منتديات جعلان

منتديات جعلان (http://www.jalaan.com/index.php)
-   جعلان للتربية والتعليم (http://www.jalaan.com/forumdisplay.php?f=11)
-   -   ((( زاد المعاد ))) الأجزاء 1.2.3.4.5 (http://www.jalaan.com/showthread.php?t=10295)

اسير الصحراء 05-01-2006 12:09 AM

فصل في بدئه من لقيه بالسلام والرد على التحية بمثلها أو أفضل منها

فصل
وكان يبدأ من لقيه بالسلام ، وإذا سلم عليه أحد، رد عليه مثل تحيته أو أفضل منها على الفور من غير تأخير، إلا لعذر، مثل حالة الصلاة، وحالة قضاء الحاجة . وكان يسمع المسلم رده عليه ، ولم يكن يرد بيده ولا رأسه ولا أصبعه إلا في الصلاة، فإنه كان يرد على من سلم عليه إشارة، ثبت ذلك عنه في عدة أحاديث ، ولم يجىء عنه ما يعارضها إلا بشيء باطل لا يصح عنه كحديث يرويه أبو غطفان رجل مجهول ، عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم "من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته" قال الدارقطني : قال لنا ابن أبي داود : أبو غطفان هذا رجل مجهول . والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة، رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:09 AM

فصل في صفة السلام

فصل
وكان هديه في ابتداء السلام أن يقول : "السلام عليكم ورحمة الله" وكان يكره أن يقول للمبتدىء : عليك السلام . قال أبو جري الهجيمي : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : عليك السلام يا رسول الله ، فقال : " لا تقل عليك السلام ، فإن عليك السلام تحية الموتى " حديث صحيح .
وقد أشكل هذا الحديث على طائفة، وظنوه معارضاً لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في السلام على الأموات بلفظ "السلام عليكم" بتقديم السلام ، فظنوا أن قوله:" فإن عليك السلام تحية الموتى" إخبار عن المشروع ، وغلطوا في ذلك غلطاً أوجب لهم ظن التعارض ، وإنما معنى قوله : "فإن عليك السلام تحية الموتى"إخبار عن الواقع ، لا المشروع ، أي : إن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة كقول قائلهم :
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما
فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحيى بتحية الأموات ، ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم بها .
وكان يرد على المسلم وعليك السلام بالواو، وبتقديم عليك على لفظ السلام . وتكلم الناس ها هنا في مسألة ، وهي لو حذف الراد الواو فقال : عليك السلام هل يكون صحيحاً ؟ فقالت طائفة منهم المتولي وغيره : لا يكون جواباً ، ولا يسقط به فرض الرد، لأنه مخالف لسنة الرد، ولأنه لا يعلم : هل هو رد، أو ابتداء تحية؟ فإن صورته صالحة لهما، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا سلم عليكم أهل الكتاب ، فقولوا : وعليكم " فهذا تنبيه منه على وجوب الواو في الرد على أهل الإسلام ، فإن الواو في مثل هذا الكلام تقتضي تقرير الأول ، وإثبات الثاني ، فإذا أمر بالواو في الرد على أهل الكتاب الذين يقولون : السام عليكم ، فقال : "إذا سلم عليكم أهل الكتاب ، فقولوا : وعليكم " فذكرها في الرد على المسلمين أولى وأحرى . وذهبت طائفة أخرى إلى أن ذلك رد صحيح كما لو كان بالواو. ونص عليه الشافعي رحمه الله في كتابه الكبير، واحتج لهذا القول بقوله تعالى " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين * إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام " [الذريات : 24 ] أي : سلام عليكم ، لا بد من هذا، ولكن حسن الحذف في الرد ، لأجل الحذف في الابتداء، واحتجوا بما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "خلق الله آدم طوله ستعون ذراعاً، فلما خلقة، قال له : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة، فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك ، فقال : السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله" فزادوه ورحمة الله فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه تحيته وتحية ذريته ، قالوا : ولأن المسلم عليه مأمور أن يحيي المسلم بمثل تحيته عدلاً، وبأحسن منها فضلاً ، فإذا رد عليه بمثل سلامه ، كان قد أتى بالعدل .
وأما قوله : "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم " فهذا الحديث قد اختلف في لفظة الواو فيه ، فروي على ثلاثة أوجه ، أحدهما : بالواو ، قال أبو داود: كذلك رواه مالك عن عبد الله بن دينار، ورواه الثوري عن عبد الله بن دينار ، فقال فيه : فعليكم وحديث سفيان في الصحيحين ورواه النسائي من حديث ابن عيينة عن عبد الله بن دينار بإسقاط الواو ، وفي لفظ لمسلم والنسائي : فقل : عليك بغير واو . وقال الخطابي : عامة المحدثين يروونه وعليكم بالواو، وكان سفيان بن عيينة يرويه عليكم بحذف الواو، وهو الصواب ، وذلك أنه إذا حذف الواو، صار قولهم الذي قالوه بعينه مردوداً عليهم ، وبإدخال الواو يقع الاشتراك معهم ، والدخول فيما قالوا، لأن الواو حرف للعطف والاجتماع بين الشيئين . انتهى كلامه. وما ذكره من أمر الواو ليس بمشكل ، فإن السام الأكثرون على أنه الموت ، والمسلم والمسلم عليه مشتركون فيه ، فيكون في الإتيان بالواو بيان لعدم الاختصاص ، وإثبات المشاركة ، وفي حذفها إشعار بأن المسلم أحق به وأولى من المسلم عليه وعلى هذا فيكون الإتيان بالواو هو الصواب ، وهو أحسن من حذفها ، كما رواه مالك وغيره ، ولكن قد فسر السام بالسآمة ، وهي الملالة وسآمة الدين ، قالوا: وعلى هذا فالوجه حذف الواو ولا بد، ولكن هذا خلاف المعروف من هذه اللفظة في اللغة، ولهذا جاء في الحديث "إن الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام "ولا يختلفون أنه الموت . وقد ذهب بعض المتحذلقين إلى أنه يرد عليهم السلام بكسر السين ، وهي الحجارة ، جمع سلمة ، ورد هذا الرد متعين .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:10 AM

