![]() |
((( عمـــــوم الدعـــــوة المحمــــدية )))
جامعة الكويت
كلية الدراسات العليا برنامج الحديث الشريف وعلومه عمـــــوم الدعـــــوة المحمــــدية إشــراف الدكتور : طـــارق الطـــواري عمــــل الطالبـــــة : نور عبد العزيز الشايع مقــــــرر : حــــــــــــــديـث موضــــــــــوعــــــــــــــي العــــام الدراســـــي: 1426-1427 هـ |
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمــــة والحمد لله رب العالمين ، حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ... فبين أيدكم بحث بعنوان ( عموم الدعوة المحمدية ) ، كلفت به من قبل أستاذي الفاضل الدكتور / طارق الطواري ، ضمن مقرر الحديث الموضوعي والمنهجية المطلوبة في البحث : جمع الأحاديث المتعلقة بالموضوع مدار البحث وتخريجها ، ثم تحليل جزئيات الموضوع على ضوء أحاديث السنة النبوية الشريفة . وموضوع عموم رسالة الإسلام ودعوته أصل من أصول الدين الإسلامي ، وخاصة من خصائص نبينا اختصه الله تعالى بها دون من سواه من الرسل والأنبياء . " إن المصحف يفتتح بـ ( الحمد لله رب العالمين ) ويختتم بـ ( قل أعوذ برب الناس ) وبينهما تسبح الآيات في فضاء من العالمية لا يقصر الإله على قوم ولا يجعلهم شعبه المختار " (1) أما خطة البحث فهي كالتالي :- المبحث الأول : تعريف عموم الدعوة والمقصود بالدعوة الإسلامية ، ويتضمن التعريف بمحاسن الشريعة وشموليتها للآداب والأخلاق والأحكام ومراعاتها للمصالح الفردية والجماعية . المبحث الثاني : أدلة العموم من القرآن الكريم . ----------------------------------------------- (1) من كلمة ألقاها الباحث المغربي بأبو زيد المقري الإدريسي – في مؤتمر بعنوان : رحمة للعالمين |
المبحث الثالث : أدلة العموم من السنة النبوية والآثار .
المبحث الرابع : شمولية الدعوة للجن . المبحث الخامس : شبهات حول شمول الدعوة الإسلامية وعمومها . المبحث السادس : كيف يصل المسلمون إلى عالمية الدعوة ؟ المبحث السابع : حكم من لم تبلغه الدعوة . تم خاتمة تتضمن خلاصة البحث ، والله عز وجل أسأل التوفيق والسداد ، والنصرة لدينه والتمكين لأهل الإسلام في الأرض .. نور عبد العزيز الشايع |
المبحث الأول :
تعريف عموم الدعوة الإسلامية معنى كلمة عموم : 1- لغة : (عمَّ ) الشيء يعُمُّ ( عموماً ) أي شمل الجماعة ، يقال عمّهم بالعطية . (1) 2- تعريف ( العام ) عند الأصوليين : هو لفظ يستغرق جميع ما يصلح له ، من غير حصر . (2) أما المعنى المراد من ( عموم الدعوة ) : فهو : شمولها لجميع خلق الله إنساً وجناً ، في كل زمان ومكان إلى يوم القيامة . تعريف الدعوة الدعوة : مصدر ( دعا ) تقول : دعوت زيداً دعاء ودعوة ، أي ناديته . والدعوة تأتي في اللغة لمعان منها :- أ- النداء ، تقول دعوت فلاناًَ أي ناديته ، وهذا هو الأصل في معنى ( دعا ) مطلقاً ولو من الأعلى للأدنى ، ومنه قوله تعالى " يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده " الإسراء (52) . ب- الطلب من الأدنى إلى الأعلى ، ومنه قوله تعالى : " أجيب دعوة الداع إذا دعان " البقرة (186) ، واستعمال لفظ الدعاء في هذا أكثر من ( الدعوة ) . جـ- والدعوة : الدين أو المذهب ، حقاً كان أم باطلاً ، سمي بذلك لأن صاحبه يدعو إليه ، ومنه قوله تعالى : ( له دعوة الحق ) الرعد (14) وهذا الأخير هو المعنى المراد من بحثنا ، وعند قولنا عموم الدعوة المحمدية فإننا نعني عموم دين الإسلام للبشرية . -------------------------------------------- (1) مختار الصحاح (2) الوجيز في أصول التشريع الإسلامي د. محمد حسن هيتو صـ 159 |
وأما إطلاق الدعوة على الدين نفسه ، أو على المذهب ، فلأن صاحبه يدعو إليه ، ومنه قوله تعالى ( له دعوة الحق ) الرعد (14) .
