منتديات جعلان

منتديات جعلان (http://www.jalaan.com/index.php)
-   جعلان للمواضيع الاسلامية (http://www.jalaan.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   صـــــور من حياة الصحابة (http://www.jalaan.com/showthread.php?t=8437)

جعلاني للابد 02-20-2006 09:41 PM

صـــــور من حياة الصحابة
 
صـــــور من حياة الصحابة


اخواني اخواتي الكرام


السلام عليكم ورحمة اللــه وبركاته



في هذا المتصفح المبارك نتعاون جميعا في عرض

صورا من حياة الصحابه رضوان الله عليهم



نأمل من الجميع المشاركة بالتعريف

بصحابي جليل





ولكم الاجر والتوفيق



وانا راح ابدا


اسماء بنت أبي بكر

(ذات النطاقين)

هي أسماء بنت أبي بكر الصديق, التيمية القرشية , صحابية من الفضليات, كانت من

أوائل المسلمين, ومن أشدهم إيمانا بالنبي صلى الله عليه وسلم, وهي أخت عائشة

أم المؤمنين لأبيها, وأمها قتيلة بنت عبد العزى.....

وُلدت أسماء في العام الرابع ,قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، أسلمت أسماء قديماً

بعد سبعة عشر نفساً, في بيت من بيوت سادة قريش هو بيت عبدالله بن أبي قحافة

الملقَّب بأبي بكر. وهو بيت عزٍّ ومجد وغنى، وتعلَّمت من والدها الشجاعة في القول

والعمل، والأمانة، والصدق، والرحمة والرفق بالضعفاء وإطعام الفقراء والمحتاجين.

وكانت قوية الجسم سريعة النمو، شديدة الذكاء والفهم والحفظ لما تسمعه حتى حفظت

الكثير من أشعار العرب ورواياتهم وأخبارهم وتاريخهم وأنسابهم.


وكانت تشارك الخدم في إعداد موائد الطعام للضيوف الذين لا تخلو قاعة البيت الكبيرة

منهم يوماً سواء كانوا من الفقراء والمساكين أو من القاصدين لأمور التجارة. وأمها

قتيلة بنت عبد العزى, طلقها أبو بكر في الجاهلية, فقدمت إلى ابنتها بهدايا فلم تقبلها,

وأبت أن تدخلها إلى بيتها وتقبل هديتها, لأنها كانت مشركة, ثم أسلمت وهاجرت

إلى المدينة . تزوج أسماء الزبير بن العوام وولدت له عدة أبناء بينهم عبد الله بن الزبير

ثم طلقها فعاشت في مكة مع ابنها عبد الله إلى أن قتل...


عاشت أسماء رضي الله عنها حياة كلها إيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية ، فهي من

السابقات إلى الإسلام ، ولقد أسلمت بمكة وبايعت النبي صلى الله علية وسلم على

الأيمان والتقوى.

سميت ذات النطاقين لأنها صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم سفرة حين أراد الهجرة

إلى المدينة مع أبيها, فعسر عليها ما تشدها به, فشقت خمارها وشدت السفرة بنصفه

وانتطقت بالثاني, فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم أبدلك الله بنطاقك هذا

نطاقين في الجنة, فقيل لها ذات النطاقين....


شهدت معركة اليرموك مع ابنها وزوجها, وأبلت فيها بلاء حسنا..

وكانت أسماء إذا مرضت أعتقت كل مملوك لها, قالت: تزوجني الزبير وماله في الأرض

من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مؤونته، وأسوسه،

وأدق النوى لناضحه، وأعلفه، وأستقي الماء، وأعجن، ولي جارات من الأنصار يخبزن لي،

وأنقل النوى من أرض الزبير على رأسي على ثلثي فرسخ. حتى أرسل لي أبو بكر بعد

ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني. شهدت أسماء اليرموك مع زوجها الزبير.....

وكانت تأمر أبناءها وبناتها وأهلها بالصدقة تقول: أنفقوا ، أو أنفقن ، وتصدقن ،

ولا تنتظرن الفضل، فإنكن إن انتظرتن الفضل، لم تفضلن شيئاً ، وإن تصدقتن لم تجدن فقده.

روت أسماء رضي الله عنها خمسة وثمانين حديثاً وفي رواية أخرى ستة وخمسين حديثاً،

اتفق البخاري ومسلم على أربعة عشر حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وانفرد مسلم بمثلها،

وفي رواية أخرج لأسماء من الأحاديث في الصحيحين اثنان وعشرون المتفق عليه منها

ثلاثة عشر والبخاري خمسة ولمسلم أربعة.

لما قتل الحجاج ابنها عبد الله بن الزبير دخل عليها، وقال: إن أمير المؤمنين أوصاني بك،

فهل لك من حاجة؟ فقالت: لست لك بأم، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية، ومالي

من حاجة.
ثم دخلت مكة بعد ثلاثة أيام من قتل ابنها، وهو مصلوب، فجاءت وقد كف بصرها، فقالت

للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل، فقال الحجاج: المنافق، فقالت والله ما كان منافقاً،

وإن كان لصواماً، قواماً براً، فقال: انصرفي ياعجوز، فإنك قد خرفت، قالت لا والله

ما خرفت منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من ثقيف كذاب ومبير،

فأما الكذاب فقد رأيناه، وأما المبير فأنت. ثم أتي بجثة عبد الله إليها، فجعلت تحنطه

بيدها، وتكفنه، وصلت عليه...


فما أتت عليها جمعة أو ثلاثة أيام حتى ماتت رضي الله عنها. عاشت مائة سنة، وماتت

بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزبير بليال، سنة ثلاث وسبعين. وهي آخر من مات من

المهاجرين والمهاجرات.

جعلاني للابد 02-22-2006 11:56 PM

عثمان بن عفان
ذي النورين

"...ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة"
حديث شريف


هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، يجتمع نسبه
مع رسول الله-صلى الله
عليه وسلم- في عبد مناف ، ولد في السنـة السادسة بعد
عام الفيـل ، نشأ في بيت
كريم ذي مال وجاه ، وشب على حسن السيرة والعفة والحياء
فكان محبوبا في قومه
أثيـرا لديهم000


إسلامه

كان -رضي الله عنه- من السابقين الى الاسلام اذ أسلم بدعوة
من أبي بكر الصديق وتحمل في سبيل ذلك أذى كثيرا وظل
ثابتا على عقيدته ، فقد أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن
أمية فأوثقه رباطاً وقال أترغب عن ملّـة آبائك إلى دين
محدث ؟ والله لا أحلّكَ أبداً حتى تدَعَ ما أنت عليه من هذا
الديـن )000فقال عثمان والله لا أدعه أبداً ولا أفارقه )000
فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه000
فكان عثمان بن عفان ممن صلى الى القبلتين ، و هاجر
الهجرتين : الأولى الى الحبشة والثانية الى المدينة المنورة
وأحد العشرة المبشرين بالجنة000واختصه الرسول -
صلى الله عليه وسلم- بكتابة الوحي000


حياءه

قالت السيدة عائشة : استأذن أبو بكر على رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وهو مضطجع على فراش عليه مِرْطٌ لي ، فأذن
له وهو على حاله ، فقضى الله حاجته ثم انصرف ، ثم استأذن
عمر ، فأذن له وهو على تلك الحال ، فقضى الله حاجته ثم
انصرف ، ثم استأذن عثمان ، فجلس رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- وأصلح عليه ثيابه وقال اجمعي عليك
ثيابك )000فأذن له ، فقضى الله حاجته ثم انصرف000قالت :
فقلت يا رسول الله ، لم أرك فزِعْتُ لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان !)000فقال يا عائشة إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت
إن أذنت له على تلك الحال أن لا يُبَلّغ إليّ حاجته )000وقد قال
فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أستحي من رجل
تستحي منه الملائكة )000


ذو النورين

تزوج عثمان -رضي الله عنه- من رقية بنت رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- فلما توفيـت تزوج أختها أم كلثوم ولذلك سمي (ذي النورين) ، وعندما ماتت أم كلثوم تأسّف رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- على مصاهرته وقال والذي نفسي بيده
لو كان عندي ثالثة لزوَّجتُكَها يا عثمان )000


مناقبه

رويَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحاديث عدّة في ذِكْر
مناقب عثمان منها000(إن عثمان لأول من هاجر الى الله بأهله
بعد لوط)000( إن الله عز وجل أوحى إليّ أن أزوج كريمتي من عثمان )000( من يُبغضُ عثمان أبغضه الله )000
دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ابنته وهي تغسل رأس عثمان فقال يا بنيّة أحْسِني إلى أبي عبد الله فإنه أشبه
أصحابي بي خُلُقاً )000


أوائل

كان -رضي الله عنه- أوّل من هاجر الى الحبشة مع زوجته رقيّة
بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأول من شيَّد المسجد
وأول من خطَّ المفصَّل ، وأول من ختم القرآن في ركعة000


بئر رومة

أنفق الكثير من ماله الوفير لخدمة الاسلام والمسلمين ومن ذلك
شرائه لبئر رومة ، فقد كانت هذه البئر لرجل يهودي في المدينة وكان يبيع ماءها ، فلما هاجر المسلمون الى المدينة تمنى
الرسول -صلى الله عليه وسلم- لو يجد من بين أصحابه من
يشتريها ليفيض ماؤها على المسلمين بغير ثمن وله الجنة
فسارع عثمان -رضي الله عنه- الى اليهودي فاشتراها منه
ووهبها للمسلمين000


يوم الحديبية

بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- عثمان الى قريش يوم
الحديبية ، فقد بعثه الى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم
أنه لم يأت لحرب ، وأنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ومعظماً
لحرمته ، فخرج عثمان الى مكة فلقيه أبَان بن سعيد بن العاص
حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه ، ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش ، فبلغهم عن رسول الله ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- إليهم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف )000فقال
ما كنت لأفعـل حتى يطوف به رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- )
000واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل ، فدعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- الناس الى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، وفيها ضرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشماله على يمينه وقال هذه يدُ عثمان )
فقال الناس هنيئاً لعثمان )000


جيش العسرة

ولما حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تجهيز جيش غزوة
تبوك الذي سمي بجيش العسرة ، سارع عثمان -رضي الله عنه- بتقديـم تسعمائة وأربعين بعيرا وستين فرسا أتم بها الألف فدعا
له قائلا غفـر اللـه لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائـن الى يوم القيامة )000كما قال الرسول -
صلى الله عليه وسلم- ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم )000


الخلافة

لقد كان عثمان بن عفان أحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لخلافته000 فقد أوصى بأن يتم اختيار أحد ستة
علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، طلحة بن عبيد الله ، الزبير بن العوام ، سعد بن أبي وقاص ، عبد الرحمن بن عوف )000 في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصا على وحدة المسلميـن ، فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على اختيار عثمان -رضي الله عنه- وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة ( 23 هـ ) فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين000


انجازاته

استمرت خلافته نحو اثني عشر عاما تم خلالها الكثير من الأعمال نَسْخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار000توسيع المسجد
الحرام000وقد انبسطت الأموال في زمنه حتى بيعت جارية
بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف درهم ، وحجّ بالناس
عشر حجج متوالية000


الفتوحات

فتح الله في أيام خلافة عثمان -رضي الله عنه- الإسكندرية ثم سابور ثم إفريقية ثم قبرص ، ثم إصطخر الآخرة وفارس الأولى ،
ثم خو وفارس الآخرة ثم طبرستان ودرُبُجرْد وكرمان وسجستان ثم الأساورة في البحر ثم ساحل الأردن0000وقد أنشأ أول أسطول إسلامي لحماية الشواطيء الإسلامية من هجمات البيزنطيين000


الفتنة

في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة ، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم ، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل ، فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة ، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم ، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور
ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن
سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام000


استشهاده

وفي شـوال سنة ( 35 ) من الهجرة النبوية ، رجعت الفرقة التي
أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين يوماً ) ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل
ومن الماء ، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف ( من دار أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه -رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف ومات
شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع
وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا000

جعلاني للابد 02-23-2006 12:01 AM

((ابو بكر الصديق)) رضي اللة عنة


--------------------------------------------------------------------------------



هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب الصديق التيمي القرشي، لقبه الصديق والعتيق.

نشئتة
ولد ونشأ بمكة، وكان سيداً من سادات قريش، محيطاً بأنساب القبائل وأخبارها، وكانت العرب تلقبه بعالم قريش.
حياتة

اشتغل بالتجارة، وجمع ثروة كبيرة، وعندما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كان أول من آمن به، وهو رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، وثاني اثنين في الغار، أقطعه صلى الله عليه وسلم داراً قرب المسجد النبوي.

مشاهدة
شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وأحداً، وثبت حين انكشف المسلمون، كما شهد معه المشاهد كلها، وحمل الراية العظمى في غزوة تبوك، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج في أول حجة كانت في الإسلام.

ولما مرض النبي صلى الله عليه وسلم واشتد وجعه قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس)) فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، وإذا قام مقامك لم يكن يسمع الناس، قال: ((مروا أبا بكر فليصل بالناس، فإنكن صواحب يوسف))، وعندما شعر صلى الله عليه وسلم بخفة دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه صلى الله عليه وسلم أن قم كما أنت، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً ومقتدياً بأبي بكر. وهذا من التكريم والتشريف له رضي الله عنه.
ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب المسلمون، وثبت أبو بكر، واستطاع أن يردهم إلى صوابهم.


مبايعتة

بويع بالخلافة في سقيفة بني ساعدة سنة 11 هجرية، فأنفذ بعث أسامة الذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحارب المرتدين والممتنعين عن الزكاة، وافتتحت في أيامه بلاد الشام وقسم كبير من العراق، وأوصى بالخلافة بعده لعمر بن الخطاب.

كان رضي الله عنه إمام المسلمين في صلواتهم، وخطيبهم في الجمع والأعياد والمواسم.

له مناقب عظيمة، ومواقف جليلة، فقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية، وأنفق ماله كله في سبيل الله، واحتمل الشدائد، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليس من الناس أحدٌ أمنّ علي في نفسه وماله من أبي بكر، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، ألا لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر)).

رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر مقبلين فقال: إن هذين لسيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، كهولهم وشبابهم، إلا النبيين والمرسلين.

اولادة

له من الأولاد: عبد الله، وأسماء ذات النطاقين، وعبد الرحمن، وعائشة أم المؤمنين، ومحمد، وأم كلثوم رضي الله عنهم أجمعين.


خلافتة

كانت مدة خلافته سنتين وستة أشهر ونصف الشهر

وفاتة:

توفي في المدينة في العام الثالث عشر للهجرة، وعمره ثلاث وستون سنة .

جعلاني للابد 02-23-2006 12:03 AM

اخواني لا ارى الا زياره للموضوع فقط وعدم الرد بمشاركه او تكملة الموضوع بذكر احد من الصحابه هل الموضوع ما يستاهل ردكم او اظافتكم
اخوكم جعلاني للابد

جعلاني للابد 02-23-2006 11:06 PM

أتيت لكم صحابي جليل وهــو





أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه






هذا الصحابيُّ الجليلُ يُدْعَى خالدَ بنَ زيدِ بنِ كُلَيبٍ ، من بني النجَّار.

أمَّا كُنْيَتُه فأبو أيوبَ، وأما نِسْبَتُهُ فإلى الأنصار.

ومن مِنَّا مَعْشَرَ المسلمين لا يعْرفُ أبا أيوبَ الأنصاريَّ؟!

فقد رَفَعَ اللّهُ في الخافِقَيْن (1) ذِكْرَه، وأعْلَى في الأنامِ (2) قدْرَه حينَ اخْتارَ بيتَه من دون بيوتِ المسلمين جميعاً لِينزلَ فيه الكريمُ لَمَّا حَلَّ في المدينَةِ مهاجراً، وحَسْبُه بذلك فَخْراً.

ولِنُزولِ الرسولِ صلواتُ اللّهِ عليه في بيتِ أبى أيوبَ قِصَّةٌ يَحْلو تَرْدادُها ويلَذّ تكْرارُها.

ذلك أنَّ النبيَّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ حينَ بَلَغ المدينةَ تلَقتْه أفْئِدَةُ أهْلِها بأكْرَم ما يُتَلَقَّى به وافدٌ...

وَتَطَلَّعَتْ إليه عيونُهم تَبُثُّه شوقَ الحبيبِ إلى حبيبه...

وفتحوا له قلوبَهم ليحلَّ مِنْها في السُّوَيداءِ...


وأشْرَعوا (3) له أبوابَ بيوتِهم لِيَنْزِلَ فيها أعزَّ مَنْزِل.

لكنَّ الرسولَ صَلَواتُ اللّهِ عليه، قَضَى في قُبَاءَ (4) من ضواحِي المدينةِ أيَاماً أربعةً، بَنَى خِلالَها مَسْجِدَه الذي هو أولُ مَسْجِدٍ أسّس على التَّقْوى.

ثم خَرَجَ منها راكِباً ناقَته، فَوقَفَ ساداتُ يثربَ في طريقها، كُل يريدُ أن يَظْفَرَ بِشَرَفِ نزولِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم في بيتِه...

وكانوا يَعْتَرِضون الناقَةَ سَيِّداً إثْرَ سيِّدٍ ، ويقولون:

أقم عندنا يا رسول اللّه في العَدَد والعُدَد والمَنَعِة (5)، فيقولُ لهم:

دعوها فإنَّها مأمُورَة.

وتظلُّ الناقَةُ تَمْضِى إلى غايتِها تَتْبَعُها العيونُ، وتَحُفُّ بها القلوب...

فإذا جازَت منزِلاً حَزِنَ أهلُه وأصابَهُمُ اليأسُ، بينما يُشْرِقُ الأمَلُ في نفوسِ من يليهم.

وما زالَتِ الناقةُ على حالها هذه، والناسُ يَمْضُون في إثْرِها، وهُمْ يتلهَّفون شَوْقاً لمعرفةِ السَّعِيدِ المحظوظِ حتَّى بلغتْ ساحَة خَلاءً أمامَ بيتِ أبى أيوب الأنْصاريِّ، وبَرَكَتْ فيها...

لكِنَّ الرسولَ عليه الصلاةُ والسَّلامُ لم ينزِلْ عنها...

فما لَبِثَتْ أن وَثَبَتْ وانْطَلَقَتْ تَمْشِى، والرسولُ مُرْخ لها زِمامَها، ثم ما لبِثَتْ أنْ عادَت أدْراجَها وبَرَكَتْ في مَبْرَكِها الأوَّلِ.

عند ذلك غَمَرَتِ الفَرْحَةُ فؤادَ أبى أيوبَ الأنصاريِّ، وبادَرَ إلى رسولِ اللّهِ صلواتُ اللّهِ عليه يُرَحِّبُ به، وحَمَلَ مَتاعَه بَيْنَ يديه، وكأنَّما يَحْمِل كنوزَ الدنيا كلَّها ومضَى به إلى بيته.


***

كان منزلُ أبي أيوبَ يتألَّفُ من طَبَقَةٍ فَوْقَها عُلِّيَّة، فأخْلَى العُلِّيةَ من مَتاعِه ومتاع أهلِه ليْنزِلَ فيها رسولَ اللّهِ...

لكِنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلامُ آثرَ عليها الطبقةَ السُّفْلَى، فامتثلَ أبو أيوبَ لأمْرِه، وأنزلَهُ حيثُ أحَـبَّ.

ولما أقْبَلَ الليلُ، وأوَى الرسولُ صلواتُ اللّهِ عليه إلى فراشِه، صَعِدَ أبو أيوبَ وزوجُه إلى العُلِّيَّةِ وما إن أغلقا عليهما بابَهما حتَّى التفَت أبو أيوب إلى زوجتِه وقال: ويْحَكِ، ماذا صَنَعْنَا ؟!!

أيكونُ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أسفلَ، ونحن أعْلَى منه؟!!

أنمشي فوقَ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ؟!

أنصيرُ بين النَّبِيِّ والوَحْي ؟! إنَّا إذَنْ لهَالِكون.

وسُقِطَ (6) في أيدي الزوْجين وهُما لا يدْرِيان ما يفعلان.

ولم تَسْكنْ نفساهما بَعْضَ السُّكونِ إلا حينَ انْحازا إلى جانبِ العُلِّيَّةِ الذي لا يَقَعُ فوقَ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، والتَزَماه لا يَبْرَحانِه إلا ماشِيَيْن على الأطرَافِ مُتباعِدَين عن الوَسَطِ.

فلما أصْبَحَ أبو أيوب؛ قال للنبيِّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ: واللّهِ ما أغْمضَ لنا جفنٌ في هذه الليلةِ لا أنا ولا أمّ أيوبَ.

فقال عليه الصلاةُ السَّلامُ:

ومِمَ ذاكَ يا أبا أيوبَ؟!

قال: ذكرتُ أني على ظَهرِ بيتٍ أنتَ تحتَـه، وأني إذا تحَرَّكتُ تَنَاثَرَ عليك الْغُبَارُ فَآذاك، ثم إني غَدَوْتُ بينَك وبينَ الوَحي.

فقال له الرسولُ عليه الصلاةُ والسلامُ:


هوِّن عليك يا أبا أيوب، إنَّه أرْفَقُ بنا أنْ نكونَ في السُّفْلِ، لِكَثْرَةِ من يَغشانا (7) من النَّاسَ.

قال أبو أيوبَ:

فامتَثَـلْتُ لأمْرِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إلى أن كانَت ليلةٌ باردةٌ فانكَسَرَتْ لنا جَرَّةٌ وأريقَ ماؤها في العُلِّيَّة، فقمتُ إلى الماءِ أنا وأمُّ أيوبَ، وليسَ لدينا إلا قطيفَةٌ كُنَّا نَتَّخِذُها لِحَافاً، وجَعَلْنَا نُنشِّفُ بها الماءَ خَوْفاً مِنْ أنْ يَصِلَ إلى رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم .

فلما كان الصباحُ غدوتُ على الرسولِ صلواتُ اللّهِ عليه، وقلتُ:

بأبي أنتَ وأمِّي، إني أكْرَهُ أنْ أكونَ فوقَكَ، وأن تكـونَ أسفَلَ مني، ثم قَصصْتُ عليه خَبَرَ الجرَّةِ، فاسْتَجَاب لي، وصَعِدَ إلى العُلِّيةِ، ونَزَلْتُ أنا وأمُّ أيوبَ إلى السُّفْلَ.

***

أقام النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في بيتِ أبى أيوبَ نَحْواً من سَبْعَةِ أشهرٍ ، حتَّى تَمَّ بناءُ مَسْجِدِهِ في الأرضِ الخَلاءِ التي بَرَكَتْ فيها الناقَةُ، فانْتَقَلَ إلى الحُجُراتِ التي أقيمَت حَوْلَ المسجـدِ له ولأزْواجِـه، فَغَدا جـاراً لأبى أيوبَ، أكْرِمْ بهمـا مِنْ مُتَجاوِرَيْن.

***

أحبَّ أبو أيوبَ رسولَ اللّهِ صلواتُْ اللّه عليه حبّاً ملكَ عليه قلبَه ولبَّه، وأحبَّ الرسولُ الكريمُ أبا أيوبَ حبّاً أزالَ الكُلفة فيما بينَه وبينَه، وجَعَلَه ينظرُ إلى بيتِ أبي أيوبَ كأنه بيتُه.

