فصل في الأوهام
فمنها: وهم لأبي محمد بن حزم في حجة الوداع ، حيث قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وقت خروجه "أن عمرة في رمضان تعدل حجة " وهذا وهم ظاهر ، فإنه خروجه فإنه إنما قال ذلك بعد رجوعه إلى المدينة من حجته ، إذ قال لأم سنان الأنصارية ما منعك أن تكوني حججتي معنا ؟ قالت : لم يكن لنا إلا ناضحان ، فحج أبو ولدي وابني على ناضح ، وترك لنا ناضحاً ننضح عليه . قال : "فإذا جاء رمضان فاعتمري ، فإن عمرة في رمضان تقضي حجه " : هكذا رواه مسلم في صحيحه .
وكذلك أيضاً قال هذا لأم معقل بعد رجوعه إلى المدينة، كما رواه أبو داود، من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن جدته أم معقل ، قالت : لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، وكان وكان لنا جمل ، فجعله أبو معقل في سبيل الله ، فأصابنا مرض ، فهلك أبو معقل ، وخرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغ من حجته ، فقال : "ما منعك أن تخرجي معنا"؟ فقالت : لقد تهيأنا، فهلك أبو معقل ، وكان لنا جمل وهو الذي نحج عليه ، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله . قال : "فهلا خرجت عليه ؟ فإن الحج في سبيل الله ، فأما إذ فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان ، فإنها كحجة" .