فصل في هديه في السلام على أهل الكتاب

فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في السلام على أهل الكتاب
صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا تبدؤوهم بالسلام ، وإذا لقيتموهم في الطريق ، فاضطروهم إلى أضيق الطريق " لكن قد قيل : ان هذا كان في قضية خاصة لما ساروا إلى بني قريظة قال : "لاتبدؤوهم بالسلام " فهل هذا حكم عام لأهل الذمة مطلقاً، أو يختص بمن كانت حاله بمثل حال أولئك ؟ هذا موضع نظر، ولكن قد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في الطريق ، فاضطروه إلى أضيقه" والظاهر أن هذا حكم عام . وقد اختلف السلف والخلف في ذلك ، فقال أكثرهم : لا يبدؤون بالسلام ، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم كما يرد عليهم ، روي ذلك عن ابن عباس ، وأبي أمامة وابن محيريز، وهو وجه في مذهب الشافعي رحمه الله ، لكن صاحب هذا الوجه قال : يقال له : السلام عليك فقط بدون ذكر الرحمة، وبلفظ الإفراد : وقالت : طائفة : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجه تكون له إليه، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما، أو لسبب يقتضي ذلك ، يروى ذلك عن ابراهيم النخعي ، وعلقمة . وقال الأوزاعي : إن سلمت ، فقد سلم الصالحون ، وإن تركت ، فقد ترك الصالحون .
واختلفوا في وجوب الرد عليهم ، فالجمهور على وجوبه ، وهو الصواب ، وقالت طائفة: لا يجب الرد عليهم ، كما لا يجب على أهل البدع وأولى، والصواب الأول ، والفرق أنا مأمورون بهجر أهل البدع تعزيراً لهم ، وتحذيراً منهم ، بخلاف أهل الذمة .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:10 AM

فصل في هديه في السلام على مجلس فيه المسلمين والمشركين واليهود

فصل
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين ، والمشركين عبدة الأوثان ، واليهود ، فسلم عليهم .
وصح عنه أنه كتب إلى هرقل وغيره: السلام على من اتبع الهدى .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:11 AM

فصل هل يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم

فصل
ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" يجزىء عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ، ويجزىء عن الجلوس أن يرد أحدهم " فذهب إلى هذا الحديث من قال : إن الرد فرض كفاية يقوم فيه الواحد مقام الجميع ، لكن ما أحسنه لو كان ثابتاً ، فإن هذا الحديث رواه أبو داود من رواية سعيد بن خالد الخزاعي المدني ، قال أبو زرعة الرازي : مدني ضعيف . وقال أبو حاتم الرازي : ضعيف الحديث ، وقال البخاري : فيه نظر . وقال الدارقطني : ليس بالقوي .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:12 AM