***

حدَّث ابنُ عَبَّاس (8) قال:


خرجَ أبو بكرٍ رضِيَ اللّهُ عنه بالهاجِرَةِ (9) إلى المسجدِ فرَاه عمرُ رضيَ اللّهُ عنه، فقال:

يا أبا بكرٍ ما أخْرَجَكَ هذه الساعَةَ؟!

قال: ما أخرجني إلا ما أجِدُ من شِدَّة الجوعَ.

فقال عمر:

وأنا واللّهِ ما أخرَجَني غيرُ ذلك.

فَبَيْنَمَا هُما كذلك إذْ خَرَجَ عليهما رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: ما أخْرَجَكُمَا هذه الساعةَ؟!

قالا:

واللّهِ ما أخْرَجَنَا إلا مَا نَجِدُه في بطونِنا من شِدَّةِ الجوعِ.

قال عليه الصلاة والسَّلامُ: وأنا- والذي نفسِي بيدِه- ما أخرَجَني غيرُ ذلك.

قُومَا معى، فانطَلقوا فأتَوا بابَ أبي أيوبَ الأنصاريِّ رضيَ اللّهُ عنه، وكان أبو أيوبَ يَدَّخِرُ لرسولِ اللّه كلَّ يومٍ طعاماً، فإذا أبطأ عنه ولم يَأتِ إليه في حينِه أطعمَه لأهلِهِ.

فلما بلغوا البابَ خَرَجتْ إليهم أمُّ أيوبَ، وقالت:

مَرْحباً بنَبيِّ اللّهِ وبمن معه، فقال لها النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ:

أينَ أبو أيوبَ؟ فَسَمِعَ أبو أيوبَ صوتَ النبيِّ- وكان يَعْمَلُ في نَخْل قريبٍ له- فأقْبَلَ يُسْرِعُ، وهو يقول:

مَرْحباً برسولِ اللّهِ وبمن مَعَه، ثم أتبعَ قائلاً: يا نبيَّ اللّهِ ليسَ هذا بالوقتِ الذي كنتَ تجيءُ فيه، فقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ: صَدَقْتَ، ثم انطلق أبو أيوبَ إلى نَخِيلهفقطعَ منه عِذْقاً فيه تمرٌ ورُطَبٌ وبُسْرٌ (10).


فقال عليه الصلاةُ والسلامُ:

ما أردتُ أن تَقْطَعَ هذا، ألا جنَيْتَ لنا من تمره؟

قال: يا رسول اللّهِ أحْبَبْتُ أنْ تأكلَ من تمرِه ورُطَبِه وبُسْرِه، ولأذْبَحَنَّ لك أيضاً.

قال:

إنْ ذَبَحْتَ فلا تَذْبَحنَّ ذاتَ لَبَن.

فأخَذَ أبو أيوبَ جَدْياً فذَبَحَه، ثم قال لامرَأتِه:

اعْجِـني واخبزي لنا، وأنتِ أعْلَمُ بالخَبْزِ، ثم أخذ نِصْفَ الجَدْيِ فَطبخَـه، وعَمَدَ إلى نِصْفه الثاني فشَوَاه، فلمَّا نَضِجَ الطَّعَامُ ووُضِعَ بين يَدَي النبيِّ وصاحبيه، اخَذَ الرسولُ قِطْعَةً من الجَدْيِ وَوَضَعها في رغيفٍ ، وقال:

يا أبا أيوبَ بادِر (11) بهذه القِطْعَةِ إلى فاطمَةَ، فإنَّها لم تُصِبْ مثلَ هذا منذُ أيام.

فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم :

خبزٌ ، ولحمٌ ، وتمرٌ ، و بُسْرٌ ، و رُطَـب!!!

وَدَمَعَتْ عيناه ثم قال: والذي نفْسي بيدهِ إنَّ هذا هو النعيمُ الذي تُسْألون عنه يومَ القيامةِ، فإذا أصَبْتُمْ (12) مثلَ هذا فَضَرَبْتُم بأيديكم فيه فقولوا:

بِسم اللّهِ، فإذا شبِعْتُم فقولوا:

الحمدُ للّهِ الذي هو أشْبَعَنا وأنعَمَ علينا فأفضلَ.

ثم نَهَضَ الرسولُ صَلَوَاتُ اللّهِ عليه، وقال لأبي أيوبَ:

ائتِنَا غداً.


وكان عليه الصلاةُ والسلامُ لا يَصنَعُ له أحدٌ معروفاً إلا أحبَّ أنْ يُجَازِيَه عليه؛ لكِنَّ أبا أيوبَ لم يَسْمَعْ ذلك.

فقال له عمرُ رضوانُ اللّه عليه:

إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمركَ أنْ تأتِيَه غداً يا أبا أيوبَ.

فقال أبو أيوب:

سمعاً وطاعةً لرسولَ اللّهِ.

فلمَّا كان الغَدُ ذَهَبَ أبو أيوبَ إلى النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسلامُ فأعطاه وليدَةً (13) كانت تَخْدِمُه، وقال له:

اسْتَوصِ بها خيراً- يا أبا أيوبَ- فإنّا لم نَرَ مِنْها إلا خَيْراً ما دامت عندنا.

***

عاد أبو أيوبَ إلى بيته ومعه الوليدةُ؛ فلما رأتها أمُّ أيوبَ:

قالت: لمن هذه يا أبا أيوبَ؟!

قال:

لنا... منَحَنَا إيَّاها رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.

فقالت:

أعظِمْ بهِ من مانِحٍ وأكرِمْ بها من مِنْحةٍ .

فقال:

وقد أوصانا بها خيراً.

فقالت:

كيفَ نَصْنَعُ بِها حتَّى نُنَفِّذَ وَصِيَّةَ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ؟

فقال:

واللّهِ لا أجِدُ لِوَصيَّةِ رسولِ اللّهِ بها خيراً من أنْ أعْتِقَها.


فقالت:

هُديتَ إلى الصَّوابِ، فأنْتَ مُوَفَّقٌ ... ثم أعْتَقَها.

***

هذه بعضُ صورِ حياة أبى أيوبَ الأنصاريِّ في سِلْمه، فلو أتيح لَكَ أنْ تَقِفَ على بَعْضِ صورِ حياتِه في حَرْبه لرأيت عجباً...

فقد عاش أبو أيوبَ رَضِىَ اللّه عنه طولَ حياتِه غازياً حتَّى قيلَ: إنَّه لم يتخلّفْ عن غَزْوةٍ غزاها المسلمون مُنْذُ عَهْدِ الرسولِ إلى زَمَن معاويةَ إلا إذا كان مُنْشَغِلاً عنها بِأخْرَى.

وكانت آخِرُ غزواتِه حينَ جَهَّزَ مُعـاويَةُ جَيشـاً بِقِيَادَةِ ابنهِ يزيدَ، لِفَتْح القُسْطنطنيَّةِ وكان أبو أيوبَ آنذاك شيخاً طاعناً في السن يحبو نحو الثمانين من عُمُرِه فلم يَمْنَعْه ذلك من أنْ يَنْضوي (14) تَحْتَ لواءِ يزيدَ، وأنْ يَمْخُر عُبابَ (15) البَحر غازياً في سبيل اللّهِ.

لكِنَّه لم يَمْضِ غيرُ قليل على منازَلَةِ العَدُوِّ حتَّى مَرِض أبو أيوبَ مَرَضاً أقْعَده عن مُوَاصَلَةِ القتالِ، فجاء يزيدُ لِيَعودَه وسألهَ:

ألكَ من حاجَةٍ يا أبا أيوبَ؟

فقال: اقرأ عَني السلامَ على جنودِ المسلمين، وقُلْ لهم: يوصيكم أبو أيوبَ أن تُوغِلوا في أرضِ العَدُوِّ إلى أبعدِ غايةٍ ، وأن تَحْمِلوه مَعَكُم، وأن تَدْفِنوه تَحْتَ أقدامِكم عِنْدَ أسوار القُسْطَنْطنية. ولَفَظَ أنفاسَه الطاهِرَةَ.

***

استجابَ جندُ المسلمين لِرَغْبَةِ صاحبِ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، وكرّوا على جُنْدِ العدوِّ الكَرَّة بَعْدَ الكرَّةِ حتَّى بلغوا أسْوارَ القُسْطَنْطِينيةِ وهم يَحْمِلون أبا أيوب معهم. وهناك حفَروا له قبراً ووارَوْهُ فيه.


***

رَحِـمَ اللّهُ أبا أيوب الأنصـاريَّ، فقد أبى إلا أنْ يموتَ على ظُهورِ الجيادِ الصافِنَاتِ غازياً في سبيل اللّه... وسِنُّه تقارب الثمانين...

لوفري صغير 02-24-2006 04:42 PM

الف تحية شكر وتقدير لك اخوي ..,
على المجهود الرائع
تسلم اخوي . على الموضع,

جعلاني للابد 02-24-2006 06:10 PM

شاكر لك مرورك اخي لوفري صغير

جعلاني للابد 02-25-2006 12:34 AM

صحابي تُوربي في بيت النبي صلى الله عليه وسلم

و ولازمه و روى كثيرا من احاديث

النبي صلى اللـه وعلية وسلم


هــــو


7
7
7
7
عبدُ الله بنُ مسعُود









كان يومئذٍ غلاماً لم يجاوِزِ الحُلُمَ، وكان يَسْرَحُ في شِعابِ (1) مكَّةَ بعيداً عن النَّاسِ، ومعه غَنَمٌ يرعاها لِسَيِّدٍ من ساداتِ قريش هو عُقْبَةُ بنُ أبي مُعَيطٍ .

كان النـاسُ يُنـادونَه: "ابنَ أمِّ عَبْدٍ" أمَّا اسمهُ فهو عبدُ اللّهِ وأمَّا اسـمُ أبيه "فَمَسْعُود".

كان الْغُلامُ يَسْمَعُ بِأخْبَارِ النبَّي الذي ظَهَرَ في قومِه فلا يأبَه لها (2) لِصِغَرِ سِنِّهِ من جِهَةٍ ، وَلِبُعْدِهِ عنِ المجتَمَع المكِّي من جهةٍ أخْرَ ى، فقد دأب على أنْ يخرجَ بغنم عُقْبَةَ مُنْذُ البُكورِ ثُمَّ لا يعودُ بها إِلاَّ إِذا أقْبَلَ اللَّيْلُ.

وفي ذات يوم أبصَرَ الغلامُ المكي عبدُ اللّهِ بنُ مَسْعُودٍ كَهْلَيْنِ عليهما الْوَقَارُ يَتَّجهان نَحْوَه مِنْ بَعيدٍ ، وقد أخذَ الجُهْدُ مِنْهُما كُلَّ مَأخَذٍ (3)، واشتدَّ عليهما الظَّمَأ حَتَّى جَفَّتْ منهما الشفاهُ والحلوقُ. فلمّا وقفا عليه، سَلَّما وقالا:


يا غلامُ، احْلِبْ لنا من هذِهِ الشِّياهِ ما نُطْفِئُ به ظَمَأنا ونَبُلُّ عُروقَنا.

فقال الغلامُ:

لا أفعَلُ، فالْغَنَمُ لَيْسَتْ لي، وأنا عليها مُؤتَمنٌ ... فلم يُنْكِرِ الرَّجُلانِ قَوْلَهُ، وبَدَا على وجهيهما الرِّضا عَنْهُ.

ثم قال له أحَدُهُما:

دُلَّني على شاةٍ لم ينْزُ عليها فَحْلٌ ، فأشارَ الغُلامُ إِلى شاةٍ صغيرَةٍ قريبَةٍ منه، فتقدَّمَ منها الرجلُ واعْتَقَلَهَا، وجعلَ يَمْسَح ضَرْعَهَا (4) بِيَدِه وهو يَذْكُرُ عليها اسمَ اللّهِ، فنظرَ إليه الغلامُ في دَهْشَةٍ وقال في نفسهِ:

ومتى كانَتِ الشِّياهُ الصغيرةُ التي لم تَنْزُ عليها الفُحولُ تدرُّ لبناً؟!

لكِنَّ ضرْعَ الشَاة ما لَبِثَ أن انْتَفَخَ، وطَفِق اللَّبنُ يَنْبَثِقُ منه ثَرّاً (5) غزيراً.

فَأخَذَ الرَّجُلُ الآخَر حجراً مُجَوَّفاً من الأرْضِ، وملأه باللَّبنِ، وشرِبَ منه هو وصاحِبُه، ثم سقيَاني معهما، وأنا لا أكاد أصدقُ ما أرى.

فلمَّا ارْتَوَيْنَا، قالَ الرّجُلُ المبارَكُ لِضَرْع الشَّاةِ: اِنْقَبِضْ، فما زال يَنْقَبِضُ حتَّى عادَ إلى ما كان عليه.

عند ذلك قلتُ للرَّجُل المبارَكِ:

عَلِّمْني مِن هذا القولِ الذي قلتَه.

فقال لي: إنَّك غلام مُعَلَّم.

***

كانت هذهِ بدايةَ قِصَّةِ عبدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ مع الإسْلامِ... إذ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ المبارَكُ إلاَّ رسولَ اللّهِ صلوات اللّه عليه، ولم يكن صاحبُه إلا الصديقَ رَضِىَ اللّهُ عنها. فقد نَفَرا (6) في ذلِكَ اليومِ إلى شِعابِ مَكَّةَ لِفَرْطِ ما أرهَقَتْهُمَا (7) قريشا وَلِشدَّةِ ما أنزَلتْ بهما من بَلاءٍ


وكما أحَبَّ الغلامُ الرسولَ الكريمَ وصاحِبَهُ، وتَعَلَّقَ بهما فقد أعجب الرسولُ وصاحبُه بالغُلامِ و أكبَرَا أمَانَتَهُ وَحَزْمَهُ وَتَوَسَّمَا فيه الخيْرَ (8).

لم يمضِ غيرُ قليل حتَّى أسلمَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ وعَرَضَ نَفْسَهُ على رسولِ اللّهِ ليخدِمَه، فَوَضَعه الرسولُ صلوات اللّهِ عليه في خِدْمَتِهِ.

ومُنْذُ ذلك اليومِ انْتَقَلَ الغلامُ المَحْظُوظُ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ من رعاية الغَنم إِلى خِدْمَةِ سَيِّدِ الخَلقَ والأممَ.

***

لزمَ عبدُ اللّه بنُ مسعودِ رسولَ اللّهِ صلواتُ اللّهِ عليه مُلاَزَمَةَ الظِّلِّ لصاحبه، فكَان يُرافِقُه في حِلِّهِ وَتَرْحَالِهِ، ويصاحِبهُ داخِلَ بيتهِ وخارجَه... إذْ كان يوقِظُه إِذا نام، وَيَسْتُرُهُ إِذا اغْتَسَلَ، ويُلْبِسُهُ نَعْلَيْهِ إِذا أرادَ الخروجَ، ويَخْلَعُهُما من قَدَمَيْه إذا هَمَّ بالدخولِ، ويحمِـلُ له عصـاه وَسِـوَاكَه، وَيَلجُ الحُجْرَةَ بَيْنَ يَدَيْه إذا أوى إِلى حُجْرَتِه…

بلْ إنَّ الرسولَ عليه الصلاةُ والسَّلامُ أذِنَ له بالدُّخولِ عليه مَتى شاءَ، والوقوف على سِرّهِ من غيرِ تَحَرُّج وَلا تأثم، حتَّى دُعِيَ بِصَاحـبِ سِرِّ رسولِ اللّهِ.

***

رُبِّيَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ في بيتِ رسـولِ اللّهِ، فاهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَتَخَـلَّقَ بِشَمَائلهِ (9)، وَتَابَعهُ في كل خَصْلَةٍ من خِصالِه حتَّى قيل عنه: إنَّهُ أقربُ النَّاسِ إلى رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم هَدْياً وَسَمْتا (10)


***

وَتَعَلَّمَ ابنُ مسعودٍ في مَدْرَسَةِ الرسول صَلواتُ اللّهِ عليه فكان من أقرَأ الصَّحابةِ للقرَآنِ، وأفقَهِهِمْ لمعانيه وأعلَمِهِمْ بِشرْعِ اللّهِ.

ولا أدَلَّ على ذلك مِنْ حكاية ذلك الرَّجُلِ الذي أقْبَلَ على عُمَرَ بنِ الخطابِ وهو واقِف بِعَرَفَة، فقال له:

جئتُ- يا أميرَ المؤمنين- من الكوفَةِ وَتَرَكْـتُ بها رجلاً يُمْلي المَصَاحِفَ عن ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَغَضِبَ عمرُ غَضَباً قَلَّما غَضِبَ مِثْلَهُ، وَانتَفَخَ حَتَّى كادَ يَمْلأ ما بينَ شُعْبَتَي الَّرحل (11) وقال:

مَنْ هُوَ وَيْحَكَ (12)؟!

قال: عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ .

فما زالَ يَنْطَفِئُ وَيُسَرَّى عَنْهُ حَتَّى عادَ إلى حالِه، ثم قال: وَيْحَكَ، واللّهِ ما أعْلَمُ أنهُ بَقِيَ أحَدٌ مِنَ النَاسِ أحَقُّ بهذا الأمْرِ منْهُ، وَسَأحَدِّثكَ عن ذلك.

واستأنفَ عمرُ كلامَهُ فقال:

كان رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْمُرُ ذاتَ ليلة عِنْدَ أبى بكرٍ ، ويتفاوَضانِ (13) في أمرِ المسلمين، وكُنْتُ معهما، ثُمَّ خَرَجَ رسولُ اللّهِ وَخَرَجْنا معه، فإذا رَجُلٌ قائِم يُصَلِّي بِالْمَسجِدِ لَمْ يَتَنبّهُ (14): فَوَقَفَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ إليه، ثم الْتَفَتَ إلينا وقال:

مَنْ سَرَّهُ أنْ يَقْرَأ الْقُرانَ رَطْباً كما نزَلَ فَلْيَقْرَأهُ على قِراءَةِ ابْنِ أمِّ عَبْدٍ ...

ثُمَّ جَلَسَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ يدْعو فَجَعَلَ الرسولُ عليه الصَّلاةُ والسلامُ يقولُ له:

سَلْ تُعْطَهْ...


سَلْ تُعْطَهْ...

ثم أتْبَعَ عمرُ يقول:

فَقُلْتُ في نفسي: واللّهِ لأغدُوَنَّ عَلَى عَبْدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ وَلأبشِّرَنَّهُ بِتَأمِينِ الَّرسولِ صلى الله عليه وسلم على دُعائِه، فَغدَوْتُ عَلَيْهِ فَبَشَّرْتُه، فَوَجَدْتُ أبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَني إلَيْه فَبَشَّرَه ...

ولا واللّهِ ما سابَقْتُ أبا بَكْر إلى خَيْرٍ قَطُّ إلاَّ سَبَقَني إلَيْهِ.

***

ولقد بَلَغ من عِلْمِ عبدِ اللّهِ بنِ مسعودٍ بكتابِ اللّهِ أنهُ كان يقولُ: واللّهِ الذي لا إلهَ غَيْرُه، ما نَزَلَتْ آيَة من كِتابِ الله إلاَّ وأنا أعلم أينَ نَزَلَتْ وأعلمُ فيما نَزَلَتْ، ولو أعْلَمُ أن أحَداً أعلَمُ مِنى بِكِتَابِ اللّهِ تَنَالُه الَمطِيُّ (15) لأتيْتُه.

***

لم يَكُنْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ مُبَالِغاً فيما قالَه عَنْ نفسِه، فهذا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضىَ اللّهُ عنه يَلْقَى رَكْباً (16) في سَفَرٍ من أسْفَارِهِ، والليلُ مُخَيِّم يحجُبُ الرَّكْبَ بِظلامِهِ.

وكان في الرَّكْبِ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ ، فَأمَرَ عُمَرُ رجلاً أن يُنَادِيَهُمْ:

من أينَ القومُ؟ فأجابَه عبدُ اللّهِ: من الفجِّ العَمِيِق (17).

فقال عمرُ: أينَ تريدونَ؟ فقال عَبْدُ اللّهِ: البيتَ العَتيقَ.

فقال عمرُ: إنَّ فيهم عالماً... وأمرَ رجلاً فناداهُمْ:

أيّ القرآنِ أعظمُ؟ فأجابه عبدُ اللّهِ: { اللّهُ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأخُذُهُ سِنَة وَلاَ نَوْمٌ }.


قال:

نَادِهِمْ أيُّ الْقُرآنِ أحْكَمُ؟

فقال عبدُ اللّه: { إن اللّهَ يَأمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى }.

فقال عمر: نادِهم أي القرَانِ أجمَعُ؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَه }.

فقال عمر: نادِهم أيُّ القرَآن أخوفُ؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ لَيْسَ بِأمَانِيِّكُمْ وَلا أمَانيّ أهل الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً }.

فقال عمرُ:

نادِهم أيُّ القرَان أرْجَى؟

فقال عبدُ اللّهِ:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلَى أنفُسِهمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إنَّ اللّه يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَمِيعاً، إنَّهُ هُوَ الْغفُورُ الرَّجِمُ }.

فقال عمرُ:

نَادِهِمْ، أفيكُمْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ ؟!

قالوا: اللَّهُمَّ نعم.

***

ولم يَكُنْ عبدُ اللّهِ بنُ مسعود قارئاً عالماً عابداً زاهِداً فَحَسْبُ وإنما كان- مع ذلك- قَوِيّاً حازماً مُجاهِداً مِقْداماً إذا جَدَّ الْجِدُّ.

فَحَسْبُهُ أنَّهُ أوَّلُ مُسْلِم على ظَهْرِ الأرضِ جَهَرَ بالقرَآنِ بَعْدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم :

فقد اجْتَمعَ يوماً أصحابُ رسولِ اللّهِ في مكَّةَ ،- وكانوا قِلَّةً مُسْتَضْعَفينَ-


فقالوا:

واللّهِ ما سَمِعَتْ قريشٌ هذا القُرآن يُجْهَرُ لها به قَطّ، فَمَنْ رَجُلٌ يُسْمِعُهُم إيَاه؟!

فقال عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ : أنا أسمعهم إِيَّاه.

فقالوا:

إنَّا نَخْشَاهُم عليكَ، إنَّما نُرِيدُ رَجُلاً له عَشيرة، تَحْميه وَتَمْنَعُهُ منهم إِذا أرادوه بشَر، فقال: دَعُونِي فإنَّ اللّهَ سَيَمْنَعُني ويَحْميني...

ثم غدا إلى الْمَسْجِدِ حَتَّى أتَى مَقامَ إِبْراهِيمَ في الضُّحَى وقريشٌ جلوسٌ حَوْل الكَعْبَةِ، فَوَقَفَ عِنْدَ المقام وقرأ:

{ بِسمِ اللّهِ الرحمنَ الرحيمِ- رافِعاً بها صَوْتَهُ- الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرآنَ، خَلَقَ الانْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ... }.

وَمَضىَ يَقْرأها، فَتَأملَتْهُ قريشٌ وقالت: ماذا قال ابنُ أمِّ عَبْدٍ ؟!

تَبّاً له (18)… إنَّهُ يَتْلو بَعْضَ ما جاءَ به محمدٌ … وقاموا إليه وجَعَلوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وهو يَقْرأ حَتَّى بَلَغ منها ما شاءَ اللّهُ أَنْ يبلُغ، ثم انْصَرَفَ إِلى أصحَابِه والدَّمُ يسيلُ منه، فقالوا له:

هذا الذي خَشِينا عليك.

