هجرة المسلمين إلى الحبشة حين اشتد الأذى عليهم
فصل
فانحاز المهاجرون إلى مملكة أصحمة النجاشي آمنين ، فلما علمت قريش بذلك ، بعثت في أثرهم عبد الله بن أبي ربيعة ، وعمرو بن العاص ، بهدايا وتحف من بلدهم إلى النجاشي ليردهم عليهم ، فأبى ذلك عليهم ، وشفعوا إليه بعظماء بطارقته ، فلم يجبهم إلى ما طلبوا ، فوشوا إليه : إن هؤلاء يقولون في عيسى قولاً عظيماً ، يقولون : إنه عبد الله ، فاستدعى المهاجرين إلى مجلسه ، ومقدمهم جعفر بن أبي طالب ، فلما أرادوا الدخول عليه ، قال جعفر : يستأذن عليك حزب الله ، فقال للآذن : قل له يعيد استئذانه ، فأعاده عليه ، فلما دخلوا عليه قال : ما تقولون في عيسى ؟ فتلا عليه جعفر صدراً من سورة ( كهيعص ) فأخذ النجاشى عوداً من الأرض فقال : ما زاد عيسى على هذا ولا هذا العود ، فتناخرت بطارقته عنده ، فقال: وإن نخرتم ، قال : اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي ، من سبكم غرم . والسيوم : الآمنون في لسانهم ، ثم قال للرسولين : لو أعطيتموني دبراً من ذهب ، يقول : جبلاً من ذهب ، ما أسلمتهم إليكما ، ثم أمر فردت عليهما هداياهما ورجعا مقبوحين .