فصل في هديه إذا بلغه أحد السلام عن غيره أن يرد عليه وعلى المبلغ

فصل
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا بلغه أحد السلام عن غيره أن يرد عليه وعلى المبلغ ، كما في السنن أن رجلاً قال له : إن أبي يقرئك السلام ، فقال له : "عليك وعلى أبيك السلام ".
وكان من هديه ترك السلام ابتداء ورداً على من أحدث حدثاً حتى يتوب منه ، كما هجر كعب بن مالك وصاحبيه ، وكان كعب يسلم عليه ، ولا يدري هل حرك شفتيه برد السلام عليه أم لا ؟ وسلم عليه عماربن ياسر، وقد خلقه أهله بزعفران ، فلم يرد عليه ، فقال : "اذهب فاغسل هذا عنك ". وهجر زينب بنت جحش شهرين وبعض الثالث لما قال لها: "أعطي صفية ظهراً لما اعتل بعيرها" فقالت : أنا أعطي تلك اليهودية ؟ ذكرهما أبو داود .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:13 AM

فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الاستئذان
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الاستئذان ثلاث ، فإن أذن لك وإلا فارجع ". وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إنما جعل الاستئذان من أجل البصر". وصح عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه أراد أن يفقأ عين الذي نظر إليه من جحر في حجرته ،
وقال : "إنما جعل الاستئذان من أجل البصر".
وصح عنه أنه قال : "لو أن امرءاً اطلع عليك بغير إذن ، فخذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح ".
وصح عنه أنه قال : "من اطلع على قوم في بيتهم بغير إذنهم ، فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه ".
وصح عنه أنه قال : "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ، ففقؤوا عينه ، فلا دية له ، ولا قصاص ".
وصح عنه : التسليم قبل الاستئذان فعلاً وتعليماً ، واستأذن عليه رجل ، فقال : أألج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل : "اخرج إلى هذا، فعلمه الاستئذان ". فقال له : قل : السلام عليكم ، أأدخل ؟ فسمعه الرجل ، فقال : السلام عليكم أأدخل ؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل .
ولما استأذن عليه عمر رضي الله عنه ، وهو في مشربته مؤلياً من نسائه ، قال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليكم ، أيدخل عمر؟ .
وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم لكلدة بن حنبل لما دخل عليه ولم يسلم ، "ارجع فقل : السلام عليكم أأدخل ؟" .
وفي هذه السنن رد على من قال : يقدم الاستئذان على السلام ، ورد على من قال : إن وقعت عينه على صاحب المنزل قبل دخوله ، بدأ بالسلام ، وإن لم تقع عينه عليه ، بدأ بالاستئذان ، والقولان ، مخالفان للسنة .
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا استأذن ثلاثاً ولم يؤذن له ، انصرف ، وهو رد على من يقول : إن ظن أنهم لم يسمعوا، زاد على الثلاث ، ورد على من قال : يعيده بلفظ آخر، والقولان مخالفان للسنة .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:13 AM

فصل في المستأذن كيف يرد إذا سئل عن اسمه

فصل
وكان من هديه أن المستأذن إذا قيل له : من أنت ؟ يقول : فلان بن فلان ، أو ذكر يذكر كنيته ، أو لقبه ، ولا يقول : أنا ، كما قال جبريل للملائكة في ليلة المعراج لما استفتح باب السماء فسألوه من ؟ فقال : جبريل . واستمر ذلك في كل سماء سماء .
وكذلك في الصحيحين لما "جلس النبي صلى الله عليه وسلم في البستان ، وجاء أبو بكر رضي الله عنه ، فاستأذن فقال : من ؟ قال : أبو بكر، ثم جاء عمر، فاستأذن فقال : من ؟ قال : عمر، ثم عثمان كذلك" .
وفي الصحيحين ، "عن جابر، أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فدققت الباب ، فقال :من ذا؟ فقلت : أنا ، فقال : أنا أنا "، كأنه كرهها . ولما استأذنت أم هانىء، قال لها : من هذه ؟ قالت : أم هانىء ، فلم يكره ذكرها الكنية . وكذلك لما قال لأبي ذر: من هذا؟ قال : أبو ذر. وكذلك لما قال لأبي قتادة : من هذا؟ قال : أبو قتادة .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:14 AM