فقال:

واللّهِ ما كان أعداءُ اللّهِ أهوَنَ في عيني منهم الآنَ، وإنْ شِئْتُم لأُغَادينّهم(19)، بِمِثْلها غداً، قالوا:

لا، حَسْبُكَ (20)، لقد أسْمَعْتَهم ما يَكْرَهون.

***


عاشَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ إلى زَمَنِ خِلافَةِ عُثمانَ رَضِيَ اللّهُ عنه، فلمّا مَرِضَ مَرَضَ الموتِ جاءَه عثمانُ عائِداً، فقال له:

ما تشتَكي؟

قال: ذنوبي.

قال: فما تشْتَهي؟

قال: رحمةَ ربى.

قال: ألا آمُرُ لك بِعَطائِك الذي امْتَنَعْتَ عَنْ أخْذِهِ منذُ سنين؟!

قال: لا حاجَةَ لي به.

قال: يكون لِبَناتِكَ من بَعْدِك.

قال: أتَخْشَى على بناتي الفقْرَ؟

إني أمرْتُهُنَّ أن يَقْرَأنَ كُلَّ لَيْلَةٍ سُورَةَ الْوَاقِعَة...

وإنِّي سمعتُ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَنْ قَرَا الْواقِعَةَ كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَة (21) أبداً".

***

ولما أقبَلَ الليلُ لَحِقَ عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ بالرفيقِ الأعلى ولِسَانهُ رَطْب بِذِكْرِ اللّهِ، نَدِيُّ بآياتِه الْبَيِّنات.(*)

جعلاني للابد 02-25-2006 01:46 AM

فاطمة بنت رسول اللة صلى اللة علية وسلم

اسمها[/font]
فاطمة الزهراء أم الحسنين ، هي فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- ، أمها السيدة خديجة ، وهي أصغر بنات النبي الكريم

مولدها:

ولِدَت قبل البعثة بقليل ، تزوّجها الإمام علي بن أبي طالب بعد غزوة بدر

اولادها:
لهما من الأولاد الحسن والحسين والمحسن وأم كلثوم وزينب ، كان الرسول -صلى
الله عليه وسلم- يُحبّها ويكرمها ويُسرّ لها ، ومناقبها كثيرة000


غضب النبي لفاطمة :

لقد غضب النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة لمّا بلغه أن أبا الحسن همَّ بما رآه سائغاً من خِطبة بنت أبي جهل ، فقال :( والله لا تجتمع بنت نبيّ الله وبنت عدو الله ، وإنما فاطمة بضعة مني ، يريبُني ما رَابَها ، ويؤذيني ما آذاها )000فترك علي الخطبة رعاية لها000


فضلها:
لقد جلّل النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة وزوجها وابنيْها الحسن والحسين بكساءٍ وقال :( اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم فأذْهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً )000كما قال لها :( يا فاطمة : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين )000كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون )000

جعلاني للابد 02-25-2006 01:49 AM

الفاروق (( عمر بن الخطاب )) رضي الله عنه

عمر بن الخطاب هو ثاني الخلفاء الراشدين و أول من تسمى بلقب أمير المؤمنين، كان من أصحاب محمد بن عبد الله رسول الإسلام، إسمه عمر بن الخطاب بن نوفل بن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي. وفي كعب يجتمع نسبه مع نسب محمد بن عبد الله رسول الإسلام. أمه حنتمة بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهادهم. أول من عمل بالتقويم الهجري.

لقبه الفاروق. وكنيته أبو حفص، والحفص هو شبل الأسد، وقد لقب بالفاروق لأنه كان يفرق بين الحق والباطل ولا يخاف في الله لومة لائم.

أنجب اثنا عشر ولدا، ستة من الذكور هم عبدالله وعبد الرحمن وزيد وعبيدالله وعاصم وعياض، وست من الإناث وهن حفصة ورقية وفاطمة وصفية وزينب وأم الوليد.


ولادته

ولد قبل بعثة سيدنا رسول الله الرسول بثلاثين سنة وكان عدد المسلمين يوم أسلم تسعة وثلاثين مسلماً. وامتدّت خلافة عمر 10 سنين و 6 أشهر وأربعة أيام.

إسلامه

ظلَّ عمر على حربه للمسلمين وعدائه للنبي حتى كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، وبدأ عمر يشعر بشيء من الحزن والأسى لفراق بني قومه وطنهم بعدما تحمَّلوا من التعذيب والتنكيل، واستقرَّ عزمه على الخلاص من محمد؛ لتعود إلى قريش وحدتها التي مزَّقها هذا الدين الجديد! فتوشَّح سيفه، وانطلق إلى حيث يجتمع محمد وأصحابه في دار الأرقم، وبينما هو في طريقه لقي رجلاً من بني زهرة فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، فقال: أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! وأخبره بإسلام أخته "فاطمة بنت الخطاب"، وزوجها "سعيد بن زيد بن عمر" (رضي الله عنه)، فأسرع "عمر" إلى دارهما، وكان عندهما "خبَّاب بن الأرت" (رضي الله عنه) يقرئهما سورة "طه"، فلما سمعوا صوته اختبأ "خباب"، وأخفت "فاطمة" الصحيفة، فدخل عمر ثائرًا، فوثب على سعيد فضربه، ولطم أخته فأدمى وجهها، فلما رأى الصحيفة تناولها فقرأ ما بها، فشرح الله صدره للإسلام، وسار إلى حيث النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، فلما دخل عليهم وجل القوم، فخرج إليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السيف، وقال له: أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال، ما نزل بالوليد بن المغيرة؟ فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فكبَّر رسول الله والمسلمون، فقال عمر: يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: بلى، قال: ففيم الاختفاء؟ فخرج المسلمون في صفين حتى دخلوا المسجد، فلما رأتهم قريش أصابتها كآبة لم تصبها مثلها، وكان ذلك أول ظهور للمسلمين على المشركين، فسمَّاه النبي (صلى الله عليه وسلم) "الفاروق" منذ ذلك العهد


بيعة عمر

رغب ابو بكر الصديق في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان : (اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته، وأنه ليس فينا مثله) وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم، أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده، وأوضح سبب اختياره قائلا : (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم). ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا : (أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قربى، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا) فرد المسلمون : (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة (13 هـ).

الهجرة إلى المدينة

كان إسلام "الفاروق" عمر في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست وعشرين سنة، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً، ودخل "عمر" في الإسلام بالحمية التي كان يحاربه بها من قبل، فكان حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، وزادت قريش في حربها وعدائها للنبي وأصحابه؛ حتى بدأ المسلمون يهاجرون إلى "المدينة" فرارًا بدينهم من أذى المشركين، وكانوا يهاجرون إليها خفية، فلما أراد عمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: "من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي".

وفي "المدينة" آخى النبي (صلى الله عليه وسلم) بينه وبين "عتبان بن مالك" وقيل: "معاذ بن عفراء"، وكان لحياته فيها وجه آخر لم يألفه في مكة، وبدأت تظهر جوانب عديدة ونواح جديدة، من شخصية "عمر"، وأصبح له دور بارز في الحياة العامة في "المدينة".

موافقة القرآن لرأي عمر

تميز "عمر بن الخطاب" بقدر كبير من الإيمان والتجريد والشفافية، وعرف بغيرته الشديدة على الاسلام وجرأته في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن الرأي، وقد جاء القرآن الكريم، موافقًا لرأيه في مواقف عديدة من أبرزها: قوله للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى: فنزلت الآية (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ البقرة: 125]، وقوله يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: (وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب) [الأحزاب: 53].

وقوله لنساء النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد اجتمعن عليه في الغيرة: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن) [ التحريم: 5] فنزلت ذلك.

ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي "عمر" في هذه المواقف هو الذي جعل النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه".

وروي عن ابن عمر: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه".


خلافته

بويع أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة "أبي بكر الصديق" [22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م].

وبدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي" الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن "أبا عبيدة" لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين.


الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق

بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين "في موقعة الجسر" سعى "المثنى بن حارثة" إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم "المثنى" بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر "البويب" الذي سميت به تلك المعركة.

ووصلت أنباء ذلك النصر إلى "الفاروق" في "المدينة"، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له "سعد بن أبي وقاص" فأمره "عمر" على الجيش الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في "القادسية".

وأرسل "سعد" وفدًا من رجاله إلى "بروجرد الثالث" ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بصلف وغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في "القادسية"، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائده "رستم"، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت "العراق" إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات.

الطريق من المدائن إلى نهاوند

أصبح الطريق إلى "المدائن" عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر "دجلة" واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل "سعد" القصر الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل "سعد" إلى "عمر" يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.

بعد فرار ملك الفرس من "المدائن" اتجه إلى "نهاوند" حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى "نهاوند"، ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه "فتح الفتوح".

فتح مصر
اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في "القادسية" ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين، واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن "عمرو بن العاص" من فتح "مصر" في أربعة آلاف مقاتل، فدخل العريش دون قتال، ثم فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها، الرومية، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة "أرطبون" ثم حاصر "حصن بابليون" حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى "الإسكندرية" ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت "مصر" كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.

وكان فتح "مصر" سهلاً ميسورًا، فإن أهل "مصر" ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة.

عمر أمير المؤمنين

كان "عمر بن الخطاب" نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام الأمة، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية الحكم، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة وأخبار طريفة، من ذلك ما روي أنه بينما كان يعس بالمدينة إذا بخيمة يصدر منها أنين امرأة، فلما اقترب رأى رجلا قاعدًا فاقترب منه وسلم عليه، وسأله عن خبره، فعلم أنه جاء من البادية، وأن امرأته جاءها المخاض وليس عندها أحد، فانطلق عمر إلى بيته فقال لامرأته "أم كلثوم بنت علي" ـ هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ فقالت: وما هو؟ قال: امرأة غريبة تمخض وليس عندها أحد ـ قالت نعم إن شئت فانطلقت معه، وحملت إليها ما تحتاجه من سمن وحبوب وطعام، فدخلت على المرأة، وراح عمر يوقد النار حتى انبعث الدخان من لحيته، والرجل ينظر إليه متعجبًا وهو لا يعرفه، فلما ولدت المرأة نادت أم كلثوم "عمر" يا أمير المؤمنين، بشر صاحبك بغلام، فلما سمع الرجل أخذ يتراجع وقد أخذته الهيبة والدهشة، فسكن عمر من روعه وحمل الطعام إلى زوجته لتطعم امرأة الرجل، ثم قام ووضع شيئًا من الطعام بين يدي الرجل وهو يقول له: كل ويحك فإنك قد سهرت الليل!

وكان "عمر" عفيفًا مترفعًا عن أموال المسلمين، حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين، في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي لنفسه منه شيئا.

وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف.

وخرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه فوصف له العسل، وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها.

عدل عمر وورعه

كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: "والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق".

وكان "عمر" إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم.

واستشعر عمر خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال: اللهم أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني.

وقد بلغ من شدة عدل عمر وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحد على "عبد الرحمن بن عمر" في شرب الخمر، نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده "عبد الرحمن" فلما دخل عليه وكان ضعيفًا منهكًا من الجلد، أمر "عمر" بإقامة الحد عليه مرة أخرى علانية، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام عليه ثانية، ولكنه عنفهم، وضربه ثانية و"عبد الرحمن" يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي إليه. وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات!!

إنجازات عمر الإدارية والحضارية

وقد اتسم عهد الفاروق "عمر" بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي، كما أنه أول من دون الدواوين، وقد اقتبس هذا النظام من الفرس، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه "تمصير الأمصار"، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في عهده، فأدخل فيه دار "العباس بن عبد المطلب"، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال، وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء.


فتحت في عهده بلاد الشام و العراق و فارس و مصر و برقة و طرابلس الغرب وأذربيجان و نهاوند و جرجان. و بنيت في عهده البصرة والكوفة. وكان عمر أوّل من أخرج اليهود من الجزيرة العربية الى الشام.

مماته

كان عمر يتمنى الشهادة في سبيل الله و يدعو ربه لينال شرفها : (اللهم أرزقني شهادة في سبيلك و اجعل موتي في بلد رسولك). و في ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي (غلاما للمغيرة بن شعبة) عدة طعنات في ظهره أدت الى مماته ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث و عشرين من الهجرة، و لما علم قبل وفاته أن الذي طعنه مجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله مسلم. و دفن الى جوار سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم و سيدنا أبي بكر الصديق في الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة.

جعلاني للابد 02-25-2006 02:42 AM

,,حمزة بن عبد المطلب,,


,, أسمه وكنيته ,,


هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، أبوه عبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيدها وصاحب السقاية والرفادة فيها، وأمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشية، وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، وكنيته أبو عمارة وأبو يعلى، ولقبه سيد الشهداء، وأسد الله، وأسد رسوله .


,, ولادته وصفاته وأسلامه,,


ولد في مكة المكرمة قبل عام الفيل بسنتين فهو أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، أرضعتهما ثويبة جارية أبي لهب في فترتين متقاربتين، فنشأ رضي الله عنه وتربى بين قومه بني هاشم سادة قريش ومكة معززاً مكرماً، وكان موصوفاً بالشجاعة والقوة والبأس حتى عُرف أنه أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة، يشارك في الحياة الاجتماعية مع سادة قومه في أنديتهم ومجتمعاتهم، ويهوى الصيد والقنص وكل أعمال البطولة والفروسية، شهد وهو ابن اثنين وعشرين عاماً حرب الفجار الثانية بين قومه قريش وحلفائهم وبين قيس وحلفائها، وكان النصر لقريش .

كان ترباً لرسول الله وصديقاً له لذا كانت بذور الإسلام موجودة في نفسه ولكن لم يعلن إسلامه إلا في السنة السادسة من البعثة إثر موقف غيرة وانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان عائداً من الصيد مرة وبلغه أن أبا جهل بن هشام المخزومي لقي النبي صلى الله عليه وسلم عند الكعبة فتعرض له بما يكره وسبّه سباً قبيحاً وآذاه، فغضب وأقبل على أبي جهل بعد أن طاف بالبيت، وضربه على رأسه بقوسه فشجّه شجة منكرة، وقال: (أتشتمه وأنا على دينه، أقول ما يقول، فاردد علي إن استطعت ؟ ثم مضى إلى رسول الله في دار الأرقم وأعلن إسلامه، ففرح به الرسول عليه السلام والمسلمون فرحاً كبيراً، وعز جانبهم بإسلامه، ولما أسلم عمر بن الخطاب بعده بفترة وجيزة، خرج المسلمون من دار أبي الأرقم بقيادة حمزة وعمر الفاروق وهم يكبرون ويهللون جهاراً نهاراً .

وفي السنة السابعة من البعثة شارك حمزة قومه بني هاشم وبني المطلب الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شِعب أبي طالب وعانوا منه المشقة والعذاب، ولكنهم خرجوا منه في السنة العاشرة وهم أشد قوة وأكثر صلابة .

ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجرة إلى المدينة، هاجر حمزة مع من هاجر إليها قبيل هجرة النبي عليه السلام بوقت قصير، ونزل فيها على سعد بن زرارة من بني النجار، وآخى الرسول عليه السلام بينه وبين زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد مرور سبعة شهور على الهجرة النبوية عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أول لواء لحمزة بن عبد المطلب، وبعثه في ثلاثين رجلاً من المهاجرين لاعتراض عير قريش القادمة من الشام إلى مكة المكرمة بقيادة أبي جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، ولم يحصل بين الطرفين قتال، إذ حجز بينهما مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفاً للطرفين .



,, غزواته ,,

شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة ودّان ـ قرية قريبة من الجحفة بين مكة والمدينة ـ وحمل لواء الغزوة. وظهرت بطولته رضي الله عنه في معركة بدر الكبرى التي وقعت في رمضان من السنة الثانية للهجرة حيث اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم مع عبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب لمبارزة فرسان كفار قريش: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فبارز حمزة شيبة وقتله وشارك الآخرين في قتل عتبة، كما قتل عدداً آخر من أبطال قريش منهم طعيمة بن عدي، وأبلى بلاء حسناً، وقاتل بسيفين، وكان يعلّم نفسه بريشة نعامة في صدره، وقال عنه أمية بن خلف أحد سادة قريش قبل أن يقتله المسلمون ذلك فعل بنا الأفاعيل، وقد كان حمزة بحق بطل غزوة بدر الكبرى، وبعد معركة بدر وفي شهر شوال من السنة الثانية للهجرة كان حمزة رضي الله عنه حاملاً لواء النبي لغزو يهود بني قينقاع وإجلائهم عن المدينة، وقد تجلت بطولته وشجاعته بشكل كبير في معركة أحد التي حدثت في شهر شوال سنة 3هـ، وأبلى فيها بلاء عظيماً، وقتل أكثر من ثلاثين شخصاً من الكفار، وكان يقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين كأنه الجمل الأورق، فقد استشهد حمزة بن عبد المطلب في معركة أحد، قتله وحشي الحبشي، ولقتله قصة ذكرها وحشي حيث كان غلاماً لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر كما ذكر، فلما سارت قريش إلى أحد، قال جبير لوحشي (إن قتلت حمزة عم محمد، فأنت عتيق)، فخرج وحشي مع الناس، وكان رجلاً حبشياً يقذف بالحربة قذف الحبشة، قلما يخطئ، قال وحشي: (والله إني لأنظر إلى حمزة يهد الناس بسيفه ما يبقي به شيئاً مثل الجمل الأورق) إذ تقدمني إليه سبّاع بن عبد العزى، فقال له حمزة: هلمّ إليّ يا ابن مقطعة البظور، فضربه ضربة فقتله، وهززت حربتي، حتى إذا رضيت منها دفعتها إليه فوقعت في أسفل بطنه، حتى خرجت من بين رجليه وقضت عليه.

ثم إن نسوة من قريش ومنهن هند بنت عتبة بن ربيعة التي قُتل أبوها وأخوها في معركة بدر مثّلن في جثته وبقرن بطنه، ولاكت هند كبده فلم تستسغه فلفظته، فلما وقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه قتيلاً بكى، فلما رأى ما مُثِّل به شهق وقال (رحمك الله أي عم، فلقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات)، وقال أيضاً (لن أصاب بمثلك أبداً، ما وقفت موقفاً أغيظ إليَّ من هذا) ثم قال: (لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع)، ثم أمر بالقتلى، فجعل يصلي عليهم بسبع تكبيرات ويرفعون ويترك حمزة، ثم يُجاء بسبعة فيكبر عليهم سبعاً حتى فرغ منهم، وقال بحقه (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب) .


,, أستشهاده ,,


وكان استشهاد حمزة رضي الله عنه في منتصف شهر شوال سنة 3هـ (624م) وله من العمر نحو (58سنة) ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة رضي الله عنه فدفن في موقع المعركة في بطن جبل أحد ودفن معه ابن أخته عبد الله بن جحش وقبرهما معروف حتى اليوم وتسمى المنطقة منطقة سيد الشهداء، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من احد إلى المدينة سمع بعض نساء الأنصار يبكين شهداءهن، فقال: (لكن حمزة لا بواكي له) فاجتمع نساء وبكين حمزة ولما أطلن البكاء قال عليه السلام: (مروهنّ لا يبكين على هالك بعد اليوم) .

وكانت السيدة فاطمة الزهراء تأتي قبر حمزة .. ترمه وتصلحه .

وقد رثاه عدد من الشعراء منهم كعب بن مالك الذي يقول فيه :

بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل

على أسد الإله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل

أصيب المسلمون به جميعاً هناك وقد أصيب به الرسول

جعلاني للابد 03-15-2006 09:18 AM

مــعـــاذ بــن جـــبل





لما أشْرَقَتْ جزيرةُ العَرَبِ بنورِ الُهدَى والحقِّ، كان الغلامُ اليَثْرِبيُّ(1) مُعَاذُ بن جَبَل فتًى يافِعاً.

وكان يَمْتَازُ من أترَابِهِ بِحِدَّةِ الذَّكاءِ، وقُوَّةِ العارِضَةِ(2)، ورَوْعَةِ البَيَانِ، وعُلُوِّ الِهمَّةِ.

وكان إلى ذلك، قسيما وسيما(3) أكْحَلَ العينِ جَعْدَ الشعر بَرَّاق الثنايا، يَمْلأ عين مجتَليه(4) ويملكُ عليه فؤاده.

أسْلَمَ الفَتَى مُعَاذُ بنُ جَبَل على يَدَي الدَّاعيةِ الَمكِّيِّ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ . وفي ليلةِ العَقَبَةِ امتدَّت يَدُه الفَتِيةُ فصافَحَتْ يَدَ النبي الكريم وبايعَتْهُ...

فَقَدْ كانَ مُعاذٌ مَعَ الرَّهْط الاثنينِ والسَّبعين الذين قَصَدُوا مَكَّةَ، لِيَسْعَدوا بِلقَاءِ رسـولِ اللّه صلى الله عليه وسلم ، ويَشْـرُفوا ببيْعَتِـهِ، ولِيَخُطُّوا في سِفْر التاريخ أرْوَعَ صَفْحَةٍ وأزْهاها…

***


وما إن عادَ الفَتَى من مَكّـةَ إلى المدينةِ حَتَّى كَوَّنَ هو ونَفَر صَغيرٌ من لِدَاتِه جماعَةً لِكَسْرِ الأوْثانِ، وانْتِزاعِها من بُيُوتِ المُشْركينَ في يَثْرِبَ في السرِّ أو في العَلنِ. وكان من أثرِ حَرَكَةِ هؤلاء الفتيانِ الصغارِ أنْ أسْلَمَ رَجُل كبيرٌ من رجالاتِ يَثْرِبَ، هو عمرو بنُ الجموح(5).

***

كان عمرو بنُ الجَموح سَيِّداً من ساداتِ بني سَلَمَةَ، وشريفاً من أشرافِهِم.

وكان قد اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ صَنَماً من نفيسِ الخَشَبِ كما كان يَصْنَعُ الأشْرافُ.

وكان شَيْخُ بني سَـلَمَةَ يُعْنَى بصَنَمهِ هذا أشدَّ العِنَايَةِ فيُجلِّله بالحريرِ، ويُضَمِّخُه(6) كلَّ صَباح بالطِّيب.

فقام الفِتْيانُ الصِّغارُ إلى صَنَمِهِ تَحْتَ جُنْح الظَّلامِ وحَمَلوه مِنْ مَكَانِه، وخَرَجوا بهِ إلى خَلْفِ منـازِلَ بني سَـلَمَةَ، وألقوه في حُفْرَةٍ كانَت تُجْمَعُ فيها ا لأقذار…

فلمَّا أصبَحَ الشَّيْخُ افتَقَدَ صَنَمَهُ فلم يجِدْه، وَبَحثَ عَنْه في كُلِّ مكانٍ حَتى ألْفاهُ مُكِبّاً على وَجْهِهِ في الحُفْرَة غارِقاً في الأقذارِ فقال: وَيْلَكُمْ من عَدا على إلِهنا في هذه اللّيْلَةِ؟!

ثم أخْرَجَهُ وغَسَله، وطَهَّرَه، وطيّبهُ، وأعادَه إلى مكانهِ، وقال له:

أي "مناةُ"(7)، واللّهِ لو أني أعلَمُ من صَنَعَ بِكَ هذا لأخْزَيتُه...

فلمَّا أمْسَى الشيخُ ونامَ تسلل الفِتْيَةُ إلى صنمِه وفعلوا به ما فعلوه في اللَّيْلَةِ السَّابقةِ...

