منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 234  ]
قديم 04-30-2006, 01:49 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
رد المصنف على من قال بالفسخ

فصل
وأما حديث أبي الأسود، عن عروة، عنها . وفيه : "وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة، فلم يحلوا حتى كان يوم النحر". وحديث "يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عنها: فمن كان أهل بحج وعمرة معاً ، لم يحل من شيء مما حرم منه حتى يقضي مناسك الحج ، ومن أهل بحج مفرد كذلك ". فحديثان ، قد أنكرهما الحفاظ ، وهما أهل أن ينكرا ، قال الأثرم : حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك بن أنس ، عن أبي الأسود، عن عروة ، عن عائشة : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فمنا من أهل بالحج ، ومنا من أهل بالعمرة، ومنا من أهل بالحج والعمرة ، وأهل بالحج رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ، فأما من أهل بالعمرة، فأحلوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة ، وأما من أهل بالحج والعمرة ، فلم يحلوا إلى يوم النحر، فقال أحمد بن حنبل : أيش في هذا الحديث من العجب ، هذا خطأ، فقال
الأثرم : فقلت له : الزهري ، عن عروة، عن عائشة، بخلافه ؟ فقال : نعم ، وهشام بن عروة . وقال الحافظ أبو محمد بن حزم : هذان حديثان منكران جداً ، قال : ولأبي الأسود في هذا النحو حديث لا خفاء بنكرته ، ووهنه ، وبطلانه .
والعجب كيف جاز على من رواه ؟ ثم ساق من طريق البخاري عنه ، أن عبد الله مولى أسماء، حدثه أنه كان يسمع أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما تقول كلما مرت بالحجون : صلى الله على رسوله : لقد نزلنا معه هاهنا ، ونحن يومئذ خفاف ، قليل ظهرنا ، قليلة أزوادنا ، فاعتمرت أنا وأختي عائشة ، والزبير، وفلان ، وفلان . فلما مسحنا البيت ، أحللنا ثم أهللنا من العشي بالحج . قال وهذه وهلة لاخفاء بها على أحد ممن له أقل علم بالحديث لوجهين باطلين فيه بلا شك .
أحدهما : قوله : فاعتمرت أنا وأختي عائشة، ولا خلاف بين أحد من أهل النقل ، في أن عائشة لم تعتمر في أول دخولها مكة، ولذلك أعمرها من بعد تمام الحج ليلة الحصبة، هكذا رواه جابر بن عبد الله ، ورواه عن عائشة الأثبات ، كالأسود بن يزيد، وابن أبي مليكة، والقاسم بن محمد، وعروة ، وطاووس ، ومجاهد .
الموضع الثاني : قوله فيه : فلما مسحنا البيت ، أحللنا، ثم أهللنا من العشي بالحج ، وهذا باطل لا شبه فيه ، لأن جابراً، وأنس بن مالك ، وعائشة ، وابن عباس ، كلهم رووا أن الإحلال كان يوم دخولهم مكة ، وأن إحلالهم بالحج كان يوم التروية ، وبين اليومين المذكورين ثلاثة أيام بلا شك .
قلت : الحديث ليس بمنكر ولا باطل ، وهو صحيح وإنما أتي أبو محمد فيه من فهمه ، فإن أسماء أخبرت أنها اعتمرت هي وعائشة، وهكذا وقع بلا شك . وأما قولها: فلما مسحنا البيت أحللنا، فإخبار منها عن نفسها، وعمن لم يصبه عذر الحيض الذي أصاب عائشة، وهي لم تصرح بأن عائشة مسحت البيت يوم دخولهم مكة ، وأنها حلت ذلك اليوم ، ولا ريب أن عائشة قدمت بعمرة ، ولم تزل عليها حتى حاضت بسرف ، فأدخلت عليها الحج ، وصارت قارنة . فإذا قيل : اعتمرت عائشة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو قدمت بعمرة، لم يكن هذا كذباً.
