ابتداء الدعوة :
وقال الزهري : لما ظهر الإسلام ، أتى جماعة من كفار قريش إلى من آمن من عشائرهم ، فعذبوهم وسجنوهم ، وأرادوا أن يفتنوهم عن دينهم .
قال الواقدي : حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان وغيرهم . قالوا : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين مستخفياً . ثم أعلن في الرابعة ، فدعا الناس عشر سنين ، يوافي المواسم كل عام ، يتبع الناس في منازلهم . وفي المواسم بعكاظ ، ومجنة ، وذي المجاز يدعوهم أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه ، ولهم الجنة . فلا يجد أحداً ينصره ويحميه . حتى ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة ، فيقول : "يا أيها الناس ! قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب ، وتدين لكم بها العجم . فإذا متم كنتم ملوكاً في الجنة ، وأبو لهب وراءه يقول : لا تطيعوه ، فإنه صابىء كذاب . فيردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبح الرد . ويؤذونه ، ويقولون : عشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك . وهو يقول : اللهم لو شئت لم يكونوا هكذا" .
ولما نزل عليه قوله تعالى : " وأنذر عشيرتك الأقربين " صعد الصفا فنادى : واصباحاه ، فلما اجتمعوا إليه قال : لو أخبرتكم أن خيلاً تريد أن تخرج عليكم من سفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقي ، قالوا : نعم ، ما جربنا عليك كذباً . قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب : تباً لك ، ما جمعتنا إلا لهذا ؟ فأنزل الله قوله تعالى : " تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب " .
قال ابن القيم رحمه الله : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله مستخفياً ثلاث سنين ، ثم نزل عليه : " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين