طواف القدوم
فصل
وأما طوافه بالبيت عند قدومه ، فاختلف فيه ، هل كان على قدميه ،
أو كان راكباً ؟ ففي صحيح مسلم : عن عائشة رضي الله عنها، قالت : طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره يستلم الركن كراهية أن يضرب عنه الناس.
وفي سنن أبي داود : عن ابن عباس ، قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة وهو يشتكي ، فطاف على راحلته ، كلما أتى على الركن ، استلمه بمحجن ، فلما فرغ من طوافه ، أناخ ، فصلى ركعتين . قال أبو الطفيل : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف حول البيت على بعيره ، يستلم الحجر بمحجنه ، ثم يقبله . رواه مسلم دون ذكر البعير . وهو عند البيهقي ، بإسناد مسلم بذكر البعير. وهذا والله أعلم فى طواف الإفاضة، لا في طواف القدوم ، فإن جابراً حكى عنه الرمل في الأول ، وذلك لا يكون إلا مع المشى .
قال الشافعي رحمه الله : أما سبعه الذي طافه لمقدمه ، فعلى قدميه لأن جابراً حكى عنه فيه ، أنه رمل ثلاثة أشواط ، ومشى أربعة ، فلا يجوز أن يكون جابر يحكي عنه الطواف ماشياً وراكباً في سبع واحد . وقد حفظ أن سبعه الذي ركب فيه في طوافه يوم النحر. ثم ذكر الشافعي : عن ابن عيينة، عن ابن طاووس عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يهجروا بالإفاضة ، وأفاض في نسائه ليلاً على راحلته يستلم الركن بمحجنه ، أحسبه قال : فيقبل طرف المحجن . قلت : هذا مع أنه مرسل ، فهو خلاف ما رواه جابر عنه في الصحيح أنه طاف طواف الإفاضة يوم النحر نهاراً، وكذلك روت عائشة وابن عمر، كما سيأتي . وقول ابن عباس : إن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي ، فطاف على راحلته ، كلما أتى الركن استلمه . هذا إن كان محفوظاً، فهو في إحدى عمره ، وإلا فقد صح عنه الرمل في الثلاثة الأول من طواف القدوم ، إلا أن يقول كما قال ابن حزم في السعي : إنه رمل على بعيره ، فإن من رمل على بعيره ، فقد رمل ، لكن ليس في شيء من الأحاديث أنه كان راكباً في طواف القدوم . والله أعلم .