قال الزجاج : جاء في التفسير أنها شهادة أن لا إله إلا الله ، أي لأنها يدعى إليها أهل الملل الكافرة ، وفي كتاب النبي إلى هرقل : " إني أدعوك بدعاية الإسلام " (1) قال ابن منظور : أي بدعوته . (2) مواصفات العالمية في الدعوة لكي تكون الدعوة عالمية ، وصالحة لكل البشر في كل زمان ومكان ، لابد أن تتوفر فيها مواصفات معينة وهي : - 1- أن تكون وافية وشاملة بحاجات المجتمع ومتطلبات الحياة في كل زمان ومكان . 2- أن تكون أنظمتها صالحة لشؤون الحياة ومحققة لمصالح الناس . 3- ألا تصادم نصوصها الحقائق العلمية الثابتة منذ وقت نزولها إلى أن تقوم الساعة. وسنبين كل صفة بالتفصيل : 1- أن تكون وافية بحاجات المجتمع ومتطلبات الحياة ، وهذا ما نسميه اختصاراً ( الشمول ) أي شمول الشريعة الإسلامية لمعاني الآداب والأخلاق والأحكام في حياة الإنسان ، وشمولها لجميع أنظمة الحياة ومجالاتها ( سياسياً ، اجتماعياً ، اقتصادياً ، دينياً ) . والإسلام هو أول من وضع هذه الأنظمة وبناها على أساس قويم وهو العقيدة الإسلامية ، ولنلقي نظرة على شمول الشريعة لجوانب الحياة المختلفة : أ- شمول الشريعة لجوانب الحياة الإنسانية : ------------------------------------------ (1) أخرجه البخاري من حديث أبي سفيان – كتاب : بدء الوحي – باب : - ص22 حديث رقم (7) (2) الموسوعة الفقهية ج (20/ص ) |
من مظاهر شمول الشريعة الإسلامية إحاطتها بجميع أحوال الإنسان ومراحل حياته ، فلم تترك من ذلك جانباً إلا وضعت له أحكام وآدابه وبحثت كل ما يتعلق به ، من ولادته ، وطفولته وتربيته ، وعلمه وعلمه حتى لحظة وفاته . من أمثلة ذلك .
- قبل أن يولد الإنسان حافظ الإسلام على الوعاء الذي سيحمله وذلك من أجل أن يوفر للطفل جو طاهر عفيف ، قال عز وجل " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا " الإسراء (32) وروي عن رسول الله أنه قال: " تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس " . - العناية بالجنين وهو في بطن أمه ، من حيث العمل على كل ما يحفظ حياته لذلك أباح الإسلام للمرأة الحامل الفطر في رمضان إذا خافت على الجنين ، كما شرع النفقة للحامل المطلقة حتى تضع حملها ، قال تعالى " وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن " الطلاق (6) . وغير ذلك من الأمثلة التي يصعب حصرها . ب- شمول الشريعة في الجانب السياسي : ونعني بالجانب السياسي ما يتعلق بأمور الحكم ، وعلاقة الأمة بالأمم الأخرى ، فالإسلام اعتنى بهذا الجانب واعتبره جزءاً من الشريعة ، وتتمثل الأسس التي يقول عليها النظام السياسي في الإسلام في الآتي :- 1- العدل 2- الطاعة 3- الشورى (1) إن هناك الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث التي تدعو إلى العدل وإقامته في الأرض ، ولم تكن هذه مجرد دعاوى بل كان نظاماً متبعاً طبقه الرسول وجرى على ذلك أصحابه رضي الله عنهم . ثم إن الإسلام طلب من الرعية الطاعة لولي الأمر ، واعتبرها من طاعة الله ورسوله ، قال عز وجل " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " النساء (59) --------------------------------------------------- (1) خصائص الدعوة الإسلامية محمد أمين حسن ص (238) |
