منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 04-27-2006, 01:55 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في كيفية سجوده والقيام منه

فصل
ثم كان يكبر ويخر ساجداً ، ولا يرفع يديه وقد روي عنه أنه كان يرفعهما أيضاً ، وصححه بعض الحفاظ كأبي محمد بن حزم رحمه الله ، وهو وهم ، فلا يصح ذلك عنه البتة ، والذي غره أن الراوي غلط من قوله : كان يكبر في كل خفض ورفع إلى قوله : كان يرفع يديه عند كل خفض ورفع ، وهو ثقة ولم يفطن لسبب غلط الراوي ووهمه ، فصححه . والله أعلم .
وكان صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه قبل يديه ، ثم يديه بعدهما ، ثم جبهته وأنفه ، هذا هو الصحيح الذي رواه شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد ، وضع ركبتيه قبل يديه ، وإذا نهض ، رفع يديه قبل ركبتيه ، ولم يرو في فعله ما يخالف ذلك .
وأما حديث أبي هريرة يرفعه " إذا سجد أحدكم ، فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضع يديه قبل ركبتيه " فالحديث - والله أعلم - قد وقع فيه وهم من بعض الرواة ، فإن أوله يخالف آخره ، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه ، فقد برك كما يبرك البعير ، فإن البعير إنما يضع يديه أولاً ، ولما علم أصحاب هذا القول ذلك ، قالوا : ركبتا البعير في يديه ، لا في رجليه ، فهو إذا برك ، وضع ركبتيه أولاً ، فهذا هو المنهي عنه ، وهو فاسد لوجوه .
أحدها : أن البعير إذا برك ، فإنه يضع يديه أولاً ، وتبقى رجلاه قائمتين ، فإذا نهض ، فإنه ينهض برجليه أولاً ، وتبقى يداه على الأرض ، وهذا هو الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم ، وفعل خلافه . وكان أول ما يقع منه على الأرض الأقرب منها فالأقرب ، وأول ما يرتفع عن الأرض منها الأعلى فالأعلى .
وكان يضع ركبتيه أولاً ، ثم يديه ، ثم جبهته . وإذا رفع ، رفع رأسه أولاً ، ثم يديه ، ثم ركبتيه ، وهذا عكس فعل البعير ، وهو صلى الله عليه وسلم نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات ، فنهى عن بروك كبروك البعير ، والتفات كالتفات الثعلب ، وافتراش كافتراش السبع ، وإقعاء كإقعاء الكلب ، ونقر كنقر الغراب ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس ، فهدي المصلي مخالف لهدي الحيوانات .
الثاني : أن قولهم : ركبتا البعير في يديه كلام لا يعقل ، ولا يعرفه أهل اللغة وإنما الركبة في الرجلين ، وإن أطلق على اللتين في يديه اسم الركبة ، فعلى سبيل التغليب .
الثالث : أنه لو كان كما قالوه ، لقال : فليبرك كما يبرك البعير ، وإن أول ما يمس الأرض من البعير يداه . وسر المسألة أن من تأمل بروك البعير ، وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بروك كبروك البعير ، علم أن حديث وائل بن حجر هو الصواب ، والله أعلم .
وكان يقع لي أن حديث أبي هريرة كما ذكرنا مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله ، ولعله : وليضع ركبتيه قبل يديه كما انقلب على بعضهم حديث ابن عمر " إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ". فقال : ابن أم مكتوم يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال . وكما انقلب على بعضهم حديث " لا يزال يلقى في النار ، فتقول : هل من مزيد ... إلى أن قال : وأما الجنة فينشئ الله لها خلقاً يسكنهم إياها فقال : وأما النار فينشئ الله لها خلقاً يسكنهم إياها " حتى رأيت أبا بكر بن أبي شيبة قد رواه كذلك، فقال ابن أبي شيبة : حدثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الله بن سعيد ، عن جده ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سجد أحدكم ، فليبدأ بركبتيه قبل يديه ، ولا يبرك كبروك الفحل " ورواه الأثرم في سننه أيضاً عن أبي بكر كذلك . وقد روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يصدق ذلك ، ويوافق حديث وائل بن حجر . قال ابن أبي داود : حدثنا يوسف بن عدي ، حدثنا ابن فضيل هو محمد ، عن عبد الله بن سعيد ، عن جده ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه .
وقد روى ابن خزيمة في صحيحه من حديث مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : كنا نضع اليدين قبل الركبتين ، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين وعلى هذا فإن كان حديث أبي هريرة محفوظاً ، فإنه منسوخ ، وهذه طريقة صاحب المغني وغيره ، ولكن للحديث علتان .
إحداهما : أنه من رواية يحيى ابن سلمة بن كهيل ، وليس ممن يحتج به ، قال النسائي : متروك . وقال ابن حبان : منكر الحديث جداً لا يحتج به ، وقال ابن معين : ليس بشئ .
