منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 04-30-2006, 01:38 PM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
اختلاف مكان صلاته الظهر في منى

فصل
ثم رجع إلى منى ، واختلف أين صلى الظهر يومئذ ، ففي الصحيحين عن ابن عمر، أنه صلى الله عليه وسلم ، أفاض يوم النحر، ثم رجع ، فصلى الظهر بمنى . وفي صحيح مسلم : عن جابر، أنه صلى الله عليه وسلم ، صلى الظهر بمكة وكذلك قالت عائشة . واختلف في ترجيح أحد هذين القولين على الآخر ، فقال أبو محمد ابن حزم : قول عائشة وجابر أولى وتبعه على هذا جماعة، ورجحوا هذا القول بوجوه .
أحدها ، أنه رواية اثنين ، وهما أولى من الواحد .
الثاني : أن عائشة أخص الناس به صلى الله عليه وسلم، ولها من القرب والإختصاص به والمزية ما ليس لغيرها.
الثالث : أن سياق جابر لحجة النبي صلى الله عليه وسلم ، من أولها إلى آخرها ، أتم سياق ، وقد حفظ القصة وضبطها، حتى ضبط جزئياتها . حتى ضبط منها أمراً لا يتعلق بالمناسك ، وهو نزول النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع في الطريق ، فقضى حاجته عند الشعب ، ثم توضأ وضوءاً خفيفاً، فمن ضبط هذا القدر، فهو بضبط مكان صلاته يوم النحر أولى .
الرابع : أن حجة الوداع كانت في آذار، وهي تساوي الليل والنهار ، وقد دفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس إلى منى ، وخطب بها الناس ، ونحر بدناً عظيمة، وقسمها ، وطبخ من لحمها ، وأكل منه ، ورمى الجمرة ، وحلق رأسه ، وتطيب ، ثم أفاض ، فطاف وشرب من ماء زمزم ، ومن نبيذ السقاية، ووقف عليهم وهم يسقون ، وهذه أعمال تبدو في الأظهر أنها لا تنقضي في مقدار يمكن معه الرجوع إلى منى ، بحيث يدرك وقت الظهر في فصل آذار .
الخامس : أن هذين الحديثين ، جاريان مجرى الناقل والمبقي ، فقد كانت عادته صلى الله عليه وسلم في حجته الصلاة في منزله الذي هو نازل فيه بالمسلمين، فجرى ابن عمر على العادة ، وضبط جابر ، وعائشة رضي الله عنهما الأمر الذي هو خارج عن عادته ، فهو أولى بأن يكون هو المحفوظ .
ورجحت طائفة أخرى قول ابن عمر ، لوجوه .
أحدها : أنه لو صلى الظهر بمكة ، لم تصل الصحابة بمنى وحداناً وزرافات ، بل لم يكن لهم بد من الصلاة خلف إمام يكون نائباً عنه ، ولم ينقل هذا أحد قط ، ولا يقول أحد : إنه استناب من يصلي بهم ، ولولا علمه أنه يرجع إليهم فيصلي بهم . لقال : إن حضرت الصلاة ولست عندكم ، فليصل بكم فلان ، وحيث لم يقع هذا ولا هذا، ولا صلى الصحابة هناك وحداناً قطعاً، ولا كان من عادتهم إذا اجتمعوا أن يصلوا عزين ، علم أنهم صلوا معه على عادتهم . الثاني : أنه لو صلى بمكة، لكان خلفه بعض أهل البلد وهم مقيمون ، وكان يأمرهم أن يتموا صلاتهم ، ولم ينقل أنهم قاموا فأتموا بعد سلامه صلاتهم ، وحيث لم ينقل هذا ولا هذا، بل هو معلوم الانتفاء قطعاً، علم أنه لم يصل حينئذ بمكة . وما ينقله بعض من لا علم عنده ، أنه قال : "يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر"، فإنما قاله عام الفتح ، لا في حجته . الثالث : أنه من المعلوم ، إنه لما طاف ، ركع ركعتي الطواف ، ومعوم أن كثيراً من المسلمين كانوا خلفه يقتدون به في أفعاله ومناسكه ، فلعله لما ركع ركعتي الطواف ، والناس خلفه يقتدون به ، ظن الظان أنها صلاة الظهر ، ولا سيما إذا كان ذلك في وقت الظهر، وهذا الوهم لا يمكن رفع احتماله ، بخلاف صلاته بمنى، فإنها لا تحتمل غير الفرض . الرابع : أنه لا يحفظ عنه في حجه أنه صلى الفرض بجوف مكة ، بل إنما كان يصلي بمنزله بالأبطح بالمسلمين مدة مقامه كان يصلي بهم أين نزلوا لا يصلي في مكان آخر غير المنزل العام . الخامس : أن حديث ابن عمر، متفق عليه ، وحديث جابر، من أفراد مسلم . فحديث ابن عمر ، أصح منه ، وكذلك هو في إسناده ، فإن رواته أحفظ ، وأشهر، وأتقن ، فأين يقع حاتم بن إسماعيل من عبيد الله بن عمر العمري ، وأين يقع حفظ جعفر من حفظ نافع ؟ السادس : أن حديث عائشة ، قد أضطربت في وقت طوافه ، فروي عنها على ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه طاف نهاراً ، الثاني : أنه أخر الطواف إلى الليل ، الثالث : أنه أفاض من آخر يومه ، فلم يضبط فيه وقت الإفاضة ، ولا مكان الصلاة ، بخلاف حديث ابن عمر . السابع : أن حديث ابن عمر أصح منه بلا نزاع ، فإن حديث عائشة من رواية محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عنها، وابن إسحاق مختلف في الإحتجاح به ، ولم يصرح بالسماع ، بل عنعنه ، فكيف يقدم على قول عبيد الله : حدثني نافع ، عن ابن عمر. الثامن : أن حديث عائشة ، ليس بالبين أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة ، فإن لفظه هكذا : أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ، كل جمرة بسبع حصيات . فأين دلالة هذا الحديث الصريحة، على أنه صلى الظهر يومئذ بمكة ، وأين هذا في صريح الدلالة إلى قول ابن عمر : أفاض يوم النحر ، ثم صلى الظهر بمنى ، يعني راجعاً . وأين حديث اتفق أصحاب الصحيح على إخراجه إلى حديث اختلف في الاحتجاج به . والله أعلم .