فصل
وقد روى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم من حديث قتادة، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة : "رسول الرجل إلى الرجل إذنه" : وفي لفظ : "إذا دعي أحدكم إلى طعام ، ثم جاء مع الرسول ، فإن ذلك إذن له ". وهذا الحديث فيه مقال ، قال أبو علي اللؤلؤي : سمعت أبا داود يقول : قتادة لم يسمع من أبي رافع . وقال البخاري في صحيحه : وقال سعيد : عن قتادة، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "هو إذنه " ، فذكره تعليقاً لأجل الانقطاع في إسناده .
وذكر البخاري في هذا الباب حديثاً يدل على ان اعتبار الاستئذان بعد الدعوة، وهو "حديث مجاهد عن أبي هريرة ، دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدت لبناً في قدح ، فقال : اذهب إلى أهل الصفة ، فادعهم إلي قال : فأتيتهم ، فدعوتهم ، فأقبلوا ، فاستأذنوا، فأذن لهم ، فدخلوا" وقد قالت طائفة : بأن الحديثين على حالين ، فإن جاء الداعي على الفور من غير تراخ ، لم يحتج إلى استئذان ، وإن تراخى مجيئه عن الدعوة ، وطال الوقت ، احتاج إلى استئذان .
وقال آخرون : إن كان عند الداعي من قد أذن له قبل مجيء المدعو، لم يحتج إلى استئذان آخر، وإن لم يكن عنده من قد أذن له ، لم يدخل حتى يستأذن . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا دخل إلى مكان يحب الانفراد فيه ، أمر من يمسك الباب ، فلم يدخل عليه أحد إلا بإذن .