منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 386  ]
قديم 05-01-2006, 12:34 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
الإسراء والمعراج
فصل
ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح ، من المسجد الحرام إلى بيت المقدس ، راكباً على البراق ، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام ، فنزل هناك ، وصلى بالأنبياء إماماً وربط البراق بحلقة باب المسجد .
وقد قيل : إنه نزل ببيت لحم ، وصلى فيه ، ولم يصح ذلك عنه البتة .
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبريل ، ففتح له ، فرأى هنالك آدم أبا البشر ، فسلم عليه ، فرد عليه السلام ، ورحب به ، وأقر بنبوته ، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه ، وأرواح الأشقياء عن يساره ، ثم عرج به إلى السماء الثانية ، فاستفتح له ، فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم ، فلقيهما وسلم عليهما ، فردا عليه، ورحبا به ، وأقرا بنبوته ، ثم عرج به إلى السماء الثالثة ، فرأى فيها يوسف ، فسلم عليه ، فرد عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته ثم عرج به إلى السماء الرابعة ، فرأى فيها إدريس . فسلم عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته ، ثم عرج به إلى السماء الخامسة ، فرأى فيها هارون بن عمران ، فسلم عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ، ثم عرج به إلى السماء السادسة ، فلقي فيها موسى بن عمران ، فسلم عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ، فلما جاوزه ، بكى موسى ، فقيل له ، ما يبكيك ؟ فقال : أبكي ، لأن غلاماً بعث من بعدي ، يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ، ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فلقى فيها إبراهيم ، فسلم عليه ورحب به ، وأقر بنبوته ، ثم رفع إلى سدرة المنتهى ، ثم رفع له البيت المعمور ، ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله ، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ، وفرض عليه خمسين صلاة . فرجع حتى مر على موسى ، فقال له : بم أمرت ؟ قال : بخمسين صلاة ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، ارجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف لأمتك ، فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار أن نعم إن شأت ، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى ، وهو في مكانه . هذا لفظ البخاري في بعض الطرق ، فوضع عنه عشراً ، ثم أنزل حتى مر بموسى ، فأخبره فقال : إرجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف ، فلم يزل يتردد بين موسى ، وبين الله عز وجل حتى جعلها خمساً ، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال : قد استحييت من ربى ، ولكن أرضى وأسلم فلما بعد نادى مناد : قد أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي .
واختلف الصحابة : هل رأى ربه تلك الليلة ، أم لا ؟ فصح عن ابن عباس أنه رأى ربه ، وصح عنه أنه قال : رآه بفؤاده .
وصح عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك ، وقالا : إن قوله : " ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى " ( النجم : 13) إنما هو جبريل .
وصح عن أبي ذر أنه سأله : هل رأيت ربك ؟ فقال : " نور أنى أراه " أي : حال بيني وبين رؤيته النور كما قال في لفظ آخر : " رأيت نوراً " .
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على أنه لم يره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه : وليس قول ابن عباس : إنه رآه مناقضاً لهذا ، ولا قوله : رآه بفؤاده وقد صح عنه أنه قال : " رأيت ربي تبارك وتعالى " ولكن لم يكن هذا في الإسراء ، ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح ، ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه ، وعلى هذا بنى الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وقال : نعم رآه حقاً ، فإن رؤيا الأنبياء حق ، ولا بد ، ولكن لم يقل أحمد رحمه الله تعالى : إنه رآه بعيني رأسه يقظة ، ومن حكى عنه ذلك ، فقد وهم عليه ، ولكن قال مرة : رآه ، ومرة قال : رآه بفؤاده فحكيت عنه روايتان ، وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه : أنه رآه بعيني رأسه ، وهذه نصوص أحمد موجودة ، ليس فيها ذلك .
وأما قول ابن عباس : أنه رآه بفؤاده مرتين ، فإن كان استناده إلى قوله تعالى : " ما كذب الفؤاد ما رأى " ( النجم :11) ثم قال : " ولقد رآه نزلة أخرى " ( النجم :13) والظاهر أنه مستنده ، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبريل ، رآه مرتين في صورته التي خلق عليها ، وقول ابن عباس هذا هو مستند الإمام أحمد في قوله : رآه بفؤاده ، والله أعلم .
وأما قوله تعالى في سورة النجم : " ثم دنا فتدلى " ( النجم : 8) فهو غير الدنو والتدلي في قصة الإسراء ، فإن الذي في ( سورة النجم ) هو دنو جبريل وتدليه ، كما قالت عائشة وابن مسعود ، والسياق يدل عليه ، فإنه قال : " علمه شديد القوى " ( النجم :5) وهو جبريل " ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى " ( النجم :6-8) ، فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى ، وهو ذو المرة ، أي : القوة ، وهو الذي استوى بالأفق الأعلى ، وهو الذي دنى فتدلى، فكان من محمد صلى الله عليه وسلم قدر قوسين أو أدنى ، فأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء ، فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك وتدليه ولا تعرض في ( سورة النجم ) لذلك ، بل فيها أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ، وهذا هو جبريل ، رآه محمد صلى الله عليه وسلم على صورته مرتين : مرة في الأرض ، ومرة عند سدرة المنتهى ، والله أعلم .