الصحيح أن الاسراء كان مرة واحدة
فصل
قال موسى بن عقبة عن الزهري : عرج بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه الى المدينة بسنة . وقال ابن عبد البر وغيره : كان بين الإسراء والهجرة سنة وشهران انتهى .
وكان الإسراء مرة واحدة . وقيل : مرتين : مرة يقظة ، ومرة مناماً ، وأرباب هذا القول كأنهم أرادوا أن يجمعوا بين حديث شريك ، وقوله : ثم استيقظت ، وبين سائر الروايات ، ومنهم من قال : بل كان هذا مرتين ، مرة قبل الوحي لقوله في حديث شريك : وذلك قبل أن يوحى إليه ومرة بعد الوحي ، كما دلت عليه سائر الأحاديث ، ومنهم من قال : بل ثلاث مرات : مرة قبل الوحي ، ومرتين بعده ، وكل هذا خبط ، وهذه طريقة ضعفاء الظاهرية من أرباب النقل الذين إذا رأوا في القصة لفظة تخالف سياق بعض الروايات ، جعلوه مرة أخرى ، فكلما اختلفت عليهم الروايات ، عددوا الوقائع ، والصواب الذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة .
ويا عجباً لهؤلاء الذين زعموا أنه مراراً ، كيف ساغ لهم أن يظنوا أنه فى كل مرة تفرض عليه الصلاة خمسين ، ثم يتردد بين ربه وبين موسى حتى تصير خمساً ، ثم يقول : أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي ثم يعيدها في المرة الثانية إلى خمسين ، ثم يحطها عشراً عشراً ، وقد غلط الحفاظ شريكاً في ألفاظ من حديث الإسراء ومسلم أورد المسند منه ثم قال : فقدم وأخر وزاد ونقص ، ولم يسرد الحديث ، فأجاد رحمه الله .