منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 128  ]
قديم 04-29-2006, 01:21 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
الثانية والثلاثون : أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم ، هذا منصوص أحمد ، قال الأثرم : قيل لأبي عبد الله : صيام يوم الجمعة ؟ فذكر حديث النهي عن أن يفرد ، ثم قال : إلا أن يكون في صيام كان يصومه ، وأما أن يفرد ، فلا . قلت : رجل كان يصوم يوماً ، ويفطر يوماً ، فوقع فطره يوم الخميس ، وصومه يوم الجمعة ، وفطره يوم السبت ، فصار الجمعة مفرداً ؟ قال : هذا إلا أن يتعمد صومه خاصة ، إنما كره أن يتعمد الجمعة .
وأباح مالك ، وأبو حنيفة صومه كسائر الأيام ، قال مالك : لم أسمع أحداً من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة ، وصيامه حسن ، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه ، وأراه كان يتحراه . قال ابن عبد البر : اختلفت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في صيام يوم الجمعة ، فروى ابن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وقال : فلما رأيته مفطراً يوم الجمعة وهذا حديث صحيح . وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أنه قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الجمعة قط . ذكره ابن أبي شيبة ، عن حفص بن غياث ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عمير بن أبي عمير ، عن ابن عمر .
وروى ابن عباس ، أنه كان يصومه ويواظب عليه . وأما الذي ذكره مالك ، فيقولون : إنه محمد بن المنكدر . وقيل : صفوان بن سليم .
وروى الدراوردي ، عن صفوان بن سليم ، عن رجل من بني جشم ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صام يوم الجمعة ، كتب له عشرة أيام غرر زهر من أيام الآخرة لا يشاكلهن أيام الدنيا " .
والأصل في صوم يوم الجمعة أنه عمل بر لا يمنع منه إلا بدليل لا معارض له .
قلت : قد صح المعارض صحة لا مطعن فيها البتة ، ففي الصحيحين ، عن محمد بن عباد ، قال : سألت جابراً : أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم .
وفي صحيح مسلم ، "عن محمد بن عباد ، قال : سألت جابر بن عبد الله ، وهو يطوف بالبيت : أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم ورب هذه البنية . "
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله ، أو يوماً بعده " . واللفظ للبخاري .
وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، عن النبي ، قال : " لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام ، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم " .
وفي صحيح البخاري ، عن جويرية بنت الحارث ، "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهى صائمة ، فقال : أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : فتريدين أن تصومي غداً ؟ قالت : لا . قال : فأفطري " .
وفي مسند أحمد عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تصوموا يوم الجمعة وحده " .
وفي مسنده أيضاً عن جنادة الأزدي قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة في سبعة من الأزد ، أنا ثامنهم وهو يتغدي ، فقال : " هلموا إلى الغداء " فقلنا : يا رسول الله ! إنا صيام . فقال : " أصمتم أمس "؟ قلنا : لا . قال : " فتصومون غداً ؟ "قلنا : لا . قال : " فأفطروا ". قال : فأكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فلما خرج وجلس على المنبر ، دعا بإناء ماء ، فشرب وهو على المنبر ، والناس ينظرون إليه ، يريهم أنه لا يصوم يوم الجمعة .
وفي مسنده أيضاً ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوم الجمعة يوم عيد ، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده ".
وذكر ابن أبي شيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : من كان منكم متطوعاً من الشهر أياماً ، فليكن في صومه يوم الخميس ، ولا يصم يوم الجمعة ، فإنه يوم طعام وشراب ، وذكر ، فيجمع الله له يومين صالحين : يوم صيامه ، ويوم نسكه مع المسلمين .
وذكر ابن جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : إنهم كرهوا صوم الجمعة ، ليقووا على الصلاة .
قلت : المأخذ في كراهته : ثلاثة أمور ، هذا أحدها ، ولكن يشكل عليه زوال الكراهية بضم يوم قبله ، أو بعده إليه .
والثاني : أنه يوم عيد ، وهو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم وقد أورد على هذا التعليل إشكالان . أحدهما : أن صومه ليس بحرام ، و صوم يوم العيد حرام . والثاني : إن الكراهة تزول بعدم إفراده ، وأجيب عن الإشكالين ، بأنه ليس عيد العام ، بل عيد الأسبوع ، والتحريم إنما هو لصوم عيد العام . وأما إذا صام يوماً قبله ، أو يوماً بعده ، فلا يكون قد صامه لأجل كونه جمعة وعيداً . فتزول المفسدة الناشئة من تخصيصه ، بل يكون داخلاً في صيامه تبعاً ، وعلى هذا يحمل ما رواه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده و النسائي ، والترمذي من حديث عبد الله بن مسعود إن صح قال : قلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم جمعة . فإن صح هذا ، تعين حمله على أنه كان يدخل في صيامه تبعاً ، لا أنه كان يفرده لصحة النهي عنه . وأين أحاديث النهي الثابتة في الصحيحين ، من حديث الجواز الذي لم يروه أحد من أهل الصحيح ، وقد حكم الترمذي بغرابته ، فكيف تعارض به الأحاديث الصحيحة الصريحة ، ثم يقدم عليها ؟!
والمأخذ الثالث : سد الذريعة من أن يلحق بالدين ما ليس فيه ، ويوجب التشبه بأهل الكتاب في تخصيص بعض الأيام بالتجرد عن الأعمال الدنيوية ، وينضم إلى هذا المعنى : أن هذا اليوم لما كان ظاهر الفضل على الأيام ، كان الداعي إلى صومه قوياً ، فهو في مظنة تتابع الناس في صومه ، واحتفالهم به ما لا يحتفلون بصوم يوم غيره ، وفي ذلك إلحاق بالشرع ما ليس منه . ولهذا المعنى - والله أعلم - نهى عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام من بين الليالي ، لأنها من أفضل الليالي ، حتى فضلها بعضهم على ليلة القدر ، وحكيت رواية عن أحمد ، فهي في مظنة تخصيصها بالعبادة ، فحسم الشارع الذريعة ، وسدها بالنهي ، عن تخصيصها بالقيام . والله أعلم .
فإن قيل : ما تقولون في تخصيص يوم غيره بالصيام ؟ قيل : أما تخصيص ما خصصه الشارع ، كيوم الإثنين ، ويوم عرفة ، ويوم عاشوراء ، فسنة ، وأما تخصيص غيره ، كيوم السبت ، والثلاثاء ، والأحد ، والأربعاء ، فمكروه . وما كان منها أقرب إلى التشبه بالكفار لتخصيص أيام أعيادهم بالتعظيم والصيام ، فأشد كراهة ، وأقرب إلى التحريم .