فصل في هديه في قبول شهادة الرؤيا
فصل
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ، أمر الناس بالصوم بشهادة الرجل الواحد المسلم ، وخروجهم منه بشهادة اثنين .
وكان من هديه إذا شهد الشاهدان برؤية الهلال بعد خروج وقت العيد ، أن يفطر ، ويأمرهم بالفطر، ويصلي العيد من الغد في وقتها . وكان يعجل الفطر، ويحض عليه ، ويتسحر ، ويحث على السحور ويؤخره ، ويرغب في تأخيره .
وكان يحض على الفطر بالتمر ، فإن لم يجد، فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ، فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة ، أدعى إلى قبوله ، وانتفاع القوى به ، ولا سيما القوة الباصرة، فإنها تقوى به، وحلاوة المدينة التمر ، ومرباهم عليه ، وهو عندهم قوت ، وأدم ، ورطبه فاكهة . وأما الماء، فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس . فإذا رطبت بالماء ، كمل انتفاعها بالغذاء بعده . ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع ، أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء، ثم يأكل بعده ، هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلا أطباء القلوب .