فما زالَ يبحثُ عَنْهُ حَتَّى وَجَدَه في حُفْرَةٍ أخْرَى من تِلْكَ الحُفَر...


فأخْرَجَه وغَسَلَه وطَهَّرَه وعَطَّرَه وتَوَعَّدَ(8) من عَدَوْا عليه أشَدَّ الوعيد...

فلمَّا تكرَّر ذلك مِنْهُمْ استَخْرجَه من حَيْثُ ألقَوْه، وغَسَلَه...

ثمَّ جاء بِسيْفِهِ فَعَلَّقَهُ عليه وقال يخاطِبُه:

واللّهِ إني ما أعلمُ من يَفْعَلُ بِكَ هذا الذي تَراه...

فإن كان فيك خيرٌ – يا منـاةُ- فادْفَعْ عن نَفْسِك… وهذا السَّيْفُ مَعَك …

فلمَّا أمسى الشَّيخُ ونام، عَدَا الفتْيَةُ على الصَّنَمِ، وأخذا، السَّيْفَ الُمعَلّقَ في رَقَبَتِهِ…

وربطوه بِعُنُقِ كَلْبٍ مَيِّتٍ وألقَوْهما في حُفْرَةٍ من تِلْكَ الحفَرِ، فَلَمَّا أصْبحَ الشيخُ جَدَّ في طلبِ صَنَمِهِ حتى وَجَدَه مُلْقىً بين الأقْذَارِ مقروناً بكلبٍ مَيتٍ مُنَكَّساً على وجهه.

عِنْدَ ذلك نَظَرَ إليه وقال:

تا للّهِ لو كُنْتَ إلهاً لم تَكُنْ أنتَ وكَلْبٌ وسْطَ بِئرٍ في قَرَنْ(9).

ثم أسلم شيخُ بنى سلَمةَ وحَسن إسلامه.

***

ولما قَدِمَ الرسولُ الكريمُ على المدينةِ مهاجراً، لَزِمَهُ الفَتَى معاذ بنُ جَبل مُلازَمَةَ الظلِّ لِصَاحِبِه، فأخَذَ عنه القُرَانَ، وتَلَقَّى عليه شرائعَ الإسْلام، حَتَّى غَدا من أقرأ الصَّحابةِ لِكِتابِ اللّهِ، وأعْلَمِهم بِشَرْعِه...

حَدَّثَ يَزِيدُ بنُ قُطَيْبٍ قال: دَخَلْتُ مَسْجِدَ حمصَ فإذا أنا بِفَتًى جَعْدِ الشَّعْرِ(10)، قد اجتَمَعَ حَوْلَه النَّاس.


فإذا تكلَّمَ كأنَّما يَخْرُجُ من فيه نورً ولُؤلُؤ، فقلتُ: من هذا؟!

فقالوا: معاذُ بن جبل.

***

وروى أبو مسلم الخوْلانيّ(11) قال: أتيْتُ مسجِدَ دِمَشْقَ، فإذا حَلْقَةٌ (12) فيها كهول من أصْحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

وإذا شاب فيهم أكْحَلُ العَيْنِ بَرَاقُ الثنايا، كُلَّما اخْتَلَفُوا في شيءٍ ردُوه إلى الفَتَى؟ فقلت لِجَليس لي:

من هذا؟!

فقال: معاذ بن جبل.

***

ولا غَرْوَ(13) فمعاذٌ رُبّيَ في مَدْرَسةِ الرسولِ صلواتُ اللّهِ وسلامُه مُنْذُ نعومَةِ الأظْفارِ(14) وتَخَرَّجِ على يديه فنهل العلمَ من ينابيعه الغزيرة.

وأخَذَ المَعْرِفةَ مِنْ مَعِينها الأصيل، فكان خيرَ تِلْميذٍ لخير مُعَلِّم.

وحَسْبُ(15) معاذٍ شهادَةً أن يقولَ عنه الرسولُ صلواتُ اللّهِ عليه:

"أعْلَمُ أمَّتي بالحَلالَ والحَرَامَ مُعاذُ بنُ جَبَل "؛ وحَسْبُه فضلاً عَلَى أمَّةِ مُحَمدٍ أنه كان أحَدَ النَّفَرِ الستَّةِ الذين جَمَعُوا القرَانَ عَلَى عَهْدِ رسول اللّهِ صَلواتُ اللّهِ وسلامُه عليه.


ولذا كان أصْحابُ الرَّسولِ إذا تَحَدَّثوا وفيهم مُعَاذُ بنُ جَبَل نَظَروا إليهِ هَيْبَةً له وتَعْظيما لِعِلْمِهِ.

***

وقد وَضَعَ الرَّسولُ الكريمُ وصاحباه من بَعْدِه هذه الطَّاقَةَ العلميةَ الفريدَةَ في خِدْمةِ الإسلام والمسلمين.

فهذا هُوَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يَرَى جُموعَ قُرَيْش تَدْخُل في دينِ اللّهِ أفواجاً، بعد فتع مَكَّةَ.

ويَشْعُرُ بِحاجَةِ المسْلمينَ الجُدُدِ إلى مُعَلِّم كبيرٍ يُعَلِّمُهُمُ الإسلامَ، ويُفَقِّهُهُم بِشَرائِعِه، فَيَعْهَدُ بِخِلافتهِ على مَكَّةَ لِعَتَّابِ بن أسيدٍ ، ويَسْتَبْقي مَعَهُ مَعَاذَ بنَ جَبَل لِيُعَلِّمَ النَّاسَ القرَانَ ويفقِّهَهُمْ في دينِ اللّهِ.

***

ولَمَّا جاءَتْ رُسُلُ ملوكِ اليَمَنِ إلى رسولِ اللّهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عليه، تُعْلِن إسْلامَها وإسْلامَ مَن وراءَها، وتَسْألُه أنْ يَبْعَثَ مَعَها من يُعَلّمُ الناسَ دينهم انتدَبَ لهذه الُمهِمَّةِ نَفَراً من الدُّعاةِ الهداةِ من أصْحابه وأمَّرَ عليهم مُعاذَ بنَ جَبَل رَضِيَ اللّهُ عَنْه.

وقدْ خَرَجَ النبيُّ الكريمُ صلواتُ اللّهِ وسلامُه عليه يودِّعُ بَعْثَةَ الُهدَى والنور هذه...

وطَفِقَ يَمشي تَحْتَ راحِلَةِ مُعاذٍ ... ومُعاذ راكِب...

وأطالَ الرَّسولُ الكريمُ مَشْيَه مَعَه، حَتَّى لكـأنَّه كان يريدُ أنْ يَتَمَلَّى من معاذ...

ثم أوصاه وقال له:

يا مُعاذ إنَّكَ عَسَى ألا تَلْقاني بَعْدَ عامِي هذا...

ولعلَّكَ أنْ تَمُرَّ بِمَسْجدي وقَبْري...


فَبَكَى معاذٌ جَزَعاً لِفراق نَبِيِّه وحَبيبِه محمدٍ صَلَواتُ اللّهِ عليه، وبَكَى مَعَهُ المسلمون.

***

وصَدَقت نُبُوءَةُ الرسولِ الكريمِ فما اكتحَلَتْ عَيْنا مُعَاذٍ رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ بِرُؤيَةِ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ بَعْدَ تلكَ السَّاعةِ.

فَقَدْ فارَقَ الرسولُ الكريمُ الحياةَ قَبْلَ أنْ يعودَ مُعاذٌ مِنَ اليَمَنِ.

ولا ريبَ في أنَّ مُعَاذاً بَكَى لَمَّا عادَ إلى يَثْربَ فألفاها(16) قد أقْفَرَتْ من أنْس حبيبه رسولِ اللّهِ.

***

ولَمَّا وَليَ الخِلافَةَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِىَ اللّهُ عنه؛ أرْسَلَ مُعاذاً إلى بني كِلابٍ ليقسم فيهم أعْطَياتِهم، ويُوَزِّعَ على فقرائِهِم صَدَقاتِ أغنيائِهم، فقام بما عُهِدَ إليه من أمرٍ وعاد إلى زوجه بِحِلْسِهِ(17) الذي خَرَجَ به يَلفه على رَقَبَتِهِ، فقالت له امرأته:

أين ما جئْتَ بِهِ مِمَّا يأتي به الوُلاةُ من هَدِيَّةٍ لأهليهم؟!

فقال: لَقدْ كان مَعي رَقيبٌ يَقِظ يُحْصى عَلَىَّ(18)، فقالت:

قد كنت أميناً عِنْدَ رَسولِ اللّهِ، وأبى بكرٍ ، ثم جاء عمرُ فَبَعَثَ مَعَكَ رَقيباً يُحْصى عليك؟!!

وأشاعت ذلك في نِسْوةِ عُمَرَ، واشْتَكَتْه لَهُنَّ...

فَبَلَغ ذلك عُمَرَ؟ فَدَعا مُعاذاً وقال: أأنا بَعَثْتُ مَعَكَ رقيباً يُحْصِي عليك؟!

فقال: لا يا أمير المؤمنين، ولكِنَّني لم أجِدْ شيئاً أعْتَذِرُ بهِ إليها إلا ذِلك...

فَضَحِكَ عمرُ رضْوانُ اللّهِ عليه، وأعْطاه شيئاً وقال له:

أرضِها به...

***


وفي أيام الفاروق أرْسَلَ إليه واليه على الشَّامِ يزيدُ بن أبى سُفْيَانَ يقول:

يا أمرَ المؤمنين، إن أهلَ الشَّامِ قد كَثرُوا وملؤوا المَدَائِنَ، واحْتَاجُوا إلى من يُعَلِّمُهُمْ القُرَانَ ويفقِّهُهُمْ بالدِّينِ فاعِنِّي يا أميرَ المُؤمنينَ بِرِجال يُعَلِّمونَهُمْ؟ فَدَعا عمر النَّفرَ الخَمْسَةَ الذينَ جَمَعوا القرَانَ في زَمَنِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام.

وهم: معاذ بنُ جَبَل وعُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ وأبو أيوبَ الأنصاريُّ(19) وأبُيّ بنُ كعبٍ وأبو الدَّرداءِ(20) وقال لهم:

إنَّ إخْوانَكُمْ من أهل الشَّامِ قد اسْتَعَانُوني بِمَنْ يُعَلِّمُهُم القرانَ ويفقهُهُمْ في الدِّينِ فأعينوني- رَحِمَكُم اللّهُ- بثلاثةٍ منكم؟ فإنْ أحْبَبْتُم فاقْتَرِعوا وإلا انْتَدَبْتُ ثلاَثةً منكم.

فقالوا: ولِمَ نَقْتَرِعُ؟

فأبو أيوبَ شيخٌ كبيرٌ ، وأبيٌّ رَجُلٌ مَرِيضٌ ، وبَقينا نحنُ الثلاثة، فقال عمر:

ابِدَؤوا بِحِمْصَ فإذا رضيتُمْ حالَ أهْلِها؛ فَخَلِّفوا أحَدَكُمْ فيها وَلْيَخُرجْ واحِد مِنْكُمْ إلى دِمَشْقَ، والآخرُ إلى فِلسْطينَ.

فقام أصحابُ رسولِ اللّهِ الثلاثةُ بما أمَرَهُم به الفاروقُ في حِمْصَ...

ثم تركوا فيها عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ، وذَهَبَ أبو الدَّرداءِ إلى دِمشقَ ومَضَى معاذ بنُ جَبَل إلى فِلسْطينَ.

***


وهناك أصيبَ معاذ بالوَباءِ.

فلما حَضَرَتْه الوفاةُ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وجَعَلَ يردِّدُ هذا النشيد:

مَرْحباً بالموتِ مرحباً...

زائِرٌ جاءَ بَعْدَ غِياب...

وحبيب وَفَدَ على شَوْقِ...

ثم جَعَلَ ينظر إلى السماء ويقول:

اللهمَّ إنَّكَ كنتَ تَعْلَمُ أني لم أكُنْ أحِبُّ الدُّنيا وطولَ البَقَاءِ فيها لغرْسِ الأشجارِ، وجَرْيِ الأنهارِ...

ولكِنْ لظَمَأ الهواجِرَ، ومكابَدَةِ السَّـاعات، ومزَاحَمَة العلماءِ بالرُّكَبِ عند حِلَقَ الذكر…

اللَّهُمَّ فَتَقَبَّل نَفسي بِخَيْرِ ما تَتَقَبَّلُ به نَفْساً مُؤمِنَةٍ.

ثم فاضتْ روحه الطَّاهرةُ بعيداً عن الأهل والعشير داعِياً إلى اللّهِ، مهاجراً في سبيله. (*)

جعلاني للابد 03-15-2006 09:20 AM

أم سلمة



أمُّ سَلَمَةَ، وما أدْراكَ ما أمُّ سَلَمَةَ؟!



أما أبوها فسيّدٌ من سـاداتِ مَخْزوم المَرْموقين، وجوادٌ من أجْوَادِ العَرَبِ المَعْدودين؛ حتَّى إنه كان يقال له: "زادُ الراكِـبِ "؛ لأنَّ الرُّكْبانَ كَانتْ لاتتَزَوَّدُ إذا قَصَدَتْ منازِلَه أو سارَتْ في صُحْبَتِهِ.

وأمَّا زوجُها فعبدُ اللّهِ بنُ عبدِ الأسَدِ أحَدُ العَشَرةِ السابقين إلى الإسلامِ، إذْ لم يسلم قَبْلَه إلاَّ أبو بكرٍ الصديقُ ونفرٌ قليل لا يَبْلُغُ أصابعَ اليدين عدداً.

وأمَّا اسمُها فهندُ؛ لكِنَّها كُنيتْ بأم سَلَمَةَ، ثم غَلَبَتْ عليها الكُنْيَةُ.

***

أسلمت أمُّ سَلَمَةَ مع زَوْجها فكانتْ هي الأخْرَى من السابقاتِ إلى الإسلامِ أيضاً.

وما إنْ شاعَ نبأ إسلامِ أم سلمةَ وزوجها حتَّى هاجَتْ قريش ومَاجَتْ، وجَعلتْ تَصُبُّ عليهما من نكَالها (1) ما يُزَلْزِلُ الصُّمَّ الصِّلابَ (2)، فلم يَضعُفا ولم يَهِنا ولم يَتَردَّدا.

ولما اشتد عليهما الأذى وأذن الرسول صلوات الله عليه لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة كانا في طليعة المهاجرين .

***

مَضَتْ أمُّ سـلمةَ وزوجُها إلى ديارِ الغُرْبَةِ وخلَّفَتْ ورءاها في مكَّـةَ بيتَها الباذِخَ (3)، وعزَّها الشـامِخَ، ونَسَبَها العريقَ، مُحْتَسِبَةً (4) ذلك كلَّه عندَ اللّهِ، مُسْتَقِلَّةً له في جَنْبِ مَرْضاتِه.

وعلى الرَّغْمِ ممَّا لَقيَتْه أمُّ سَلَمَةَ وصحبُها مِنْ حِمايَةِ النجاشِيِّ نَضرَ اللّهُ في الجنةِ وَجْهَه، فقد كان الشَّوْقُ إلى مكَّةَ مهبطِ الوحْي، والحنينُ إلى رسولِ اللّهِ مَصْدر الُهدَى يَفْري كَبِدَها وكَبدَ زوجها فَرْياً.

ثم تَتَابَعتِ الأخبارُ على المهاجرين إلى أرضِ الحَبَشَةِ بأنَّ المسلمين في مكَّةَ قد كَثُرَ عَدَدُهم، وأنَّ إسلامَ حَمْزَة بنِ عبدِ المطَّبِ، وعمرَ بنِ الخطَّابِ قد شَدَّ من أزْرهم (5)، وكَفَّ شيْئاً من أذَى قريش عنهم، فَعَزَمَ فريق منهم عَلى العَودَةِ إلى مَكَّةَ، يَحْدوهم الشوقُ (6)، ويدعوهم الحنينُ..

فكانت أمُّ سلمةَ وزوجُها في طليعةِ العائدين

***

لكِنْ سَرْعانَ ما اكْتَشَفَ العائدون أنَّ ما نُمِيَ إليهم من أخبارٍ كان مُبالغاً فيه، وأنَّ الوَثْبَةَ التي وَثَبَها المسلمون بَعْدَ إسلامِ حمزةَ وعمرَ، قد قوبِلَتْ مِنْ قريش بِهَجْمَةٍ أكبرَ.

فَافْتَنَّ المُشْرِكونَ في تعْذيبِ المسلمين وتَرْويعهم، وأذاقوهُم مِنْ بَأسِهم ما لا عَهد لهم بِهِ مِنْ قَبلُ.


عند ذلك أذِنَ الرسولُ صلواتُ اللّهِ عليه لأصحابِهِ بالِهجْرَةِ إلى المدينةِ، فَعَزَمَتْ أمُّ سلمةَ وزوجُها على أن يكونا أوَّلَ المهاجرين فِراراً بدينهما وتَخَلُّصاً من أذَى قريش. لكِنَّ هِجْرَةَ أمِّ سَلَمَةَ وزوجِها لم تكن سَهْلَةً مُيَسَّرَةً كما خُيِّل لهما، وإنَّما كانت شَاقَّةً مُرَّةً خَلَّفَتْ وراءَها مأساةً تهون دونَها كلُّ مَأساةٍ.

فَلْنَتْركِ الكلامَ لأمِّ سلمةَ لِتَرْوِيَ لنا قِصَّةَ مأساتها...

فشعورُها بها أشدُّ وأعْمَقُ، وتَصْويرُها لها أدَقّ وأبلَغُ.

قالت أمُّ سلمةَ:

لما عَزَمَ أبو سلَمَةَ على الخروج إلى المدينة أعَدَّ لي بعيراً، ثمَّ حَمَلَني عليه، وجعلَ طِفْلَنا سَلَمَةَ في حِجْري، ومضَى يقودُ بِنا البعيرَ وهو لا يَلْوي على شيء (7). وقبلَ أن نَفْصِلَ (8) عَنْ مَكَّةَ رآنا رِجالٌ مِنْ قَوْمي بني مخزوم فَتَصَدَّوْا لنا، وقالوا لأبى سَلَمَةَ:

إن كنتَ قد غَلبْتَنا على نَفسِك، فما بالُ امْرَأتِكَ هذه؟!

وهي بِنْتُنا، فعلامَ نَتْرُكُكَ تأخُذُها مِنَّا وتسيرُ بها في البلادِ؟!

ثم وَثَبوا عليه، وانْتَزَعوني منه انْتِزاعاً.

وما إن رآهم قومُ زوجي بنو عَبْدِ الأسَدِ يأخذونَني أنا وطِفْلي، حَتَّى غَضِبوا أشَدَّ الغَضَبِ، وقالوا:

لا واللّهِ لا تتْرُكُ الوَلَدَ عِنْدَ صاحِبَتِكم بعد أن انْتزعتُمُوها من صاحِبِنا انْتِزاعاً..

فهو ابْنُنا ونحن أولى به.

ثم طَفِقُوا يتجاذَبون طِفْلي سـلمةَ بيْنَهم عَلَى مَشْهَدٍ منِّى حتَّى خَلَعوا يَدَهُ وأخَذوه.


وفي لَحَظَاتٍ وَجَدْتُ نَفْسِي مُمَزَّقَةَ الشَّمْل وحيدةً فريدةً:

فزوجي اتَّجه إلى المدينةِ فِراراً بدينه ونَفْسِه... وولدي اخْتَطَفَه بنو عبدِ الأسَدِ من بينِ يَدَيَّ مُحَطَّماً مَهيضاً (9)..

أما أنا فقد اسْتَوْلَى علَّي قَوْمي بنو مخزوم، وجعلوني عِنْدَهم...

ففُرِّقَ بَيْني وبينَ زَوْجي وَبَيْنَ ابني في ساعةٍ .

ومُنذ ذلك اليومِ جَعَلْتُ أخرُجُ كُلَّ غَداةٍ إلى الأبطَحِ، فأجْلِسُ في المكانِ الذي شَهِدَ مأسـاتي، وأستعيدُ صورةَ اللَّحظاتِ التي حِيلَ فيها بيني وبينَ ولدي وزَوْجِي، وأظَلُّ أبكي حتَّى يُخيّمَ عليَّ الليلَ.

وبقيتُ على ذلك سنةً أو قريباً مِنْ سنةٍ إلى أنْ مَرَّ بي رَجُل من بني عَمِّي، فَرَقَّ لحالي ورَحِمَني وقال لِبني قومي:

ألا تُطْلِقون هذه المسكينةَ!! فَرَّقْتُم بينَها وبينَ زَوْجِها وبينَ ولدِها.

وما زالَ بهم يَسْتَلينُ قلوبَهم ويَسْتَدِرُّ عَطْفَهم حتَّى قالوا لي:

اِلحقي بزوجِك إن شِئْتِ.

ولكِنْ كيفَ لي أن ألْحَقَ بِزَوجي في المدينةِ وأترُكَ ولدي وفِلْذَةَ (10) كَبِدي في مكَّةَ عنْدَ بني عبدِ الأسدِ؟!

كيف يمكنُ أن تَهْدَأ لي لوعَة أو تَرْقأ لعيني عَبْرَةٌ (11) وأنا في دارِ الِهجْرَةِ وولدي الصغيرُ في مكَّةَ لا أعرِف عنه شيئاً؟!!!

ورَأى بعضُ النـاسِ ما أعالج (12) مِنْ أحْزاني وأشْجاني فرقَّت قلوبُهم لحالي، وكلَّموا بني عبدِ الأسَدِ في شَأني (13) واسْتَعْطفوهم علىَّ فَرَدُّوا لي وَلَدي سَلَمَةَ.


***

لم أشأ أنْ أترَيَّثَ في مَكَّةَ حتَّى أجِدَ مَنْ أسافِرُ مَعَه ؛ فقد كنت أخشى أنْ يَحْدُثَ ما ليس بالحِسْبَان فَيعوقَني عَنِ اللَّحاقِ بِزَوجي عائِقٌ …

لذلك بادرتُ فأعْدَدْتُ بَعيري، ووضَعْتُ ولدي في حِجْري، وخَرَجْتُ مُتَوَجِّهَةً نحوَ المدينةِ أريدُ زَوْجي، وما مَعي أحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللّهِ.

وما إن بَلَغْتُ "التنعيم" (14) حتَّى لقيتُ عُثْمانَ بنَ طلحةَ (15) فقال:

إلى أين يا بِنْتَ زادِ الراكِـبِ؟!

فقلت: أريدُ زَوْجي في المدينةِ.

قال: أوَما مَعَكِ أحدٌ ؟!

قلت: لا واللّهِ إلا اللّهَ ثم بُنَيِّ هذا.

قال: واللّهِ لا أترُكُكِ أبداً حتَّى تَبْلُغي المدينة. ثم أخَذَ بِخطام (16) بعيري وانْطَلَقَ يَهْوي بي..

فواللّهِ ما صَحِبْتُ رجلاً من العَرَبِ قَطُّ أكْرمَ مِنْه ولا أشْرَفَ: كان إذا بَلَغ منزلاً من المنازِلِ يُنيخُ بعيري، ثم يَسْتَأخرُ عنِّي، حتَّى إذا نَزَلْتُ عن ظهْرِه واسْتَوَيْتُ على الأرضِ دنا إليه وحَطَّ عَنْه رَحْلَه، واقْتَادَه إلى شَجَرَةٍ وقيَّده فيها...

ثم يَتَنَحَّى عَنِّى إلى شَجَرَةٍ أخْرَى فيَضْطَجعُ في ظلِّها.

