فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في التيمم
كان صلى الله عليه وسلم يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين ، ولم يصح عنه أنه تيمم بضربتين ، ولا إلى المرفقين . قال الإمام أحمد : من قال : إن التيمم إلى المرفقين ، فإنما هو شئ زاده من عنده . وكذلك كان يتيمم بالأرض التي يصلي عليها ، تراباً كانت أو سبخة أو رملاً . وصح عنه أنه قال : " حيثما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة ، فعنده مسجده وطهوره " ، وهذا نص صريح في أن من أدركته الصلاة في الرمل ، فالرمل له طهور . ولما سافر هو وأصحابه في غزوة تبوك ، قطعوا تلك الرمال في طريقهم ، وماؤهم في غاية القلة ، ولم يرو عنه أنه حمل معه التراب ، ولا أمر به ، ولا فعله أحد من أصحابه ، مع القطع بأن في المفاوز الرمال أكثر من التراب ، وكذلك أرض الحجاز وغيره ، ومن تدبر هذا ، قطع بأنه كان يتيمم بالرمل ، والله أعلم وهذا قول الجمهور .
وأما ما ذكر في صفة التيمم من وضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور اليمنى ، ثم إمرارها إلى المرفق ، ثم إدارة بطن كفه على بطن الذراع ، وإقامة إبهامه اليسرى كالمؤذن ، إلى أن يصل إلى إبهامه اليمنى ، فيطبقها عليها ، فهذا مما يعلم قطعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولاعلمه أحداً من أصحابه ، ولا أمر به ، ولا استحسنه ، وهذا هديه ، إليه التحاكم ، وكذلك لم يصح عنه التيمم لكل صلاة ، ولا أمر به ، بل أطلق التيمم ، وجعله قائماً مقام الوضوء وهذا يقتضي أن يكون حكمه حكمه ، إلا فيما اقتضى الدليل خلافه .