منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 5  ]
قديم 04-27-2006, 01:58 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في جلسة الاستراحة

فصل
ثم كان صلى الله عليه وسلم ينهض على صدور قدميه وركبتيه معتمداً على فخذيه كما ذكر . عنه : وائل وأبو هريرة ، ولا يعتمد على الأرض بيديه وقد ذكر عنه مالك بن الحويرث أنه كان لا ينهض حتى يستوي جالساً . وهذه هي التي تسمى جلسة الإستراحة .
واختلف الفقهاء فيها هل هي من سنن الصلاة ، فيستحب لكل أحد أن يفعلها ، أو ليست من السنن ، وإنما يفعلها من احتاح إليها؟ على قولين هما روايتان عن أحمد رحمه الله . قال الخلال : رجع أحمد إلى حديث مالك بن الحويرث في جلسة الإستراحة ، وقال : أخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا أمامة سئل عن النهوض ، فقال : على صدور القدمين على حديث رفاعه . وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه ، وقد روي عن عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذه الجلسة ، وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ، ومالك بن الحويرث . ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائم ، لذكرها كل من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة ، إلا إذا علم أنه فعلها على أنها سنة يقتدى به فيها ، وأما إذا قدر أنه فعلها للحاجة ، لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة ، فهذا من تحقيق المناط في هذه المسألة .
وكان إذا نهض ، افتتح القراءة ، ولم يسكت كما كان يسكت عند افتتاح الصلاة ، فاختلف الفقهاء : هل هذا موضع استعاذة أم لا بعد اتفاقهم على أنه ليس موضع استفتاح ؟ وفي ذلك قولان هما روايتان عن أحمد ، وقد بناهما بعض أصحابه على أن قراءة الصلاة هل هي قراءة واحدة ؟ فيكفي فيها استعاذة واحدة ، أو قراءة كل ركعة مستقلة برأسها . ولا نزاع بينهم أن الاستفتاح لمجموع الصلاة ، والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر ، للحديث الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بـ ( الحمد لله رب العالمين ) ولم يسكت وإنما يكفي استعاذة واحدة ، لأنه لم يتخلل القراءتين سكوت ، بل تخللهما ذكر ، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخللها حمد الله ، أو تسبيح ، أو تهليل ، أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الثانية كالأولى سواء ، إلا في أربعة أشياء : السكوت ، والاستفتاح ، وتكبيرة الإحرام ، وتطويلها كالأولى ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يستفتح ، ولا يسكت ، ولا يكبر للإحرام فيها ، ويقصرها عن الأولى ، فتكون الأولى أطول منها في كل صلاة كما تقدم .
فإذا جلس للتشهد ، وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ، وأشار بأصبعه السبابة ، وكان لا ينصبها نصباً ، ولا ينيمها ، بل يحنيها شيئاً ، ويحركها شيئاً ، كما تقدم في حديث وائل بن حجر ، وكان يقبض أصبعين وهما الخنصر والبنصر ، ويحلق حلقة وهي الوسطى مع الإبهام ويرفع السبابة يدعو بها ، ويرمي ببصره إليها ، ويبسط الكف اليسرى على الفخذ اليسرى ، ويتحامل عليها .
وأما صفة جلوسه ، فكما تقدم بين السجدتين سواء ، يجلس على رجله اليسرى ، وينصب اليمنى . ولم يرو عنه في هذه الجلسة غير هذه الصفة .
