فصل موضع حيضها ، وموضع طهرها
فصل
وأما موضع حيضها، فهوبسرف بلا ريب ، وموضع طهرها قد اختلف فيه ، فقيل : بعرفة هكذا روى مجاهد عنها وروى عروة عنها أنها أظلها يوم عرفة وهي حائض ولا تنافي بينهما، والحديثان صحيحان ، وقد حملهما ابن حزم على معنيين ، فطهر عرفة : هو الاغتسال للوقوف بها عنده ، قال : لأنها قالت : تطهرت بعرفة، والتطهر غير الطهر، قال : وقد ذكر القاسم يوم طهرها، أنه يوم النحر، وحديثه في صحيح مسلم . قال : وقد اتفق القاسم وعروة على أنها كانت يوم عرفة حائضاً، وهما أقرب الناس منها . وقد روى أبو داود : حدتنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، عنها : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين هلال ذي الحجة ..... فذكرت الحديث ، وفيه ، فلما كانت ليلة البطحاء، طهرت عائشة، وهذا إسناد صحيح لكن قال ابن حزم : إنه حديث منكر، مخالف لما روى هؤلاء كلهم عنها، وهو قوله : إنها طهرت ليلة البطحاء، وليلة البطحاء كانت بعد يوم النحر بأربع ليال ، وهذا محال إلا أننا لما تدبرنا وجدنا هذه اللفظة، ليست من كلام عائشة، فسقط التعلق بها، لأنها ممن دون عائشة، وهي أعلم بنفسها. قال : وقد روى حديث حماد بن سلمة هذا وهيب بن خالد ، وحماد بن زيد، فلم يذكرا هذه اللفظة .
قلت : يتعين تقديم حديث حماد بن زيد ومن معه على حديث حماد بن سلمة لوجوه .
أحدها : أنه أحفظ وأثبت من حماد بن سلمة .
الثاني : أن حديثهم فيه إخبارها عن نفسها ، وحديثه فيه الإخبار عنها .
الثالث : أن الزهري روى عن عروة عنها الحديث ، وفيه : فلم أزل حائضاً حتى كان يوم عرفة، وهذه الغاية هي التي بينها مجاهد والقاسم عنها، لكن قال مجاهد عنها : فتطهرت بعرفة، والقاسم قال : يوم النحر .