منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 244  ]
قديم 04-30-2006, 01:56 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل عود الى سياق حجته

فصل
عدنا إلى سياق حجته صلى الله عليه وسلم .
فلما غربت الشمس ، واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة، أفاض من عرفة ، وأردف أسامة بن زيد خلفه ، وأفاض بالسكينة ، وضم إليه زمام ناقته ، حتى إن رأسها ليصيب طرف رحله وهو يقول : "أيها الناس عليكم السكينة، فإن البر ليس بإلإيضاع "أي : ليس بالإسراع .
وأفاض من طريق المأزمين ، ودخل عرفة من طريق ضب ، وهكذا كانت عادته صلوات الله عليه وسلامه في الأعياد، أن يخالف الطريق ، وقد تقدم ذلك عند الكلام على هديه في العيد .
ثم جعل يسير العنق ، وهو ضرب من السير ليس بالسريع ، ولا البطيء . فإذا وجد فجوة وهو المتسع ، نص سيره ، أي : رفعه فوق ذلك ، وكلما أتى ربوة من تلك الربى، أرخى للناقة زمامها قليلاً حتى تصعد . وكان يلبي في مسيره ذلك ، لم يقطع التلبية. فلما كان في أثناء الطريق نزل صلوات الله وسلامه عليه ، فبال ، وتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقال له أسامة : الصلاة يارسول الله ، فقال : "الصلاة - أو المصلى - أمامك". ثم سار حتى أتى المزدلفة، فتوضأ وضوء الصلاة، ثم أمر بالأذان المؤذن ، ثم أقام ، فصلى المغرب قبل حط الرحال ، وتبريك الجمال ، فلما حطوا رحالهم ، أمر فأقيمت الصلاة، ثم صلى عشاء الآخرة بإقامة بلا اذان ، ولم يصل بينهما شيئاً. وقد روي : أنه صلاهما بأذانين وأقامتين ، وروي بإقامتين بلا أذان ، والصحيح : أنه صلاهما بأذان واقامتين كما فعل بعرفة .
ثم نام حتى أصبح، ولم يحي تلك الليلة، ولاصح عنه في إحياء ليلتى العيدين شيء .
"وأذن في تلك الليلة لضعفة أهله أن يتقدموا إلى منى قبل طلوع الفجر، وكان ذلك عند غيبوبة القمر، وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس " حديث صحيح صححه الترمذي وغيره.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر ، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت ، فأفاضت ، وكان ذلك اليوم الذى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تعني عندها ، رواه أبو داود ، فحديث منكر ، أنكره الإمام أحمد وغيره . ومما يدل على إنكاره أن فيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافى صلاة الصبح يوم النحر بمكة . وفى رواية . "توافيه بمكة" وكان يومها ، فأحب أن توافيه ، وهذا من المحال قطعاً.
قال الأثرم : قال لي أبو عبد الله : حدثنا أبو معاوية، عن هشام ، عن أبيه ، عن زينب بنت أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه يوم الحر بمكة، لم يسنده غيره ، وهو خطأ .
وقال وكيع : عن أبيه مرسلاً: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة، أو نحو هذا، وهذا أعجب أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر وقت الصبح ، ما يصنع بمكة؟ ينكر ذلك . قال : فجئت إلى يحيى بن سعيد، فسألته فقال : عن هشام عن أبيه : "أمرها أن توافي " وليس "توافيه " قال : وبين ذين فرق. قال : وقال لي يحيى : سل عبد الرحمن عنه ، فسألته ، فقال : هكذا سفيان عن هشام عن أبيه . قال الخلال : سها الأثرم في حكايته عن وكيع "توافيه "، وإنما قال وكيع : توافي منى . وأصاب في قوله : "توافي " كما قال أصحابه ، وأخطأ قوله : "منى" .
قال الخلال : أنبأنا علي بن حرب ، حدثنا هارون بن عمران ، عن سليمان بن أبي داود، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، قال : أخبرتني أم سلمة، قالت : قدمني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن قدم من أهله ليلة المزدلفة. قالت : فرميت بليل ، ثم مضيت إلى مكة، فصليت بها الصبح ، ثم رجعت إلى منى . قلت : سليمان بن أبي داود هذا : هو الدمشقي الخولاني ، ويقال: ابن داود. قال أبو زرعة عن أحمد: رجل من أهل الجزيرة ليس بشيء . وقال عثمان بن سعيد: ضعيف .
قلت : ومما يدل على بطلانه ، ما ثبت في الصحيحين عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، قالت : استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة ، أن تدفع قبله ، وقبل حطمة الناس ، وكانت امرأة ثبطة ، قالت : فأذن لها، فخرجت قبل دفعه ، وحبسنا حتى أصبحنا ، فدفعنا بدفعه ، ولأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة أحب إلي من مفروح به . فهذا الحديث الصحيح ، يبين أن نساءه غير سودة، إنما دفعن معه .
فإن قيل : فما تصنعون بحديث عائشة الذي رواه الدارقطني وغيره عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،"أمر نسائه أن يخرجن من جمع ليلة جمع ، فيرمين الجمرة ، ثم تصبح في منزلها ، وكانت تصنع ذلك حتى ماتت" .
قيل : يرده محد بن حميد أحد رواته ، كذبه غير واحد . ويرده أيضاً : حديثها الذي في الصحيحين وقولها : وددت أني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما استأذنته سودة .
وإن قيل : فهب أنكم يمكنكم رد هذا الحديث ، فما تصنعون بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، "عن أم حبيبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث بها من جمع بليل". قيل : قد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قدم تلك الليلة ضعفة أهله ، وكان ابن عباس فيمن قدم . وثبت أنه قدم سودة، وثبت أنه حبس نسائه عنده حتى دفعن بدفعه . وحديث أم حبيبة، انفرد به مسلم . فإن كان محفوظاً ، فهي إذاً من الضعفة التي قدمها .
فإن قيل : فما تصنعون بما رواه الإمام أحمد، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر، فرموا الجمرة مع الفجر . قيل : نقدم عليه حديثه الآخر الذي رواه أيضاً الإمام أحمد ، والترمذي وصححه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قدم ضعفة أهله وقال : "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس". ولفظ أحمد فيه : قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات لنا من جمع ، فجعل يطلح أفخاذنا ويقول : "أي بني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " . لأنه أصح منه ، وفيه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رمي الجمرة قبل طلوع الشمس ، وهو محفوظ بذكر القصة فيه ، والحديث الآخر: إنما فيه : أنهم رموها مع الفجر، ثم تأملنا فإذا أنه لا تعارض بين هذه الأحاديث ، فإنه أمر الصبيان أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس ، فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي ، أما من قدمه من النساء ، فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم ، وهذا الذي دلت عليه السنة جواز الرمي قبل طلوع الشمس ، للعذر بمرض، أو كبر يشق عليه مزاحمة الناس لأجله ، وأما القادر الصحيح ، فلا يجوز له ذلك .
وفي المسألة ثلاثة مذاهب ، أحدها : الجواز بعد نصف الليل مطلقاً للقادر والعاجز، كقول الشافعي وأحمد رحمهما الله ، والثاني : لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر، كقول أبي حنيفة رحمه الله ، والثالث : لا يجوز لأهل القدرة إلا بعد طلوع الشمس ، كقول جماعة من أهل العلم . والذي دلت عليه السنة، إنما هو التعجيل بعد غيبوبة القمر، لا نصف الليل ، وليس مع من حده بالنصف دليل ، والله أعلم .