أي ما داموا يأمرون بما يرضي الله ورسوله ويحكموا فيكم بكتاب الله تعالى ، وهذا مما يشيع الأمن والاستقرار في المجتمعات ، وتكون الأمم عاملة منتجة ، تشتغل فيما ينفعها ، ولو زاد ظلمه فالصبر والاحتساب درءً للمفسدة وتحقيقا للمصلحة
أما الشورى فهي مبدأ إسلامي أصيل له شواهد في القرآن والسنة وأفعال الرسول مع صحابته تؤكد هذا المبدأ . فقد أوجب الإسلام الشورى لتقوية الروابط بين المسلمين حتى يشعر الجميع بالمسئولية ، فيعمل على تحقيق مصالح الأمة ، ويلتزم بعد ذلك بما أجمعت عليه . ثم إن الإسلام لم يغفل تنظيم علاقة الحاكم بالمحكومين ، وتنظيم شؤون الأمن في الدولة ، والقضاء ، وكذلك وضع التشريعات للسياسات الخارجية . جـ - شمول الشريعة في الجانب الاجتماعي : لقد تكفلت الشريعة الإسلامية بوضع أحكام تحفظ للمجتمع أمنه واستقراره ، وتحفظ له الحياة الكريمة التي يتمتع أفرادها بحقوقهم ويؤدون فيها واجباتهم على أكمل وجه ، وحرصت على تشييد بناء الأخلاق وتدعيمها في النفوس ، حتى يصبح كل إنسان في المجتمع صورة للرقي الإنساني والتكامل الأخلاقي . ولنذكر هنا قول جعفر بن أبي طالب للنجاشي ، مبيناً له أهداف الدعوة المحمدية وما تسمو إليه من إبعاد الناس و المجتمعات عن الرذائل وغرس المكارم مكانها ، فيقول : " فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ً ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام " (1) وهذه التي ذكرها هي مقومات المجتمع الصالح ------------------------------------------------------- (1) سيرة ابن هشام (1/348) |
وقد أرسى الإسلام كذلك قواعد المساواة بين أفراد المجتمع ، والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع ، وأعطى المرأة المسلمة مكانتها في المجتمع ، واعتنى بأحوال الزواج والأسرة ونظم أحكامها ، وما لها وما عليها .
د- شمول الشريعة من الجانب الاقتصادي : جاء الإسلام بنظام اقتصادي متفرد ومستقل عن غيره من الأنظمة . يقول جاك أوستري – أحد علماء الاقتصاد الفرنسيين :- ( إن طريق الإنماء الاقتصادي ليس محصوراً في المذهبين المعروفين الرأسمالي والاشتراكي ، بل هناك مذهب اقتصادي ثالث راجح هو المذهب الاقتصادي الإسلامي ) وقد أكد هذا العالم بأن نظام الإسلام سيسود العالم لأنه أسلوب كامل للحياة ) . (1) الاقتصاد الإسلامي نظام من عند الله عز وجل ، ويقر المسلمون أن الملكية الحقيقية لله عز وجل وإنما الإنسان مستخلف في الأرض . ومن أهداف النظام الاقتصادي الإسلامي تحقيق الوفرة لكل فرد في المجتمع بعيداًَ عن الطمع والحرص والإسراف والتبذير . وأكثر ما يميز الاقتصاد الإسلامي احترامه للملكية الفردية وصونه لها ، وإقراره للتفاوت في الدخل بين الأفراد ، حيث أن التفاوت يدفع الفرد للإنتاج واستخدام مواهبه وقدراته ، والإسلام يشجع الكسب والعمل ، والإسلام يجعل الدولة مسئولة عن تحقيق التوازن الاقتصادي ومراقبة الأسعار والأعمال ، والإسلام يفتح المجال للعمل لتنمية موارد الإنسان دون أن يجعل عليه قيود ، إلا إذا ألحق الضرر بالآخرين ، كما أنه يفتح صورا من تنمية رأس المال كالمضاربة والإقراض وغيرها بعيدا عن الربا الاستغلال. 2- أن تكون أنظمتها صالحة لشؤون الحياة ومحققة لمصالح الناس : ----------------------------------------------------- (1) خصائص الدعوة الإسلامية محمد أمين حسن ص 2691 |
