فصل في تسليم الصغير على الكبير والماشي على القاعد
فصل
وثبت عنه في صحيح البخاري وغيره تسليم الصغير على الكبير، والمار على القاعد ، والراكب على الماشي ، والقليل على الكثير. وفي جامع الترمذي عنه : يسلم الماشي على القائم . وفي مسند البزار عنه : يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والماشيان أيهما بدأ ، فهو أفضل . وفي سنن أبي داود عنه : "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام ".
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم السلام عند المجيء إلى القوم ، والسلام عند الإنصراف عنهم ، وثبت عنه أنه قال : "إذا قعد أحدكم ، فليسلم ، وإذا قام ، فليسلم ، وليست الأولى أحق من الآخرة".
وذكر أبو داود عنه "إذا لقي أحدكم صاحبه فليسلم عليه ، فإن حال بينهما شجرة أو جدار، ثم لقيه ، فليسلم عليه أيضاً".
وقال أنس : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتماشون ، فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة ، تفرقوا يميناً وشمالاً ، وإذا التقوا من ورائها ، سلم بعضهم على بعض .
ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدىء بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم ، فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله ، فإن تلك حق الله تعالى، والسلام على الخلق هو حق لهم ، وحق الله في مثل هذا أحق بالتقديم ، بخلاف الحقوق المالية، فإن فيها نزاعاً معروفاً، والفرق بينهما حاجة الآدمي وعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين ، بخلاف السلام . وكانت عادة القوم معه هكذا ، يدخل أحدهم المسجد ، فيصلي ركعتين ، ثم يجيء ، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا جاء في حديث رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد يوماً قال رفاعة: ونحن معه إذ جاء رجل كالبدوي فصلى، فأخف صلاته ، ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وعليك فارجع ، فصل ، فإنك لم تصل " . . . وذكر الحديث فأنكر عليه صلاته ، ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه صلى الله عليه وسلم إلى ما بعد الصلاة . وعلى هذا: فيسن لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة ثلاث تحيات مترتبة : أن يقول عند دخوله : بسم الله والصلاة على رسول الله . ثم يصلي ركعتين تحية المسجد . ثم يسلم على القوم .