وأما قولها : ثم أهللنا من العشي بالحج ، فهي لم تقل : إنهم أهلوا من عشي يوم القدوم ، ليلزم ما قال أبو محمد ، وإنما أرادت عشي يوم التروية . ومثل هذا لا يحتاج في ظهوره وبيانه إلى أن يصرح فيه بعشي ذلك اليوم بعينه ، لعلم الخاص والعام به ، وأنه مما لا تذهب الأوهام إلى غيره ، فرد أحاديث الثقات بمثل هذا الوهم مما لا سبيل إليه .
قال أبو محمد: وأسلم الوجوه للحديثين المذكورين عن عائشة، يعني اللذين أنكرهما ، أن تخرج روايتهما على أن المراد بقولها : إن الذين أهلوا بحج ، أو بحج وعمرة، لم يحلوا حتى كان يوم النحر حين قضوا مناسك الحج ، إنما عنت بذلك من كان معه الهدي ، وبهذا تنتفي النكرة عن هذين الحديثين ، وبهذا تأتلف الأحاديث كلها ، لأن الزهري عن عروة يذكر خلاف ما ذكره أبو الأسود عن عروة ، والزهري بلا شك أحفظ من أبي الأسود ، وقد خالف يحيى بن عبد الرحمن عن عائشة في هذا الباب من لا يقرن يحيى بن عبد الرحمن إليه ، لا في حفظ ، ولا في ثقة، ولا في جلالة، ولا في بطانة لعائشة، كالأسود بن يزيد، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبي عمرو ذكوان مولى عائشة، وعمرة بنت عبد الرحمن ، وكانت في حجر عائشة، وهؤلاء هم أهل الخصوصية والبطانة بها ، فكيف ؟ ولو لم يكونوا كذلك ، لكانت روايتهم أو رواية واحد منهم ، لو انفرد هي الواجب أن يؤخذ بها ، لأن فيها زيادة على رواية أبي الأسود ويحيى ، وليس من جهل ، أو غفل حجة على من عالم ، وذكر وأخبر، فكيف وقد وافق هؤلاء الجلة عن عائشة فسقط التعتق بحديث أبي الأسود ويحيى اللذين ذكرنا . قال. وأيضاً، فإن حديثي أبي الأسود ويحيى، موقوفان غير مسندين، لأنهما إنما ذكرا عنها فعل من فعل ما ذكرت ، دون أن يذكرا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أمرهم أن لا يحلوا، ولا حجة في أحد دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلو صح ما ذكراه ، وقد صح أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من لا هدي معه بالفسخ ، فتمادى المأمورون بذلك ، ولم يحلوا لكانوا عصاة لله تعالى ، وقد أعاذهم الله من ذلك ، وبرأهم منه ، فثبت يقيناً أن حديث أبي الأسود ويحيى، إنما عني فيهما : من كان معه هدي ، وهكذا جاءت الأحاديث الصحاح التي أوردناها، بأنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر من معه الهدي ، بأن يجمع حجاً مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً. ثم ساق من طريق مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عنها ترفعه "من كان معة هدي ، فليهلل بالحج والعمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً" قال : فهذا الحديث كما ترى، من طريق عن عائشة، يبين ما ذكرنا أنه المراد بلا شك ، في حديث أبي الأسود، عن عروة وحديث يحيى عن عائشة ، و ارتفع الآن الإشكال جملة ، والحمد لله رب العالمين .
قال : ومما يبين أن في حديث أبي الأسود حذفاً قوله فيه : عن عروة " أن أمه وخالته والزبير، أقبلوا بعمرة فقط ، فلما مسحوا الركن ، حلوا" . ولا خلاف بين أحد، أن من أقبل بعمرة لا يحل بمسح الركن ، حتى يسعى بين الصفا والمروة بعد مسح الركن ، فصح أن في الحديث حذفاً بينه سائر الأحاديث الصحاح التي ذكرنا وبطل التشغب به جملة، وبالله التوفيق.