يقول الدكتور / يوسف القرضاوي ( والمؤمن بكمال علم الله تعالى وحكمته وبره بخلقه لا يستطيع أن يتصور أن يغلق الله باب النبوة عن العباد بعد محمد ، ويقطع وحيه عنهم ، ثم يتعبدهم بشريعة قاصرة تصلح لقوم ولا تصلح لغيرهم ، وتصلح لزمن ولا تصلح لآخر ، وتصلح لبلد ولا تصلح لغيره مع أنهم جميعاً مكلفون بأحكامها ) (2)
ومما يدل على صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ، أن النظريات القانونية التي يفخر بها عصرنا الحاضر ، قد سبقت بها الشريعة الإسلامية وأكدت عليها . " وقد جاءت نصوص الإسلام عامة ومرنة إلى آخر درجات العموم والمرونة ، فلا يمكن مهما تغيرت الظروف في المكان أو الأزمان أو الأشخاص أن تضيق عبارة النصوص بما يستجد من التطورات ، والعلة في ذلك أن الشريعة لا تقبل التعديل والتبديل ، فوجب أن تكون نصوصها لا تحتاج إلى تعديل أو تبديل " (1) أما فيما يتعلق بتحقيق المصالح للعباد ، فلابن القيم كلام قيم في هذا ، حيث يقول : " إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلها ومصالح كلها ، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ، وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة " . (2) 3- أن تتفق نصوص الشريعة مع الحقائق العلمية الثابتة : وفي هذه الخاصية ، نرى أن الإسلام سبق العلم الحديث بالإشارة إلى كثير من خفايا الكون وظواهر الطبيعة بل وخفايا النفس وطباعها ، وكل قارئ في مجال الإعجاز العلمي للقرآن سيدرك ذلك . ويكننا أن نضيف لمزايا الدعوة الإسلامية التي يؤهلها لتكون عالمية : سلامتها من التحريف والتغيير والتبديل الذي جرى على غيرها من العقائد والديانات ، وتكفل الله عز وجل بحفظها على مر العصور . ------------------------------------------- (2) شريعة الإسلام د. يوسف القرضاوي صـ13 (1) خصائص الدعوة الإسلامية محمد أمين حسن صـ 171 (2) أعلام الموقعين . 3/3 |
المبحث الثاني :
أدلة عموم الدعوة الإسلامية من القرآن الكريم : وقد قسمت الآيات القرآنية التي تدل على عموم الرسالة إلى ثلاثة مجموعات نذكرهم إجمالاً ، ثم بالتفصيل : - 1- ما ذكر فيه لفظ " العالمين " . 2- الآيات التي ذكر فيها لفظي ( كافة ) أو ( جميعاً ) . 3- الآيات التي استخدم فيها أساليب الخطاب والتي تفيد العموم في القرآن الكريم كقوله " يا أيها الناس " أو " يا بني آدم " 1- ما ذكر فيها لفظ " العالمين " فيما يتعلق بالرسالة والتذكير : أ- " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا " الفرقان (1) ب- " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " الأنبياء (107) جـ- " إن هو إلا ذكر للعالمين ، ولتعلمن نبأه بعد حين " ص (87-88 ) د- " قل لا أسألكم عليه أجراً ، إن هو إلا ذكرى للعالمين " الأنعام (90- ) قال الألوسي في تفسير الآية الأخيرة ( واستدل بالآية على عموم بعثته ) (1) لكن خصت الشريعة ( العاقل ) من العالمين بالدعوة بدليل التخصيص في قوله " يا بني آدم " و " يا أيها الناس " . ما المعنى المراد من كلمة ( العالمين ) ؟ --------------------------------------------------- (1) روح المعاني ج 4 ص 218 طبعة دار الفكر |
الساعة الآن 07:08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
][ ملاحظة: جميع المشاركات تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تمثل راي ادارة المنتدى بالضرورة، نأمل من الجميع الالتزام بقوانين الحوار المحترم ][