فصل
وقد روى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم من حديث قتادة، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة : "رسول الرجل إلى الرجل إذنه" : وفي لفظ : "إذا دعي أحدكم إلى طعام ، ثم جاء مع الرسول ، فإن ذلك إذن له ". وهذا الحديث فيه مقال ، قال أبو علي اللؤلؤي : سمعت أبا داود يقول : قتادة لم يسمع من أبي رافع . وقال البخاري في صحيحه : وقال سعيد : عن قتادة، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "هو إذنه " ، فذكره تعليقاً لأجل الانقطاع في إسناده .
وذكر البخاري في هذا الباب حديثاً يدل على ان اعتبار الاستئذان بعد الدعوة، وهو "حديث مجاهد عن أبي هريرة ، دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدت لبناً في قدح ، فقال : اذهب إلى أهل الصفة ، فادعهم إلي قال : فأتيتهم ، فدعوتهم ، فأقبلوا ، فاستأذنوا، فأذن لهم ، فدخلوا" وقد قالت طائفة : بأن الحديثين على حالين ، فإن جاء الداعي على الفور من غير تراخ ، لم يحتج إلى استئذان ، وإن تراخى مجيئه عن الدعوة ، وطال الوقت ، احتاج إلى استئذان .
وقال آخرون : إن كان عند الداعي من قد أذن له قبل مجيء المدعو، لم يحتج إلى استئذان آخر، وإن لم يكن عنده من قد أذن له ، لم يدخل حتى يستأذن . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا دخل إلى مكان يحب الانفراد فيه ، أمر من يمسك الباب ، فلم يدخل عليه أحد إلا بإذن .

اسير الصحراء 05-01-2006 12:14 AM

فصل في الاستئذان الذي أمر الله به المماليك ومن لم يبلغ الحلم

فصل
وأما الاستئذان الذي أمر الله به المماليك ، ومن لم يبلغ الحلم ، في العورات الثلاث : قبل الفجر، ووقت الظهيرة، وعند النوم ، فكان ابن عباس يأمر به ، ويقول : ترك الناس العمل بها، فقالت طائفة : الآية منسوخة، ولم تأت بحجة .
وقالت طائفة : أمر ندب وإرشاد، لا حتم وإيجاب ، وليس معها ما يدل على صرف الأمر عن ظاهره ، وقالت طائفة: المأمور بذلك النساء خاصه ، وأما الرجال ، فيستأذنون في جميع الأوقات ، وهذا ظاهر البطلان ، فإن جمع الذين لا يختص به المؤنث ، وإن جاز إطلاقه عليهن مع الذكور تغليباً. وقالت طائفة عكس هذا: إن المأمور بذلك الرجال دون النساء، نظرا إلى لفظ الذين في الموضعين ، ولكن سياق الآية يأباه فتأمله . وقالت طائفة : كان الأمر بالاستئذان في ذلك الوقت للحاجة، ثم زالت ، والحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها، فروى أبو داود في سننه أن نفراً من أهل العراق قالوا لابن عباس : يا ابن عباس كيف ترى هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ، ولا يعمل بها أحد " يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم " الآية [ النور :58 ]. فقال ابن عباس : إن الله حكيم رحيم بالمؤمنين ، يحب الستر ، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال ، فربما دخل الخادم ، أو الولد أو يتيمة الرجل ، والرجل على أهله ، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالستور والخير، فلم أر أحداً يعمد بذلك بعد .
وقد أنكر بعضهم ثبوت هذا عن ابن عباس ، وطعن في عكرمة، ولم يصنع شيئاً، وطعن في عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ، وقد احتج به صاحبا الصحيح ، فإنكار هذا تعنت واستبعاد لا وجه له . وقالت طائفة : الآية محكمة عامة لا معارض لها ولا دافع ، والعمل بها واجب ، وإن تركه أكثر الناس .
والصحيح : أنه إن كان هناك ما يقوم مقام الاستئذان من فتح باب فتحه دليل على الدخول ، أو رفع ستر، أو تردد الداخل والخارح ونحوه ، أغنى ذلك عن الاستئذان ، وإن لم يكن ما يقوم مقامه ، فلا بد منه ، والحكم معلل بعلة قد أشارت إليها الآية ، فإذا وجدت ، وجد الحكم ، وإذا انتفت انتفى ، والله أعلم .


الساعة الآن 11:13 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
][ ملاحظة: جميع المشاركات تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تمثل راي ادارة المنتدى بالضرورة، نأمل من الجميع الالتزام بقوانين الحوار المحترم ][