فإذا حانَ الرَّواحُ قامَ إلى بعيري فأعَدَّه، وقدَّمه إليَّ، ثم يَسْتَأخِرُ عَنِّى ويقول: ارِكَبي، فإذا رَكِبْتُ، واسْتَوَيْتُ على البعيرِ، أتى فأخذَ بِخِطامِه وقادَه.

***


وما زال يصْنَعُ بي مثلَ ذلك كلَّ يوم حتَّى بَلَغْنا المدينةَ، فلمَّا نَظَرَ إلى قريةٍ بقُبَاء (17) لبني عمرو بن عوِف قال: زوجُك في هذه القريةِ، فادْخُليها على بَرَكةِ اللّهِ، ثم انصَرَف راجعاً إلى مكَّةَ.

***

اجتَمَع الشَّمْلُ الشتيتُ (18) بعدَ طولِ افْتِراقٍ ، وقرَّتْ عَيْنُ أمِّ سلمةَ بِزَوْجِها، وسَعِدَ أبو سـلمةَ بصاحِبَتِهِ وولَدِه… ثم طَفِقَتِ الأحداثُ تَمْضى سِراعاً كَلَمْح البَصرِ.

فهذه بَدْرٌ يَشْهَدُها أبو سلمةَ ويعودُ منها مَعَ المسلمين، وقد انْتَصروا نَصراً مُؤزَراً (19).

وهذه أُحد، يخوضُ غِمَارَها بَعْدَ بَدْرٍ ، ويُبلي فيها أحسنَ البلاءِ وأكْرَمَه، لكنَّه يخرجُ منها وقد جُرِحَ جُرْحاً بليغاً، فما زال يعالِجُه حتَّى بدا له أنّه قد انْدَمَلَ (20)، لكِنَّ الجُرحَ كان قد رُمَّ عَلى فسادٍ (21) فما لَبِثَ أن انْتَكَأ (22) وألْزَمَ أبا سَلَمَةَ الفِراشَ.

وفيما كان أبو سلمة يُعالَج من جُرْحِه قال لزوجه: يا أمَّ سَلَمَةَ، سمعت رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم يقول:

"لا يصيبُ أحداً مصيبة، فَيَسْتَرْجعُ (23) عِنْدَ ذلك ويقول:

اللَّهُمَّ عندَكَ احْتَسَبْتُ مصيبتي هذه.


اللَّهُمَّ اخْلُفني خَيْراً مِنها إلا أعطاهُ اللّه عزَّ وجلَّ ...."

***

ظَلَّ أبو سلمةَ على فِراشِ مَرَضِهِ أياماً. وفي ذاتِ صباح جاءَه رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ليَعودَه، فلم يَكَدْ ينتهي من زيارتِه ويجاوزُ بابَ داره، حتَّى فارقَ أبو سلمةَ الحياةَ.

فأغْمَضَ النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بِيَديه الشريفتين عَيْني صاحبه.

ورَفَعَ طَرْفَه إلى السماءِ وقال:

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأبي سَلَمَةَ، وارْفَعْ دَرَجَتَه في المقرَّبين.

واخلُفْه في عَقِبهِ (24) في الغابرين.

واغْفِرْ لنا وله يا ربَّ العالمين. وافسَحْ له في قَبْرِه، ونوِّرْ له فيه.

أما أمُّ سلمةَ فَتَذكَّرَتْ ما رَواهُ لها أبو سَلَمَةَ عَنْ رسولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت:

اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أحْتَسِبُ مصيبتي هذه...

لكِنَّها لم تَطِبْ نفسُها أنْ تقولَ: اللَّهُمَّ اخْلُفني (25) فيها خيراً منها؟ لأنَّها كانت تتساءل، ومن عَساهُ أن يكونَ خيراً من أبي سَلَمَة؟!

لكنَّها ما لَبِثَتْ أن أتمّتِ الدعاءَ…

***

حزن المسلمون لِمصابِ أمِّ سلمةَ؟ لم يَحْزنوا لِمُصابِ أحَدٍ من قَبْلُ، وأطلقوا عليها اسم "أيّم (26) العرب "….

إذْ لم يَكُنْ لها في المدينةِ أحدٌ من ذويها غيرَ صِبيَةٍ صغارٍ كزغبِ القطا (27).

***


شَعَرَ المهاجرون والأنْصَارُ معاً بِحَقِّ أمِّ سلمةَ عليهم، فما كادَتْ تَنْتَهي من حِدَادِها على أبى سـلمةَ حتَّى تقدَّم منها أبو بكر الصديقُ يخطُبها لِنَفْسِهِ فأبَتْ أن تَسْتَجيبَ لِطَلَبِه..

ثم تقدَّم منها عمرُ بنُ الخطَّاب فردَّته كما ردَّت صاحِبَه...

ثم تَقَدَّم منها رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقالت له:

يا رسولَ اللّهِ، إنَّ فيَّ خِلالاً (28) ثلاثاً: فأنا امرأةٌ شديدةُ الغَيْرَة فأخافُ أن تَرَى مِنِّى شَيئاً يُغْضِبُكَ فَيُعَذِّبني اللّهُ به.

وأنا امرأة قد دَخَلْتُ في السنِّ (29).

وأنا امرَأة ذاتُ عِيال.

فقال عليه الصلاة والسَّلام:

أمَّا ما ذَكَرْتِ من غَيْرَتكِ فإني أدعو اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أن يُذْهِبَها عنك.

وأمَّا ما ذَكَرْتِ من السنِّ فقد أصابني مثلُ الذي أصابَك. وأمَّا ما ذَكَرْتِ من العيالِ، فإنَّما عيالُكِ عيالي.

ثم تزوّج رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم من أمِّ سلمة فاستجاب اللّه دعاءَها، وأخْلَفَها خيراً من أبى سَلَمَةَ.

ومنذ ذلك اليومِ لَمْ تَبْقَ هِنْدُ المَخْزُوميَّةُ أمّاً لِسَلَمَةَ وحدَه؟ وإنما غَدَتْ أمّاً لجميع المؤمنين.

نَضرَ اللّهُ وَجْهَ أم سلمة في الجنَّةِ ورَضِىَ عنها وأرضاها

العمر كله 03-15-2006 10:25 AM

مشكور اخوي جعلاني للابد على هذه الصور الحلوه عن الصحابه رضوان الله عليهم

جعلاني للابد 03-15-2006 01:56 PM

العفو اخوي العمر كله واسعدني مرورك

القمر المضئ 03-15-2006 10:20 PM

مشكوووووووووووور وتسلم يا جعلاني للابد وعساك دوووم على صحه
وماشاء الله عليك عيني عليك بارده
ومعلومات بصراحه روعه تسلم وننتظر المزيد منك
[glow=33FF99]اختك في الله القمر المضئ[/glow]

جعلاني للابد 03-16-2006 08:01 AM

كم اسعدني مرورك اختي القمر المضئ واتمنى انك تشاركيني في الحديث عن الصحابه

جعلاني للابد 03-20-2006 09:32 AM

خَديجَة بِنتُ خُوَيلِد

نسبها ونشأتها:

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الاسديه ولدت سنة 68 قبل الهجرة (556 م) تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة ، وكانت السيدة خديجة تاجرة، ذات مال، تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة، وقد بلغها عن رسول الله أنه كان صادق أمين، كريم الأخلاق، فبعثت إليه وطلبت منه أن يخرج في تجارة لها إلى الشام مع غلام لها يقال له ميسرة. وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وربحت تجارتها ضعف ما كانت تربح .أخبر الغلام ميسرة السيدة خديجة عن أخلاق رسول الله ، فدست له من عرض عليه الزواج منها، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأرسلت السيدة خديجة إلى عمها عمرو بن أسعد بن عبد العزى، فحضر وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله خمس وعشرون سنة.

السيدة خديجة - رضي الله عنها - كانت أول امرأة تزوجها الرسول ، صلى الله عليه وسلم، وكانت أحب زوجاته إليه، ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت [. أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة .


إسلامها:

عندما بعث الله – سبحانه وتعالى – النبي e كانت السيدة خديجة – رضي الله عنها- هي أول من آمن بالله ورسوله، وأول من أسلم من النساء والرجال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة يصليان سراً إلى أن ظهرت الدعوة. تلقى رسو الله e كثيراً من التعذيب والتكذيب من قومه، فكانت السيدة خديجة t تخفف عنه وتهون عليه ما يلقى من أكاذيب المشركين من قريش. وعندما انزل الله – سبحانه وتعالى – الوحي على الرسول - صلى الله عليه وسلم -قال له ( اقرأ بسم ربك الذي خلق ( فرجع مسرعاً إلى السيدة خديجة وقد كان ترجف بوادره، فقال : " زملوني " ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال : " مالي يا خديجة؟ " وأخبرها الخبر وقال: " قد خشيت على نفسي " ، فقالت له : كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق. وانطلقت به إلى ابن خمها ورقة بن نوفل بن أسد، وهو تنصر في الجاهلية، وكان يفك الخط العربي، وكتب بالعربية بالإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا قد عمى، فقالت : امع من ابن أخيك ما يقول، فقال: يا ابن أخي ما ترى؟، فأخبره، فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى


منزلتها عند رسول الله :

كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب .

كان رسول الله e يفضلها على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي e ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي e يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد.

وقالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمن بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبدا.

وفاتها:

توفيت السيدة خديجة ساعد رسول الله الأيمن في بث دعوة الإسلام قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلاثة سنوات، ولها من العمر خمس وستون سنة، وأنزلها رسول الله بنفسه في حفرتها وأدخلها القبر بيده، وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم- تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله – سبحانه وتعالى

جعلاني للابد 03-20-2006 09:32 AM

][®][^][®][عبدالله بن عباس][®][^][®][

ولد ابن عباس قبل الهجرة ب3 سنوات ولما توفي الرسول كان عمره 13 عاما .
ومع ذلك فقد حفظ للمسلمين عن النبي 1660 حديثا صحيحين .
ولما وضعته أمه ذهبت به إلى الرسول فحنكه بريقه فكان أول مادخل جوفه ريق الرسول المبارك الطاهر .

وماإن حلت عنه الغلام تمائمه ودخل السابعة حتى لازم الرسول فكان يعد له وضوئه إذا هم أن يتوضأ .
ويصلي خلفه إذا وقف للصلاة .
ويكون رديفه إذا سافر .
حتى صار كظله يسير معه أنى سار ويدور في فلكه كيفما دار .
وكان يحمل قلبا واعيا وذهنا صافيا وكان شديد الحفظ .

حدث عن نفسه قال :
هم رسول الله عليه بالوضوء ذات مره فما أسرع أن أعددت له الماء فسر بما صنعت ....
ولما هم بالصلاة أشار إلي أن أقف بإزائه فوقفت خلفه ولما أنتهى الرسول من الصلاة قال له : مامنعك أن تكون بأزائي ياعبدالله ؟ فقلت : أنت أجل من أوزيك يارسول الله .
فدعا له رسول الله ( اللهم أته الحكمه ) .
وقد أستجاب الله لدعاء النبي فؤتي عبدالله من الحكمة الكثير .

وقد سلك الفتى إلى العلم كل سبيل وبذل كل جهده من أجل تحصيله .

حدث عن نفسه قال :
ان إذا بلغني الحديث عند رجل من الصحابة أتيت بيته وقت القيلوله وتوستد ردائي عند داره ولو شئت أن أستأذن لأذن لي . وإنما أفعل ذلك لأطيب نفسه . فإذا خرج من البيت رأني ويقول ياأبن عم رسول الله ماجاء بك؟ هلا أرسلت إلي فأتيك ؟ فأقول : أنا أحق بالمجيء إليك فالعلم يؤتى لايأتي ثم يسأله عن الحديث .

وقد دأب ابن عباس على العلم حتى بلغ فيه مبلغ الفحول .

ولما أكتمل لابن العباس ماطمح إليه من العلم أصبح يعلم الناس .
فأصبح بيته جامعة للناس ................
فصار يجلس يوما للتفسير ويوما للفقه ....... ليبعد الزحمات الشديدة .

ومن شدة علمه وحكمته أصبح مستشارا للخلافة الراشدة رغم صغر السن .
ولم ينس أبن عباس حق العامه فكان يقيم مجالس التذكير والموعظة .

وقد يلغ ابن عباس من المجد غايته فكان حيث خرج للحج وكان معه موكب كبير من طلبة العلم أما أمير المؤمنين له موكب أصغر منه من رجال دولته

قال ابن عباس: إياك والكلام فيما يعنيك إذا كان في غير موضعه، ولا تمار سفيها ولا حليما، فان السفيه يؤذيك وإن الحليم يقليك، واذكر أخاك في غيبته بما تحب أن يذكرك به، ودعه مما تحب أن يدعك منه.

عمر ابن عباس إحدى وسبعين عاما ملأفيها الدنيا علما وفهما وحكمة وتقى .
فلما أتاه اليقين صلى عليه محمد بن الحنيفة والبقية من الصحابه وجلة من التابعين .

00000000000000000000000

شجووون 03-20-2006 10:19 AM

مشكوور جعلاني على جهودك الطيبه لتوفير معلومات قيمه ومفيده.
وصدقني وايد راح يستفيدون من هالمعومات خاصه طلاب المدارس (بحوثات):)
تسلم اخوي

جعلاني للابد 03-20-2006 10:38 AM

الله يسلمك اختي شجووون واسعدني مرورك
واتمنى انك تشاركي معاي وتعطينا نبذه عن الصحابه رضوان الله عليهم

جعلاني للابد 03-21-2006 09:30 PM

[frame="1 80"]زينب بنت جحش

رضي الله عنها







مقـــــدمة:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فإن العيش في ظلال النبوة نعمة وسعادة عظيمة ، تهب لمن يقترب منه السمو والعلو وقد تناولت في هذا البحث المتواضع بتعريف لاسم ونسب السيدة الجليلة – رضي الله عنها – وعن كيفية دخولها إلى الإسلام ، وأيضا ذكرت أخلاقها وخصالها وأعمالها الصالحة ، وتطرقت عن روايتها لحديث الرسول e ، وتوسعت في بحثي عن قصة زواجها بزيد وطلاقها منه ومن ثم زواجها بالرسول e وتحدثت أيضا عن سبب نزول آية الحجاب وموقفها مع عائشة و حفصة – رضي الله عنهن - ، وقد أنهيت بحثي بذكر وصيتها ووفاتها – رضي الله عنها.



تمهــــيد:

السيدة زينب بنت جحش امرأة من علية نساء قريش، هذب الإسلام نفسها، وأضاء قلبها بنوره وضيائه، واكسبها التقوى والخلق الكريم، فأصبحت درة من الدرر المكنونة نادرة الوجود، وتعتبر سيدة من سيدات نساء الدنيا في الورع والتقوى والجود والتصدق، وقد غدت أما من أمهات المؤمنين بزواجها من النبي e، ومما زادها شرفا وتقديرا وذكرا عند المؤرخين على طول الدهر ذكر قصة زواجها في القرآن الكريم، وبسببها أنزلت آية الحجاب ، فرفعت مكانتها وعلت منزلتها في محارب العبادة ، وكانت أواهة حليمة ، تصوم النهار وتقوم الليل ، وكانت سخية اليد، تجود بكل ما لديها دون أن تبخل أو تتوانى في تقديم العون للفقراء والمحتاجين حتى غدت مثالا عظيما في الكرم والجود والخلق الكريم ، وقد لقبت بألقاب عديدة منها: أم المساكين ، ومفزع الأيتام ، وملجأ الأرامل، فهي امرأة سباقة إلى فعل الخيرات، ولها سيرة ندية عطرة في تاريخنا الإسلامي ، وبهذا تعتبر السيدة زينب –رضي الله عنها- قدوة عظيمة لكل مسلمة تحتذي بأخلاقها وخصالها النبيلة ، و تقتفى أثرها، ويهتدي بهديها؛ ليكون ذلك سببا لها في الفوز برضا الله تعالى ورضا رسوله e.


اسمها ونسبها :

زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن مرة بن كثير بن غنم بن دوران بن أسد بن خزيمة"[1]، وتكنى بأم الحكم. من أخوالها حمزة بن عبد المطلب – رضي الله عنه – الملقب بأسد الله وسيد الشهداء في غزوة أحد ، والعباس بن عبد المطلب الذي اشتهر ببذل المال وإعطائه في النوائب ، وخالتها صفية بنت عبد المطلب الهاشمية ، أم حواري النبي eالزبير بن العوام الأسدي . ولها إخوان هما عبد الله بن جحش الأسدي صاحب أول راية عقدت في الإسلام وأحد الشهداء ، والآخر أبو أحمد واسمه عبد بن جحش الأعمى ، وهو أحد السابقين الأولين ومن المهاجرين إلى المدينة ، ولها أختان إحداهما أميمة بنت عبد المطلب عمة الرسول e، والأخرى هي حمنة بنت جحش من السابقات إلى الإسلام ."ولدت السيدة زينب – رضي الله عنها – في مكة المكرمة قبل الهجرة بأكثر من ثلاثين سنة"[2]، وقيل أنها " ولدت قبل الهجرة بسبع عشرة سنة"[3]. وقد نشأت السيدة زينب بنت جحش في بيت شرف ونسب وحسب ، وهي متمسكة بنسبها ، ومعتزة بشرف أسرتها ، وكثيرا ما كانت تفتخر بأصلها ، وقد قالت مرة :"أنا سيدة أبناء عبد شمس"[4].


إسلامهـــــــا:

كانت زينب بنت جحش من اللواتي أسرعن في الدخول في الإسلام، وقد كانت تحمل قلبا نقيا مخلصا لله ورسوله، فأخلصت في إسلامها، وقد تحملت أذى قريش و عذابها، إلى أن هاجرت إلى المدينة المنورة مع إخوانها المهاجرين، وقد أكرمهم الأنصار وقاسموهم منازلهم وناصفوهم أموالهم وديارهم .



أخلاق السيدة الفاضلة وأعمالها الصالحة :

تميزت أم المؤمنين زينب بمكانة عالية وعظيمة، وخاصة بعد أن غدت زوجة للرسول e وأما للمؤمنين. كانت سيدة صالحة صوامة قوامة ، تتصدق بكل ما تجود بها يدها على الفقراء والمحتاجين والمساكين، وكانت تصنع وتدبغ وتخرز وتبيع ما تصنعه وتتصدق به ، وهي امرأة مؤمنة تقية أمينة تصل الرحم .


كرم السيدة زينب بنت جحش وعظيم إنفاقها:

وهنالك العديد من المواقف التي تشهد على عطاء أم المؤمنين زينب بنت حجش الكبير، وتؤكد على جودها وكرمها ، والذي تغدقه على المحتاجين بلا حدود ." أخرج الشيخان – واللفظ لمسلم - عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله: " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا" قالت : فكن( أمهات المؤمنين ) يتطاولن أيتهن أطول يدا ، قالت : وكانت أطولنا يدا زينب ؛ لأنها تعمل بيدها وتتصدق . وفي طريق آخر : قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة الرسول e نمد أيدينا في الجدار نتطاول ، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش ،وكانت امرأة قصيرة ولم تكن بأطولنا ، فعرفنا حينئذ أن النبي e إنما أراد طول اليد بالصدقة ، وكانت زينب امرأة صناع اليدين ، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله. عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: كانت زينب تغزل الغزل وتعطيه سرايا النبي – صلى الله عليه وسلم – يخيطون به ويستعينون به في مغازيهم."1


وموقف آخر على بذلها المال وتصدقها به " ما حدثت به برزة بنت رافع فقالت : لما خرج العطاء ، أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها ، فلما أدخل إليها قالت : غفر الله لعمر بن الخطاب ، غيري من أخواتي كانت أقوى على قسم هذا مني ، قالوا: هذا كله لك ، قالت: سبحان الله واستترت منه بثوب ثم قالت : صبوه واطرحوا عليه ثوبا ، ثم قالت لي : ادخلي يديك واقبضي منه قبضة فاذهبي بها إلى بني فلان وبني فلان من ذوي رحمها وأيتام لها ، فقسمته حتى بقيت منه بقية تحت الثوب فقالت برزة لها: غفر الله لك يا أم المؤمنين والله لقد كان لنا في هذا المال حق ، قالت زينب: فلكم ما تحت الثوب فوجدنا تحته خمسمائة وثمانين درهما ، ثم رفعت يدها إلى السماء فقالت : اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا ."1


عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله e ، ما رأيت امرأة خيرا في الدين من زينب ، أتقى ل له، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة – رضي الله عنها."2

" عن عبدالله بن شداد أن رسول الله eقال لعمر : " إن زينب بنت جحش أواهة " قيل : يا رسول الله ، ما الأواهة؟ قال: " الخاشعة المتضرعة" و " إن ابراهيم لحليم أواه منيب " .

وقالت عائشة فيها :" لقد ذهبت حميدة ، متعبدة ، مفزع اليتامى والأرامل."3 قال ابن سعد – رحمه الله- :" ما تركت زينب بنت جحش – رضي الله عنها – درهما ولا دينارا، و كانت تتصدق بكل ما قدرت عليه ، وكانت مأوى المساكين ."


رواية زينب للحديث الشريف:

كانت السيدة زينب – رضي الله عنها – من النساء اللواتي حفظن أحاديث الرسول e، ورويت عنها ، وقد روت – رضي الله عنها أحد عشر حديثا ، واتفق الإمامان البخاري ومسلم لها على حديثين منها. لقد روى عنها العديد من الصحابة؛ منهم: ابن أخيها محمد بن عبدالله بن جحش ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ومذكور مولاها. وروى عنها أيضا الكثير من الصحابيات منهن : " زينب بنت أبي سلمة وأمها أم المؤمنين أم سلمة ، وأم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان المعروفة بأم حبيبة – رضي الله عنها - ، وأيضا كلثوم بنت المصطلق.


ومن الأحاديث الشريفة التي رويت عنها - رضي الله عنها – " عن حميد بن نافع ، عن زينب بنت أبي سلمة ، أنها أخبرتها: دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها ، فدعت بطيب فمست منه ، ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله eيقول على المنبر : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم تحد على الميت فوق ثلاث ليال ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا."1

ومما أخرجه البخاري " عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش أن رسول الله e دخل عليها يوما فزعا يقول :" لا إله إلا الله ، ويل للعرب ، من شرق اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه – وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها – قالت زينب بنت جحش : فقلت: يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: " نعم إذا كثر الخبث."2

[/frame]

جعلاني للابد 03-21-2006 09:31 PM

[frame="1 80"]خولة بنت ثعلبة
رضي الله عنها






·

مقدمة:

تعد خولة بنت ثعلبة أحد الصحابيات الجليلات اللواتي يعتبرن قدوة لباقي النساء المؤمنات في العصور التي تبعت عصرهم. وفي هذا البحث عرض لبعض صفات هذه المرأة الجليلة، وبعض الوقفات في حياتها، وتعد خولة بنت ثعلبة من مشهورات العرب؛ لأن فيها وفي زوجها نزلت سورة المجادلة عندما ظاهرها زوجها.

· نسبــها:

هي خولة بنت مالك بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف، صحابية جليلة من الأنصار، وكانت زوجة الصحابي المجاهد أوس بن الصامت، وهو أخو الصحابي الجليل عبادة بن الصامت[1]. وكانت امرأة فقيرة معدمة، عاشت مع زوجها حياة مسالمة، وكان أوس بن الصامت يعمل ويكد كثيراً للحصول على الرزق وليحصل على قوت بيته، ولكن بعد تقدمه في العمر، أصبح شيخاً ضجراً، وقد ساء خلقه مع زوجته[2].

