مرجان
12-17-2005, 10:48 PM
بين الصحراء والماء
<O:p
ذات فجر صحراوي شتوي ندي ببرودة ريح الكوس ، سرت في ذلك الوقت المبكر من اليوم حركه غير مألوفة في وادي المر : قرية نائية صغيره تسمى بذلك الاسم على خلاف طبيعتها البكر ومذاق مياهها العذبة ونقاء هوائها واتساع فيافيها..... تقع على تخوم الرمال الشرقية من صحراء الربع الخالي تلك التي تسكنها الريح والخواء في الأرض والسماء . <O:p</O:p
وعلى أصوات جعجعة الجمال ورغائها ، استيقظت القرية من نومها الهاني ، ودب النشاط في أوصال ساكنيها ، جاء رجالها ونساؤها لمساعدة أهلي على تجهيز الأمتعة والمقتنيات وربطها على ظهور جمال القافلة التي ستقلنا إلى مدينة صور . كان صبحا حزينا لا كغيره من صباحات تلك القرية الوديعة الهاربة بعيدا في عمق الصحراء عن صخب الحياة العصرية والمتخفية بين كثبان رمليه يستعصى على غير البدو عبورها .. ذرفت فيها النساء الدموع ، وأجهش بعضهن بالبكاء عندما أخذ الرجال يساعدون أمي وأخواتي على اعتلاء ظهور الركائب . <O:p
وبعد رحلة استغرقت يوما ، وعند مصب وادي شياع على الساحل الممتد بين مدينة صور ورأس الحد ، حيث يلتقي بحر العرب وخليج عمان ، قرر المكاري التوقف للمبيت . فرغم قصر المسافة إلى المدينة ، إلا أن الطريق الساحلي المؤدي إليها يصعب تجاوزه ليلا خاصة بعد هطول الأمطار التي تمطر سيولها المنحدرة بشدة طرق القوافل بالصخور والطمي ، ويتطلب عبور تلك الشعاب مهارة قد لا تتوفر في كل مكار أو صاحب قافلة ، ويشكل قطعها ليلا مجازفة محفوفة بمخاطر كثيرة.
وبعد رحلة استغرقت يوما ، وعند مصب وادي شياع على الساحل الممتد بين مدينة صور ورأس الحد ، حيث يلتقي بحر العرب وخليج عمان ، قرر المكاري التوقف للمبيت . فرغم قصر المسافة إلى المدينة ، إلا أن الطريق الساحلي المؤدي إليها يصعب تجاوزه ليلا خاصة بعد هطول الأمطار التي تمطر سيولها المنحدرة بشدة طرق القوافل بالصخور والطمي ، ويتطلب عبور تلك الشعاب مهارة قد لا تتوفر في كل مكان أو صاحب قافلة ، ويشكل قطعها ليلا مجازفة محفوفة بمخاطر كثيرة.
<O:p
وعلى صوت أذان المكاري لصلاة الفجر، وإن تأخر كثيرا عن موعده، نهضت من النوم مذهولاً من اتساع البحر وبعد أفقه، وراقبت بعينين ملؤهما الدهشة للشمس وهي تبزغ من الماء بعد أن ظننت طوال سنوات طفولتي أنها لا تطلع إلا من خلف الكثبان الرملية! وكنت أظن أن الصحراء فقط لا حجوج لها، لكن تبين لي فيما بعد أن لا شيء أوسع من البحر ولا شيء أكثر إثارة منه.
<O:p</O:p
وسرت نحو الماء على عجل .. اقتربت أكثر فأكثر من هذا العالم الواسع الذي صنعت له في مخيلتي عوالم أسطورية وصورا غريبة من خلال حديث أبي الدائم عن البحر والبحارة .. عن الأسفار والمخاطر التي تتعرض لها السفن وهي تمخر عباب البحر في ذهابها وإيابها من وإلى مرافئ ومدن بعيدة!..<O:p
وحيث يلتقي البحر اليابسة، جلست على ركبتي وطبعت كفي على التراب الرطب قبل أن أقفز إلى الخلف مبتعداً عن شفة الموج وهي تسح زبد غثائها على وجه التراب!..<O:p</O:p
وإذا خَفّت آثار دهشة اللقاء الأول، أخذت أبحث عن بعض ما سمعته من والدي: عن مخلوقات عجيبة لم أتبين ماهيتها في البدء حين كان يروي لرجال الوادي، بعد صلاة العشاء، قصصاً عن أسفاره الكثيرة والمخاطر التي تعرض لها والمغامرات التي لم يتردد في خوضها منذ أن كان صبيا...<O:p</O:p
وكان يتحدث أيضا عن مهارة قيادة السفن والتجارة البحرية التي تعلمها من والده وعمه حتى قبل أن يبلغ سن الرشد .. عن مطالع النجوم .. عن نجمه سهيل، ونجمه القطب.. عن أنواع الأسماك وأماكن تواجدها، وعن الجيد منها والرديء...<O:p</O:p