الثانية : أن المحفوظ من رواية مصعب بن سعد عن أبيه هذا إنما هو قصة التطبيق ، وقول سعد : كنا نصنع هذا ، فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب .
وأما قول صاحب المغني عن أبي سعيد قال : كنا نضع اليدين قبل الركبتين ، فأمرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين ، فهذا - والله أعلم - وهم في الاسم ، وإنما هو عن سعد ، وهو أيضاً وهم في المتن كما تقدم ، وإنما هو في قصة التطبيق ، والله أعلم .
وأما حديث أبي هريرة المتقدم ، فقد علله البخاري ، والترمذي ، والدارقطني . قال البخاري : محمد بن عبد الله بن حسن لا يتابع عليه ، وقال : لا أدري أسمع من أبي الزناد ، أم لا . وقال الترمذي : غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه .
وقال الدارقطني : تفرد به عبد العزيز الدراوردي ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي ، عن أبي الزناد ، وقد ذكر النسائي عن قتيبة ، حدثنا عبد الله بن نافع ، عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " يعمد أحدكم في صلاته ، فيبرك كما يبرك الجمل " ولم يزد . قال أبو بكر بن أبي داود : وهذه سنة تفرد بها أهل المدينة ، ولهم فيها إسنادان ، هذا أحدهما ، والآخر عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : أراد الحديث الذي رواه أصبغ بن الفرج ، عن الدراوردي ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه ، ويقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك . رواه الحاكم في المستدرك من طريق محرز بن سلمة عن الدراوردي وقال على شرط مسلم وقد رواه الحاكم من حديث حفص بن غياث ، عن عاصم الأحول ، عن أنس قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم انحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه قال الحاكم : على شرطهما ، ولا أعلم له علة .
قلت : قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سألت أبي عن هذا الحديث ، فقال : هذا الحديث منكر . انتهى . وإنما أنكره - والله أعلم - لأنه من رواية العلاء بن إسماعيل العطار ، عن حفص بن غياث ، والعلاء هذا مجهول لا ذكر له في الكتب الستة . فهذه الأحاديث المرفوعة من الجانبين كما ترى .
وأما الآثار المحفوظة عن الصحابة ، فالمحفوظ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يضع ركبتيه قبل يديه ، ذكره عنه عبد الرزاق وابن المنذر ، وغيرهما ، وهو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه ، ذكره الطحاوي عن فهد عن عمر بن حفص ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أصحاب عبد الله علقمة والأسود قالا : حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ، ووضع ركبتيه قبل يديه ، ثم ساق من طريق الحجاج بن أرطاة قال : قال إبراهيم النخعي : حفظ عن عبد الله بن مسعود أن ركبتيه كانتا تقعان على الأرض قبل يديه ، وذكر عن أبي مرزوق عن وهب ، عن شعبة ، عن مغيرة قال : سألت إبراهيم عن الرجل يبدأ بيديه قبل ركبتيه إذا سجد ؟ قال : أو يصنع ذلك إلا أحمق أو مجنون !
قال ابن المنذر : وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ، فممن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه : عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وبه قال النخعي ، ومسلم بن يسار ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو حنيفة وأصحابه ، وأهل الكوفة .
وقالت طائفة : يضع يديه قبل ركبتيه ، قاله مالك : وقال الأوزاعي : أدركنا الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم . قال ابن أبي داود : وهو قول أصحاب الحديث .
قلت : وقد روي حديث أبي هريرة بلفظ آخر ذكره البيهقي ، وهو : " إذا سجد أحدكم ، فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضع يديه على ركبتيه " قال البيهقى : فإن كان محفوظاً ، كان دليلاً على أنه يضع يديه قبل ركبتيه عند الإهواء إلى السجود .
وحديث وائل بن حجر أولى لوجوه .
أحدها : أنه أثبت من حديث أبي هريرة ، قاله الخطابي ، وغيره .
الثاني : أن حديث أبي هريرة مضطرب المتن كما تقدم ، فمنهم من يقول فيه : وليضع يديه قبل ركبتيه ، ومنهم من يقول بالعكس ، ومنهم من يقول : وليضع يديه على ركبتيه ، ومنهم من يحذف هذه الجملة رأساً .
الثالث : ما تقدم من تعليل البخاري والدارقطني وغيرهما .
الرابع : أنه على تقدير ثبوته قد ادعى فيه جماعة من أهل العلم النسخ قال ابن المنذر : وقد زعم بعض أصحابنا أن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ ، وقد تقدم ذلك .
الخامس : أنه الموافق لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بروك كبروك الجمل في الصلاة ، بخلاف حديث أبي هريرة .