· خولة وعمر بن الخطاب –رضي الله عنه-:

خاطبت خولة في ذات يوم عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- عندما كان خارجاً من المسجد وكان معه الجارود العبدي، فسلم عليها عمر فردت عليه، وقالت: " هيا يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت"، فقال الجارود: قد أكثرت على أمير المؤمنين أيتها المرأة، فقال عمر: "دعها أما تعرفها! هذه خولة التي سمع قولها من فوق سبع سماوات فعمر أحق والله أن يسمع لها"[3].

· مظاهرة زوجها لها:

في ذات يوم حدث حادث بين الزوجين السعيدين، شجار بينهما، لم يستطع أي أحد منهما تداركه، فقال لها أوس "أنت علي كظهر أمي!...فقالت: والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغه؟!..."[4]، ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه،وبذلك القسم،يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة، وتشتت الحب والرضا الذين كانا ينعمان بهما.

وسلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته، ولكن بعد التفكير العميق الذي دار في رأس خوله، قررت أن تذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكيف لا وهي تعيش في مدينته، وهي قريبه منه وبجواره. وعندما ذهبت إليه وروت المأساة التي حلت بعش الزوجية السعيد، طلبت منه أن يفتيها كي ترجع إلى زوجها، ويعود البيت الهانئ لما كان عليه دوما في السابق، ويلتم شمل الأسرة السعيدة.

لم يكن من الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يتأكد من الأمر، ويسمع المشكلة من الطرفين، وهذا إن دل فإنه يدل على دقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في التحري في الأمور؛ وذلك لتحقيق العدالة التي يدعو إليها الدين الإسلامي، فاستدعى أوس بن الصامت، وسأله عن وقائع ما حدث بينه وبين زوجته، فاعترف بأن ما قالته خولة قد حدث وهو صحيح، فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يا أوس: لا تدن من زوجتك ولا تدخل عليها حتى آذن لك"[5]، وبذلك زاد قلق خولة وذعرها، فأخذت تتوسل وتشكو إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم- أكثر. ثم جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينتظر نزول الوحي عليه ليرى ما هو الواجب الذي يأمره الله -تعالى- لتنفيذه، فإن هذا الأمر يمكن أن يتكرر على مر الزمن، وهو ليس فقط لخولة وزوجها أوس، فالمعروف أن القران الكريم صالح لكل زمان ومكان، وعندما تنزل أية ما في واقعة معينه، إنما هي عبره للناس كافة على مر العصور، فالقران الكريم شامل لكل شؤون الحياة الاجتماعية والسلوكية، وقد أرسل لكافة البشرية.

فجلس الجميع ينتظرون نزول الوحي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وكانت خوله تجادله -عليه الصلاة والسلام-، وتخبره بأن لديها عيالاً لا تستطيع تركهم، فإن تركتهم لوالدهم، فسوف يضيعون، وإن أخذتهم هي،فسوف يجوعون، وظلت هي كذلك تفكر كيف سيعود شمل الأسرة إلى الكيان السابق، إلى أن تغير حال الرسول الكريم، فأخذ يرتجف ويتصبب عرقاً،وتولاه صمت طويل وخشوع جليل، فقالت عائشة -رضي الله عنها- لخولة: "إنها لحظة الوحي، وما أظنه إلا قد نزل فيك أنت"[6]، فلم يكن من خوله المرأة المؤمنة إلا أن تتضرع بالدعاء لله -تعالى-، وتسأله الخير في حكمه[7].

فلم تزل هي كذلك حتى ناداها الرسول الكريم، وكانت ابتسامة البشرى تشع من وجهه، فتأكدت خولة بأن الله قد أنزل على نبيه الكريم خيراً لها ولزوجها، فلقد أنزل الله –تعالى- سورة المجادلة فيها وفي زوجها "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما" (سورة المجادلة/1 إلى آخر الآيات)، فجاء الحكم الإلهي حيث قال تعالى-: "وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم"، ففي الجاهلية إن ظاهر الرجل زوجته كأنه حرمها على نفسه، أي تشبيهها بأمه أو غيرها من المحارم، ويعد هذا تجاوزاً لحدود الله، وهو ليس طلاقاً ولا تفريقاً بين الزوجين. وقوله تعالى-: "الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم اللائي ولدنهم وإنهم ليقولوا منكراً من القول وزوراً وإن الله لعفو غفور"، تأكيد بأنه لا يمكن جعل الزوجة كالأم، وما هذا إلا منكر وقول زور على الله، فالأم محرمة شرعاً وعرفاً على أبنائها، فما من داع لتذكير الناس بالحكم، فهو واجب مفروض[8]، ثم قال الرسول – صلى الله عليه وسلم- لخولة ما أمره الله به: "مريه فليعتق رقبة" أخذاً بقول الله تعالى-: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير"، فأجابت خولة قائلة بأن ليس لديه ما يعتق به رقبة، فقال: "فليصم شهرين متتابعين" عملاً بقول الله تعالى-: "فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين قبل أن يتماسا"، فردت بأنه شيخ كبير لا يقوى على الصيام، فقال: "فليطعم ستين مسكيناً وسقاً[9] من تمر"، حسب ما قال الله عز وجل : "فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم"، فقالت أنه لا يملك لذلك ثمناً، فقال: "فإنا سنعينه بعرق[10] من تمر"، فأدبرت قائلة بأنها ستعينه بعرق آخر أيضاً، فقال – صلى الله عليه وسلم-: "فقد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً"[11]، فأسرعت خولة المرأة المؤمنة والزوجة الصالحة والوفية إلى بيتها لتخبر زوجها المتلهف بحكم الله العادل واليسير، فأسرع الزوج السعيد إلى أم المنذر بنت قيس، وعاد من عندها حاملاً وسق تمر، فراح يتصدق على ستين مسكيناً كما أمره الرسول الكريم، وبذلك تم تنفيذ أمر الله، وعاد الزوجان سعيدين كما كانا سابقاً، واجتمع شمل الأسرة من جديد، وعاشا في وئام وصفاء[12].
[/frame]

جعلاني للابد 03-21-2006 09:36 PM

[frame="1 80"][®][^][®][أبو عبيده الجراح][®][^][®]


(*) من هو ؟
هو أبو عبيدة ، عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري المكي ، أحد السابقين الأولين ، ومن عزم الصديق على توليته الخلافة و أشار به يوم السقيفة لكمال أهليته عند أبي بكر يجتمع في النسب هو والنبي صلى الله عليه وسلم في فهر ، شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة ، وسمَّاه أمين الأمة ، ومناقبه شهيرة جمَّة .
روى أحاديث معدودة ، وغزا غزوات مشهودة .
بوعبيدة عامر بن الجراح

احد العشرة المبشرين بالجنة

ومن كبار قدة الفتوحات الاسلامية

وكان أبو عبيدة موصوفا بحسن الخلق ، وبالحلم الزائد، و التواضع.

قال عمر لجلسائه : تمنوا ، فتمنوا ، فقال عمر : لكني أتمنى بيتا ممتلئا رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح .


(*) وقفات تربوية في حياة أبي عبيدة بن الجراح :-

1- حبه للتواضع وجعله سجية له لعلمه ما لتواضع من خير وصبغة حسنة لمن تخلق به .

2- مسارعته للخير وحبه لتوحيد الصف كما حدث في غزوة ذات السلاسل .

3- زهده في الدنيا من باب المسارعة والتخفف منها وليس زهد التقاعس والتبذل .

4- لاتأخذه في الله لومة لائم ويتجلى ذلك في قتله أباه في غزوة بدر الكبرى .

5- كونه من أحد العشرة المبشرين بالجنه لم يثني من عزيمته في الجهاد والعمل الصالح .


(*) ذكر وفاته رضي الله عنه :

عن طارق أن عمر كتب إلى أبي عبيدة في الطاعون : إنه قد عرضت لي حاجة ، ولا غنى بي عنك فيها ، فعجل إلي ، فلما قرأ الكتاب قال : عرفت حاجة أميرالمؤمنين إنه يريد أن يستبقي من ليس بباق ، فكتب : إني قد عرفت حاجتك ، فحللني من عزيمتك ، فإني في جند من أجناد المسلمين ، لا أرغب بنفسي عنهم ، فلما قرأ عمر الكتاب بكى ، فقيل له : مات أبو عبيدة ؟

قال : لا وقد . قال :فتوفي أبو عبيدة ، وانكشف الطاعون .

توفي أبو عبيدة في طاعون عمواس بالأردن و قبر ببيسان ، و صلى عليه معاذ بن جبل و ذلك في سنة ثماني عشرة من خلافة عمر ، و هو ابن ثمان و خمسين سنة
[/frame]

جعلاني للابد 03-21-2006 09:37 PM

[frame="1 80"]أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث
آخر أمهات المؤمنين - رضي الله عنها-


اسمها ونسبها:

هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن جبير بن الهزم بن روبية بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية.فأما أمها كانت تدعى هند بنت عوف بن زهير بن الحرث، وأخواتها: أم الفضل (لبابة الكبرى) زوج العباس رضي الله عنهما، و لبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة المخزومي وأم خالد بن الوليد، وعصماء بني الحارث زوج أُبي بن الخلف، وغرة بنت الحرث زوج زياد بن عبدالله بن مالك الهلالي .. وهؤلاء هن أخواتها من أمها وأبيها. أما أخواتها لأمها فهن: أسماء بنت عميس زوج جعفر رضي الله عنه، ثم مات فخلف عليها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم مات فخلف عليها علي كرم الله وجه. وسلمى بنت عميس زوج حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، ثم ملت فخلف عليها شداد بن أسامة بن الهاد. وسلامة بنت عميس زوج عبدالله بن كعب بن عنبة الخثعمي.

ولهذا عُرفت أمها هند بنت عوف بأكرم عجوز في الأرض أصهاراً، فأصهارها: أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصديق، وعميه حمزة والعباس ابنا عبدالمطلب، وجعفر وعلي أبناء عمه أبي طالب، وشداد بن الهاد رضي الله عنهم أجمعين.وتلك فضائل حسان، فهل فوق ذلك من أسمى وأفخر من هذا النسب الأصيل والمقام الرفيع...؟؟!!



أزواجها قبل الرسول صلى الله عليه وسلم:

كان زواجها رضي الله عنها أولاً بمسعود بن عمرو الثقفي قبيل الإسلام، ففارقها وتزوجها أبو رهم بن عبدالعزى. فتوفي عنها وهي في ريعان الشباب. ثم ملأ نور الإيمان قلبها، وأضاء جوانب نفسها حتى شهد الله تعالى لها بالإيمان، وكيف لا وهي كانت من السابقين في سجل الإيمان. فحظيت بشرف الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت فراغه من عمرة القضاء سنة 7 للهجرة.

همس القلوب وحديث النفس:

وفي السنة السابعة للهجرة النبوية، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة معتمرين، وطاف الحبيب المصطفى بالبيت العتيق بيت الله الحرام. وكانت ميمونة بمكة أيضاً ورأت رسول الله وهو يعتمر فملأت ناظريها به حتى استحوذت عليها فكرة أن تنال شرف الزواج من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تصبح أماً للمؤمنين، وما الذي يمنعها من تحقيق حلم لطالما راودتها في اليقظة والمنام وهي التي كانت من السابقين في سجل الإيمان وقائمة المؤمنين؟ وفي تلك اللحظات التي خالجت نفسها همسات قلبها المفعم بالإيمان، أفضت ميمونة بأمنيتها إلى أختها أم الفضل، وحدثتها عن حبها وأمنيتها في أن تكون زوجاً للرسول الله صلى الله عليه وسلم وأماً للمؤمنين، وأما أم الفضل فلم تكتم الأمر عن زوجها العباس فأفضت إليه بأمنية أختها ميمونة، ويبدو أن العباس أيضاً لم يكتم الأمر عن ابن أخيه فأفضى إليه بأمنية ميمونة بنت الحارث. فبعث رسول الله ابن عمه جعفر بن أبي طالب ليخطبها له، وما أن خرج جعفر رضي الله عنه من عندها، حتى ركبت بعيرها وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أن وقعت عيناها عليه صلى الله عليه وسلم حتى قالت: "البعير وما عليه لله ورسوله".


ميمــونة في القرآن الكريـم:

وهكذا وهبت ميمونة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وفيها نزل قوله تعالى: (( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)).

لقد جعلت ميمونة أمرها إلى العباس بن عبد المطلب فزوجها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أيضاً أن العباس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ميمونة بنت الحارث قد تأيمت من أبي رهم بن عبدالعزى،هل لك أن تتزوجها؟" ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ميمونة والزواج الميمون:

أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة ثلاثة أيام، فلما أصبح اليوم الرابع، أتى إليه صلى الله عليه وسلم نفر من كفار قريش ومعهم حويطب بن عبدالعزى - الذي أسلم فيما بعد- فأمروا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرج بعد أن انقضى الأجل وأتم عمرة القضاء والتي كانت عن عمرة الحديبية. فقال صلى الله عليه وسلم: "وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم، فصنعت لكم طعاماً فحضرتموه". فقالوا: "لا حاجة لنا بطعامك، فأخرج عنا".فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف مولاه أن يحمل ميمونة إليه حين يمسي.
فلحقت به ميمونة إلى سَرِف، وفي ذلك الموضع بنى الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه البقعة المباركة، ويومئذ سماها الرسول صلى الله عليه وسلم ميمونة بعد أن كان اسمها برة. فعقد عليها بسرف بعد تحلله من عمرته لما روي عنها: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف".



ميمونة والرحلة المباركة إلى المدينة المنورة:

ودخلت ميمونة رضي الله عنها البيت النبوي وهي لم تتجاوز بعد السادسة والعشرين. وإنه لشرف لا يضاهيه شرف لميمونة، فقد أحست بالغبطة تغمرها والفرحة تعمها، عندما أضحت في عداد أمهات المؤمنين الطاهرات رضي الله عنهن جميعاً. وعند وصولها إلى المدينة استقبلتها نسوة دار الهجرة بالترحيب والتهاني والتبريكات، وأكرمنها خير إكرام، إكراماً للرسول صلى الله عليه وسلم وطلباً لمرضاة الله عز وجل.

ودخلت أم المؤمنين الحجرة التي أعد لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لتكون بيتاً لها أسوة بباقي أمها المؤمنين ونساء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا بقيت ميمونة تحظى بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتفقه بكتاب الله وتستمع الأحاديث النبوية من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتهتدي بما يقوله، فكانت تكثر من الصلاة في المسجد النبوي لأنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلى المسجد الحرام".

وظلت ميمونة في البيت النبوي وظلت مكانتها رفيعة عند رسول الله حتى إذا اشتد به المرض عليه الصلاة والسلام نزل في بيتها.. ثم استأذنتها عائشة بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لينتقل إلى بيتها ليمرض حيث أحب في بيت عائشة.



حفظها للأحاديث النبوية:

وبعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، عاشت ميمونة رضي الله عنها حياتها بعد النبي صلى الله عليه وسلم في نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحابة والتابعين؛ لأنها كانت ممن وعين الحديث الشريف وتلقينه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنها شديدة التمسك بالهدي النبوي والخصال المحمدية، ومنها حفظ الحديث النبوي الشريف وروايته ونقله إلى كبار الصحابة والتابعين وأئمة العلماء. و كانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها من المكثرات لرواية الحديث النبوي الشريف والحافظات له، حيث أنها روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستاً وسبعين حديثاً.
ميمونة وشهادة الإيمان والتقوى:
وعكفت أم المؤمنين على العبادة والصلاة في البيت النبوي وراحت تهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم - وتقتبس من أخلاقه الحسنة، وكانت حريصة أشد الحرص على تطبيق حدود الله، ولا يثنيها عن ذلك شيء من رحمة أو شفقة أو صلة قرابة، فيحكى أن ذا قرابة لميمونة دخل عليها، فوجدت منه ريح شراب، فقالت: "لئن لم تخرج إلى المسلمين، فيجلدونك، لا تدخل علي أبدا".وهذا الموقف خير دليل على تمسك ميمونة رضي الله عنها بأوامر الله عز وجل وتطبيق السنة المطهرة فلا يمكن أن تحابي قرابتها في تعطيل حد من حدود الله. وقد زكى الرسول صلى الله عليه وسلم إيمان ميمونة رضي الله عنها وشهد لها ولأخوتها بالإيمان لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأخوات المؤمنات: ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم الفضل، وسلمى امرأة حمزة، وأسماء بنت عميس أختهن لأمهن" رضي الله عنهم جميعاً.

الأيام الأخيرة والذكريات العزيزة:

كانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، قد عاشت الخلافة الراشدة وهي عزيزة كريمة تحظى باحترام الخلفاء والعلماء، وامتدت بها الحياة إلى خلافة معاوية رضي الله عنه. وقيل: إنها توفيت سنة إحدى وخمسين بسرف ولها ثمانون سنة، ودفنت في موضع قبتها الذي كان فيه عرسها رضي الله عنها، وهكذا جعل الله عز وجل المكان الذي تزوجت به ميمونة هو مثواها الأخير. قال يزيد بن الأصم: "دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وتلك هي أمنا وأم المؤمنين أجمعين ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، آخر حبات العقد الفريد، العقد النبوي الطاهر المطهر، وإحدى أمهات المؤمنين اللواتي ينضوين تحت قول الله تعالى (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )).

وصدق الله العظيم.

فضائل وأسباب شهرة ميمونة:

وكانت لأم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها شهرة شهد لها التاريخ بعظمتها، ومن أسباب شهرتها نذكر:

إن أم ميمونة هند بنت عوف كانت تعرف بأنها أكرم عجوز في الأرض أصهاراً - كما ذكرت سابقاً- فأصهارها: أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه الصديق، وعميه حمزة والعباس ابنا عبدالمطلب، وجعفر وعلي أبناء عمه أبي طالب، وشداد بن الهاد رضي الله عنهم أجمعين.

ومن أسباب عظمتها كذلك شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لها ولأخواتها بالإيمان، لما روى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأخوات المؤمنات: ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم الفضل زوج العباس، وسلمى امرأة حمزة، وأسماء بنت عميس أختهن لأمهن" رضي الله عنهن جميعاً.

ومنه تكريم الله عز وجل لها عندما نزل القرآن يحكي قصتها وكيف أنها وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في قول الله تعالى: (( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين )).

ومن ذلك أنها كانت آخر من تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبها ختمت أمها المؤمنين، وكانت نعم الختام . وقد كانت تقيه تصل الرحم لشهادة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لها عندما قالت: " إنها والله كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم".

ومما يذكر لميمونة رضي الله عنها أنها كانت أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها من الحافظات المكثرات لرواية الحديث النبوي الشريف، ولم يسبقها في ذلك سوى أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، وأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها.
[/frame]

الراسبي 03-21-2006 09:38 PM

جزاك الله خيراً يا جعلاني للأبد


ولك جزيل الشكر على هذا المجهود الطيب

جعلاني للابد 03-21-2006 09:40 PM

[move=left]العفو اخوي الراسبي[/move]

جعلاني للابد 03-21-2006 09:43 PM

[frame="1 80"]][§][ النعمان بن المقرن بطل معركة نهاوند ][§][


النعمان من قبيلة مزينة وكنيته أبوالحكيـم ، وكان يوم

إسلامه يوما مشهودا ، إذ أسلم معه عشرة أخوة له ومعهم

أربعمائة فارس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال فيهم :

" ان للإيمان بيوتا و للنفاق بيوت وإن بيـت بني مقرن من

بيوت الايمان "





][§][ إسلامه ][§][

جلس سيد القوم الصحابي الجليل النعمان بن مقرن المزني

رضي الله عنه في ناديه مع إخوته ، ومشيخة قبيلته ، فقال :

يا قوم والله ما علمنا عن محمد إلا خيرا ، ولا سمعنا من

دعوته إلا مرحمة ، وإحسانا ، وعدلا ، فما بالنا نبطئ عنه ،

والناس يسرعون إليه ؟

ثم قال رضي الله عنه : أما أنا فقد عزمت على أن أغدو عليه

إذا أصبحت ، فمن شاء منكم أن يكون معي فليتجهز .

وكانت هذه الكلمات كأنما مست وترا مرهفا في نفوس القوم ،

فما إن طلع الصباح حتى وجد إخوته العشرة ، وأربعمائة

فارس من فرسان مزينة قد جهزوا أنفسهم للمضي معه

إلى يثرب ، للقاء النبي صلى الله عليه وسلم ، والدخول

في دين الله .





][§][ موقفه مع كسرى ][§][

قبل أن يحارب سعد بن أبي وقاص قائد جيوش المسلمين رضي

الله عنه كسرى أرسل له وفدا على رأسه النعمان بن مقرن

رضي الله عنه ليدعوه إلى الإسلام ، فإن أبى ، دعاه إلى

دفع الجزية ، فإن أبى ، يقاتله .

ولما بلغ الوفد عاصمة كسرى استأذنوا بالدخول عليه ،

فأذن لهم ، ثم دعا الترجمان فقال له :

سلهم ما الذي جاء بكم إلى ديارنا ، وأغراكم بغزونا ؟

لعلكم طمعتم بنا ، واجترأتم علينا ، لأننا تشاغلنا عنكم ،

ولم نشأ أن نبطش بكم ؟

فالتفت النعمان بن مقرن رضي الله عنه إلى من معه ،

وقال : ( إن شئتم أجبته عنكم ، وإن شاء أحدكم أن يتكلم

آثرته علي بالكلام )

قالوا جميعا : بل تكلم أنت

فحمد النعمان رضي الله عنه الله ، وأثنى عليه ، وصلى على

نبيه صلى الله عليه وسلم ، ثم قال :

( إن الله رحمنـا ، فأرسل إلينـا رسولا يدلنا على الخير ، ويأمرنا

به ، ويعرفنا الشر ، وينهانا عنه ، ووعـدنا إن أجبناه إلى ما دعانا

إليه أن يعطينا الله خيري الدنيا والآخرة ، فما هو إلا قليل حتى بدل

الله ضيقنا سعة ، وذلتنا عزة ، وعداواتنا ، إخاء ومرحمة ، وقد

أمرنا أن ندعو الناس إلى ما فيه خيرهم ، وأن نبدأ بمن يجاورنا ،

فنحن ندعوكم إلى الدخول في ديننا ، وهو دين حَسن الحسن كله ،

وحض عليه ، وقبح القبيح كله ، وحذر منه ، وهو ينقل معتنقيه من

ظلام الكفر وجوره ، إلى نور الإيمان وعدله .

فإن أجبتمونا إلى الإسلام ، صرتم إخواننا ، لكم مثل ما لنا ،

وعليكم مثل ما علينا ، خلفنا فيكم ، كتاب الله ، وأقمناكم عليه ،

على أن تحكموا بأحكامه ، ورجعنا عنكم ، وتركناكم ، وشأنكم

فإن أبيتـم الدخول في دين الله ، أخذنا منكم الجزية ، وحميناكم )





][§][ بطل نهاوند ][§][

وكان هو بطل معركة نهاوند يوم أن ندبه أمير المؤمنين

عمر رضي الله عنه لهذه المهمة الجليلة اذ كتب اليه قائلا :

( انه قد بلغني أن جموعا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم

بمدينة نهاوند ، فاذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبنصر

الله بمن معك من المسلمين ، ولا توطئهم وعرا فتؤذيهم

ولا تمنعهم حقا فتكفرهم ولا تدخلهم غيضة فان رجلا من

المسلمين أحب الي من مئة ألف دينار والسلام عليكم )

فسار النعمان رضي الله عنه بالجيش والتقى الجمعان ،

ودارت المعركة حتى ألجـأ المسلمون الفـرس إلى التحصـن

فحاصروهم وطال الحصـارعدة أسابيع وفكر المسلمون

في طريقة يستخرجون فيها الفرس من حصونهم لمناجزتهم ،

فبعثوا عليهم خيـلا تقاتلهم بقيـادة القعقاع رضي الله عنه

حتى إذا خرجـوا من خنادقهم تراجـع القعقاع فطمعوا وظنوا

أن المسلمين قد هزموا .

