قصة نوح عليه السلام
فلما فعلوا ذلك أرسل الله إليهم نوحاً عليه السلام ، ليردهم إلى دين آدم وذريته ، الذين مضوا قبل التبديل ، فكان من أمرهم ماقص الله في كتابه ، ثم عمر نوح وأهل السفينة الأرض ، وبارك الله فيهم ، وانتشروا في الأرض أمماً وبقوا على الإسلام مدة لا ندري ما قدرها ؟
ثم حدث الشرك ، فأرسل الله الرسل ، وما من أمة إلا وقد بعث الله فيها رسولاً يأمرهم بالتوحيد ، وينهاهم عن الشرك ، كما قال تعالى : " ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " ، وقال تعالى " ثم أرسلنا رسلنا تترا كلما جاء أمة رسولها كذبوه " الآية .
ولما ذكر القصص في سورة الشعراء ختم كل قصة بقوله " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " ، فقص الله سبحانه ما قص لأجلنا ، كما قال تعالى : " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى " الآية .
ولما أنكر الله على أناس من هذه الأمة ، في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أشياء فعلوها ، قال : " ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين " الآية ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على أصحابه قصص من قبلهم ، ليعتبروا بذلك . وكذلك أهل العلم في نقلهم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جرى له مع قومه ، وما قال لهم ، وما قيل له . وكذلك نقلهم سيرة الصحابة ، وما جرى لهم مع الكفار والمنافقين ، وذكرهم أحوال العلماء بعدهم ، كل ذلك لأجل معرفة الخير والشر .
إذا فهمت ذلك ، فاعلم : أن كثيراً من الرسل وأممهم لا نعرفهم ، لأن الله لم يخبرنا عنهم، لكن أخبرنا عن عاد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد ، فبعث الله إليهم هوداً عليه السلام ، فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه ، وبقي التوحيد في أصحاب هود إلى أن عدم بعد مدة ، لا ندري كم هي ، وبقي في أصحاب صالح ، إلى أن عدم بعد مدة لا ندري كم هي ؟