فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الأذان وأذكاره
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سن التأذين بترجيع وبغير ترجيع ، وشرع الإقامة مثنى وفرادى، ولكن الذي صح عنه تثنية كلمة الإقامة قد قامت الصلاة ولم يصح عنه إفرادها البتة ، وكذلك صح عنه تكرار لفظ التكبير في أول الأذان أربعاً ، ولم يصح
عنه الاقتصار على مرتين وأما حديث "أمر بلال أن يرفع الأذان ويوتير الإقامة " فلا ينافي الشفع بأربع ، وقد صح التربيع صريحاً في حديث عبد الله بن زيد، وعمر بن الخطاب ، وأبي محذورة ، رضي الله عنهم .
وأما إفراد الإقامة، فقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما استثناء كلمة الإقامة ، فقال: إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين ، والإقامه مرة مرة ، غير أنه يقول : "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة" وفي صحيح البخاري عن أنس : أمر بلال أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة ، إلا الإقامة وصح من حديث عبد الله بن زيد وعمر في الإقامة "قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة" .
وصح من حديث أبي محذورة تثنية كلمة الإقامة مع سائر كلمات
الأذان . وكل هذه الوجوه جائزة مجزئة لا كراهة في شيء منها، وإن كان بعضها أفضل من بعض ، فالإمام أحمد أخذ بأذان بلال وإقامته ، والشافعي أخذ بأذان أبي محذورة ، وإقامة بلال وأبو حنيفة أخذ بأذان بلال وإقامة أبي محذورة ، ومالك أخذ بما رأى عليه عمل أهل المدينة من الاقتصار على التكبير في الأذان مرتين ، وعلى كلمة الإقامة مرة واحدة ، رحمهم الله كلهم ، فإنهم اجتهدوا في متابعة السنة .