منتديات جعلان - عرض مشاركة واحدة - ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 38  ]
قديم 04-27-2006, 01:41 AM
جعلاني ذهبي


المشاركات
4,762

+التقييم

تاريخ التسجيل
Oct 2004

الاقامة

نظام التشغيل
oman

رقم العضوية
12

اسير الصحراء is on a distinguished road
غير متواجد
 
افتراضي
فصل آخر فيما يتعلق بلباسه

فصل
وكان غالب ما يلبس هو وأصحابه ما نسج من القطن ، وربما لبسوا ما نسج من الصوف والكتان ، وذكر الشيخ أبو إسحاق الأصبهاني بإسناد صحيح عن جابر بن أيوب قال : دخل الصلت بن راشد على محمد بن سيرين وعليه جبة صوف ، وإزار صوف ، وعمامة صوف ، فاشمأز منه محمد ، وقال : أظن أن أقواماً يلبسون الصوف ويقولون : قد لبسه عيسى ابن مريم ، وقد حدثني من لا أتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان والصوف والقطن ، وسنة نبينا أحق أن تتبع . ومقصود ابن سيرين بهذا أن أقواماً يرون أن لبس الصوف دائماً أفضل من غيره ، فيتحرونه ويمنعون أنفسهم من غيره ، وكذلك يتحرون زياً واحداً من الملابس ، ويتحرون رسوماً وأوضاعاً وهيئات يرون الخروج عنها منكراً ، وليس المنكر إلا التقيد بها ، والمحافظة عليها ، وترك الخروج عنها .
والصواب أن أفضل الطرق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم التى سنها ، وأمر بها ، ورغب فيها ، وداوم عليها ، وهي أن هديه في اللباس : أن يلبس ما تيسر من اللباس ، من الصوف تارة ، والقطن تارة ، والكتان تارة .
ولبس البرود اليمانية ، والبرد الأخضر ، ولبس الجبة ، والقباء ، والقميص ، والسراويل ، والإزار ، والرداء ، والخف ، والنعل ، وأرخى الذؤابة من خلفه تارة ، وتركها تارة .
وكان يتلحى بالعمامة تحت الحنك .
وكان إذا استجد ثوباً ، سماه باسمه ، وقال : " اللهم أنت كسوتني هذا القميص أو الرداء أو العمامة ، أسألك خيره وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له " .
وكان إذا لبس قميصه ، بدأ بميامنه . ولبس الشعر الأسود ، كما روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر أسود . وفي الصحيحين عن قتادة قلنا لأنس : أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : الحبرة . والحبرة : برد من برود اليمن . فإن غالب لباسهم كان من نسج اليمن ، لأنها قريبة منهم ، وربما لبسوا ما يجلب من الشام ومصر ، كالقباطي المنسوجة من الكتان التي كانت تنسجها القبط . وفي سنن النسائي عن عائشة أنها جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم بردة من صوف ، فلبسها ، فلما عرق ، فوجد ريح الصوف ، طرحها ، وكان يحب الريح الطيب . وفي سنن أبي داود عن عبد الله بن عباس
قال : لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل ، وفي سنن النسائي عن أبي رمثة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وعليه بردان أخضران . والبرد الأخضر : هو الذي فيه خطوط خضر ، وهو كالحلة الحمراء سواء ، فمن فهم من الحلة الحمراء الأحمر البحت ، فينبغي أن يقول : إن البرد الأخضر كان أخضر بحتاً ، وهذا لا يقوله أحد .
وكانت مخدته صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها ليف ، فالذين يمتنعون عما أباح الله من الملابس والمطاعم والمناكح تزهداً وتعبداً ، بإزائهم طائفة قابلوهم ، فلا يلبسون إلا أشرف الثياب ، ولا يأكلون إلا ألين الطعام ، فلا يرون لبس الخشن ولا أكله تكبراً وتجبراً ، وكلا الطائفتين هديه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال بعض السلف : كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب : العالي ، والمنخفض وفي السنن عن ابن عمر يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم : " من لبس ثوب شهرة ، ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة ، ثم تلهب فيه النار " وهذا لأنه قصد به الإختيال والفخر ، فعاقبه الله بنقيض ذلك ، فأذله ، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به
الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جر ثوبه خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة " وفي السنن عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم قال : " الإسبال في الإزار ، والقميص والعمامة ، من جر شيئاً منها خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة " وفي السنن عن ابن عمر أيضاً قال : ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار ، فهو في القميص ، وكذلك لبس الدنيء من الثياب يذم في موضع ، ويحمد في موضع ، فيذم إذا كان شهرة وخيلاء ويمدح إذا كان تواضعاً واستكانة ، كما أن لبس الرفيع من الثياب يذم إذا كان تكبراً وفخراً وخيلاء ، ويمدح إذا كان تجملاً وإظهاراً لنعمة الله ، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر ، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فقال رجل : يا رسول الله إني أحب أن يكون ثوبي حسناً ، ونعلي حسنة ، أفمن الكبر ذاك ؟ فقال : لا ، إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر : بطر الحق ، وغمط الناس " .