منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 82  ]
قديم 04-29-2006, 12:58 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل
قد اختلف السلف والخلف في أنه : هل كان فرضاً عليه أم لا ؟ والطائفتان احتجوا بقوله تعالى : " ومن الليل فتهجد به نافلة لك "
( الإسراء :79) قالوا : فهذا صريح في عدم الوجوب ، قال الآخرون : أمره بالتهجد في هذه السورة ، كما أمره فى قوله تعالى: " يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا " ( المزمل :1) ولم يجئ ما ينسخه عنه ، وأما قوله تعالى : " نافلة لك " . فلو كان المراد به التطوع ، لم يخصه بكونه نافلة له ، وإنما المراد بالنافلة الزيادة ، ومطلق الزيادة لا يدل على التطوع ، قال تعالى : " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة " ( الأنبياء : 72) ، أي زيادة على الولد ، وكذلك النافلة في تهجد النبي صلى الله عليه وسلم زيادة في درجاته ، وفي أجره ولهذا خصه بها ، فإن قيام الليل في حق غيره مباح ، ومكفر للسيئات ، وأما النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فهو يعمل في زيادة الدرجات وعلو المراتب ، وغيره يعمل في التكفير . قال مجاهد : إنما كان نافلة للنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكانت طاعته نافلة ، أي : زيادة في الثواب ، ولغيره كفارة لذنوبه ، قال ابن المنذر في تفسيره : حدثنا يعلى بن أبي عبيد ، حدثنا الحجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، عن مجاهد قال : ما سوى المكتوبة ، فهو نافلة من أجل أنه لا يعمل في كفارة الذنوب ، وليست للناس نوافل ، إنما هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، والناس جميعاً يعملون ما سوى المكتوبة لذنوبهم في كفارتها .
حدثنا محمد بن نصر ، حدثنا عبد الله ، حدثنا عمرو ، عن سعيد وقبيصة ، عن سفيان ، عن أبي عثمان ، عن الحسن في قوله تعالى : " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " . قال : لا تكون نافلة الليل إلا للنبي صلى الله عليه وسلم . وذكر عن الضحاك ، قال : نافلة للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة .
وذكر سليم بن حيان ، حدثنا أبو غالب ، حدثنا أبو أمامة ، قال : إذا وضعت الطهور مواضعه ، قمت مغفوراً لك ، فإن قمت تصلي، كانت لك فضيلة وأجراً ، فقال رجل : يا أبا أمامة ، أرأيت إن قام يصلي تكون له نافلة ؟ قال : لا ، إنما النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف يكون له نافلة ، وهو يسعى في الذنوب والخطايا ؟! تكون له فضيلة وأجراً . قلت : والمقصود أن النافلة في الآية ، لم يرد بها ما يجوز فعله وتركه ، كالمستحب ، والمندوب ، وإنما المراد بها الزيادة في الدرجات ، وهذا قدر مشترك بين الفرض والمستحب ، فلا يكون قوله :" نافلة لك " نافياً لما دل عليه الأمر من الوجوب ، وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة إن شاء الله تعالى ، عند ذكر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم .
ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدع قيام الليل حضراً ولا سفراً ، وكان إذا غلبه نوم أو وجع ، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة . فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : في هذا دليل على أن الوتر لا يقضى لفوات محله ، فهو كتحية المسجد ، وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحوها ، لأن المقصود به أن يكون آخر صلاة الليل وتراً ، كما أن المغرب آخر صلاة النهار ، فإذا انقضى الليل وصليت الصبح ، لم يقع الوتر موقعه . وقد روى أبو داود ، وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من نام عن الوتر أو نسيه ، فليصله إذا أصبح أو ذكر " . ولكن لهذا الحديث عدة علل .
أحدها : أنه من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف . الثاني : أن الصحيح فيه أنه مرسل له عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الترمذي : هذا أصح ، يعني المرسل .
الثالث : أن ابن ماجه حكى عن محمد بن يحيى بعد أن روى حديث أبي سعيد : الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أوتروا قبل أن تصبحوا " . قال : فهذا الحديث دليل على أن حديث عبد الرحمن واه .
وكان قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشرة ركعة ، أو ثلاث عشرة ، كما قال ابن عباس وعائشة ، فإنه ثبت عنهما هذا وهذا ، ففي الصحيحين عنها : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة . وفي الصحيحين عنها أيضاً ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ، يوتر من ذلك بخمس ، لايجلس في شئ إلا في آخرهن و الصحيح عن عائشة الأول : والركعتان فوق الإحدى عشرة هما ركعتا الفجر ، جاء ذلك مبينا عنها في هذا الحديث بعينه ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر ، ذكره مسلم في صحيحه . وقال البخاري : في هذا الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ، ثم يصلي إذا سمع النداء بالفجر ركعتين خفيفتين . وفي الصحيحين عن القاسم بن محمد قال : سمعت عائشة رضي الله عنها تقول : كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل عشر ركعات ، ويوتر بسجدة ، ويركع ركعتي الفجر ، وذلك ثلاث عشرة ركعة ، فهذا مفسر مبين .
وأما ابن عباس ، فقد اختلف عليه ، ففي الصحيحين عن أبي جمرة عنه : كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة يعني بالليل . لكن قد جاء عنه هذا مفسراً أنها بركعتي الفجر . قال الشعبي : سألت عبد الله بن عباس . وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ، فقالا : ثلاث عشرة ركعة ، منها ثمان ، ويوتر بثلاث ، وركعتين قبل صلاة الفجر . وفي الصحيحين عن كريب عنه ، في قصة مبيته عند خالته ميمونة بنت الحارث ، أنه صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة ، ثم نام حتى نفخ ، فلما تبين له الفجر ، صلى ركعتين خفيفتين . وفي لفظ : فصلى ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن . فقام فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم خرج يصلي الصبح . فقد حصل الاتفاق على إحدى عشرة ركعة .
واختلف فى الركعتين الأخيرتين : هل هما ركعتا الفجر أو هما غيرهما ؟ فإذا إنضاف ذلك إلى عدد ركعات الفرض والسنن الراتبة التي كان يحافظ عليها ، جاء مجموع ورده الراتب بالليل والنهار أربعين ركعة ، كان يحافظ عليها دائما سبعة عشر فرضاً ، وعشر ركعات ، أو ثنتا عشرة سنة راتبة ، وإحدى عشرة ، أو ثلاث عشرة ركعة قيامه بالليل ، والمجموع أربعون ركعة وما زاد على ذلك ، فعارض غير راتب ، كصلاة الفتح ثمان ركعات ، وصلاة الضحى إذا قدم من سفر ، وصلاته عند من يزوره ، وتحية المسجد ونحو ذلك ، فينبغي للعبد أن يواظب على هذا الورد دائماً إلى الممات ، فما أسرع الإجابة وأعجل فتح الباب لمن يقرعه كل يوم وليلة أربعين مرة . والله المستعان .