وفد بني حنيفة : فيهم مسيلمة :
وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني حنيفة، فيهم مسيلمة الكذاب ، فأتوه وخلفوا مسيلمة في رحالهم ، فلما أسلموا ذكروا مكانه ، فقالوا : يا رسول الله ! إنا خلفنا صاحباً لنا في رحالنا يحفظها لنا . فأمر له بمثل ما أمر به للقوم ، وقال : أما إنه ليس بشركم مكاناً ، يعني : لحفظه ضيعة أصحابه . ثم انصرفوا فلما انتهوا إلى اليمامة ، ارتد عدو الله وتنبأ، وقال : إني أشركت في الأمر معه . وقال للوفد: ألم يقل لكم : أما إنه ليس بشركم مكاناً ، ما ذاك إلا لما كان يعلم أني أشركت في الأمر معه . ثم جعل يسجع لهم السجعات ، مضاهاة للقرآن، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالنبوة.
وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد ، فإني أشركت في الأمر معك . وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ، ولكن قريشاً قوم لا يعدلون .
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : من محمد رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين .
وقال للرجلين اللذين أتيا بكتابه : ما تقولان أنتما؟ فقالا : نقول كما قال ، "فقال : أما والله ، لولا أن الرسل لا تقتل ، لضربت رقابكما" ، وذلك في آخر سنة عشر .