وأما حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الصلاة ، جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه ، وفرش قدمه اليمنى فهذا في التشهد الأخير كما يأتي ، وهو أحد الصفتين اللتين رويتا عنه ، ففي الصحيحين من حديث أبي حميد في صفة صلاته صلى الله عليه وسلم : " فإذا جلس في الركعتين ، جلس على رجله اليسرى ، ونصب الأخرى ، وإذا جلس في الركعة الأخيرة ، قدم رجله اليسرى ، ونصب اليمنى ، وقعد على مقعدته " فذكر أبو حميد أنه كان ينصب اليمنى . وذكر ابن الزبير أنه كان يفرشها ، ولم يقل أحد عنه صلى الله عليه وسلم : إن هذه صفة جلوسه في التشهد الأول ، ولا أعلم أحداً قال به ، بل من الناس من قال : يتورك في التشهدين ، وهذا مذهب مالك رحمه الله ، ومنهم من قال : يفترش فيهما ، فينصب اليمنى ، ويفترش اليسرى ، ويجلس عليها ، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله ، ومنهم من قال : يتورك في كل تشهد يليه السلام ، ويفترش في غيره ، وهو قول الشافعي رحمه الله ، ومنهم من قال يتورك في كل صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما ، فرقا بين الجلوسين ، وهو قول الإمام أحمد رحمه الله . ومعنى حديث ابن الزبير رضي الله عنه أنه فرش قدمه اليمنى : أنه كان يجلس في هذا الجلوس على مقعدته ، فتكون قدمه اليمنى مفروشة ، وقدمه اليسرى بين فخذه وساقه ، ومقعدته على الأرض ، فوقع الاختلاف في قدمه اليمنى في هذا الجلوس : هل كانت مفروشة أو منصوبة ؟ وهذا - والله أعلم - ليس اختلافاً في الحقيقة ، فإنه كان لا يجلس على قدمه ، بل يخرجها عن يمينه ، فتكون بين المنصوبة والمفروشة ، فإنها تكون على باطنها الأيمن ، فهي مفروشة بمعنى ليس ناصباً لها ، جالساً على عقبه ، ومنصوبة بمعنى أنه ليس جالساً على باطنها وظهرها إلى الأرض ، فصح قول أبي حميد ومن معه ، وقول عبد الله بن الزبير ، أو يقال : إنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا وهذا ، فكان ينصب قدمه ، وربما فرشها أحياناً ، وهذا أروح لها . والله أعلم .
ثم كان صلى الله عليه وسلم يتشهد دائماً في هذه الجلسة ، ويعلم أصحابه أن يقولوا : " التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " . وقد ذكر النسائي من حديث أبي الزبير عن جابر" قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد ، كما يعلمنا السورة من القرآن : بسم الله ، وبالله ، التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أسأل الله الجنة ، وأعوذ بالله من النار " .
ولم تجئ التسمية في أول التشهد إلا في هذا الحديث ، وله علة غير عنعنة عن أبي الزبير .
وكان صلى الله عليه وسلم يخفف هذا التشهد جداً حتى كأنه على الرضف - وهي الحجارة المحماة - ولم ينقل عنه في حديث قط أنه صلى عليه وعلى آله في هذا التشهد ، ولا كان أيضاً يستعيذ فيه من عذاب القبر وعذاب النار ، وفتنة المحيا والممات ، وفتنة المسيح الدجال ، ومن استحب ذلك ، فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات قد صح تبيين موضعها ، وتقييدها بالتشهد الأخير .
ثم كان ينهض مكبراً على صدور قدميه وعلى ركبتيه معتمداً على فخذه كما تقدم ، وقد ذكر مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرفع يديه في هذا الموضع ، وهي في بعض طرق البخاري أ يضاً ، على أن هذه الزيادة ليست متفقاً عليها في حديث عبد الله بن عمر ، فأكثر رواته لا يذكرونها ، وقد جاء ذكرها مصرحاً به في حديث أبي حميد الساعدي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة ، كبر ، ثم رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ويقيم كل عضو في موضعه ، ثم يقرأ ، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه معتدلاً لا يصوب رأسه ولا يقنع به ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده ، ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، حتى يقر كل عظم إلى موضعه ، ثم يهوي إلى الأرض ، ويجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه ، ويثني رجله ، فيقعد عليها ، ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ، ثم يكبر ، ويجلس على رجله اليسري حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ، ثم يقوم فيصنع في الأخرى مثل ذلك ، ثم إذا قام من الركعتين رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما يصنع عند افتتاح الصلاة ، ثم يصلي بقية صلاته هكذا ، حتى إذا كانت السجدة التى فيها التسليم ، أخرج رجليه ، وجلس على شقه الأيسر متوركاً . هذا سياق أبي حاتم في صحيحه وهو في صحيح مسلم أيضاً ، وقد ذكره الترمذي مصححاً له من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في هذه المواطن أيضاً .