السادس : أنه الموافق للمنقول عن الصحابة ، كعمر بن الخطاب ، وابنه ، وعبد الله بن مسعود ، ولم ينقل عن أحد منهم ما يوافق حديث أبي هريرة إلا عن عمر رضي الله عنه على اختلاف عنه .
السابع : أن له شواهد من حديث ابن عمر وأنس كما تقدم ، وليس لحديث أبي هريرة شاهد ، فلو تقاوما ، لقدم حديث وائل بن حجر من أجل شواهده ، فكيف وحديث وائل أقوى كما تقدم . الثامن : أن أكثر الناس عليه ، والقول الآخر إنما يحفظ عن الأوزاعي ومالك ، وأما قول ابن أبي داود : إنه قول أهل الحديث ، فإنما أراد به بعضهم ، وإلا فأحمد والشافعي وإسحاق على خلافه .
التاسع : أنه حديث فيه قصة محكية سيقت لحكاية فعله صلى الله عليه وسلم ، فهو أولى أن يكون محفوظاً ، لأن الحديث إذا كان فيه قصة محكية ، دل على أنه حفظ .
العاشر : أن الأفعال المحكية فيه كلها ثابتة صحيحة من رواية غيره ، فهي أفعال معروفة صحيحة ، وهذا واحد منها ، فله حكمها ، ومعارضه ليس مقاوماً له ، فيتعين ترجيحه ، والله أعلم .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسجد على جبهته وأنفه دون كور العمامة ، ولم يثبت عنه السجود على كور العمامة من حديث صحيح ولا حسن ، ولكن روى عبد الرزاق في المصنف من حديث أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على كور عمامته ، وهو من رواية عبد الله بن محرب ، وهو متروك وذكره أبو أحمد الزبيري من حديث جابر ، ولكنه من رواية عمر بن شمر عن جابر الجعفي ، متروك عن متروك ، وقد ذكر أبو داود في المراسيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي في المسجد ، فسجد بجبينه ، وقد اعتم على جبهته ، فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على الأرض كثيراً ، وعلى الماء والطين وعلى الخمرة المتخذة من خوص النخل ، وعلى الحصير المتخذ منه ، وعلى الفروة المدبوغة .
وكان إذا سجد ، مكن جبهته وأنفه من الأرض ، ونحى يديه عن جنبيه ، وجافى بهما حتى يرى بياض إبطيه ، ولو شاءت بهمة - وهي الشاة الصغيرة - أن تمر تحتهما لمرت .
وكان يضع يديه حذو منكبيه وأذنيه ، وفي صحيح مسلم عن البراء أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سجدت ، فضع كفيك وارفع مرفقيك ". وكان يعتدل في سجوده ، ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة .
وكان يبسط كفيه وأصابعه ، ولا يفرج بينها ولا يقبضها ، وفي صحيح ابن حبان كان " إذا ركع ، فرج أصابعه ، فإذا سجد ، ضم أصابعه ". وكان يقول : " سبحان ربي الأعلى " وأمر به .
وكان يقول : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " . وكان يقول : " سبوح قدوس رب الملائكة والروح " .
وكان يقول : " سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت ".
وكان يقول : " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " .
وكان يقول : " اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره ، وشق سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين " .
وكان يقول : " اللهم اغفر لي ذنبي كله ، دقه وجله ، وأوله وآخره ، وعلانيته وسره " .
وكان يقول : " اللهم اغفز لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري ، وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي جدي وهزلي ، وخطئي وعمدي ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفز لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت ، وما أعلنت ، أنت إلهى ، لا إله إلا أنت " .
وكان يقول : " اللهم اجعل في قلبي نوراً ، وفي سمعي نوراً ، وفي بصري نوراً ، وعن يميني نوراً ، وعن شمالي نوراً ، وأمامي نوراً ، وخلفي نوراً ، وفوقي نوراً ، وتحتي نوراً ، واجعل لي نوراً " .
وأمر بالاجتهاد في الدعاء في السجود وقال : " إنه قمن أن يستجاب لكم " . وهل هذا أمر بأن يكثر الدعاء في السجود ، أو أمر بأن الداعي إذا دعا في محل ، فليكن في السجود ؟ وفرق بين الأمرين ، وأحسن ما يحمل عليه الحديث أن الدعاء نوعان : دعاء ثناء ، ودعاء مسألة ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر في سجوده من النوعين ، والدعاء الذي أمر به في السجود يتناول النوعين.
والاستجابة أيضا نوعان : استجابة دعاء الطالب بإعطائه سؤاله ، واستجابة دعاء المثني بالثواب ، وبكل واحد من النوعين فسر قوله تعالى : " أجيب دعوة الداع إذا دعان " ( البقرة : 187) والصحيح أنه يعم النوعين .