فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في معاملته
كان أحسن الناس معاملة . وكان إذا استسلف سلفاً قضى خيراً منه .
وكان إذا استسلف من رجل سلفاً ، قضاه إياه ، ودعا له ، فقال : " بارك الله لك في أهلك ومالك ، إنما جزاء السلف الحمد و الأداء " .
واستسلف من رجل أربعين صاعاً ، فاحتاج الأنصاري ، فأتاه ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ما جاءنا من شئ بعد " فقال الرجل : وأراد أن يتكلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقل إلا خيراً ، فأنا خير من تسلف " فأعطاه أربعين فضلاً ، وأربعين سلفة ، فأعطاه ثمانين . ذكره البزار . واقترض بعيراً ، فجاء صاحبه يتقاضاه ، فأغلظ للنبي صلى الله عليه وسلم ، فهم به أصحابه ، فقال : " دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً ". واشترى مرة شيئاً وليس عنده ثمنه فأربح فيه ، فباعه ، وتصدق بالربح على أرامل بني عبد المطلب ، وقال : " لا أشتري بعد هذا شيئاً إلا وعندي ثمنه " ذكره أبو داود ، وهذا لا يناقض الشراء في الذمة إلى أجل ، فهذا شئ ، وهذا شئ . وتقاضاه غريم له ديناً ، فأغلظ عليه ، فهم به عمر بن الخطاب فقال : " مه يا عمر كنت أحوج إلى أن تأمرني بالوفاء . وكان أحوج إلى أن تأمره بالصبر " ، وباعه يهودي بيعاً إلى أجل ، فجاءه قبل الأجل يتقاضاه ثمنه ، فقال : لم يحل الأجل ، فقال اليهودي : إنكم لمطل يا بني عبد المطلب ، فهم به أصحابه ، فنهاهم ، فلم يزده ذلك إلا حلماً ، فقال اليهودي : كل شئ منه قد عرفته من علامات النبوة ، وبقيت واحدة ، وهي أنه لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً ، فأردت أن أعرفها ، فأسلم اليهودي .