منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 44  ]
قديم 04-27-2006, 01:45 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل في بيعه وشرائه ومعاملاته

فصل
وباع رسول الله صلى الله عليه وسلم واشترى ، وكان شراؤه بعد أن أكرمه الله تعالى برسالته أكثر من بيعه ، وكذلك بعد الهجرة لا يكاد يحفظ عنه البيع إلا في قضايا يسيرة أكثرها لغيره ، كبيعه القدح والحلس فيمن يزيد ، وبيعه يعقوب المدبر غلام أبي مذكور ، وبيعه عبداً أسود بعبدين .
وأما شراؤه ، فكثير ، وآجر ، واستأجر ، واستئجاره أكثر من إيجاره ، وإنما يحفظ عنه أنه أجر نفسه قبل النبوة في رعاية الغنم ، وأجر نفسه من خديجة في سفره بمالها إلى الشام .
وإن كان العقد مضاربة ، فالمضارب أمين ، وأجير ، ووكيل ، وشريك ، فأمين إذا قبض المال ، ووكيل إذا تصرف فيه ، وأجير فيما يباشره بنفسه من العمل ، وشريك إذا ظهر فيه الربح . وقد أخرج الحاكم في مستدركه من حديث الربيع بن بدر ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : آجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه من خديجة بنت خويلد سفرتين إلى جرش كل سفرة بقلوص ، وقال : صحيح الإسناد .
قال في النهاية : جرش ، بضم الجيم وفتح الراء من مخاليف اليمن ، وهو بفتحهما بلد بالشام .
قلت : إن صح الحديث ، فإنما هو المفتوح الذي بالشام ، ولا يصح ، فإن الربيع بن بدر هذا هو عليلة ، ضعفه أئمة الحديث . قال النسائي والدارقطني والأزدي : متروك ، وكأن الحاكم ظنه الربيع بن بدر مولى طلحة بن عبيد الله .
وشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولما قدم عليه شريكه قال : أما تعرفني ؟ قال : " أما كنت شريكي ؟ فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري " .
وتدارئ بالهمزة من المدارأة ، وهي مدافعة الحق ، فإن ترك همزها ، صارت من المداراة ، وهي المدافعة بالتي هي أحسن .
ووكل وتوكل ، وكان توكيله أكثر من توكله .
وأهدى ، وقبل الهدية ، وأثاب عليها ، ووهب ، واتهب ، فقال لسلمة بن الأكوع ، وقد وقع في سهمه جارية : " هبها لي " فوهبها له ، ففادى بها من أهل مكة أسارى من المسلمين .
واستدان برهن ، وبغير رهن ، واستعار ، واشترى بالثمن الحال والمؤجل .
وضمن ضماناً خاصاً على ربه على أعمال من عملها كان مضموناً له بالجنة ، وضماناً عاماً لديون من توفي من المسلمين ، ولم يدع وفاء أنها عليه وهو يوفيها وقد قيل : إن هذا الحكم عام للأئمة بعده ، فالسلطان ضامن لديون المسلمين إذا لم يخلفوا وفاء ، فإنها عليه يوفيها من بيت المال ، وقالوا : كما يرثه إذا مات ، ولم يدع وارثاً ، فكذلك يقضي عنه دينه إذا مات ولم يدع وفاء ، وكذلك ينفق عليه في حياته إذا لم يكن له من ينفق عليه . ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً كانت له ، جعلها صدقة في سبيل الله ، وتشفع ، وشفع إليه ، وردت بريرة شفاعته في مراجعتها مغيثاً ، فلم يغضب عليها ، ولا عتب ، وهو الأسوة والقدوة ، وحلف في أكثر من ثمانين موضعاً ، وأمره الله سبحانه بالحلف في ثلاثة مواضع ، فقال تعالى : " ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق " [ يونس : 53 ] وقال تعالى : " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم " [ سبأ : 3 ] وقال تعالى : " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير " [ التغابن : 7 ] وكان إسماعيل بن إسحاق القاضي يذاكر أبا بكر محمد بن داود الظاهري ، ولا يسميه بالفقيه ، فتحاكم إليه يوماً هو وخصم له ، فتوجهت اليمين على أبي بكر بن داود ، فتهيأ للحلف ، فقال له القاضي إسماعيل : أوتحلف ومثلك يحلف يا أبا بكر ؟! فقال : وما يمنعني من الحلف وقد أمر الله تعالى نبيه بالحلف في ثلاثة مواضع من كتابه ، قال : أين ذلك ؟ فسردها له أبو بكر ، فاستحسن ذلك منه جداً ، ودعاه بالفقيه من ذلك اليوم .
وكان صلى الله عليه وسلم يستثني في يمينه تارة ، ويكفرها تارة ، ويمضي فيها تارة ، والإستثناء يمنع عقد اليمين ، والكفارة تحلها بعد عقدها ، ولهذا سماها الله تحلة .
وكان يمازح ، ويقول في مزاحه الحق ، ويوري ، ولا يقول في توريته إلا الحق ، مثل أن يريد جهة يقصدها فيسأل عن غيرها كيف طريقها ؟ وكيف مياهها ومسلكها ؟ أو نحو ذلك . وكان يشير ويستشير .
وكان يعود المريض ويشهد الجنازة ، ويجيب الدعوة ، ويمشي مع الأرملة والمسكين والضعيف في حوائجهم ، وسمع مديح الشعر ، وأثاب عليه ، ولكن ما قيل فيه من المديح ، فهو جزء يسير جداً من محامده ، وأثاب على الحق . وأما مدح غيره من الناس ، فأكثر ما يكون بالكذب ، فلذلك أمر أن يحثى في وجوه المداحين التراب .