ثم كان يقرأ الفاتحة وحدها ، ولم يثبت عنه أنه قرأ فى الركعتين الأخريين بعد الفاتحة شيئاً ، وقد ذهب الشافعي في أحد قوليه وغيره إلى استحباب القراءة بما زاد على الفاتحة في الأخريين ، واحتج لهذا القول بحديث أبي سعيد الذي في الصحيح : حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر في الركعتين الأوليين قدر قراءة ( الم تنزيل السجدة ) ، وحزرنا قيامه في الركعتين الأخريين قدر النصف من ذلك ، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الركعتين الأخريين من الظهر ، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك .
وحديث أبي قتادة المتفق عليه ظاهر في الاقتصار على فاتحة الكتاب في الركعتين الأخريين .
قال أبو قتادة رضي الله عنه : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا ، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأولين بفاتحة الكتاب وسورتين ، ويسمعنا الآية أحياناً . زاد مسلم : ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب ، والحديثان غير صريحين في محل النزاع . وأما حديث أبي سعيد ، فإنما هو حزر منهم وتخمين ، ليس إخباراً عن تفسير نفس فعله صلى الله عليه وسلم . وأما حديث أبي قتادة ، فيمكن أن يراد به أنه كان يقتصر على الفاتحة ، وأن يراد به أنه لم يكن يخل بها في الركعتين الأخريين ، بل كان يقرؤها فيهما ، كما كان يقرؤها في الأوليين ، فكان يقرأ الفاتحة في كل ركعة ، وإن كان حديث أبي قتادة في الاقتصار أظهر ، فإنه في معرض التقسيم ، فإذا قال : كان يقرأ في الأوليين بالفاتحة والسورة ، وفي الأخريين بالفاتحة ، كان كالتصريح في اختصاص كل قسم بما ذكر فيه ، وعلى هذا ، فيمكن أن يقال : إن هذا أكثر فعله ، وربما قرأ في الركعتين الأخريين بشئ فوق الفاتحة ، كما دل عليه حديث أبي سعيد ، وهذا كما أن هديه صلى الله عليه وسلم كان تطويل القراءة في الفجر ، وكان يخففها أحياناً ، وتخفيف القراءة في المغرب ، وكان يطيلها أحياناً ، وترك القنوت في الفجر ، وكان يقنت فيها أحياناً ، والإسرار في الظهر والعصر بالقراءة ، وكان يسمع الصحابة الآية فيها أحياناً ، وترك الجهر بالبسملة ، وكان يجهر بها أحياناً .
والمقصود أنه كان يفعل في الصلاة شيئاً أحياناً لعارض لم يكن من فعله الراتب ، ومن هذا لما بعث صلى الله عليه وسلم فارساً طليعة ، ثم قام إلى الصلاة ، وجعل يلتفت في الصلاة إلى الشعب الذي يجئ منه الطليعة ، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم الالتفات في الصلاة ، وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد .
وفي الترمذي من حديث سعيد بن المسيب عن أنس رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بني إياك والالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات في الصلاة هلكة ، فإن كان ولا بد ففي التطوع ، لا في الفرض " ولكن للحديث علتان :
إحداهما : إن رواية سعيد عن أنس لا تعرف .
الثانية : إن في طريقه علي بن زيد بن جدعان ، وقد ذكر البزار في مسنده من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا صلاة للملتفت " . فأما حديث ابن عباس : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلحظ في الصلاة يميناً وشمالاً ، ولا يلوي عنقه خلف ظهره " فهذا حديث لا يثبت قال الترمذي فيه : حديث غريب . ولم يزد .