وكان النعمان رضي الله عنه قد أمـر جيش المسلمين ألا

يقاتلوا حتى يأذن لهم وخاطبهم قائلا :

( إني مكبر ثلاثا فإذا كبرت الثالثة فإني حامل فاحملوا ،

وان قتلت فالأمر بعدي لحذيفة فان قتل ففلان )

حتى عد سبعة آخرهم المغيرة رضي الله عنه .





][§][ استشهاده ][§][

قبل بدأ المعركة دعا النعمان رضي الله عنه ربه قائلا :

( اللهم أعزز دينك وانصر عبادك واجعل النعمان أول شهيد اليوم ،

اللهم اني أسألك أن تقر عيني بفتح يكون فيه عز الإسلام

واقبضني شهيدا )

فبكى الناس من شدة التأثر ، ودارت المعركة على مشارف

نهاوند ، وكبر النعمان بن مقرن رضي الله عنه تكبيراته الثلاث ،

واندفع في صفوف العدو ، كأنه الليث عاديا ، وتدفق وراءه جنود

المسلمين تدفق السيل ، وقاد المعركة بشجاعة نادرة ، ودارت

بين الفريقين رحى معركة ضروس ، قلما شهد التاريخ لها نظيرا ،

كانت من أشهر معارك المسلمين في فتح بلاد الفرس ، وتمزق جيش

الفرس شر ممزق ، وملأت قتلاه السهل والجبل ، وزلق جواد النعمان

بن مقرن رضي الله عنه بالدماء فصرع ، وأصيب النعمان رضي الله

عنه إصابة قاتلة ، فأخذ أخوه اللواء من يده ، وسجاه ببردة كانت

معه ، وكتم أمره على المسلمين ، ولما تم النصر الكبير الذي سماه

المسلمون " فتح الفتوح " ، سأل الجنود المنتصرون عن قائدهم

الباسل ، فرفع أخوه البردة عنه ، وقال :

( هذا أميركم ، قد أقر الله عينه بالفتح ، وختم له بالشهادة )





][§][ بكاء الفاروق ][§][

ذهب البشير يخبر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه

و يقول له :

( فتح الله عليك ، وأعظم الفتح ، واستشهد الأمير )

فقال عمر رضي الله عنه : ( إنا لله وإنا إليه راجعون )

واعتلى المنبر ونعى إلى المسلمين النعمان بن المقرن

رضي الله عنه أمير نهاوند وشهيدها .. وبكى .. وبكى

حتى علا صوته بالبكاء ..

رضي الله عن النعمان القائد المنتصر شهيد معركة

فتح الفتوح " نهاوند "
[/frame]

جعلاني للابد 03-21-2006 09:44 PM

[frame="1 80"]عمّار بن ياسر (رجـــــل الجنة)

لو كان هناك أناس يولدون في الجنة، ثم يشيبون في رحابها ويكبرون..
ثم يجاء بهم إلى الارض ليكونوا زينة لها، ونورا، لكان عمّار، وأمه سميّة، وأبوه ياسر من هؤلاء..!!
ولكن لماذا نقول: لو.. لماذا مفترض هذا الافتراض، وقد كان آل ياسر فعلا من أهل الجنة..؟؟
وما كان الرسول عليه الصلاة والسلام مواسيا لهم فحسب حين قال: " صبرا آل ياسر إن موعدكم الجنة"..
بل كان يقرر حقيقة يعرفها ويؤكد واقعا يبصره ويراه..

نشأته رضي الله عنه
خرج ياسر والد عمّار، من بلده في اليمن يطلب أخا له، ويبحث عنه..
وفي مكة طاب له المقام، فاستوطنها محالفا أبا حذيفة بن المغيرة..
وزوّجه أبو حذيفة إحدى إمائه سميّة بنت خياط..
ومن هذا الزواج المبارك رزق الله الأبوين عمارا..
وكان إسلامهم مبكرا.. شأن الأبرار الذين هداهم الله..
وشأن الأبرار المبكّرين أيضا، أخذوا نصيبهم الأوفى من عذاب ;كفار قريش وأهوالها..!!
ولقد كانت قريش تتربّص بالمؤمنين الدوائر..
فان كانوا ممن لهم في قومهم شرف ومنعة، تولوهم بالوعيد والتهديد، ويلقى أبو جهل المؤمن منهم فيقول له:" تركت دين آبائك وهم خير منك.. لنسفّهنّ حلمك، ولنضعنّ شرفك، ولنكسدنّ تجارتك، ولنهلكنّ مالك" ثم يشنون عليه حرب عصبية حامية.
وان كان المؤمن من ضعفاء مكة وفقرائها، أو عبيدها، أصلتهم سعيرا. ولقد كان آل ياسر من هذا الفريق..
ووكل أمر تعذيبهم إلى بني مخزوم، يخرجون بهم جميعا.. ياسر، سمية وعمار كل يوم إلى رمضاء مكة الملتهبة، ويصبّون عليهم جحيم العذاب ألوانا وفنونا!!

ولقد كان نصيب سمية من ذلك العذاب فادحا رهيبا. ولن نفيض في الحديث عنها الآن.. فلنا إن شاء الله مع جلال تضحيتها، وعظمة ثباتها لقاء نتحدث عنها وعن نظيراتها وأخواتها في تلك الأيام الخالدات..
وليكن حسبنا الآن أن نذكر في غير كبالغة أن سمية الشهيدة وقفت يوم ذاك موقفا يمنح البشرية كلها من أول إلى آخرها شرفا لا ينفد، وكرامة لا ينصل بهاؤها..!
موقفا جعل منها أمّا عظيمة للمؤمنين في كل العصور.. وللشرفاء في كل الأزمان..!!

كان الرسول عليه الصلاة والسلام يخرج إلى حيث علم أن آل ياسر يعذبون..
ولم يكن آنذاك يملك من أسباب المقاومة ودفع الأذى شيئا..
وكانت تلك مشيئة الله..
فالدين الجديد، ملة إبراهيم حنيفا، الدين الذي يرفع محمد لواءه ليس حركة إصلاح عارضة عابرة.. وانما هو نهج حياة للبشرية المؤمنة.. ولا بد للبشرية المؤمنة هذه أن ترث مع الدين تاريخه بكل تاريخه بكل بطولاته، وتضحياته ومخاطراته...
إن هذه التضحيات النبيلة الهائلة، هي الخرسانة التي تهب الدبن والعقيدة ثباتا لا يزول، وخلودا لا يبلى..!!!

إنها العبير يملأ أفئدة المؤمنين ولاء، وغبطة وحبورا.
وأنها المنار الذي يهدي الأجيال الوافدة إلى حقيقة الدين، وصدقه وعظمته..
وهكذا لم يكن هناك بد من أن يكون للإسلام تضحياته وضحاياه، ولقد أضاء القرآن الكريم هذا المعنى للمسلمين في أكثر من آية...
فهو يقول: (أحسب الناس أن يتركوا، أن يقولوا آمنّا، وهم لا يفتنون)؟!
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة، ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم، ويعلم الصابرين)؟

ولقد كانت سميّة.. وكان ياسر.. وكان عمّار من هذه الثلة المباركة العظيمة التي اختارتها مقادير الإسلام لتصوغ من تضحياتها وثباتها وإصرارها وثيقة عظمته وخلوده..

بشارة بالجنة
قلنا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج كل يوم إلى أسرة ياسر، محيّيا صمودها، وبطولتها.. وكان قلبه الكبير يذوب رحمة وحنانا لمشهدهم وهم يتلقون العذاب ما لا طاقة لهم به. وذات يوم وهو يعودهم ناداه عمّار:
" يا رسول الله.. لقد بلغ منا العذاب كل مبلغ"..
فناداه الرسول: صبرا أبا اليقظان.. صبرا آل ياسر..فان موعدكم الجنة"..
ولقد وصف ما أصاب عمّار من العذاب الذي نزل به في أحاديث كثيرة.

فضائله رضي الله عنه
استقرّ المسلمون بالمدينة بعد هجرة رسولهم إليها، وأخذ المجتمع الإسلامي هناك يتشكّل سريعا، ويستكمل نفسه..
ووسط هذه الجماعة المسلمة المؤمنة،أخذ عمار مكانه عليّا..!!
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حبا حمّا، ويباهي أصحابه بإيمانه وهديه..
يقول عنه صلى الله عليه وسلم : إن عمّارا ملئ إيمانا إلى مشاشه". ((المشاشه رؤوس العظام وقيل اختلاطها بالجلد واللحم والعظم))

وحين وقع سوء تفاهم بين عمار وخالد بن الوليد، قال رسول الله:" من عادى عمارا، عاداه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله" ولم يكن أمام خالد بن الوليد بطل الإسلام إلا أن يسارع إلى عمار معتذرا إليه، وطامعا في صفحه الجميل..!!

عمار رضي الله عنه أول من بنى مسجدا في الإسلام
وفي الحديث :انطلقنا إلى أبي سعيد الخدري فاسمعا من حديثه قال فانطلقنا فإذا هو في حائط له فلما رآنا أخذ رداءه فجاءنا فقعد فأنشأ يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال كنا نحمل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين لبنتين قال فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول يا عمار إلا تحمل لبنة كما يحمل أصحابك قال إني أريد الأجر من الله قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال فجعل عمار يقول أعوذ بالرحمن من الفتن.


وإذا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما الى هذا الحد، فلا بد أن يكون إيمانه، وبلاؤه، وولاؤه، وعظمة نفسه، واستقامة ضميره ونهجه.. قد بلغت المدى، وانتهت إلى ذروة الكمال الميسور..!!
وكذلكم كان عمار..لقد كال الله له نعمته وهداه بالمكيال الأوفى، وبلغ في درجات الهدى واليقين ما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يزكّي إيمانه، ويرفعه بين أصحابه قدوة ومثلا فيقول:
" اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر... واهتدوا بهدي عمّار"..

وصفه رضي الله عنه
ولقد وصفه الرواة فقالوا:
" كان طوّالا، أشهل، رحب ما بين المنكبين.. من أطول الناس سكوتا، وأقلهم كلاما"..
فكيف سارت حياة هذا العملاق، الصامت الأشهل، العريض الصدر، الذي يحمل جسده آثار تعذيبه المروّع، كما يحمل في نفس الوقت وثيقة صموده الهائل، والمذهل وعظمته الخارقة..؟!
كيف سارت حياة هذا الحواري المخلص، والمؤمن الصادق، والفدائي الباهر..؟؟
لقد شهد مع معلّمه ورسوله جميع المشاهد.. بدرا، وأحدا، والخندق وتبوك.. ويقيّتها جميعا.
ولما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، واصل العملاق زحفه..
ففي لقاء المسلمين مع الفرس، ومع الروم، ومن قبل ذلك في لقائهم مع جيوش الردّة الجرارة كان عمّار هناك في الصفوف الأولى دوما.. جنديا باسلا أمينا، لا تنبو لسيفه ضربة.. ومؤمنا ورعا جليلا، لا تأخذه عن الله رغبة..


وحين كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يختار ولاة المسلمين في دقة وتحفّظ من يختار مصيره، كانت عيناه تقعان دوما في ثقة أكيدة على عمّار بن ياسر"..
وهكذا سارع إليه وولاه الكوفة، وجعل ابن مسعود معه على بيت المال..
وكتب إلى أهلها كتابا يبشرهم فيه بواليهم الجديد، فقال: " أني بعثت إليكم عمّار بن ياسر أميرا.. وابن مسعود معلما ووزيرا..وانهما من النجباء، من أصحاب محمد، ومن أهل بدر"..

ولقد سار عمّار في ولايته سيرا شق على الطامعين في الدنيا تحمّله حتى تألبوا عليه أو كادوا..
لقد زادته الولاية تواضعا وورعا وزهدا..
يقول ابن أبي الهذيل، وهو من معاصريه في الكوفة: " رأيت عمّار بن ياسر وهو أمير الكوفة يشتري من قثائها، ثم يربطها بحبل ويحملها فوق ظهره، ويمضي بها إلى داره"..!!

يوم اليمامة
ويقول له واحد من العامّة وهو أمير الكوفة:" يا أجدع الأذن يعيّره بأذنه التي قطعت بسيوف المرتدين في حرب اليمامة.. فلا يزيد الأمير الذي بيده السلطة على أن يقول لشاتمه:" خير أذنيّ سببت.. لقد أصيبت في سبيل الله"..!!
أجل لقد أصيب في سبيل الله في يوم اليمامة، وكان يوما من أيام عمّار المجيدة.. إذا انطلق العملاق في استبسال عاصف يحصد في جيش مسيلمة الكذاب، ويهدي أليه المنايا والدمار..وإذا يرى في المسلمين فتورا يرسل بين صفوفهم صياحه المزلزل، فيندفعون كالسهام المقذوفة.

يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: " رأيت عمّار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة، وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين.. أمن الجنة تفرّون..؟ أنا عمّار بن ياسر، هلموا إلى.. فنظرت إليه، فإذا أذنه مقطوعة تتأرجح، وهو يقاتل أشد القتال"..!!!

ألا من كان في شك من عظمة محمد الرسول الصادق، والمعلم الكامل، فليقف أمام هذه النماذج من أتباعه وأصحابه، وليسأل نفسه: هل يقدر على إنجاب هذا الطراز الرفيع سوى رسول كريم، ومعلم عظيم؟؟

إذا خاضوا في سبيل الله قتالا اندفعوا اندفاع من يبحث عن المنيّة، لا عن النصر..!!
وإذا كانوا خلفاء وحكّاما، ذهب الخليفة يحلب شياه اليتامى ، ويعجن خبز اليتامى.. كما فعل أبو بكر وعمر..وإذا كانوا ولاة حملوا طعامهم على ظهورهم مربوطا بحبل.. كما فعل عمّار.. أو تنازلوا عن راتبهم وجلسوا يصنعون من الخوص المجدول أوعية ومكاتل، كما صنع سلمان..!!
ألا فلنحن الجباه تحيّة وإجلالا للدين الذي أنجبهم، وللرسول الذي ربّاهم.. وقبل الدين والرسول، الله العليّ الكبير الذي اجتباهم لهذا كله..وهداهم لهذا كله.. وجعلهم روّادا لخير أمة أخرجت للناس..!!
قتال الإنس والجن
قال عمّار بن ياسر (قد قاتلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإنس والجن )000فقيل له(ما هذا ؟ قاتلت الإنس فكيف قاتلت الجنَّ ؟)000قال ( نزلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منزلاً فأخذتُ قِرْبَتي ، ودَلْوي لأستقي ، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-( أما أنه سيأتيكَ آتٍ يمنَعُكَ مِنَ الماء )000فلمّا كنتُ على رأس البئر إذا رجلٌ أسودٌ كأنه مَرَسٌ فقال ( لا والله لا تستقي منها ذَنوباً واحداً )000فأخذته فصرعتَهُ ، ثم أخذتُ حجراً فكسـرتُ به أنفه ووجهـهُ ، ثم ملأتُ قِرْبَتـي فأتيتُ بها رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال ( هل أتاك على الماء من أحد ؟)000فقلتُ ( عبدٌ أسودٌ )000 فقال ( ماصنعت به ؟)000فأخبرته فقال ( أتَدْري مَنْ هو ؟)000قلتُ ( لا )000قال ( ذاك الشيطان ، جاء يمنعُكَ من الماء !!)

استشهاده رضي الله عنه
كان ابن الثالثة والتسعين، يخوض آخر معارك حياته المستبسلة الشامخة.. كان يلقن الحياة قبل أن يرحل عنها آخر دروسه في الثبات على الحق، ويترك لها آخر مواقفه العظيمة، الشريفة المعلمة..
ولقد حاول رجال معاوية أن يتجنبوا عمّار ما استطاعوا، حتى لا تقتله سيفهم ..
بيد أن شجاعة عمار الذي كان يقتل وكأنه جيش واحد، أفقدتهم صوابهم، فأخذ بعض جنود معاوية يتحيّنون الفرصة لإصابته، حتى إذا تمكّنوا منه أصابوه...

أمّا عمّار، فقد حمله الإمام علي فوق صدره إلى حيث صلى عليه والمسلمون معه.. ثم دفنه في ثيابه..
أجل في ثيابه الملطخة بدمه الزكي الطهور.. فما في كل حرير الدنيا وديباجها ما يصلح أن يكون كفنا لشهيد جليل، وبطل عظيم من طراز عمّار...

ووقف المسلمون على قبره يعجبون..
منذ ساعات كان عمّار يغرّد بينهم فوق أرض المعركة.. تملأ نفسه غبطة الغريب المضني يزف إلى وطنه، وهو يصيح: " اليوم ألقى الأحبة ، محمدا وصحبة"..!!
أكان معهم اليوم على موعد يعرفه، وميقات ينتظره...؟؟!!
وأقبل بعض الأصحاب على بعضهم يتساءلون...
قال أحدهم لصاحبه: أتذكر أصيل ذلك اليوم بالمدينة ونحن جالسون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وفجأة تهلل وجهه وقال: " اشتاقت الجنة لعمّار"..؟؟
قال له صاحبه نعم، ولقد ذكر يومها آخرين منهم علي وسلمان و بلال..
إذن فالجنة كانت مشتاقة لعمّار..
وإذن، فقد طال شوقها إليه، وهو يستمهلها حتى يؤدي كل تبعاته، وينجز آخر واجباته..
ولقد أدّاها في ذمّة، وأنجزها في غبطة..
أفما آن له أن يلبي نداء الشوق الذي يهتف به من رحاب الجنان..؟؟
بلى آن له أن يبلي النداء.. فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.. وهكذا ألقى رمحه ومضى..
وحين كان تراب قبره يسوّى بيد أصحابه فوق جثمانه، كانت روحه تعانق مصيرها السعيد هناك.. في جنات الخلق، التي طال شوقها لعمّار...!
[/frame]

جعلاني للابد 03-21-2006 09:46 PM

[frame="1 80"]مصعب بن عمير
قال رسول الله (صل الله عليه وسلم )
لقد رأيت مُصعبا هذا وما بمكة فتى أنْعَمُ عند أبويه " " منه ، ثم ترك ذلك كله حُبّا لله ورسوله
حديث شريف

مصعـــب
غرّة فتيان قريش, وأوفاهم جمالا, وشبابا..
يصف المؤرخون والرواة شبابه فيقولون:" كان أعطر أهل مكة"..
ولد في النعمة, وغذيّ بها, وشبّ تحت خمائلها.
ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر بتدليل أبويه بمثل ما ظفر به " مصعب بن عمير"..
ذلك الفتر الريّان, المدلل المنعّم, حديث حسان مكة, ولؤلؤة ندواتها ومجالسها, أيمكن أن يتحوّل الى أسطورة من أساطير الايمان والفداء..؟
بالله ما أروعه من نبأ .. نبأ "مصعب بن عمير", أو "مصعب الخير" كما كان لقبه بين المسلمين.
إنه واحد من أولئك الذين صاغهم الإسلام وربّاهم " محمد " عليه الصلاة والسلام..
ولكن أي واحد كان..؟
إن قصة حياته لشرف لبني الإنسان جميعاً..
لقد سمع الفتى ذات يوم, ما بدأ أهل مكة يسمعونه من محمد الأمين صلى الله عليه وسلم ..
"محمد" الذي يقول أن الله أرسله بشيرا ونذيرا ، وداعيا الى عبادة الله الواحد الأحد.
أسلامه

وحين كانت مكة تمسي وتصبح ولا همّ لها, ولا حديث يشغلها إلا الرسول عليه الصلاة والسلام ودينه, كان فتى قريش المدلل أكثر الناس استماعا لهذا الحديث.
ذلك أنه كان على الرغم من حداثة سنه, زينة المجالس والندوات, تحرص كل ندوة أن يكون مصعب بين شهودها, ذلك أن أناقة مظهره ورجاحة عقله كانتا من خصال "ابن عمير التي تفتح له القلوب والأبواب..
ولقد سمع فيما سمع أن الرسول ومن آمن معه, يجتمعون بعيدا عن فضول قريش وأذاها.. هناك على الصفا في دار "الأرقم بن أبي الأرقم" فلم يطل به التردد, ولا التلبث والانتظار, بل صحب نفسه ذات مساء إلى دار الأرقم تسبقه أشواقه ورؤاه...
هناك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلتقي بأصحابه فيتلو عليهم القرآن , ويصلي معهم لله العليّ القدير.
ولم يكد مصعب يأخذ مكانه, وتنساب الآيات من قلب الرسول متألفة على شفتيه, ثم آخذة طريقها الى الأسماع والأفئدة, حتى كان فؤاد ابن عمير في تلك الأمسية هو الفؤاد الموعود..!
ولقد كادت الغبطة تخلعه من مكانه, وكأنه من الفرحة الغامرة يطير.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بسط يمينه الحانية حتى لامست الصدر المتوهج, والفؤاد المتوثب, فكانت السكينة العميقة عمق المحيط .. وفي لمح البصر كان الفتى الذي آمن وأسلم يبدو ومعه من الحكمة ما يفوق ضعف سنّه وعمره, ومعه من التصميم ما يغيّر سير الزمان..!!!

أمه
كانت أم مصعب "خنّاس بنت مالك" تتمتع بقوة فذة في شخصيتها, وكانت تهاب الى حد الرهبة..
ولم يكن مصعب حين أسلم ليحاذر أو يخاف على ظهر الأرض قوة سوى أمه !!
فلو أن مكة بل أصنامها وأشرافها وصحرائها, استحالت هولا يقارعه ويصارعه, لاستخف به مصعب إلى حين..
أما خصومة أمه, فهذا هو الهول الذي لا يطاق..!
ولقد فكر سريعا, وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمرا ، وظل يتردد على دار الأرقم, ويجلس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو قرير العين بإيمانه, وبتفاديه غضب أمه التي لا تعلم خبر إسلامه خبرا..

ولكن مكة في تلك الأيام بالذات, لا يخفى فيها سر, فعيون قريش وآذانها على كل طريق, ووراء كل بصمة قدم فوق رمالها الناعمة اللاهية, الواشية..
ولقد أبصر به "عثمان بن طلحة" وهو يدخل خفية الى دار الأرقم .. ثم رآه مرة أخرى وهو يصلي كصلاة محمد صلى الله عليه وسلم, فسابق ريح الصحراء وزوابعها, شاخصا إلى أم مصعب, حيث ألقى عليها النبأ الذي طار بصوابها...