تابع >> الصفحة الثانية
<O:p
<O:p
ذات فجر صحراوي شتوي ندي ببرودة ريح الكوس ، سرت في ذلك الوقت المبكر من اليوم حركه غير مألوفة في وادي المر : قرية نائية صغيره تسمى بذلك الاسم على خلاف طبيعتها البكر ومذاق مياهها العذبة ونقاء هوائها واتساع فيافيها..... تقع على تخوم الرمال الشرقية من صحراء الربع الخالي تلك التي تسكنها الريح والخواء في الأرض والسماء . <O:p</O:p
وعلى أصوات جعجعة الجمال ورغائها ، استيقظت القرية من نومها الهاني ، ودب النشاط في أوصال ساكنيها ، جاء رجالها ونساؤها لمساعدة أهلي على تجهيز الأمتعة والمقتنيات وربطها على ظهور جمال القافلة التي ستقلنا إلى مدينة صور . كان صبحا حزينا لا كغيره من صباحات تلك القرية الوديعة الهاربة بعيدا في عمق الصحراء عن صخب الحياة العصرية والمتخفية بين كثبان رمليه يستعصى على غير البدو عبورها .. ذرفت فيها النساء الدموع ، وأجهش بعضهن بالبكاء عندما أخذ الرجال يساعدون أمي وأخواتي على اعتلاء ظهور الركائب . <O:p
وبعد رحلة استغرقت يوما ، وعند مصب وادي شياع على الساحل الممتد بين مدينة صور ورأس الحد ، حيث يلتقي بحر العرب وخليج عمان ، قرر المكاري التوقف للمبيت . فرغم قصر المسافة إلى المدينة ، إلا أن الطريق الساحلي المؤدي إليها يصعب تجاوزه ليلا خاصة بعد هطول الأمطار التي تمطر سيولها المنحدرة بشدة طرق القوافل بالصخور والطمي ، ويتطلب عبور تلك الشعاب مهارة قد لا تتوفر في كل مكار أو صاحب قافلة ، ويشكل قطعها ليلا مجازفة محفوفة بمخاطر كثيرة.
وبعد رحلة استغرقت يوما ، وعند مصب وادي شياع على الساحل الممتد بين مدينة صور ورأس الحد ، حيث يلتقي بحر العرب وخليج عمان ، قرر المكاري التوقف للمبيت . فرغم قصر المسافة إلى المدينة ، إلا أن الطريق الساحلي المؤدي إليها يصعب تجاوزه ليلا خاصة بعد هطول الأمطار التي تمطر سيولها المنحدرة بشدة طرق القوافل بالصخور والطمي ، ويتطلب عبور تلك الشعاب مهارة قد لا تتوفر في كل مكان أو صاحب قافلة ، ويشكل قطعها ليلا مجازفة محفوفة بمخاطر كثيرة.
<O:p
وعلى صوت أذان المكاري لصلاة الفجر، وإن تأخر كثيرا عن موعده، نهضت من النوم مذهولاً من اتساع البحر وبعد أفقه، وراقبت بعينين ملؤهما الدهشة للشمس وهي تبزغ من الماء بعد أن ظننت طوال سنوات طفولتي أنها لا تطلع إلا من خلف الكثبان الرملية! وكنت أظن أن الصحراء فقط لا حجوج لها، لكن تبين لي فيما بعد أن لا شيء أوسع من البحر ولا شيء أكثر إثارة منه.
<O:p</O:p
وسرت نحو الماء على عجل .. اقتربت أكثر فأكثر من هذا العالم الواسع الذي صنعت له في مخيلتي عوالم أسطورية وصورا غريبة من خلال حديث أبي الدائم عن البحر والبحارة .. عن الأسفار والمخاطر التي تتعرض لها السفن وهي تمخر عباب البحر في ذهابها وإيابها من وإلى مرافئ ومدن بعيدة!..<O:p
وحيث يلتقي البحر اليابسة، جلست على ركبتي وطبعت كفي على التراب الرطب قبل أن أقفز إلى الخلف مبتعداً عن شفة الموج وهي تسح زبد غثائها على وجه التراب!..<O:p</O:p
وإذا خَفّت آثار دهشة اللقاء الأول، أخذت أبحث عن بعض ما سمعته من والدي: عن مخلوقات عجيبة لم أتبين ماهيتها في البدء حين كان يروي لرجال الوادي، بعد صلاة العشاء، قصصاً عن أسفاره الكثيرة والمخاطر التي تعرض لها والمغامرات التي لم يتردد في خوضها منذ أن كان صبيا...<O:p</O:p
وكان يتحدث أيضا عن مهارة قيادة السفن والتجارة البحرية التي تعلمها من والده وعمه حتى قبل أن يبلغ سن الرشد .. عن مطالع النجوم .. عن نجمه سهيل، ونجمه القطب.. عن أنواع الأسماك وأماكن تواجدها، وعن الجيد منها والرديء...<O:p</O:p
تابع >> الصفحة الثانية
<O:p