وقال الخلال : أخبرني الميموني أن أبا عبد الله قيل له : إن بعض الناس أسند أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ في الصلاة . فأنكر ذلك إنكاراً شديداً ، حتى تغير وجهه ، وتغير لونه ، وتحرك بدنه ، ورأيته في حال ما رأيته في حال قط أسوأ منها ، وقال : النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ في الصلاة ؟! يعني أنه أنكر ذلك ، وأحسبه قال : ليس له إسناد ، وقال : من روى هذا ؟! إنما هذا من سعيد بن المسيب ، ثم قال لي بعض أصحابنا : إن أبا عبد الله وهن حديث سعيد هذا ، وضعف إسناده ، وقال : إنما هو عن رجل عن سعيد ، وقال عبد الله بن أحمد : حدثت أبي بحديث حسان بن إبراهيم عن عبد الملك الكوفي قال : سمعت العلاء قال : سمعت مكحولاً يحدث عن أبي أمامة وواثلة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة لم يلتفت يميناً ولا شمالاً ، ورمى ببصره في موضع سجوده ، فأنكره جداً ، وقال : اضرب عليه . فأحمد رحمه الله أنكر هذا وهذا ، وكان إنكاره للأول أشد ، لأنه باطل سنداً ومتناً .
والثاني : إنما أنكر سنده ، وإلا فمتنه غير منكر ، والله أعلم .
ولو ثبت الأول ، لكان حكاية فعل فعله ، لعله كان لمصلحة تتعلق بالصلاة ككلامه عليه السلام هو وأبو بكر وعمر ، وذو اليدين في الصلاة لمصلحتهما ، أو لمصلحة المسلمين ، كالحديث الذي رواه أبو داود عن أبي كبشة السلولي عن سهل بن الحنظلية قال : ثوب بالصلاة يعني صلاة الصبح ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب . قال أبو داود : يعني وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل يحرس فهذا الالتفات من الاشتغال بالجهاد في الصلاة وهو يدخل في مداخل العبادات ، كصلاة الخوف ، وقريب منه قول عمر : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة . فهذا جمع بين الجهاد والصلاة . ونظيره التفكر في معاني القرآن ، واستخراج كنوز العلم منه في الصلاة ، فهذا جمع بين الصلاة والعلم، فهذا لون ، والتفات الغافلين اللاهين وأفكارهم لون آخر ، وبالله التوفيق .
فهديه الراتب صلى الله عليه وسلم إطالة الركعتين الأوليين من الرباعية على الأخريين ، وإطالة الأولى من الأولين على الثانية ، ولهذا قال سعد لعمر : أما أنا فأطيل في الأوليين ، وأحذف في الأخريين ، ولا آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكذلك كان هديه صلى الله عليه وسلم إطالة صلاة الفجر على سائر الصلوات ، كما تقدم . قالت عائشة رضي الله عنها : فرض الله الصلاة ركعتين ركعتين ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، زيد في صلاة الحضر ، إلا الفجر ، فإنها أقرت على حالها من أجل طول القراءة، والمغرب ، لأنها وتر النهار . رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه وأصله في صحيح البخاري وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم في سائر صلاته إطالة أولها على آخرها ، كما فعل في الكسوف ، وفي قيام الليل لما صلى ركعتين طويلتين ، ثم ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، حتى أتم صلاته . ولا يناقض هذا افتتاحه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل بركعتين خفيفتين ، وأمره بذلك ، لأن هاتين الركعتين مفتاح قيام الليل ، فهما بمنزلة سنة الفجر وغيرها ، وكذلك الركعتان اللتان كان يصليهما أحياناً بعد وتره ، تارة جالساً ، وتارة قائماً ، مع قوله : " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً " فإن هاتين الركعتين لا تنافيان هذا الأمر ، كما أن المغرب وتر للنهار ، وصلاة السنة شفعاً بعدها لا يخرجها عن كونها وتراً للنهار ، وكذلك الوتر لما كان عبادة مستقلة ، وهو وتر الليل ، كانت الركعتان بعده جاريتين مجرى سنة المغرب ، من المغرب ، ولما كان المغرب فرضاً ، كانت محافظته عليه السلام على سنتها أكثر من محافظته على سنة الوتر ، وهذا على أصل من يقول بوجوب الوتر ظاهر جداً ، وسيأتي مزيد كلام في هاتين الركعتين إن شاء الله تعالى ، وهي مسألة شريفة لعلك لا تراها في مصنف ، وبالله التوفيق .