ووقف مصعب أمام أمه, وعشيرته, وأشراف مكة مجتمعين حوله يتلو عليهم في يقين الحق وثباته, القرآن الذي يغسل به الرسول قلوبهم, ويملؤها به حكمة وشرفا, وعدلا وتقى ، وهمّت أمه أن تسكته بلطمة قاسية, ولكن اليد التي امتدت كالسهم, ما لبثت أن استرخت وتنحّت أمام النور الذي زاد وسامة وجهه وبهاءه جلالا يفرض الاحترام, وهدوءا يفرض الإقناع..
ولكن إذا كانت أمه تحت ضغط أمومتها ستعفيه من الضرب والأذى , فإن في مقدرتها أن تثأر للآلهة التي هجرها بأسلوب آخر..
وهكذا مضت به الى ركن قصي من أركان دارها, وحبسته فيه, وأحكمت عليه إغلاقه, وظل رهين محبسه ذاك, حتى خرج بعض المؤمنين مهاجرين الى أرض الحبشة, فاحتال لنفسه حين سمع النبأ, وغافل أمه وحراسه, ومضى إلى الحبشة مهاجراً أوّابا..

هجرته إلى الحبشة
ولسوف يمكث بالحبشة مع إخوانه المهاجرين, ثم يعود معهم الى مكة, ثم يهاجر الى الحبشة للمرة الثانية مع الأصحاب الذين يأمرهم الرسول بالهجرة فيطيعون.
ولكن سواء كان مصعب بالحبشة أم في مكة, فان تجربة إيمانه تمارس تفوّقها في كل مكان وزمان, ولقد فرغ من إعادة صياغة حياته على النسق الجديد الذي أعطاهم محمد نموذجه المختار, واطمأن مصعب الى أن حياته قد صارت جديرة بأن تقدّم قربانا لبارئها الأعلى, وخالقها العظيم..

خرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول رسول الله, فما أن بصروا به حتى حنوا رؤوسهم وغضوا أبصارهم وذرفت بعض عيونهم دمعا شجيّا..
ذلك أنهم رأوه.. يرتدي جلبابا مرقعا باليا, وعاودتهم صورته الأولى قبل إسلامه, حين كانت ثيابه كزهور الحديقة النضرة, وألقا وعطراً..
وتملى رسول الله مشهده بنظرات حكيمة, شاكرة محبة, وتألقت على شفتيه ابتسامته الجليلة, وقال:
" لقد رأيت مصعبا هذا, وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه, ثم ترك ذلك كله حبا لله ورسوله".!!

لقد منعته أمه حين يئست من ردّته كل ما كانت تفيض عليه من نعمة.. وأبت أن يأكل طعامها إنسان هجر الآلهة وحاقت به لعنتها, حتى ولو يكون هذا الإنسان ابنها..!!
ولقد كان آخر عهدها به حين حاولت حبسه مرّة أخرى بعد رجوعه من الحبشة فآلى على نفسه لئن هي فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه..
وإنها لتعلم صدق عزمه اذا همّ وعزم, فودعته باكية, وودعها باكيا..
وكشفت لحظة الوداع عن إصرار عجيب على الكفر من جانب الأم وإصرار أكبر على الإيمان من جانب الابن .. فحين قالت له وهي تخرجه من بيتها: " اذهب لشأنك, لم أعد لك أمّا " اقترب منها وقال: " يا أمّه إني لك ناصح, وعليك شفوق, فاشهدي بأنه لا اله الا الله, وأن محمدا عبده ورسوله"...
أجابته غاضبة مهتاجة:" قسما بالثواقب, لا أدخل في دينك, فيزرى برأيي, ويضعف عقلي"..!!
وخرج مصعب من النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الشظف والفاقة.. وأصبح الفتى المتأنق المعطّر, لا يرى إلا مرتديا أخشن الثياب, يأكل يوما, ويجوع أياما ولكن روحه المتأنقة بسمو العقيدة, والمتألقة بنور الله, كانت قد جعلت منه انسانا آخر يملأ الأعين جلال والأنفس روعة...
**
بعثته إلى المدينة
وآنئذ, اختاره الرسول لأعظم مهمة في حينها: أن يكون سفيره الى المدينة, يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا الرسول عند العقبة, ويدخل غيرهم في دين الله , ويعدّ المدينة ليوم الهجرة العظيم..
كان في أصحاب رسول الله يومئذ من هم أكبر منه سنّا وأكثر جاها, وأقرب من الرسول قرابة.. ولكن الرسول اختار مصعب الخير, وهو يعلم أنه يكل إليه بأخطر قضايا الساعة, ويلقي بين يديه مصير الإسلام في المدينة التي ستكون دار الهجرة, ومنطلق الدعوة والدعاة, والمبشرين والغزاة, بعد حين من الزمان قريب..
وحمل مصعب الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من رجاحة العقل وكريم الخلق, ولقد غزا أفئدة المدينة وأهلها بزهده وترفعه وإخلاصه, فدخلوا في دين الله أفواجا..

لقد جاءها يوم بعثه الرسول إليها وليس فيها سوى اثني عشر مسلما هم الذين بايعوا النبي من قبل بيعة العقبة, ولكنه لم يكد يتم بينهم بضعة أشهر حتى استجابوا لله وللرسول..!!
وفي موسم الحج التالي لبيعة العقبة, كان مسلمو المدينة يرسلون إلى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلهم وينوب عنهم.. وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة.. جاءوا تحت قيادة معلمهم ومبعوث نبيهم إليهم " مصعب ابن عمير ".
لقد أثبت "مصعب" بكياسته وحسن بلائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف كيف يختار..
فلقد فهم مصعب رسالته تماما ووقف عند حدودها وعرف أنه داعية الى الله تعالى, ومبشر بدينه الذي يدعوا الناس الى الهدى, وإلى صراط مستقيم ، وأنه كرسوله الذي آمن به, ليس عليه إلا البلاغ..
هناك نهض في ضيافة "أسعد بم زرارة" يفشيان معا القبائل والبيوت والمجالس, تاليا على الناس ما كان معه من كتاب ربه, هاتفا بينهم في رفق عظيم بكلمة الله (انما الله اله واحد)..
ولقد تعرّض لبعض المواقف التي كان يمكن أن تودي به وبمن معه, لولا فطنة عقله, وعظمة روحه..
ذات يوم فاجأه وهو يعظ الانس "أسيد بن خضير" سيد بني عبد الأشهل بالمدينة, فاجأه شاهرا حربته ويتوهج غضبا وحنقا على هذا الذي جاء يفتن قومه عن دينهم.. ويدعوهم لهجر آلهتهم, ويحدثهم عن إله واحد لم يعرفوه من قبل, ولم يألفوه من قبل..!
إن آلهتهم معهم رابضة في مجاثمها وإذا احتاجها أحد عرف مكانها وولى وجهه ساعيا اليها, فتكشف ضرّه وتلبي دعاءه... هكذا يتصورون ويتوهمون..

أما إله محمد الذي يدعوهم إليه باسمه هذا السفير الوافد إليهم, فما أحد يعرف مكانه, ولا أحد يستطيع أن يراه..!!
وما أن رأى المسلمون الذين كانوا يجالسون مصعبا مقدم أسيد ابن حضير متوشحا غضبه المتلظي, وثورته المتحفزة, حتى وجلوا.. ولكن مصعب الخير ظل ثابتا وديعا, متهللا..
وقف اسيد أمامه مهتاجا, وقال يخاطبه هو وأسعد بن زرارة:
"ما جاء بكما الى حيّنا, تسفهان ضعفاءنا..؟ اعتزلانا, اذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة"..!!
وفي مثل هدوء البحر وقوته..
وفي مثل تهلل ضوء الفجر ووداعته.. انفرجت أسارير مصعب الخير وتحرّك بالحديث الطيب لسانه فقال:
" أولا تجلس فتستمع..؟! فان رضيت أمرنا قبلته.. وان كرهته كففنا عنك ما تكره ".

الله أكبر. ما أروعها من بداية سيسعد بها الختام..!!

كان أسيد رجلا أريبا عاقلا.. وها هو ذا يرى مصعبا يحتكم معه الى ضميره, فيدعوه أن يسمع لا غير.. فان اقتنع, تركه لاقتناعه وان لم يقتنع ترك مصعب حيّهم وعشيرتهم, وتحول الى حي آخر وعشيرة أخرى غير ضارّ ولا مضارّ..
هنالك أجابه أسيد قائلا: أنصفت .. وألقى حربته الى الأرض وجلس يصغي ..
ولم يكد مصعب يقرأ القرآن, ويفسر الدعوة التي جاء بها محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام, حتى أخذت أسارير أسيد تبرق وتشرق.. وتتغير مع مواقع الكلم, وتكتسي بجماله..!!
ولم يكد مصعب يفرغ من حديثه حتى هتف به أسيد بن حضير وبمن معه قائلا:
"ما أحسن هذا القول وأصدقه.. كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين"..؟؟
وأجابوه بتهليلة رجّت الأرض رجّا, ثم قال له مصعب:
" يطهر ثوبه وبدنه, ويشهد أن لا اله الا الله ".
فغاب أسيد عنهم غير قليل ثم عاد يقطر الماء الطهور من شعر رأسه, ووقف يعلن أن لا اله الا الله, وأن محمدا رسول الله..
وسرى الخبر كالضوء.. وجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع, وأسلم ثم تلاه سعد بن عبادة, وتمت بإسلامهم النعمة, وأقبل أهل المدينة بعضهم على بعض يتساءلون: اذا كان أسيد بن حضير, وسعد ابن معاذ, وسعد بن عبادة قد أسلموا, ففيم تخلفنا..؟ هيا الى مصعب, فلنؤمن معه, فانهم يتحدثون أن الحق يخرج من بين ثناياه..!!
**
لقد نجح أول سفراء الرسول صلى الله عليه وسلم نجاحا منقطع النظير.. نجاحا هو له أهل, وبه جدير..
غزوة أحد
وتمضي الأيام والأعوام, ويهاجر الرسول وصحبه الى المدينة, وتتلمظ قريش بأحقادها.. وتعدّ عدّة باطلها, لتواصل مطاردتها الظالمة لعباد الله الصالحين.. وتقوم غزوة بدر, فيتلقون فيها درسا يفقدهم بقية صوابهم ويسعون الى الثأر, و تجيء غزوة أحد.. ويعبئ المسلمون أنفسهم, ويقف الرسول صلى الله عليه وسلم وسط صفوفهم يتفرّس الوجوه المؤمنة ليختار من بينها من يحمل الراية.. ويدعو مصعب الخير, فيتقدم ويحمل اللواء..
وتشب المعركة الرهيبة, ويحتدم القتال, ويخالف الرماة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام, ويغادرون موقعهم في أعلى الجبل بعد أن رأوا المشركين ينسحبون منهزمين, لكن عملهم هذا, سرعان ما يحوّل نصر المسلمين الى هزيمة.. ويفاجأ المسلمون بفرسان قريش تغشاهم من أعلى الجبل, وتعمل فيهم على حين غرّة, السيوف الظامئة المجنونة..
حين رأوا الفوضى والذعر في صفوف المسلمين, ركزوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لينالوه..
وأدرك مصعب بن عمير الخطر الغادر, فرفع اللواء عاليا, وأطلق تكبيرة كالزئير, ومضى يجول ويتواثب.. وكل همه أن يلفت نظر الأعداء اليه ويشغلهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه, وجرّد من ذاته جيشا بأسره.. أجل, ذهب مصعب يقاتل وحده كأنه جيش لجب غزير..
يد تحمل الراية في تقديس..
ويد تضرب بالسيف في عنفوان..
ولكن الأعداء يتكاثرون عليه, يريدون أن يعبروا فوق جثته إلى حيث يلقون الرسول..

الشهادة فى سبيل الله
لندع شاهد عيان يصف لنا مشهد الخاتم في حياة مصعب العظيم..!!
يقول ابن سعد: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري, عن أبيه قال: [حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد, فلما جال المسلمون ثبت به مصعب, فأقبل ابن قميئة وهو فارس, فضربه على يده اليمنى فقطعها, ومصعب يقول: وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل..
وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه, فضرب يده اليسرى فقطعها, فحنا على اللواء وضمّه بعضديه الى صدره وهو يقول : وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل..
ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه وأندق الرمح, ووقع مصعب, وسقط اللواء].
وقع مصعب.. وسقط اللواء..!!
وقع حلية الشهادة, وكوكب الشهداء..!!
وقع بعد أن خاض في استبسال عظيم معركة الفداء والايمان..
كان يظن أنه اذا سقط, فسيصبح طريق القتلة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاليا من المدافعين والحماة..
ولكنه كان يعزي نفسه في رسول الله عليه الصلاة والسلام من فرط حبه له وخوفه عليه حين مضى يقول مع كل ضربة سيف تقتلع منه ذراعا:
( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل )

وبعد انتهاء المعركة المريرة, وجد جثمان الشهيد الرشيد راقدا, وقد أخفى وجهه في تراب الأرض المضمخ بدمائه الزكية..
لكأنما خاف أن يبصر وهو جثة هامدة رسول الله يصيبه السوء, فأخفى وجهه حتى لا يرى هذا الذي يحاذره ويخشاه..!!
أو لكأنه خجلان اذ سقط شهيدا قبل أن يطمئن على نجاة رسول الله, وقبل أن يؤدي الى النهاية واجب حمايته والدفاع عنه..!!
لك الله يا مصعب.. يا من ذكرك عطر الحياة..!!

رثاء الرسول له
وجاء الرسول وأصحابه يتفقدون أرض المعركة ويودعون شهداءها..
وعند جثمان مصعب, سالت دموع وفيّة غزيرة..
يقول خبّاب بن الأرت:
[هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل اله, نبتغي وجه الله, فوجب أجرنا على الله.. فمنا من مضى, ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا, منهم مصعب بن عمير, قتل يوم أحد.. فلم يوجد له شيء يكفن فيه الا نمرة.. فكنا اذا وضعناها على رأسه تعرّت رجلاه, واذا وضعناها على رجليه برزت رأسه, فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اجعلوها مما يلي رأسه, واجعلوا على رجليه من نبات الاذخر"..]..
وعلى الرغم من الألم الحزين العميق الذي سببه رزء الرسول صلى الله عليه وسلم في عمه حمزة, وتمثيل المشركين يجثمانه تمثيلا أفاض دموع الرسول عليه السلام, وأوجع فؤاده..
وعلى الرغم من امتلاء أرض المعركة بجثث أصحابه وأصدقائه الذين كان كل واحد منهم يمثل لديه عالما من الصدق والطهر والنور..
على الرغم من كل هذا, فقد وقف على جثمان أول سفرائه, يودعه وينعاه..
أجل.. وقف الرسول صلى الله عليه وسلم عند مصعب بن عمير وقال وعيناه تلفانه بضيائهما وحنانهما ووفائهما :
( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه )

ثم ألقى في أسى نظرة على بردته التي دفن بها وقال لقد رأيتك بمكة, وما بها أرق حلة, ولا أحسن لمّة منك. "ثم ها أنت ذا شعث الرأس في بردة"..؟!
وهتف الرسول عليه الصلاة والسلام وقد وسعت نظراته الحانية أرض المعركة بكل من عليها من رفاق مصعب وقال:
"ان رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة".
ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله وقال:
"أيها الناس زوروهم, وأتوهم, وسلموا عليهم, فوالذي نفسي بيده, لا يسلم عليهم مسلم إلى يوم القيامة, إلا ردوا عليه السلام"..
[/frame]

القمر المضئ 03-22-2006 03:43 PM

ما شاء الله بارك الله فيك يا جعلاني للابد وعساك دوووم على الصحه ومشكووووووووووور
ويعطيك العافيه انت والراسبي والشباب كلهم والصراحه ما شئ احلى من قصص الصحابه واسلامهم ومواقفهم مع الرسول

جعلاني للابد 03-22-2006 06:23 PM

العفو اختي وكم اسعدني مرورك بين اروقت موضوعي

دلع مسقط 03-23-2006 02:06 AM

وهذى معلومات عن الصحابي علي بن ابي طالب

إنه الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عم رسول الله (، أبوه هو أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب، وأمه السيدة فاطمة بنت أسد بن هاشم -رضي الله عنها-.
ولد علي -رضي الله عنه- قبل بعثة النبي ( بعشر سنين، وكان أصغر إخوته، وتربى في بيت النبي (، ولما نزل الوحي على رسول الله ( دعا عليّا إلى الإيمان بالله وحده، فأسرع -رضي الله عنه- بقبول الدعوة، ودخل في دين الله، فكان أول من أسلم من الصبيان.
ولما رآه أبو طالب يصلي مع رسول الله ( قال له: أي بني، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال علي: يا أبي، آمنت برسول الله، وصدقت بما جاء به، وصليت معه لله واتبعته، فقال أبو طالب: أما إنه لم يَدْعُك إلا لخير، فالزمه.
وكان رسول الله ( يحب عليّا، ويثني عليه، فكان يقول له: "أنت مني وأنا منك" [البخاري]. وكان يقول له: "لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق" [مسلم].
وعندما أراد الرسول ( الهجرة إلى المدينة، أمر علي بن أبي طالب أن ينام في فراشه، وفي ليلة الهجرة في جنح الظلام، تسلل مجموعة من كفار مكة، وفي يد كل واحد منهم سيف صارم حاد، وقفوا أمام باب بيت النبي ( ينتظرون خروجه لصلاة الفجر، ليضربوه ضربة رجل واحد، فأخبر الله نبيه ( بتلك المؤامرة، وأمره بالخروج من بينهم، فخرج النبي ( وقد أعمى الله أبصار المشركين، فألقى النبي ( التراب على رؤوسهم وهو يقرأ قول الله تعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون). [يس: 9].
ولما طلعت الشمس؛ استيقظ المشركون، وهجموا على البيت، ورفعوا سيوفهم، ليضربوا النائم، فإذا بهم لا يجدونه رسول الله، وإنما هو ابن عمه علي بن أبي طالب، الذي هب واقفًا في جرأة ساخرًا من المشركين، ومحقرًا لشأنهم.
وظل عليٌّ في مكة ثلاثة أيام بعد هجرة رسول الله ( إلى المدينة لكي يرد الودائع، كما أمره رسول الله (، ولما هاجر وجد النبي ( قد آخى بين المهاجرين والأنصار، فقال: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك، ولم تؤاخ بيني وبين أحد. فقال له رسول الله (: "أنت أخي في الدنيا والآخرة" [ابن عبد البر].
وقد بشره رسول الله ( بالجنة، فكان أحد العشرة المبشرين بها، وقد زوجه رسول الله ( من ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، وقدم عليٌّ لها مهرًا لسيدة نساء العالمين وريحانة الرسول (.
وعاش علي -رضي الله عنه- مع زوجته فاطمة في أمان ووفاق ومحبة، ورزقه الله منها الحسن والحسين.
وذات يوم ذهب رسول الله ( إلى دار علم فلم يجده، فسأل عنه زوجته فاطمة الزهراء: "أين ابن عمك"؟ فقالت: في المسجد، فذهب إليه الرسول ( هناك، فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وأصابه التراب فجعل الرسول ( يمسح التراب عن ظهره، ويقول له: "اجلس يا أبا تراب..اجلس يا أبا تراب"[البخاري].
وشهد علي مع النبي ( جميع الغزوات، وعرف بشجاعته وبطولته، وفي يوم خيبر قال النبي (: "لأعطين الراية غدًا رجلا يحبه الله ورسوله (أو قال: يحب الله ورسوله)، يفتح الله على يديه" [البخاري].
فبات الصحابة كل منهم يتمنى أن يكون هو صاحب الراية، فلما أصبح الصباح، سأل النبي ( عن عليّ، فقيل له: إنه يشتكي عينيه يا رسول الله، قال: "فأرسلوا إليه، فأتوني به".
فلما جاء له، بصق في عينيه، ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلتم حتى يكونوا مثلنا: "أنفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم" [البخاري]. ففتح الله على يديه.
ولما نزل قول الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا) [الأحزاب: 32]، دعا الرسول ( فاطمة وعليًا والحسن والحسين-رضي الله عنهم-في بيت السيدة أم سلمة، وقال: "اللهمَّ إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا" [ابن عبد البر].
وعرف علي -رضي الله عنه- بالعلم الواسع، فكانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- إذا سئلت عن شيء قالت: اسألوا عليًّا وكان عمر كذلك.
وكان عليٌّ يقول: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم، وسلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل.
وكان أبو بكر وعمر في خلافتيهما بعد وفاة رسول الله ( يعرفان لعلي الفضل، وقد اختاره عمر ليكون من الستة أصحاب الشورى الذين يختار منهم الخليفة، ولما استشهد عثمان -رضي الله عنه- اختير عليّ ليكون الخليفة من بعده.
ولما تولي عليّ الخلافة نقل مقرها من المدينة إلى العراق، وكان -رضي الله عنه-يحرص على شئون أمته فيسير بنفسه في الأسواق ومعه درعه (عصاه) ويأمر الناس بتقوى الله، وصدق الحديث، وحسن البيع، والوفاء بالكيل والميزان.
وكان يوزع كل ما يدخل بيت المال من الأموال بين المسلمين، وقبل وفاته أمر بتوزيع كل المال، وبعد توزيعه أمر بكنس بيت المال، ثم قام فصلى فيه رجاء أن يشهد له يوم القيامة.
وكان -رضي الله عنه- كثير العبادة، يقوم من الليل فيصلي ويطيل صلاته، ويقول مالي وللدنيا، يا دنيا غرِّي غيري.
وقد جاءت إليه امرأتان تسألانه، إحداهما عربية والأخرى مولاة، فأمر لك واحدة منهما بكسر من طعام وأربعين درهمًا، فأخذت المولاة الذي أعطيت وذهبت، وقالت العربية: يا أمير المؤمنين، تعطيني مثل الذي أعطيت هذه وأنا عربية وهي مولاة؟ فقال لها علي -رضي الله عنه- : إني نظرت في كتاب الله -عز وجل- فلم أر فيه فضلاً لولد إسماعيل على ولد إسحاق -عليهما الصلاة والسلام-.
وفي آخر خلافة علي -رضي الله عنه- كانت الفتنة قد كبرت، وسادت الفوضى أرجاء واسعة من الدولة الإسلامية، فخرج ثلاثة من شباب الخوارج، وتواعدوا على قتل من ظنوا أنهم السبب المباشر في تلك الفتن وهم علي، ومعاوية،
وعمرو بن العاص، فأما معاوية وعمرو فقد نجيا، وأما عليٌّ فقد انتظره الفاسق عبد الرحمن بن ملجم، وهو خارج إلى صلاة الفجر، فتمكن منه، وأصابه في رأسه إصابة بالغة أشرف منها على الموت، وكان ذلك في سنة (40 هـ)، وعمره آنذاك (65) سنة.
ودفن بالكوفة بعد أن ظل خليفة للمسلمين خمس سنين إلا أربعة أشهر، وروى عن رسول الله ( أكثر من أربعمائة حديث، فرضي الله عنه وأرضاه

جعلاني للابد 03-23-2006 02:11 AM

اشكرك اختي على هذه الاضافه

الدره 04-15-2006 12:45 PM

اسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الله يجزيكم خير على اروع الامثله بصحابه رضوان الله عليهم:)

جعلاني للابد 04-15-2006 11:08 PM

شاكر لك مرورك اختي الدره

توتو الصغيره 05-14-2006 11:47 AM

تسلم يا جعلاني على مجهودك المبذول

جعلاني للابد 05-15-2006 06:01 AM

العفو اختي توتو الصغيره

سنابل الذهب 06-18-2006 02:32 PM

ما شاء الله تبارك الله مجهودج رائع

سنابل الذهب 06-18-2006 02:32 PM

ان شاء الله بحاول اضيف لموضوعك المتميز


الساعة الآن 09:51 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
][ ملاحظة: جميع المشاركات تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تمثل راي ادارة المنتدى بالضرورة، نأمل من الجميع الالتزام بقوانين الحوار المحترم ][