فكذلك البيت الذي بناه إمام لهم ، ثم أخبر أنه لا يرغب عن ملة هذا الإمام إلا أسفه الناس ، ثم أمرعباده أن يأتموا برسوله الخاتم ، ويؤمنوا بما أنزل إليه وإلى إبراهيم ، وإلى سائر النبيين ، ثم رد على من قال : إن إبراهيم وأهل بيته كانوا هوداً أو نصارى ، وجعل هذا كله توطئة ومقدمة بين يدي تحويل القبلة ، ومع هذا كله ، فقد كبر ذلك على الناس إلا من هدى الله منهم ، وأكد سبحانه هذا الأمر مرة بعد مرة ، بعد ثالثة ، وأمر به رسوله حيثما كان ، ومن حيث خرج ، وأخبر أن الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم هو الذي هداهم إلى هذه القبلة ، وأنها هي القبلة التي تليق بهم ، وهم أهلها ، لأنها أوسط القبل وأفضلها ، وهم أوسط الأمم وخيارهم ، فاختار أفضل القبل لأفضل الأمم ، كما اختار لهم أفضل الرسل ، وأفضل الكتب ، وأخرجهم في خير القرون ، وخصهم بأفضل الشرائع ، ومنحهم خير الأخلاق ، وأسكنهم خير الأرض ، وجعل منازلهم في الجنة خير المنازل ، وموقفهم في القيامة خير المواقف ، فهم على تل عال ، والناس تحتهم ، فسبحان من يختص برحمته من يشاء ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
وأخبر سبحانه أنه فعل ذلك لئلا يكون للناس عليهم حجة ، ولكن الظالمون الباغون يحتجون عليهم بتلك الحجج التي ذكرت ، ولا يعارض الملحدون الرسل إلا بها وبأمثالها من الحجج الداحضة ، وكل من قدم على أقوال الرسول سواها فحجته من جنس حجج هؤلاء .
وأخبر سبحانه أنه فعل ذلك ليتم نعمته عليهم ، وليهديهم ، ثم ذكرهم نعمه عليهم بإرسال رسوله إليهم ، وإنزال كتابه عليهم ، ليزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون ، ثم أمرهم بذكره وبشكره ، إذ بهذين الأمرين يستوجبون إتمام نعمه ، والمزيد من كرامته ، ويستجلبون ذكره لهم ، ومحبته لهم ، ثم أمرهم بما لا يتم لهم ذلك إلا بالاستعانة به ، وهو الصبر والصلاة ، وأخبرهم أنه مع الصابرين .