منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 388  ]
قديم 05-01-2006, 12:35 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
تحقيق القول فى أن الإسراء كان بجسده وروحه

فصل
وقد نقل ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية أنهما قالا : إنما كان الإسراء بروحه ، ولم يفقد جسده ، ونقل عن الحسن البصري نحو ذلك ، ولكن ينبغى أن يعلم الفرق بين أن يقال : كان الإسراء مناماً ، وبين أن يقال : كان بروحه دون جسده ، وبينهما فرق عظيم ، وعائشة ومعاوية لم يقولا : كان مناماً ، وإنما قالا : أسري بروحه ولم يفقد جسده ، وفرق بين الأمرين ، فإن ما يراه النائم قد يكون أمثالاً مضروبة للمعلوم في الصور المحسوسة ، فيرى كأنه قد عرج به إلى السماء ، أو ذهب به إلى مكة وأقطار الأرض ، وروحه لم تصعد ولم تذهب ، وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال ، والذين قالوا : عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم طائفتان : طائفة قالت : عرج بروحه وبدنه ، وطائفة قالت : عرج بروحه ولم يفقد بدنه ، وهؤلاء لم يريدوا أن المعراج كان مناماً ، وإنما أرادوا أن الروح ذاتها أسري بها ، وعرج بها حقيقة ، وباشرت من جنس ما تباشر بعد المفارقة ، وكان حالها في ذلك كحالها بعد المفارقة في صعودها إلى السماوات سماء سماء حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة ، فتقف بين يدي الله عز وجل ، فيأمر فيها بما يشاء ، ثم تنزل إلى الأرض والذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء أكمل مما يحصل للروح عند المفارقة .
ومعلوم أن هذا أمر فوق ما يراه النائم ، لكن لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مقام خرق العوائد ، حتى شق بطنه، وهو حي لا يتألم بذلك ، عرج بذات روحه المقدسة حقيقة من غير إماتة ، ومن سواه لا ينال بذات روحه الصعود إلى السماء إلا بعد الموت والمفارقة ، فالأنبياء إنما استقرت أرواحهم هناك بعد مفارقة الأبدان ، وروح رسول الله صلى الله عليه وسلم صعدت إلى هناك في حال الحياة ثم عادت ، وبعد وفاته استقرت في الرفيق الأعلى مع أرواح الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ومع هذا ، فلها إشراف على البدن وإشراق وتعلق به ، بحيث يرد السلام على من سلم عليه وبهذا التعلق رأى موسى قائماً يصلي في قبره ، ورآه في السماء السادسة . ومعلوم أنه لم يعرج بموسى من قبره ، ثم رد إليه ، وإنما ذلك مقام روحه واستقرارها ، وقبره مقام بدنه واستقراره إلى يوم معاد الأرواح إلى أجسادها ، فرآه يصلي في قبره ، ورآه في السماء السادسة ، كما أنه صلى الله عليه وسلم في أرفع مكان في الرفيق الأعلى مستقراً هناك ، وبدنه في ضريحه غير مفقود ، وإذا سلم عليه المسلم رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ، ولم يفارق الملأ الأعلى ، ومن كثف إدراكه ، وغلظت طباعه عن إدراك هذا ، فلينظر إلى الشمس في علو محلها ، وتعلقها ، وتأثيرها في الأرض ، وحياة النبات والحيوان بها ، هذا وشأن الروح فوق هذا ، فلها شأن ، وللأبدان شأن ، وهذه النار تكون في محلها ، وحرارتها تؤثر في الجسم البعيد عنها ، مع أن الارتباط والتعلق الذي بين الروح والبدن أقوى وأكمل من ذلك وأتم ، فشأن الروح أعلى من ذلك وألطف .
فقل للعيون الرمد إياك أن تري سنا الشمس فاستغشي ظلام اللياليا