منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 11  ]
قديم 04-27-2006, 01:54 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في كيفية ركوعه والرفع منه

فصل
وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من القراءة ، سكت بقدر ما يتراد إليه نفسه ، ثم رفع يديه كما تقدم ، وكبر راكعاً ، ووضع كفيه على ركبتيه كالقابض عليهما ، ووتر يديه ، فنحاهما عن جنبيه ، وبسط ظهره ومده ، واعتدل ، ولم ينصب رأسه ، ولم يخفضه ، بل يجعله حيال ظهره معادلاً له .
وكان يقول : سبحان ربي العظيم وتارة يقول مع ذلك ، أو مقتصراً عليه : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي . وكان ركوعه المعتاد مقدار عشر تسبيحات ، وسجوده كذلك . وأما حديث البراء بن عازب رضى الله عنه : رمقت الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان قيامه فركوعه فاعتداله فسجدته ، فجلسته ما بين السجدتين قريباً من السواء . فهذا قد فهم منه بعضهم أنه كان يركع بقدر قيامه ، ويسجد بقدره ، ويعتدل كذلك . وفي هذا الفهم شئ ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالمائة آية أو نحوها ، وقد تقدم أنه قرأ في المغرب بـ ( الأعراف ) و ( الطور ) و ( المرسلات ) ومعلوم أن ركوعه وسجوده لم يكن قدر هذه القراءة ، ويدل عليه حديث أنس الذي رواه أهل السنن أنه قال : ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز ، قال : فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات ، وفي سجوده عشر تسبيحات هذا مع قول أنس أنه كان يؤمهم بـ ( الصافات ) فمراد البراء - والله أعلم- أن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت معتدلة ، فكان إذا أطال القيام ، أطال الركوع والسجود ، وإذا خفف القيام ، خفف الركوع والسجود ، وتارة يجعل الركوع والسجود بقدر القيام ، ولكن كان يفعل ذلك أحياناً في صلاة الليل وحدها ، وفعله أيضاً قريباً من ذلك في صلاة الكسوف ، وهديه الغالب صلى الله عليه وسلم تعديل الصلاة وتناسبها .
وكان يقول أيضاً في ركوعه " سبوح قدوس رب الملائكة والروح " وتارة يقول : " اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي " . وهذا إنما حفظ عنه في قيام الليل .
ثم كان يرفع رأسه بعد ذلك قائلاً : " سمع الله لمن حمده " ويرفع يديه كما تقدم ، وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفساً ، واتفق على روايتها العشرة ، ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة ، بل كان ذلك هديه دائماً إلى أن فارق الدنيا ، ولم يصح عنه حديث البراء : ثم لا يعود بل هي من زيادة يزيد بن زياد . فليس ترك ابن مسعود الرفع مما يقدم على هديه المعلوم ، فقد ترك من فعل ابن مسعود في الصلاة أشياء ليس معارضها مقارباً ولا مدانياً للرفع ، فقد ترك من فعله التطبيق والافتراش في السجود ، ووقوفه إماماً بين الإثنين في وسطهما دون التقدم عليهما ، وصلاته الفرض في البيت بأصحابه بغير أذان ولا إقامة لأجل تأخير الأمراء ، وأين الأحاديث في خلاف ذلك من الأحاديث التى في الرفع كثرة وصحة وصراحة وعملاً ، وبالله التوفيق .
وكان دائماً يقيم صلبه إذا رفع من الركوع ، وبين السجدتين ، ويقول " لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود " ذكره ابن خزيمة في صحيحه .
وكان إذا استوى قائماً ، قال : ربنا ولك الحمد وربما قال : ربنا لك الحمد وربما قال : اللهم ربنا لك الحمد صح ذلك عنه . وأما الجمع بين اللهم و الواو فلم يصح .
وكان من هديه إطالة هذا الركن بقدر الركوع والسجود ، فصح عنه أنه كان يقول : " سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شئ بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد - وكلنا لك عبد -: لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" .
وصح عنه أنه كان يقول فيه : " اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ، ونقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب " .
وصح عنه أنه كرر فيه قوله : " لربي الحمد ، لربي الحمد " حتى كان بقدر الركوع .
وصح عنه أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع يمكث حتى يقول القائل : قد نسي من إطالته لهذا الركن . وذكر مسلم عن أنس رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : سمع الله لمن حمده ، قام حتى نقول : قد أوهم ، ثم يسجد ، ثم يقعد بين السجدتين حتى نقول : قد أوهم .
وصح عنه في صلاة الكسوف أنه أطال هذا الركن بعد الركوع حتى كان قريباً من ركوعه ، وكان ركوعه قريباً من قيامه .
فهذا هديه المعلوم الذي لا معارض له بوجه .
وأما حديث البراء بن عازب : كان ركوع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجوده بين السجدتين ، وإذا رفع رأسه من الركوع - ما خلا القيام والقعود - قريباً من السواء . رواه البخاري فقد تشبث به من ظن تقصير هذين الركنين ، ولا متعلق له ، فإن الحديث مصرح فيه بالتسوية بين هذين الركنين وبين سائر الأركان ، فلو كان القيام والقعود المستثنيين هو القيام بعد الركوع والقعود بين السجدتين ، لناقض الحديث الواحد بعضه بعضاً ، فتعين قطعاً أن يكون المراد بالقيام والقعود قيام القراءة ، وقعود التشهد ، ولهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم فيهما إطالتهما على سائر الأركان كما تقدم بيانه ، وهذا بحمد الله واضح ، وهو مما خفي من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته على من شاء الله أن يخفى عليه .
قال شيخنا : وتقصير هذين الركنين مما تصرف فيه أمراء بني أمية في الصلاة ، وأحدثوه فيها ، كما أحدثوا فيها ترك إتمام التكبير ، وكما أحدثو التأخير الشديد ، وكما أحدثوا غير ذلك مما يخالف هديه صلى الله عليه وسلم وربي في ذلك من ربي حتى ظن أنه من السنة .